الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرج البحرين!

علي شايع

2011 / 3 / 17
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


حفلت الحضارة السومرية بمدائح لمكان جذاب، يحكى إن أهل العراق القديم جاؤوا منه، قبل أن يستقروا في أور ومحيطها. وأوصاف هذا المكان أوصاف لجنّة أسموها دلمون، قيل إن كلكامش العظيم ذهب صوب تلك الأرض بحثا عن عشبة الخلود..فهي مكمن العسل واللبن لفردوس بقي حلما سومرياً للحياة الأبدية، ونفحة غناء عراقي ظلّ صداه يتردّد في نايات جنوب أحالها الطغيان إلى رماد قصب.. تلك الجنة المنشودة هي أرض البحرين.

ليست هذه المقدمة تأصيلاً قومياً، ولا حنيناً جغرافياً ربما توهمه طاغية مدان في عودة الفرع إلى الأصل وهو يجتاح الكويت. لكنها لحظة انتماء إنسانية خاصة في استذكار مكان فردوسي يتعرض أهله الآن إلى القمع. وبالطبع؛ الحديث المتبوع بمثل هذه المقدمة سيثير حفيظة الطائفيين أكثر من غيرهم، ولكن حتى أنت أيها القارئ الكريم تشهد على إن السومريين لم يكونوا شيعة!، وإن الارتباط العراقي مع أهل هذا البلد كان ارتباطاً إنسانياً صرفاً، توّجته الثقافة والأدب بصلات معروفة ومشهودة، وهو تواصل يعيد للجنة سرّها في نفوس المبدعين بين البلدين.

والارتباط الجغرافي لم تتحدث عنه القومية العربية، أكثر من حديث الباحثين والمختصين، عن طريق سلكه المستكشف النرويجي ثور هيردال في رحلة لسفينة قصب أنطلق بها من أهوار العراق، تعقباً لرحلة بحرية وصل فيها أهل سومر صوب بلدان بعيدة، مروراً بأرض "دلمون"الجنة في البحرين، مكان كان أهل سومر يدفنون موتاهم؛ تقرّباً وطمعاً بشفاعة شبيهة بمثيلها الحاضر في سعي بعض أهل البحرين للاستقرار الأبدي في مقبرة مدينة النجف!.

الحنين المقصود في هذه الكتابة إنساني محض، يبيح التفاعل مع أهل هذا البلد كأغلبية تنشد حريتها بأغلى الثمن. وهي مساندة مشروعة ومأمولة من كل حرّ أبي، لا يعادلها كل هياج الهائجين بجيوش الردع الغازية للبحرين، في سابقة خطيرة، لازالت قنوات العرب وصحافتهم وإعلامهم تعيبها على القذافي، وهو يُدخل إلى ليبيا جيشا ومليشيات لمرتزقة قيل إنهم قدموا من أفريقا، فما حدا مما بدا؟!.. الجيوش التي دخلت البحرين قيل إنها تنفذ اتفاقات ومعاهدات، إذن لم لا تكون معاهدات القذافي مع من تعاهد واتفق معهم محترمة أيضا؟. وليسمح لي القارئ الفطن فلست مدافعاً عن الرجل ومعاهداته فهي لا تساوي في حسابي شروى نقير،ولكني أردت التنبيه إلى علّة ما يجري الآن، فالانقسام الحالي في النظر إلى القضية البحرينية لا يمكن أن يفسّر إلا بين حق وباطل..
حق أبعد من دلالة الدين في المثلثات الفاصلة بين لوني العلم البحريني، الدالة على أركان الإسلام الخمسة.. والتي لم تكن فاصلاً بين لون السلام الأبيض وبين لون الدم القاني.. ولم تكن حامياً لمن لاذ بهذا العلم من المتظاهرين..
حق وباطل يمكن رؤيته بالإنسانية المجرّدة دون موشور الدين..
حق وباطل يمكن رؤيته وتمييزه وبسهولة عبر الفضاء الراصد لمجريات ما تتناقله الأخبار عن الوقائع اليومية في البلدان العربية، وبامكان أي متابع موضوعي متجرّد مشاهدة الفاصل بين الرأي العذب؛كالماء الفرات، وبين الأجاج المرّ.. و"مرج البحرين يلتقيان".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر




.. -يجب عليكم أن تخجلوا من أنفسكم- #حماس تنشر فيديو لرهينة ينتق


.. أنصار الله: نفذنا 3 عمليات إحداها ضد مدمرة أمريكية




.. ??حديث إسرائيلي عن قرب تنفيذ عملية في رفح