الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ثورتنا اللبنانية البطيئة.. وما يجدر بها هذا
عصام سحمراني
(Essam Sahmarani)
2011 / 3 / 30
مواضيع وابحاث سياسية
سقط النظام المصري الجبار خلال بضعة أسابيع، شهدت خلالها البلاد سلسلة من تراجعاته وانكفاءاته التي وصلت في النهاية إلى تنحي حسني مبارك بالكامل، وانتصرت الثورة. كذلك كان الأمر في تونس من قبل مصر، ولم يوفّق ثوار ليبيا إلاّ من خلال السلاح الذي أدى إلى المشروع الغربي لاحتلال بلادهم كما نشهده حالياً. وفي دول عربية أخرى سقط الثوار في أفخاخ الطائفية، ولم تقصّر السلطات في قمعهم بوحشية، تستغل الموقف الداخلي والخارجي، وتنفض يديها من دمائهم كما لو كانت بريئة.
المشهد العربي اختلف بين دولة وأخرى، لكننا في لبنان تنسّمنا الأمل مع كلّ ثورة جديدة، واحتجاج متجدد، وتحرّك ناشئ لاستغلاله على ساحتنا الداخلية الصدئة، علّه يزحزح مئات من الصخور المقاطعجية الطائفية الجاثمة فوقنا منذ الأزل. وكان لنا ذلك في تحركات اخترقت الطوائف والمناطق، ولو أنّها لم تخترق الطبقات الحاكمة إلاّ زوراً، يجعل زعاماتها السياسية والدينية تؤيد الشباب من دون أيّ إيمان به، كمن يضحك على اللحى، كما هو الحال أبداً.
تنشقنا نسائم التغيير الهابّة إلينا من جنوب وشرق. وتفاعلنا فكانت لنا ثورة على قدر طموحات شباب اخترق الجدار الصلب، بادئ الأمر، وكوّن رأياً مختلفاً، صدحت حناجره وشعاراته به ملء الشوارع والشاشات. لكنّها لم تكن سوى حلقة أولى، انتهت سريعاً، من مسلسل طويل. فلم يعد القرص يصلح بعد الآن كما هو عليه، من دون إضافات وتنويع وتفاعل وتركيز على الحلقات الكاملة من اللون نفسه.. حلقات محددة جداً، في كلماتها المبدعة القليلة غير المتكررة مهما تكررت. كلماتها التي ابتكرها عبقري من تناثر قابع في محيط لغة كبيرة: الشعب يريد إسقاط النظام!
هبّ الشباب ولبّى نداء الشعار، وكان من بينه جزء عزيز جداً، يرتوي منذ الآن وهو في أعوام مراهقته، تلك الروح الثورية، التي مهما كانت نتيجة التحركات، فإنّها ستحدد مساراً لحياته، مختلفاً تماماً عن أقران له، مُبعَدين عن التفكير والفعل، بقوة وتحريض حزبي طائفي مناطقي عائلي ضيّق. تحريض لا يتوانى عن تكديس الشباب فوق رفوف الإهمال والبطالة والتسكّع، كما يكدّس أموال زعامات السياسة والطوائف.
هبّ الشباب وهبّت معه قلوب الشيوخ والعجائز تهتف له وتقول مراراً وتكراراً: والله الحق معكم!! والله الحق معكم! وتنظر الأمل الذي أضاعوه في عينيه. لكنّها، بعد الهبوب والإنفجار، لحظات ضائعة تلك التي لا نستغل فيها تلك الروح الكبيرة، ونلتهي بخلافاتنا الغبية عند كلّ مفترق. ولماذا المفترقات أساساً؟ ولماذا التشتت؟ ولماذا الإبتعاد مع كلّ اقتراب؟ فشعارنا ملك سواعدنا وحناجرنا.. أفلا يليق بنا، كما كان لتونس ومصر واليمن وليبيا، أن تكون لنا ثورة مستمرة ضاغطة، تخلع كلّ ذي عرش عن عرشه، وتعيد أموالنا ومواردنا وأراضينا المنهوبة منذ ولدنا وحتى نموت؟
بطيئة ثورة الشباب اللبناني كلّ البطء، وما كان يجدر بها أن تكون كذلك أبداً. فلا اللقاءات الأسبوعية تلك التي نراها تتنقل، وتنقل معها روادها باتت كما كانت؛ فعّالة مجدية، ولا الإستمرار على هذه الوتيرة المتباعدة المتناثرة كسحاب الصيف أو أبعد باتت مرجوّة.
الأمل أكبر من ذلك بكثير بعد جدار تحطم. فللثوار الموقف، وللثوار الحق، وللثوار الشعار... ليس من المطلوب أبداً أن يعترف لهم المستفيدون من إبقاء الوضع على ما هو عليه، بأحقيتهم وأحقية مطالبهم، فأولئك كمبارك وزين العابدين... بل أسوأ، في كلّ زقاق حزبي طائفي أو لا طائفي حتى. وللثوار الكرامة والرأس المرفوع، من دون أن يخوضوا في كثير التباس يزيده بعض الأطراف التباساً، لمجرد ظهور تلفزيوني خائب، يحاول بث الفتنة، وضرب الثورة في مهدها، ولا يتورّع منظمّوه عن ادعاء الحياد! وما أشدّه افتراء على الحياد، وما أشدّها ثورة، حين تكون، عليهم قبل غيرهم من أقطاب الطائفية المتغلغلة يميناً ويساراً.
لهم الموقف والحق والشعار، ولهم الثورة؛ تلك التي ولدت من روح ثائرة تفاعلت مع محيطها واختارتها بديلاً عن خنوع أزلي. تلك الثورة التي ولدت من جيوب فارغة، وحقوق ضائعة، وتهديد يومي، ومستقبل مجهول... لكن بعزّة نفس كبيرة، ككلّ ثورة شعبية لم يخنقها الإنتهازيون بعد. ذلك ما يجب أن يتذكره الثوار دائماً، فالوقت لهم، على أن تمتلئ كلّ ثوانيه بالثورة التي لا بدّ أن تستمر وتنتصر عاجلاً، كي لا ينام الشعب مجدداً، لأكثر من ثلاثين عاماً، ويندب على أطلالها الزائلة.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تقارير: مقاتلو حماس أكثر مما توقعت إسرائيل.. والجيش يعلن تفك
.. الدفاع المدني في غزة: محيط مجمع الشفاء فيه مئات جثث الشهداء
.. قوات الفجر: ما هي وما علاقتها بحزب الله في لبنان؟| بي بي سي
.. هل تملك واشنطن الضغط على إسرائيل لتنفيذ قرار وقف إطلاق النار
.. شركة يابانية تعلن التوقف عن صنع حفاظات الأطفال وزيادة حفاظات