الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقيقة أعياد النيروز بين الميثولوجيا والواقع

محمد حسن فلاحية

2011 / 3 / 23
حقوق الانسان


منذ القدم كانت ولاتزال عدد من الشعوب تحتفل بقدوم الربيع لكن هل هناك علاقة بين احتفالات الشعوب بأعياد الطبيعة في بداية فصل الربيع ؛ موسم بعث البيئة وبين أعياد النيروز التي تحتفل بها عدة شعوب في منطقة الشرق الأوسط وفي مقدمة هذه الشعوب التي تأخذ هذه الأعياد بعين الإعتبار وتحتفي بها بشكل ملحوظ ؛ الشعب الفارسي والكردي والطاجيكي والباكي والأفغاني ؟. عبر هذا المقال أحاول ذكر ماورد من تفسيرات من قبل البعض من المؤرخين والميثولوجيين حول هذه الأعياد واکتسب هذا العيد أهمية بعد أن قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأصدار قرار في 21 أذار من عام 2010 أعلنت فيه هذا اليوم باليوم العالمي للنيروز.
في واقع الأمر هنالك علاقة تأريخية بين أعياد النيروز التي تحتفل بها شعوب في الشرق الأوسط وأعياد الطبيعة أوالربيع التي تحتفل بها عدة شعوب عربية وغيرعربية بسبب القرب الجغرافي بين الشعوب التي تحتفل بهذه المناسبات لكن رغم ذلك هنالك جدل واسع بين المؤرخين والميثولوجيين حول موطن أعياد النيروز وذلك بسبب تمسك الكثير من شعوب المنطقة بعائدية هذه الأعياد لها دون غيرها حيث ينسب الشعب الفارسي أعياد النيروز الى ملكهم قبل الإسلام "جمشيد" لكن لا توجد هنالك إشارة واحدة في كتاب المذهب الزرادشتي "أفستا" تؤكد على صحة مايدعون وكل ما ورد حول هذه الأعياد يوجد في كتاب "شاهنامه" الكتاب الميثولوجي الفارسي الذي يفرغ شحنات عنصرية هائلة للشعب الفارسي وملهماً للقوميين الفرس .
هنالك عدد كبير من المستشرقين تناولوا بحوثاً لكن لم تصل هذه الدراسات بمعظمها الى نتيجة ملموسة بسبب مايدور حول هذه المناسبات من أساطير تبعد عنها البعد الواقعي فأعياد النيروز تعبر عن مولد ومبعث الطبيعة التي تحولت لدى الفرس الى قبس ينير لديهم ثورتهم القومية في مواجهة بقية الشعوب في المنطقة رغم امتزاجه بالمذهب الشيعي .
توصل الباحثين في دراساتهم الميثولوجية الى نتيجة علمية مؤداها بأنّ الفرس قد أخذوا أعياد النيروز من الحضارات المجاورة لهم حيث يرى المستشرق الدنماركي "أرثور كريستيان سن" بأنّ جذور أعياد النيروز تعود الى حضارة بابل حيث كان البابليون يقيمون هذه الأعياد في بداية الربيع لمدة إثنى عشر يوماً في معبد "مردوخ " (آلهة الخصب والخلق والحراسة في بابل بعهد حمورابي) وذلك بحضور ملك بابل أنذاك ترافقه إحتفالات ضخمة تعد بهذه المناسبة وكان يسمي البابليون هذه الأعياد بـ "زغموك" وبعد أن احتل ملك الفرس الإخمينيين "قوروش" بلاد الرافدين في عام 539 ماقبل الميلاد اقتبس الملك الإخميني هذه الأعياد من البابليين كمؤشر وبادرة منه على احترامه لطقوسهم وأقام هذه الإحتفالات في بداية كل عام بحضور الكهنة البابليين وبقية أفراد الشعب البابلي ومن ثم أخذت هذه الطقوس البابلية شيئاً فشيئاً تدخل الحضارة الفارسية منذ ذلك الوقت وأصبحت فيما بعد ذات شكل وطابع فارسي بحت رغم احتفال عدد من الشعوب غير الفارسية مثل الكورد وغيرهم بمثل هذه الأعياد.
يتغلب الطابع الميثولوجي على أعياد النيروز خاصة بين الشعب الفارسي في إيران حيث امتزج هذا العيد الإسطوري بطقوس دينية شيعية أخذت ملامح دينية قومية لدى الشعب الفارسي فاليوم هنالك خلاف حاد بين القوميين الايرانيين الذين ينوون تخليص هذا العيد الذي يعتبرونه رمزاً فارسياً قومياً رغم كل ما يثار حول جذوره من إشكاليات وتساؤلات من الطابع المذهبي الشيعي ويحتدم الخلاف بين المؤسسة الدينية التي تريد دمج هذا الطقس بالفكر الشيعي السياسي وإظهاره مظهر التقليد الإسلامي الإيراني وبين المؤسسة القومية في إيران رغم تعريف الحكومة في إيران على أنها دينية وهذا ما عمل عليه تيار المكتب الإيراني بزعامة "اسفنديار رحيم مشائي " رئيس مكتب نجاد في الأونة الأخيرة .
فقد يزاول الفرس الدينيون طقوساً بهذه المناسبة وهي مزيج ديني شيعي وقومي فارسي زرادشتي حيث تقام صلاة العيد والدعاء وقراءة القرآن وهي طقوس دينية اسلامية بمعية قراءة الأساطير في الشاهنامة و طقوس هفت سين التي توضع سبعة أشياء تبدأ بحرف السين على مائدة العيد وهي إشارة الى طقوس قومية زرادشتية أضف الى ذلك إعتقادات أسطورية يقوم بها الشعب الفارسي وهي عديدة لكن على رأسها تنظيف البيوت من الشياطين وعدم الجلوس في البيت يوم العيد والتغلب على النعاس لحظة تحويل السنة وهي أساطير فارسية زرادشتية قديمة امتزجت بالمذهب وأخذت منحى ديني وقومي في نفس الوقت .
ما يثير الإهتمام في هذا المطاف ليس ميثولوجية أو واقعية الأعياد والمناسبات بقدر ما إنسانية ورسالة الأعياد التي تسعى من أجلها لنشر روح الحب والوئام بين جميع أبناء البشر على وجه المعمورة هو الذي يثير اهتمام كل باحث ومتتبع وما نلحظه في أعياد النيروز لدى الشعب الفارسي هو التوجه نحو المنحى القومي المتعصب الذي يريد الظهور بمظهر الأفضلية الفاشية على بقية الشعوب في إيران فإذا نجح هؤلاء في محاولاتهم التي تسعى لنشر الكراهية عبر رسالة قومية مفرطة تريد فرض معتقداتهم وأعيادهم على بقية الشعوب في إيران حينها ستفقد تلك الأعياد معناها الحقيقي التي أنشئت من أجلها ألا وهي مبادئ الفرحة بالسلام والإنسانية والحرية وحقوق الإنسان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا: موجة تنديد بترحيل المهاجرين إلى رواندا • فرانس 24


.. لازاريني للجزيرة: الهدف الرئيس من الهجوم على الأونروا هو نزع




.. بلينكن: ليست لدينا معايير مزدوجة ونطبق المعيار نفسه بشأن حقو


.. البرلمان البريطاني يقر قانونا مثيرا للجدل لترحيل طالبي اللجو




.. إسرائيل مستاءة من تقرير لجنة التحقيق المستقلة عن الأونروا