الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نريدها برائحة الهيل والعنبر العراقي

علي لطيف الدراجي

2011 / 3 / 16
السياسة والعلاقات الدولية


كبرت روح الثورة وولدت من رحمها ثورات وثورات وقلبت تلك الصفحة السوداء من صفحات الديكتاتورية المقيتة الى صفحة بيضاء ناصعة كبياض القلب المرهق من سفر طويل وفي يديه حقيبة بؤسه وشقاءه فأعتلى صوت المظلوم فوق كيد الجُناة ممن قتلوا امة العرب بسلاح العرب وموارد العرب.
وكل من كان يعيش على الهامش ويعاني ضيق الحياة وجد من ثورتي تونس ومصر فرصة للخروج الى الشارع والمطالبة بالتغيير وتحسين الأوضاع العامة في بلده،وهذا هو حق مشروع طالما احس بأن هناك ظلم ينهش في نفسه وتسلق الى اعماقه فكان الشارع العراقي على موعد مع مظاهرات شهدتها المحافظات العراقية واجمعت على مطالب بسيطة تنم عن قناعة المواطن العراقي وايمانا بأن القناعة كنز لايفنى،فالمتظاهرين لم يطلبوا قصور تناطح السحاب وارصدة في بنوك سويسرا وفرنسا ولاحتى (فلل) في مصر والأردن ولم يحلموا بالأبهة والترف والسجاد الأحمر ولاحتى بالجنسية المزدوجة وانما ركزوا على الجانب الأهم في حياتهم كالخدمات والتنعم بالطاقة الكهربائية ومفردات البطاقة التموينية وكل هذا ربما لايرقى الى مستوى المعيشة التي يتمتع بها المواطنون في بلدان اخرى.لكن هذا هو سر اخلاقيات الشعب العراقي الذي عانى كثيراً من جور الحكام السياسيين الذين تعاقبوا على حكم البلاد وكانوا دون شك السبب الرئيسي في تقهقر مكانة العراق على الساحة الدولية،وبعد ان تنفسنا الصعداء وجدنا انفسنا في لجة بحر قاسٍ من المعاناة والمصاعب ووقعنا في فخ الوعود والشعارات التي انطلقت من افواه الساسة والتي كانت بمثابة بالونات انفجرت في وقت قصير.
عندما خرج العراقيون الى الشارع بالهتاف والصراخ فأنهم لم يكونوا عازمين على اسقاط ديكتاتور لاسامح الله لأن عصر الديكتاتورية والفردية انتهى الى حيث لاأمل لرجوعه ولكن هناك خلاف مع(الديكتاتوريات الصغيرة) التي نشأت ونضجت في الوزارات والمديريات والدوائر الحكومية وعملت لنفسها حكومة وسلطة تديرها وفق دستور الضمير الميت وقوانين شخصية قوامها التلاعب بمشاعر الاخرين.وهؤلاء هم من يجعل جهاز الدولة برمته يعيش وسط هالة من الكلام السئ والظن غير المرغوب فيه ويجعلون المواطنين تحت دائرة اليأس دون الوصول الى لحظة امل غايتها طرق ابواب يوم افضل من سابقه.
هذه(الديكتاتوريات الصغيرة) هي من دعت للرشاوى وحثت عليه اضافة الى ترويج الفساد الأداري والمالي في الوقت الذي لم يجدوا فيه من يردعهم ويوقف فسادهم اللامحدود وعبثهم بالمواطن العراقي بفرض ارائهم الساذجة واطروحات النفس المريضة.لقد حان الوقت للكف عن منطق التهاون واللامبالاة والعمل بجدية اكبر في حماية المواطن العراقي والتعامل معه وفق المنظور الإنساني السليم وليس كمتسول يطلب من هذا ويرجو ذاك ومن هذا الذي يريد من الأخرين ان يركع له وكأن الحاجة التي لديه لاتعطى الا لمن يرضى ان تُداس كرامته وانسانيته.لماذا تقف الحكومة مكتوفة الأيدي امام هؤلاء وهم يتكالبون على أهاتنا ويقرحون نفوسنا،وتركت لهم مساحات كبيرة يتحركون بها لتحقيق مآربهم.
ان الدول التي قطعت اشواطاً كبيرة في احترام الأنسان وتقديس كرامته نذرت نفسها لخدمة المواطن وتستجيب لمطالبه وتعمل على توفير كل وسائل الراحة والرخاء والأمن والطمأنينة لكي يكون في مأمن في بيته اولاً وفي بلده ثانياً.لذا يجب ان يعمل كل من اعتلى السلطة وفق منطق الواجب ويعمل ساعياً في خدمة المواطن شاء ام ابى،لأن المواطن هو مصدر السلطات ومن يرتب شكل الحكومة وهذا الأمر يجب ان يكون درساً لكل وزير ومدير عام وموظف بأنكم من تعملون لدى المواطن وليس العكس هو الصحيح لأنك تتواجد في مكان سواء يليق بك ام لا فأنت مكلف بتقديم الخدمة مهما كان حجمها وفي اي وقت كان.
اذا تحدثنا بلغة الأرقام والأعداد وطرحنا السنوات الثمانية التي مرت من عمر كل مواطن عراقي فهي بالتأكيد ليست بالشئ اليسير لابل هي فترة طويلة جداً في حسابات التقدم والتطور والنمو ولكن لنجعلها مرة اخرى ضمن السنوات العجاف التي اعتدنا عليها ولندير اظهرنا لها ولانفكر بها اطلاقاً،وننظر للغد نظرة تفاؤل بشرط ان لانعد الى افاق التمني دون ان تتجه الحكومة الى العمل والتفكير والتخطيط المنطقي لأسلوب جديد لحياة المواطن العراقي وكيف يمكن ان يرتقي الى مستويات افضل في معيشته وحياته اليومية،وان كان هذا هو جزء من واجبنا لأننا شركاء حقيقيين في هذا البلد وعلى حكومة دولة رئيس الوزراء الأستاذ نوري المالكي ان تقلب هذا الواقع على وجه اخر يجد من خلاله العراقيين حياة افضل ونرى في عينيه مستقبل باهر حلمنا به طويلاً ،واقع مميز تفوح منه رائحة العنبر والهيل العراقي ونلمسه بأناملنا ويشعرنا بأننا كنا على صواب في اختيارنا وليس هناك شئ اسمه نكران الجميل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي