الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحية لثائرات مصر ... في يوم المرأة العالمي

سامي المصري

2011 / 3 / 10
ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2011 - دور المرأة في صنع ثورات الشعوب وقراءة الواقع والمستقبل والتحديات التي تواجهها


أجمل ما أفرزته الثورة المصرية هو انبعاث قيم مجتمعية حضارية تجلت كواقع يعيشه الجميع، فلم يعد الأمر يحتاج لحوار أو إقناع، أو دليل بل صار حقيقة يتنفسها الناس في سعادة بالغة يوم أن ولدت مصر في ميدان التحرير. لم تعد الوحدة شعارا ولا المساواة حلما ولا الفداء وهما، بل صار الكل يعيش وحدة يتساوى فيها الجميع، رجل ومرأة، غني وفقير، مسيحي ومسلم، مثقف وعامل، شاب وشيخ، حتى الأطفال شاركوا. تلاشت كل الفوارق طبقية ودينية وجنسية واجتماعية وعمرية. الكل يضع نفسه من أجل الكل لترتفع اسم مصر فيختفي وراءها الجميع، الأثرة والإيثار واستعداد العطاء والخدمة والبذل والفداء بلا حدود حتى الموت. الكل يتقاسم الألم والفرح والأمل والمأكل والمشرب بلا تدبر أو ضبط. لم يفرض أحد قيما ولم يوزع أحد واجبات، بل فرضت القيم الجديدة نفسها على الجميع كواقع لم ندرك كيف حدث ولا متى بدأ. إنه انبعاث فجائي لحضارة نعرفها تماما هي حضارة مصرية خالصة، كانت الأيام قد دفنتها وخبأتها خلف أستار من الخبرات السيئة، فتفجرت فجأة بزخم طاقاتها وإمكانياتها من داخل كل نفس في نفس الوقت، فإذ هي نور وهاج يضيء الميدان وكل ميدان ليشيع الأمل والفرح في مرحلة بلغ فيها الإرهاق والضغط النفسي أقساه.

كان للمرأة في خضم ذلك الزخم الحضاري دورا رائعا وضع أكاليل الغار فوق هامة مصر. رأيت فيهن مصر الأم تسير وسط الجمع الهادر ممشوقة القامة رافعة الرأس فرحة بأولادها. وكم تصورت قسماتها الجميلة وهي تحمل قسمات أروع الثائرات. وفي هذه المناسبة يوم المرأة العالمي أريد أن أهدي مقالي لثلاث وردات يانعات حملن لواء الثورة ليعلين اسم مصر، رأيت في كل منهن مصر تتحدث عن نفسها.
الوجه الأول هو لبنت مصر الرائعة الدكتورة نوال السعداوي. رأيت فيها مصر تتحدث عن نفسها في جمال قسمات وجهها المشرق المتألق بفكرها الواثق الحر الوهاج، يكللها تاج شعرها الفضي فأري فيها مصر صانعة الحضارة والمجد. بنت مصر سهرت في ميدان التحرير مع الشباب تتحدي بفكرها السامق وذهنها الحاضر الزمن وفعل الأيام. أمي مصر عمرها 7000 سنة ولسة عروسة، فماذا يمنعني من أن أشارك شباب التحرير جهادهم وعيدهم. نعم أنام تحت الخيام وعلى الأرض، فهل يسمح لي الزمان بفرصة أروع من ذلك لأشارك في مثل ذلك الزخم من الأمجاد؟ تحية للدكتورة نوال السعداوي وردة مصر النضرة الرائعة في يوم المرأة العالمي، وكل ورد الربيع غير كافي لأقدمه لك حتى أفي بقدرك الرفيع يوم عيدك عيد الحرية التي شاركت بالكثير في صنعه.

الوجه الثاني للنائبة السابقة الدكتورة جورجيت قليني. رأيت مصر تتحدث عن نفسها عندما وقفت بكل الشجاعة والجرأة، في أظلم عصور التاريخ، لتصرخ بكل الوعي والمنطق النبيل تواجه الطغاة والقتلة، وقفت وحدها في مجلس الشعب تواجه فتحي سرور وأحمد عز وعبد الرحيم الغول معا ومن ورائهم كل أعضاء المجلس الفاسد ... فانطلق صوتها المجلجل يهز الضمير ليخترق حاجز الزمن ويسجل أمام التاريخ الإنساني ملحمة الحق والشجاعة والبذل، لينزل بالطغاة إلى حجمهم الحقيقي في مزبلة التاريخ. وقفت جورجيت تتكلم بكل قوة الحق غير هيابة أو عابئة بما كان يمكن أن تتعرض له من قوى الشر الغاشمة في عنفوان قُوَى بغيهم، بينما توارى خلفها المحافظ القبطي الخائن الجبان يدافع عن قتلة نجع حمادي ليخفي الجريمة. وقفت جورجيت يوم أن انسحب وتوارى البابا المعظم وراء الجبن والعمالة والولاء لحكم الطاغية الامبارك، ووقف معه الأسقف ليصدر في كل يوم تصريحا متعارضا متناقضا مع نفسه بلا خجل، ليعرض ما كانت تمليه عليه أجهزة أمن الدولة من أقوال لإفساد القضية، فكان يرددها بلا خجل لينزلق إلى سجل العار الأبدي. تحية للدكتورة جورجيت قليني وردة مصر النضرة الرائعة في يوم المرأة العالمي، لا أجد ما ِأهديه لك يمكن أن يفي بقدرك الرفيع لأقدمه يوم عيدك عيد الحرية التي شاركت بالكثير في صنعه.

الوجه الثالث هو وجه الإعلامية دينا عبد الرحمن مقدمة برنامج صباح دريم، أري فيها كل يوم مصر الرائعة، مصر الحضارة، وهي تتحدث عن نفسها خمس مرات كل أسبوع. الإعلامية المرموقة من خلال برنامجها الشامخ بدأت درب الثورة منذ سنوات، فحفزًّت وأشعلت الشرارات الأولى للثورة وتابعت وشاركت في كل مراحلها وأخذتنا معها للثورة بكل قوة منذ اليوم الأول وحتى الآن. دينا هي أفضل مقدمة برامج ومحاورة في مصر بلا منازع، تقدم برنامجها الرفيع المستوى وتبذل فيه كل إمكانياتها الفريدة؛ الهدوء النادر ورباطة الجأش، الذكاء المفرط مع سرعة بديهة، معرفة موسوعية وثقافة رفيعة في مجالات متعددة من سياسية وأدبية وفنية واجتماعية حتى في الاقتصاد تحاور وتتكلم بوعي وثقة مع تواضع جم، ورؤية ثاقبة للأمور بعيدة المدى. كرست كل تلك الإمكانيات الخصبة والطاقات الضخمة التي يندر جدا أن تجتمع في شخص واحد لكي تضعها في خدمة الوطنية المصرية وعشقها لمصر. من النادر أن يجتمع كل ذلك الحشد من الوجوه المصرية المتحضرة والوطنية المخلصة, من مثقفين وإعلاميين وعلماء وأدباء وفنانين ومتخصصين في مجالات متعددة مثلما يجتمع في برنامجها الذي لا يماثله برنامج آخر. البرنامج الوحيد الذي يخلو من الاستعراض الشخصي والتماهي والزيف والتزلف ليقدم لك الحقيقة في أسلوب مهذب غاية في الأدب، مع حوار ممتع يما فيه من ذكاء لماح ومعلومات وخبرات ثرية. دينا محاربة غاية في القوة مع كل ذلك الهدوء. تعرف كيف تفرض الرأي المتحضر الصائب على محاوريها عندما ينحازوا بعيدا عن الهدف والخط، بكل حكمة وأدب جم. تُعبِّر بكل قوة بالكلمة واللمحة والبسمة والإيماء والسؤال لتوجه دفة الحوار نحو الهدف الصحيح بشكل إعجازي. دينا الحرة عرضت رأيها بكل الوضوح والصدق في وقت نافق فيه الأغلبية وخاتلوا وانحنوا أمام رياح القوة العاتية للفساد، فلم تعرف الانحناء ولا مرة. كثير من برامجها التي قدمتها بكل جرأة بعدها كنت أخشي ألا نراها مرة أخرى، وأعتقد أن برنامجها قد حجب مرات خاصة في بعض أيام الثورة. شخصية نسائية رائعة أثبتت أمام العالم بدون أي جدل المقدرة الهائلة للمرأة على الريادة والقيادة على أعلى مستوى عندما يتاح لها لفرصة، بما يدحض كل فكر رجعي عفن. دينا بإمكانياتها الضخمة أري أنها ستكون يوما ما المرشحة الأولى للرئاسة، أتمنى أن أعيش لهذا اليوم. تحية للإعلامية المرموقة الأستاذة دينا عبد الحميد وردة مصر النضرة الرائعة في يوم المرأة العالمي، ولا أجد ما ِأهديه لك يمكن أن يفي بقدرك الرفيع لأقدمه يوم عيدك عيد الحرية التي شاركت بالكثير في صنعه.

ليس معنى ما سجلت أن مصر الحضارة لم تجود إلا بثلاث رائعات، لكني أقدمهم كعينة من أعداد غفيرة ووفيرة من النساء والرجال تذخر بهم مصر في كل مجال بغنى. من العجيب جدا أنه بينما نرى كل ذلك الزخم وغنى مصر بالثروة البشرية في كل مجال، أن يفرض علينا حثالة السياسيين وصايتهم وقيادتهم، ليلوثوا مصر بفسادهم وتعفن فكرهم الغبي!!! من العجيب حقا أن يبلغ قدر الازدراء بعقولنا أن يفرض على مصر جاهل فاسد فاشل مثل جمال مبارك وأحمد عز!!!!

يا مصر قومي البسي ثوب عزك حطمي أصفادك وقيودك يا حرة بيد بناتك وأولادك الأبرار؛








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وأنا بدوري أقدم لهن التهاني
مريم نجمه ( 2011 / 3 / 10 - 19:12 )
الكاتب المهذّب الأخ سامي المصري نشكركم

عاش قلمك المبدع وتهنئتك لنساء العالم بعيدنا العالمي , ولا أنسى أن أقدم تهنئتي عبر مقالك بالقامات الثلاث الذي نعتز بهم ونقدّر وليس مصر فقط ,,
- .. أهم ما في الثورة فرضت القيم الجديدة نفسها على الجميع .. -ما أجمل هذا التعبير
كل التوفيق والنجاح للشعب المصري والمرأة المصرية خاصة لتعميق الإنتصارات الثورية .. مع التحية الطيبة لكم أستاذ الفاضل سامي وشكراً
8 أذار


2 - شكرا أختي العزيزة
سامي المصري ( 2011 / 3 / 10 - 20:43 )
أختي العزيزة مريم أحييك وأهنئك باليوم العالمي للمرأة مع كل نساء العالم الأحرار. تحية للمراة السورية المناضلة من أجل الحرية والكرامة، تحية لكل الأحرار في العالم متمنيا عاما جديدا يتحقق فيه الأمن والسلام لعالم مضطرب؛
شكرا لمداخلتك وتعليقك الرقيق، مع كل التقدير والإعزاز؛

اخر الافلام

.. بايدن يوقع حزم المساعدات الخارجية.. فهل ستمثل دفعة سياسية له


.. شهيد برصاص الاحتلال الإسرائيلي بعد اقتحامها مدينة رام الله ف




.. بايدن يسخر من ترمب ومن -صبغ شعره- خلال حفل انتخابي


.. أب يبكي بحرقة في وداع طفلته التي قتلها القصف الإسرائيلي




.. -الأسوأ في العالم-.. مرض مهاجم أتليتيكو مدريد ألفارو موراتا