الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأسد يرسب بامتياز

محمد حسين الأطرش

2011 / 3 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


يوم تولى السلطة، رغم ما شاب دخوله عالم السياسة من شوائب حيث امتطى صهوة جمهورية حكمها والده لأكثر من ثلا ثين عاما، كنت أدرك أن طبيبا متخصصا في جراحة العين لا بد وأنه يمتلك مهارة استثنائية في تحديد العلة وانتزاعها بمشرط جراح خبير.
استطاع بشار الأسد وخلال ساعات من وفاة الأسد الآب أن يكون عند ثقة مراكز القوة داخل النظام. تلك القوى التي استطاعت أن تجترح له خلال ساعات حلولا دستورية تسمح له بدخول القصر الجمهوري رئيسا متوجا دون أي تصريحات مناوئة ما عدا بعض الغمز واللمز.
واستطاع خلال سنوات قليلة وإلى جانبه زوجته من محاكاة فئة كبيرة من الشعب السوري الذي كان يعتبر الظهور الشبابي للرئيس وزوجته وتقربهما منه دليلا على المحبة والتماهي مع أطياف المجتمع.
بعد الإنسحاب من لبنان استطاع الأسد خلال ستة أشهر أن يتجاوز المحنة من خلال النفخ في الهوية الوطنية للسوريين مما زاد الإلتفاف الشعبي حوله كجزء من صلابة الموقف السوري خصوصا في ظل النضال الخطابي ضد الويلات التي جرتها الولايات المتحدة الأميركية وديمقراطيتها إلى المنطقة. خصوصا والسوري يرى بأم العين ملايين العراقيين يلتجئون إليه ومئات آلاف اللبنانيين يهربون إلى ربوعه. كل ذلك أضاف إلى الرئيس الشاب الكثير الكثير من الرصيد خصوصا وأن الشعب السوري كان دوما مؤمنا بأن "لا صوت يعلو فوق صوت الرصاص" وبالتالي يمكن تأجيل ما اعتبروه مطالب ثانوية في مقابل الأساسيات التي تطال المواقف الراسخة في العداء لإسرائيل والهيمنة الأميركية.
نجح بشار الأسد كأبيه في التماهي مع مواقف المواطنين السوريين التي تقدم القضايا الوطنية على القضايا الداخلية على أمل أن الرئيس الشاب ما زال يكرر في كل مناسبة حرصه على الإصلاح والقضاء على الفساد.
عقد مضى أو يزيد ووعود الرئيس الشاب تراوح مكانها. لكن لا الإصلاح تحقق ولا أدوات النظام تغيرت فأتى الرسوب الأول للرئيس في أول امتحان للحرية فأسقط ربيع دمشق في امتحان حرية الفكر والتعبير. خاف النظام مرة أخرى من إتاحة مساحة صغيرة للحرية فكان ما كان من اعتقالات.
خلال عقد واحد دمرت مراكز القوى المحيطة بالرئيس كل أساسات المجتمع السوري الذي كان قائما وصارت الفوارق الإجتماعية داخل المجتمع فاقعة في ظل نشوء رأسمالية طفيلية قائمة على فساد الإدارة والأجهزة مما خلق واقعا سيئا دفع بالمجتمع إلى مزيد من التدهور في ظل اتجاه النظام إلى إرضاء رؤوس الأموال الجديدة من خلال الإستجابة لسياسة الخصخصة غير المدروسة والتي تصيب المواطن البسيط في الصميم.
خلال العقود الماضية نجحت سوريا في إيجاد مواطن ذو هوية متجانسة من خلال التعليم العام الذي ساعد على صهر مواطنين في بوتقة تعليمية واحدة لكنها لم تسلم من سياسة الخصخصة التي انتهجها نظام بشار لإرضاء بعض المستفيدين كل ذلك على حساب المدرسة الحكومية والجامعة الوطنية.
في درعا رسب الأسد بامتياز مع مرتبة الشرف. فوبيا النظام جعلته يعتقل أطفالا بسبب بعض الكتابات. تعاطي أجهزة الأمن المعروفة مع الأهالي كان من أيام الثمانينات دون الأخذ في الحسبان ما يجري في العالم العربي. مكاتب الأجهزة الأمنية كتبت روايات تشبه روايات القرن الماضي عما يحدث في الألفية الثالثة حيث لم يعد هناك مجال لاستغباء المواطن الذي أتاحت له وسائل الإتصالات الحديثة رؤية العالم بطريقة مختلفة. الأدهى من كل ذلك ووسط بنادق رجال الأمن وتهور قياداته كان الغياب الكامل للقيادة السياسية بكل أشكالها فلم يبقى لها إلا بثينة شعبان بكل ركاكتها لتتحدث باسمها.
لا وزراء، لا رئاسة الحكومة، لا مجلس الشعب ولا حتى الرئيس ونائبه. إختفى الجميع بقدرة قادر. شعبان تتحدث عن مندسين وأيادي خفية ومرتزقة ومأجورين ولا بيان رسمي مدعم ولو بالقليل القليل من المنطق. الإعلام الرسمي يعلن حالة من الهدوء التام والأفراح والليالي الملاح في حين أن بثينة شعبان واستجابة لمطالب المندسين والأيادي الخفية والمرتزقة تعلن إصلاحا وراء إصلاح. حري إذا بالشعب أن يشكر هؤلاء المندسين والأيادي الخفية والمرتزقة والمأجورين الذين دفعوا النظام لمنح الشعب كل هذه الإصلاحات. ألا يحق للشعب عندها أن يثق بهؤلاء المندسين والأيادي الخفية والمرتزقة والمأجورين أكثر من ثقته بقيادته السياسية وحكومته ومجلس الشعب.
أعتقد جازما أن بشار الأسد يستحق عن جدارة الرسوب بدرجة امتياز ملحقا معه كافة مستشاريه وأدوات نظامه.
هل يعني ذلك أنه لا يحق لهم بملحق؟ أعتقد أن الشعب السوري قد يعطيه فرصة أخيرة إذا ما اتبع الخطوات التالية:
1 – إقالة الحكومة الحالية وحل مجلس الشعب،
2 – الإفراج الفوري والحقيقي عن كافة معتقلي الرأي،
3 – إقالة كافة القيادات العسكرية التي كانت مسؤولة عن إطلاق النار في كافة المناطق وإحالتها لمحاكم ميدانية فيها يتولاها محامون ذوو ثقة،
3 – تعليق العمل بالدستور الحالي وتكليف هيئة تأسيسية من كافة أطياف المجتمع السوري لصياغة مشروع دستور يطرح للإستفتاء بعد ثلاثة أشهر.
4- تشكيل حكومة تكنوقراط مؤقتة تتولى إدارة البلاد حتى الإنتهاء من الإستقتاء على الدستور وانتخاب مجلس شعب جديد على أساس الدستور الجديد.
إذا الفرصة لا تزال متاحة إذا ما أراد أن يحتفظ ببعض ما بقي لديه عند الشعب السوري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية
فهيم محمد ( 2011 / 3 / 28 - 22:31 )

حُـيّـيت وبُـيّـيت يالأطرش

اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء