الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غناء لقمر بعيد -1-

غريب عسقلاني

2011 / 4 / 2
الادب والفن


غناء لقمر بعيد -1-
غريب عسقلاني قصة قصيرة

والقطا لا ينام..


طيرتُ قلبي على جناح طائر الشوق, لعله يقرأ على تضاريس وجهكِ عذاب الغياب, وطائري يقيس المسافات والمواقيت بنبض القلب ورجفات العروق في البدن, فالمسافة بيننا بحر شوق بين مدينتين مصلوبتين على سفود الوقت هنا وهناك..
رجع طائري مع نوة الريح ينزف دمعا:
- يقف طائر القطا عاريا, يحرس أمنية امرأة ألقت بحجر أمنيتها في المغارة عندما مرت من هناك..
قلت واللهفة تسبقني:
- ومتى يعود القطا؟
- في فصل عودة الريش!!
هتفتُ من جرح قديم:
- وهل يعود الذي كان؟!
وأخذت استعيد بوح امرأة حملته الريح ذات فجر إلى نافذتي:
"لم أكن أنا أعلى الجبل, كنت في القاع أرقد بين هذيان العابرين, يفتحون لي صدورهم..أسمع بكائهم" *
سأل الطائر على خبث مناور:
- هل تعرفها يا صاحبي؟!
- هل نسيت العاشقة يا نورس الوقت الجميل!!
ضحك النورس, ورشقني في صدري بريشة من ريش إبطه, وركب موج الريح وطار..
صارت الريشة بساطا من بياض مطرز بالقرنفل والأقحوان, وتغمس الهواء برائحة طلع النخل في موسم الرغبات.. يا ألهي.. صارت الريشة مدينة يجري فيها نهرين, ترقص على الضفاف غانيات ولهات حتى مطلع الفجر.. وهناك كانت امرأة تتدثر بعباءة من مخمل ليل مطرزة بنجوم غافيات على خد القمر, تقف بثبات أميرة, واجمة أمام بوابة موصدة عند ناصية الغياب.. تردد شيئا من هذيان أشبه بالنواح:
"أسبّح باسمكِ.. يا مدينة من بياض/ أركع لألوان طيف تتعمّد بزلال نهريك.. لمَ تفترشين سراب الرؤى ؟
شمسكِ آلهة تموز/قيظكِ هجوعي الأثير/لكِ اخضرار ربيعين وإرث إحدى الجنتين"
***
بين البياض والسواد, والوقت بين أفول ليل وبزوغ فجر, وقف النورس على نافذتي:
- ماذا تحمل يا طائر الشوق!
- بعض رجفات من قلب القطا
- هل اكتسى القطا بالريش؟
- يخشى ركوب الريح.. الصيادون كثر ينتشرون في المدينة, حمَّلني ريشة من صدره كتب عليها رسالة..
طار النورس وبقيت مع الحلم وحدي أرهف السمع لها تغني للبعيد..
"بيننا...كم رعشة شوق وألم وشرود؟
كلما كفكفت اشتياقي..وهنئتُ بخواء" يضربني رعد بليد"
وسمعتها في الحلم تشكو همها للريح
" الجليد يخنق شرفاتي.. والطيور تهاجر عني في كل الاتجاهات"
هتفتُ:
- ما سر القطا يا أميرة؟!
- هو حارس الأمنيات القتيلة, في وفت بات فيه النصر بدعة خاسرة..
- لكن القطا لا ينام طوال الرحلة يا أميرة..
وصحوت على رجفة بدن..
كان النورس يرقص ويتغذى على نوار قرنفل تفتح للتو, ويغني:
- طار القطا وانفتحت بوابات المدينة, هلا نظرت في مرآة الوقت؟ يا صاحبيّّّ!!
ورأيت امرأة عينيها باتساع بحرين من ليل تزنرت بجديلتين من نوار اللوز تتلو عند عتبة الطقس شعيرة دخول المدينة..
"ازرعيني عشبا يورق في مسلات حكمتك, ما بين بداية وعودة اليكِ, سيخوض التاريخ أسفارا.. يفتشُ عن إكسير عشقك" *
وغفوت والسؤال ما زال يسري في دمي
" ما الذي بين القطا وطائري الجميل!!"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز.. ما الرواية الإيرانية؟


.. عاجل.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدنى عن عمر يناهز 81 عاما




.. وداعا العمدة.. رحيل الفنان القدير صلاح السعدنى


.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدني عن عمر يناهز 81 عامًا




.. المتحدة للخدمات الإعلامية تنعى الفنان الكبير صلاح السعدني