الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شاورما ورفاق وحملات سياسية في ليل بيروت

عصام سحمراني
(Essam Sahmarani)

2011 / 3 / 12
كتابات ساخرة


عند الواحدة ليلاً، وأنت عائد من مقر عملك في شارع الحمراء في قلب العاصمة بيروت، تستغرب المكان بمبانيه وساحاته وشوارعه الخالية من حياة إلاّ بالكاد عند مطعم هنا أو محطة محروقات هناك، أو "بار" بينهما يرخي أنواره المغرية فوق ممر طويل.

في الليل تستغرب المكان لكنّك تتأقلم معه سريعاً خاصة أنّ السير مسافات طويلة لإيجاد سيارة أجرة هو واقع يومي. تشدّك اللوحات الإعلانية المتأهبة عند كلّ مفترق وزاوية؛ إعلانات من كلّ الأشكال والأصناف والإتجاهات، فكأنّ البلد دكان كبير، لولا تدخل السياسي بينها، وفي السياسي أيضا وجهة نظر "دكانجية". بعضها ثابت، وبعضها الآخر متحرك يقلب إعلاناً لحملة سياسية واسعة النطاق فوق إعلان أحذية، فكم تتمنى أن تنقطع الكهرباء والإعلانان يتجسدان نصفياً في الوقت نفسه ليبقى حال الحملة والحذاء واحداً موحداً.

في الليل تكتشف مع مرورك بعديد من لوحات حملة ما، أنّ أفكارها فعلاً مسروقة بالكامل، فلا يعود لديك مجال للشك بشريط فيديو يصلك من صديق ويتهم الحملة بذلك، فوضوح الضوء بألوانه ليلاً فوق كلّ وضوح.

في الليل تكتشف أيضاً أنّ "سندويش" الشاورما الذي يبلغ ثمنه دولارين ونصف، يمكنك أن تأكله بلقمتين فقط دون النصف، وأنّك مهما حاولت أن تطيل مدة أكلك له، ستطلب معدتك واحداً ثانياً بل ثالثاً أيضاً، وأفرغ ما لديك من جيوب! وتكتشف كذلك أنّ الديك لا يصيح فجراً فقط، وأنّ التيار الكهربائي غارق في الطائفية، وأنّ قوى الأمن الداخلي تتحول إلى أمن خاص لبعض المرافق والمنشآت والأبنية غير المحددة الطابع والسكان.

في الليل أيضاً تسمع قصة شاب عائد من عمله في أحد المطاعم وهو يشتم التظاهرات والإعتصامات التي قطعت رزقه القائم على "بقشيش" زبائن لم يأتوا منذ زمن بعيد. يشتم التظاهرات السياسية ويمدح في الوقت عينه التحركات الداعية لإسقاط النظام الطائفي، هو لا يعلم بعد كيف يمكن له أن يستفيد إذا ما سقط هذا النظام، لكنّه يعلم أنّ مطاعم كثيرة تقدّم بطلبات عمل فيها سأله القيّمون على التوظيف فيها عن طائفته، ويتمنى لذلك أن يزول.. فتفكّروا ما أبسط حلمه!

في الليل كذلك ينتفض الإعتصام الدائم أمام مبنى مجلس الوزراء في الصنائع المطالب بإسقاط النظام الطائفي، لكنّ انتفاضته تلك لم تكن بمواجهة وزير أو مدير أو مسؤول فهؤلاء ناموا منذ ساعات عديدة أو تراهم عائدين من برنامج تلفزيوني ما أدلوا فيه بما أدلوا حماية لمناصبهم ونفوذهم ومكاسبهم. الإنتفاضة تلك لم تكن سوى عراك داخلي بين المشاركين لم يؤثر به حتى حادث السير الذي وقع أمامهم بمسافة قصيرة. لكنّ الأهم أنّ "الروح الرفاقية بقيت سائدة" على رأي زياد الرحباني في "العقل زينة".

وفي الليل ننتظر ليلاً متجدداً، ونهاراً مليئاً بأعلام لبنانية تمّ تمويلها من جيوب مواطنين يغنون على "ليلاهم".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل


.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف




.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81