الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الكفّ التي تعرفه
ضياء حميو
2011 / 4 / 14الادب والفن
لم ينتبه لهشاشة جنحه الا حينما قارب كبد السماء عاليا ،في المسافة مابين السماء والإلتصاق بالارض ، عبّ ملء الصدر هواء عسى ان يأخر السقوط..!
كان يعلم ان الوصول الى الارض هو الصمت..!!
لكنه في طريق السماء الارض، ظل يحلم ان لايكون السقوط قاسيا
"يارب رفقا بي" فقط ....ضربة واحدة وصمت..!
من يدري..! لعل يدا تتلقفه وترفق به ،تحميه من الصمت المدوي.
كف تحمله برفق تدهن الجنح بالزيت وتصنع له جبيرة من العجين، تطعمه حبتي قمح وتسقيه قطرتي مطر.
تمر على الزغب تستنهضه النمو:" لاتخف، ستخفق ثانية عاليا ،هذه المرة بلاجنح واهن، لن يرافقك احد..ستكون قويا حين تترك اخطاءك وذاكرتك في الارض..لاتحمل اكثر من ذكرى ضحكات من أحببت".
في الطريق الى الارض والصمت ، او ربما الى الكف وجبيرة الزيت والعجين، مرت الطفولة ضاحكة....!
أطفال القرية والأرجل حفاة، النخيل وموسم اللقاح والقطاف.
أرجل صغيرة حافية تتراكض وراء غبار شركة "يونانية" تشق ماكاناتها العملاقة الأرض والمبازل.
في الطريق الى الصمت، صار الهواء أدفأ، حاول ان يخفق بالجنح السليم عسى ان يسرق وقتا من السقوط الوشيك ، دار سريعا فاقدا بضع ريشات من جنحه الواهن ، افرد ذيله للتوازن والسقوط الحر..!
مر حماره يكبو وهو يمتطيه في يوم ممطر، كلاب غريبة تنبح من بعيد تستفز اذني حماره الطويلتين ، اللتين مالبثتا ان انسدلتا بلا مبالاة ثانية..!
أطفال المدينة يسخرون من حرف الجيم بلهجته القروية، نصف "صمونة" وسندويج "الحمص" بعشرة فلوس ،وعشرة أخرى لصاحب " الخان " يأوي حماره ويعلفه،دقائق هي، وسيخرج من حدود المدينة التي تتباهى بانها تبيع كل شيء،دقائق وسينزع جواربه وحذاء المدينة والمدرسة ،وينشر أصابعه الصغيرة في الهواء الطلق كما اعتادتا، أطرق بوجوم حين تذكر تهكم الاستاذ والطلبه منه بعد ان أصر ان مثال حرف الحاء هو في كلمة "حمار" وجارتهم "حمزية" أوضح منه من كلمة "حموله" ..!.
لِم وهِن الجنحُ الآن..!؟
ضربة الحظ السيء ،أم ضربة العمر ومن تحب.!؟
أي ارض تلك التي تسقط فيها.!؟
بل أي أكف ستتلقفك.!؟
حدّق بعيدا من الاعلى بعيدا صوب الارض
عله يرى كفين كالعصفورين يعرفها متأهبتين لانتشاله
تراءتا له تنشران أصابعها ،أغصانها العشر
وصدرا نافر يتحفز لالتقاطه.
يحاول ان يحافظ على توازنه كي لايخطئها ،يخفق الجنح الواهن ويتحرك الذيل ، يحاول ان يستعيد شيئا من قوته ، يفقد ريشا أكثر ....!
يسقط..!!
يحس بألم ويغيب عن الوعي
" هل متُ..!؟"
تقول له وقد ندّت وجنتيها دمعتان :"كلا ياعمري ،أنت هنا بين كفيّ بأمان ،كنت أنتظرك..!
لاتخف ، لقد انتهت الرحلة ..أنا أعرفك.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - السيد ضياء حميو المحترم
ليندا كبرييل
(
2011 / 4 / 17 - 04:00
)
وأنا أقرأ مقطوعتك الفنية المؤثرة هذه كان وجه شهيد من بلدي يموت بين ذراعي صديقه ويحاول الآخرون إسعافه من ضربات الهمج البوليسي يلحّ بقوة علي ، وجه مضرج بالدماء ، كم مرة أعدتُ رؤية الفيديو لأرى عينيه في لحظاتها الأخيرة ، لعل صورة أحبائه تتراءى له ، ولأراه كيف يعب صدره بالهواء جاهداً أن يؤخر السقوط لعله يتمكن من الصرخة الأخيرة أو ليتذكر لقطة ضاحكة سعيدة ، الثواني قبل انقطاع الفيديو : صوت صديقه يقول شد حيلك لا تخفْ ستقوم ، نظر إليه الشهيد وهو يتألم ثم غاب الأسود وحل بياض العين مكانه ، هذا ما تراءى لي وأنا أقرأ مقطوعتك الفنية . تعرفت على وجه فني آخر لحضرتك أرجو أن أقرأ لك في الأدب كثيراً وشكراً لهذه اللقطة المؤثرة
.. فودكاست الميادين| مع الممثل والكاتب والمخرج اللبناني رودني ح
.. كسرة أدهم الشاعر بعد ما فقد أعز أصحابه?? #مليحة
.. أدهم الشاعر يودع زمايله الشهداء في حادث هجوم معبر السلوم الب
.. بعد إيقافه قرر يتفرغ للتمثيل كزبرة يدخل عالم التمثيل بفيلم
.. حديث السوشال | الفنانة -نجوى كرم- تثير الجدل برؤيتها المسيح