الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القوة السياسية لوسائل الإعلام الاجتماعية التكنولوجيا، مجال النشاط العام والتغيير السياسي (1)

هاشم نعمة

2011 / 3 / 29
تقنية المعلمومات و الكومبيوتر


في 17 كانون الثاني (يناير) 2001 خلال محاولة إقالة الرئيس الفلبيني جوزيف استرادا، من منصبه صوت الموالون له في الكونغرس الفلبيني ضد عرض الأدلة الرئيسية التي تدينه. وفي أقل من ساعتين على إعلان هذا القرار، تجمع آلاف الفلبينيين في ابيفانيو دو لوس سانتوس مكان تقاطع الطرق الرئيسية في مدينة مانيلا وقد أغضبهم بأن رئيسهم المتهم بالفساد يمكن أن ينجوا من التهمة. وكان المحتجون قد نظموا أنفسهم، جزئيا، بواسطة الرسائل النصية. وقد تضخم الحشد بسرعة وفي أيام قليلة وصل إلى أكثر من مليون شخص سدوا الطرق في وسط مانيلا.

إمكانية الجمهور على تنسيق مثل هذا الحملة الضخمة والسريعة – حوالي سبعة ملايين نص رسالة أرسلت في ذلك الأسبوع- أنذرت مشرعين البلد بأن عليهم عكس المسار والسماح بتقديم الأدلة. ونتيجة ذلك تحدد مصير استرادا وفي 20 كانون الثاني (يناير) خرج من السلطة. هذا الحدث مثل وللمرة الأولى مدى مساهمة وسائل الإعلام الاجتماعية في الإطاحة بزعيم وطني من منصبه. وقد اتهم استرادا بنفسه جيل الرسائل النصية بأنه هو الذي أسقطه.

منذ انتشار الانترنت في أوائل التسعينات، نمت شبكات السكان المرتبطة به في العالم من ملايين قليلة إلى المليارات. وخلال نفس الفترة، أصبحت وسائل الإعلام الاجتماعية حقيقة من حقائق الحياة بالنسبة للمجتمع المدني على مستوى العالم، والتي تشمل العديد من الأطراف الفاعلة- المواطنين العاديين، الناشطين، المنظمات غير الحكومية، شركات الاتصالات، منتجي برامج الكمبيوتر، والحكومات. وهذه المسألة تثير سؤالا يطرح نفسه على الحكومة الأمريكية: كيف يؤثر انتشار وسائل الإعلام الاجتماعية على مصالح الولايات المتحدة، وكيف ينبغي أن تكون استجابة السياسة الأمريكية تجاه ذلك ؟

كلما تصبح الاتصالات أكثف وأكثر تعقيدا، وينخرط فيها المزيد من المشاركين، كلما تحقق شبكات السكان تقدما أكبر للوصول للمعلومات، وفرصا أكثر للمشاركة في الخطاب العام، ومن ثم تتعزز إمكانية الاضطلاع بالعمل الجماعي. في الساحة السياسية، كما أظهرت الاحتجاجات في مانيلا، فإن زيادة الحريات هذه يمكن أن تساعد وبحرية تامة على تنسيق توجه الرأي العام للمطالبة بالتغيير.

إستراتيجية الفلبين هذه تم تبنيها عدة مرات من ذلك الوقت. في بعض الحالات، نجح المحتجون في نهاية المطاف، كما في أسبانيا في عام 2004، عندما جرى تنظيم التظاهرات بواسطة الرسائل النصية وقادت بسرعة إلى الإطاحة برئيس الوزراء الأسباني جوس ماريا ازنار، الذي اتهم بشكل غير دقيق مرور مدريد حول تفجيرات الانفصاليين الباسك. وفقد الحزب الشيوعي السلطة في مولدافيا عام 2009 عندما جرى تنسيق احتجاجات ضخمة جزئيا عبر الرسائل النصية، من خلال الفيسبوك وتويتر والتي اندلعت بعد الانتخابات المزورة بشكل واضح. وعلى مستوى العالم واجهت الكنيسة الكاثوليكية دعاوي قانونية حول إيوائها الأطفال المغتصبين، تلك العملية التي بدأت عندما كشفت صحيفة بوسطن غلوب عام 2002 خبر الاعتداء الجنسي على الأطفال في الكنيسة ونشر في الانترنت والذي تعرض إلى فيروس في غضون ساعات.

على أي حال، هناك العديد من الأمثلة لناشطين قد فشلت ، كما جرى في بيلاروسيا في آذار( مارس) 2006، عندما نُظمت احتجاجات الشوارع (جزيئا من خلال الايميل) ضد الرئيس الكسندر لوكاشنكو لاتهامه بمزاعم تزوير الانتخابات بشكل ضخم، لكن بعد ذلك تعثرت القضية وترك لوكاشنكو في منصبه وبات أكثر تصميما من أي وقت مضى للسيطرة على وسائل الإعلام الاجتماعية. وفي انتفاضة الحركة الخضراء في إيران، خلال حزيران (يونيو) 2009 أستخدم الناشطون كل وسائل التكنولوجيا الممكنة من أجل تنسيق الاحتجاجات على الخطأ الذي حدث في عد أصوات الانتخابات لصالح مير حسين موسوي لكن في النهاية تم اللجوء إلى حملة عنيفة ضدهم. كذلك انتفاضة أصحاب القمصان الحمر في تايلاند عام 2010 كانت بشكل مماثل لكن بطريقة سريعة حيث استخدم المحتجون وسائل الإعلام الاجتماعية بمهارة واحتلوا وسط مدينة بانكوك حتى فرقتهم قوات الحكومة وقتلت العشرات منهم.

استخدام وسائل الإعلام الاجتماعية- الرسائل النصية، الايميل، الصور، الشبكات الاجتماعية، وغيرها- لا تملك نتيجة محتومة واحدة. لذلك، فإن محاولات اختصار تأثيراتها على الميدان السياسي كثيرا ما تنتهي بها إلى حالة تشبه المبارزة بالحكايات. وإذا أخذ بعين الاعتبار فشل المحتجين في بيلاروسيا في الإطاحة بلوكاشنكو كنموذج، فسوف تعتبر تجربة مولدافيا كمثال منعزل والعكس بالعكس. إن العمل التجريبي المتعلق بالموضوع الذي يهدف لاستخلاص تعميمات من الصعب أن يأتي بنتائج، وذلك جزئيا بسبب أن هذه الوسائل جديدة إلى حد بعيد وجزئيا بسبب أن الأمثلة المتعلقة بها نادرة جدا.* يتمثل التوصيف الأسلم للمحاولات الأخيرة في الإجابة على السؤال المتمثل بـ هل تعزز الوسائل الرقمية الديمقراطية؟ (مثل محاولات جاكوب غروشك وفيليب هوارد) بجواب يقول أن هذه الوسائل من المرجح أن لا تأتي ثمارها في المدى القريب ويمكن أن تساعد في المدى البعيد- وهي تمتلك : تأثيرات أكثر دراماتيكية في الدول التي يستطيع فيها مجال النشاط العام أن يحد بالفعل من الإجراءات الحكومية.

بالرغم من هذا السجل المختلط، أصبحت وسائل الإعلام الاجتماعية تملك أدوات للتنسيق تُستخدم تقريبا من قبل كل الحركات السياسية في العالم، تماما كما بالنسبة لمعظم الدول ذات الحكومات الاستبدادية حيث مع زيادة أعداد الدول المتحولة إلى الديمقراطية تحاول هذه الحكومات الحد من الوصول إلى هذه الوسائل. وكاستجابة لذلك، ألزمت الولايات المتحدة نفسها "بحرية الانترنت" كهدف سياسي محدد. إن النقاش الدائر حول حقوق الناس باستخدام الانترنت بحرية يمثل سياسة مناسبة للولايات المتحدة ، بسبب إنه يتفق مع هدف استراتيجي يمثل في تقوية المجتمع المدني على مستوى العالم وكذلك بسبب أنه يمثل صدى للمبادئ الأمريكية المتعلقة بحرية التعبير. لكن محاولات دعم فكرة حرية الانترنت كأهداف قريبة المدى- خصوصا تلك المحاولات التي تكرس لبلد معين أو تلك التي تتجه لمساعدة مجموعات منشقة معينة أو التي تشجع على تغيير النظام – من المحتمل أن تكون غير فعالة في المتوسط.

رغم إن قصة الإطاحة باسترادا والحوادث الأخرى المشابهة لها قادت الملاحظين للتركيز على قوة التظاهرات للإطاحة بالحكومات، فإن القوة الكامنة في وسائل الإعلام الاجتماعية تتمثل بشكل رئيسي في دعمها للمجتمع المدني ونشاطات المجال العام- التغيير يقاس بالسنوات والعقود بدل من الأسابيع والأشهر. لذلك ينبغي على الولايات المتحدة الأمريكية أن تصون حرية الانترنت كهدف وأن تنتهج طريقة مبدئية ومحايدة في التعامل مع الأنظمة، وأن لا تستخدم الانترنت كوسيلة للتأثير المباشر في توجهات الأهداف السياسية في كل بلد. وينبغي بالمثل أن تفترض أن التقدم سيكون تدريجيا، ومما لا يثير الدهشة، بأنه سيكون بدوره أبطأ في معظم الأنظمة الاستبدادية.

* من الواضح أن هذه المقالة كُتبت قبل اندلاع الانتفاضة في تونس ومصر وبقية البلدان العربية لذلك لم ترد في المناقشة والاستنتاج.(المترجم)
الترجمة عن مجلة Foreign Affairs, January-February 2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المبادرة والتضامن
رسميه محمد هادي ( 2011 / 3 / 29 - 21:03 )
الزميل العزيز هاشم نعمه
اذا لبس الجميع لباس الامبراطور سواء كان ذلك صدقا او تورية فلن تنجح مبادرات الناشطين

اخر الافلام

.. حرب الفضاء لم تعد خيالا.. حرب خفية أميركية روسية صينية تهدد


.. سقط بلا أضرار.. العثور على بقايا صاروخ باليستي إيراني في صحر




.. متسلقون يعثرون على بقايا صاروخ إيراني في صحراء جنوب إسرائيل


.. سماء أثينا تتحول للون البرتقالي بسبب الغبار القادم من الصحرا




.. -الحب الجوال- ألبوم جديد للموسيقي والطبيب عبدلله المصارع