الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إمي .. هل نحن سُنّة أم شيعة ؟ - قصة قصيرة

نضال فاضل كاني

2011 / 4 / 10
الادب والفن


- أمي هل نحن سُنّة أم شيعة؟
التفت الام الى ولدها وكانت تقف قرب باب الثلاجة تريد فتحها لترى ما تبقى فيها من طعام وهل يكفي لإعداد وجبة العشاء ام عليها أن تخسر بعض النقود الأخرى.. لم تستغرق الام الا ثوان قليلة لتدرك سبب طرح ابن الخامسة مثل هذا السؤال. سؤال كان في زمن قد ولى ومضى، لا يتجرأ على الجهر به أحد الا في غياهب ظلامات تسكنها اشباح الماضي المريض.
- نحن اسلام يا ولدي، ليس هذه ولا تلك.
- فهمت يا امي، ولكن مالي لا اراك وابي تجهزون ما يلزمنا للسفر؟
عادت الام والتفت الى ولدها بعد ان تأكدت بأنها يجب ان تنفق مالا يعز عليها انفاقه ، وقال: ماذا فهمت؟ وعن أي سفر تتحدث؟
تعجب الغلام وقال: ألن نسافر؟ كيف ذلك؟ نحن لسنا سُنّة ولا نحن شيعة ولن نسافر، كيف ذلك يا أمي؟ قبل قليل فهمت كل شيء والآن انا بلا شيء؟
قال الام: اذا كنت في هذه السن وقد مَسكَ النَصب ، فما نقول نحن وقد شاخت في هياكلنا البلايا والكُرَب؟
امسكت الام بيد صغيرها ، انحنت عليه كما تنحني سنابل الحنطة حين تلاطفها رياح الربيع، احتضنته بحنان أم سمع قلبها هلع روح صغيرها حين يضل طريقه في طنه، وتصبح كل الاماكن عنده صحراء قاحلة بلا ماء ولا شجر ولا حتى ادنى أثر. كأنها ارادت ان تسمعه نبضات ذلك القلب الذي كان ينام على دقات أمانه قبل ان يستيقظ في بلد بات فيه الامان مهاجرا يوما هنا ويوما هناك..
- قالت بصمت، وقد اغرورقت عيناها بماء البحر: ولدي، ماذا فعلوا بك؟
هل خطت الاقلام الظلماء كلماتها القاسية في سماء براءتك فشوهتها بدخانها الاسود؟
ليتك لم تخرج من بطني، ليتك لم تخرج من داري، ليتك بقيت ساكنا في سبات حتى يطلع الفجر الصادق، ولكن أنى لك ذلك.
- أي أمي، لِمَ تقولين هذا، لِمَ انت مهمومة؟ زمن الهم مات..
تفرست الام برفق في ملامح وجهه ابنها الوضاءة وكأنها تريد ان تعرف ماذا يعرف ولا تعرف..
- قال بسرعة وكأنه قد تلقن الدرس عن ظهر قلب: لقد رأتني الاشباح في جهة شارعنا الشرقي فقالوا لي: ان لم تكونوا معنا فهنيئا لكم الهجرة الى هناك، فلما ذهبت الى جهة الشارع الغربي قالت لي الأخريات: ان لم تكونوا معنا فمبارك لكم الرحيل الى هنالك.. ثم قطع كلامه وكأنه قد انتبه من لحظات غسيل دماغ وقال: أمي .. اين تقع هناك واين تقع هنالك؟
لم تتمالك الام نفسها هطلت دموعها غزيرو كالمزن المنهمر ، وامسكت بكتفي ابنها بثبات ، وقالت بثقة اللبوة حين تتحفز لحماية عرينها: بني لا تصدق بوجود هناك او هنالك، لا تصدق حديث الاشباح لأنها بلا ارواح، ومن فارقته الروح هالك لا مالك .. بني احفظها عني ما حييت ابدا ، لا يوجد الا هنا هل فهمت لا يوجد الا هنا ، نحن اسلام ولن نكون هناك او هنالك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إمي .. هل نحن سُنّة أم شيعة
رائد فاضل ( 2011 / 4 / 14 - 09:07 )
التفاتة جميلة اتمنى ان تقرئها كل ام لتربي ابنائها على هذا الفكر

اخر الافلام

.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر


.. فتاة السيرك تروى لحظات الرعـــب أثناء سقوطها و هى تؤدى فقرته




.. بشرى من مهرجان مالمو للسينما العربية بعد تكريم خيري بشارة: ع


.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 22 أبريل 202




.. عوام في بحر الكلام - لقاء مع ليالي ابنة الشاعر الغنائي محمد