الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعوب العربية وتحقيق الذات المستقلة

غازي سلمان

2011 / 4 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


الشعوب العربية وتحقيق الذات المستقلة
آلت الفورات الجماهيرية التي حدثت في البلدان العربية الى الانقضاض على انظمة جمهورية شكلية , انظمةهي الأعتى تمسكا بالسلطة , والاكثرتوجسا وصيانية في مواجهة ردات فعل الجماهير المضادة لها, واغلظها عصا عاى رؤوس الجماهير .. تلك الفورات هي ثورات كانت مسبوقة باخرى متفاوتة القوة والتأثير وعلى مدى عقود من عمر المعايشة من الانظمة الحاكمة العتيقة , وهي مران للجماهير وصولا الى ساعة الحسم , فيما بقيت تلك الانظمة تتغافل عما يخبيء لها قدر الجماهير المرسوم بعناية والفائق الدقة في التنظيم والقوي اصرارا على المطاولة لكسب التغيير المنشود.
فأبت هذه الانظمة, والاخرى التي تنتظر مصيرها المحتوم بالزوال, أبت القيام بأية اصلاحات , سياسية , اجتماعية , دستورية , واقتصادية ,من شانها توسيع مساحة حرية الرأي, الحريات الفردية والسياسية , وما من شانه رفع المستويين الاقتصادي والمعاشي للفرد , المقدسين , لتأسيس لعيش كريم آمن . فازدادت الهوة إتساعا بين الحاكم والمحكوم . التي اصبحت الان من الصعوبة تجاوزها وردمها من قبل أحد الطرفين.
وقد عوّ لت الانظمة على جملة وقائع وفرضيات ونظريات في الحكم منها :
* مايتعلق بولاء الشعب المضمون لصالحها منذ عقود ولّت فهو مجموعة – أولاد طيببين – طائعين –
لازالو ا على تقديسهم للزعامة ولتاريخها العتيد في النضال ضد الاستعمار الاجنبي ولقيادتها لثورات ضد نظام حكم ملكي رجعي . وفضلها على الجماهير في توحيد البلاد والعباد.
* ما يتعلق بقوة قبضتها القابضة على السلطة من خلال قيادته للحزب الحاكم وتحويله من تنظيم جماهيري الى مؤسسة قامعة تضاف الى المؤسسات الامنية والعسكرية التي لايرقى الشك في ولائها وحمايتها للسلطة .
* ضمانتها لودّ الدول الكبرى ودعمها بسبب تقديم الانظمة لخدمات جليلة لمصالحها في المنطقة .
ولهذا فما كان من الانظمة الا الاتكاء على ذلك .. وهي تلوّح بشهاداتها التي حفظها الشعب لهم قبلا, منتهجة سياسة الاستقواء على الشعب الذي كان قد اودع ثقته كاملة اليها نتيجة لظروف مابعد نكسة 5 حزيران عام 1967معتبرا ان تلك الانظمة قد ولدت من رحم الهزيمة كردة فعل عليها وهي تستهل الولادة باناشيد ثورية وخطب حماسية وشعارات اشتراكية .. تحول الثوري هذا الى حاكم فرداني أوحد مزاوجا بين الولاء للوطن والولاء لشخصه كرمز .. هو الرمز حيث يجب ان تموت جميع الرموز , تاريخ حياته تاريخ الوطن .. وسحقا للزمن الذي لم يولد هو فيه,حامي الحمى , المنتصر حتى في هزائمه .
لابد له اذن , من الامساك بخناق الفرد كذات مستقلة فاعلة ليتخلى عنها لصالحه.. لابد من زيادة الافراد المنضوين تحت رعاية مدرسة الطاعة بالترغيب والترهيب.. بالامعان في اذلال الفرد لصياغته كموضوعة عاجزة. امام الحاكم الاله, ان الامعان في اذلال الفرد واستعباده هما وسيلتا الهيمنة , والهدف منها هو جعله يعاني, حيث لاتوجد قوة على شخص ما أقوى من بث الالم فيه لارغامه على على المعاناة دون ان يكون قادرا على الدفاع عن نفسه.. وذلك من خلال حرمانه من حقوقه الانسانية في العمل والتفكير المستقل والاستزادة من مناهل الثقافات .. مستغلة( السلطةُ ) العلاقات الاجتماعية غير التكافلية التي خلقتها سياساتها الاقتصادية حيث اصبحت تلك العلاقات تقوم على اساس عدم الاكتراث الانساني المتبادل بتدمير الافراد لبعضهم البعض اقتصاديا ونفسيا.. ليبقى الفرد الذي لايملك سوى قوة عمله , يشعر بالضآلة , فإن لم يكن لديه ما يملكه فكأنه ينقصه جزء هام من ذاته , وهو بدونه نكرة , ذاتٌ لا معنى لها فيضطر بالتالي الى النزوع الى سلطة اقوى .. سلطة ولي النعم , الاله , لتقديم فروض الخنوع ..
انه وهمٌ ذلك الشعور بالتفوق والقوة على شعب ما عبر الاستقواء عليه وليس به, ومحاولة الامساك بناصية قدره وتوجيهه وتحييده الى ما لانهاية.
ان امتلاك القوة بغية السيطرة على ذات ما او شعب , بهدف السيطرة عليه مع مزاوجتها بالواجب المقدس للطاعة والحب وإملاءات الضمير والوطنية كاقنعة وهي هشة بالتاكيد .. للسيطرة والاخضاع إنما هي دليل على ذلك الوهم بما تتميز به تلك الشخصية الميالة للتسلط بعدم التوافق والتصالح مع متغيرات العصر وتطور الوعي الجمعي للشعب باتجاه امتلاك ناصية ذاته بمعزل عن قوة التسلط التي تفتك بمقدراته وتعطل فاعلية الفرد.
الا ان امتلاك شخص ما القوة من اجل فعل ما بهدف القدرة على ان يكون فعالا بعيدا عن النزوع للتسلط وإذلال الاخرانما يعطي سمة السيادة بمعنى الاقتدار على تحقيق الطموح على اساس حرية وتكامل ذاته , فلا يكون بحاجة الى الهيمنة وينقصه النزوع الى القوة التي هي عكس امتلاكها بغية اذلال الاخرين واخضاعهم.
(( ليست الشهوة للقوة كامنة في الاقتدار , بل في الضعف, انها تعبير عن عجز النفس الفردية عن ان تطيق الوحدة , وتظلّ حية,انها المحاولة اليائسة لكسب اقتدار ثانوي , حيث ينقص الاقتدار الاصيل.))- اريك فروم _الهروب من الحرية ترجمة مجاهد عبد المنعم مجاهد .1972
ان الاحتجاج الانساني يصبح اكثر قوة كلما امعنت السطة في الإطباق على حرية الفرد وعلى تطلعاته , وكلما تعمدت الاهمال والاغفال في تحقيق الرفاهية المادية والمعنوية , ويتخذ الاحتجاج اشكالا شتى , سلمية او مسلحة , متساوقة مع استجابة السلطة لتطلع الشعب وردة الفعل الغبية في التصدي لها.ولهذا فان وعي الفرد العربي, ما بقي طويلا ولن يبقى اكثر مستسلما لسلطة ما, مهما بدت اكثر قوة حين فورة الاحتجاج . فالانفتاح القسري للسلطة --_وان كان مقيدا _ على منجزات الثورة المعلوماتية في الاتصال واختزال عامل الزمن والجغرافيا .. وسرعة الاستزادة من المعلومة ومنجز الثقافة الانسانية الحقيقية في ترسيخ حق الفرد في العمل والتفكير , مع تاثير النخب الثقافية المحلية,, ادى الى عدم الانتظار طويلا في طوابيراستجداء الحقوق على ابواب السلطة.. وقد نزحت الشعوب اذن من شاسعات الاخضاع والذل , وظلال الرموزالعتيقة الواهنة الفيء. مكتشفة ذاتها الخلاقة .
اكتشف كل شعب اليوم الحاجة الى ضرورة التكافل والتعاضد كعنصري قوة فاعلة غير متسيدة على الاخر من اجل اعادة بناء الفرد والمجتمع وصولا الى تحقيق حد اعلى بالتالي من الكرامة الانسانية وصيانة الحريات الفردية وان ذلك سيتطلب نضال اجيال , مكفولا بدستور منتخب يلبي الحد الاعلى من حاجات الانسان وتطلعاته. وقدسيته كفرد...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد