الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في انتظار غودو

رائد الدبس

2011 / 4 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


في انتظار غودو.../رائد الدبس.

الصورة الأولى. أستاذ جامعي (أوروبي أو أمريكي) يخاطب رئيسه قائلا : سيدي الرئيس، بعد انقضاء أربع سنوات على انتخابك وإدارتك لشؤون بلادنا، أستطيع القول بأن سياساتك لم تعجبني ولن أنتخبك لولاية رئاسية ثانية، وسأحاول إقناع طلابي وزملائي بذلك أيضا. يعقد الرئيس اجتماعا لمستشاريه ويقول لهم : حسب ما أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة، فإن ما قالهُ هذا الأستاذ الجامعي يمثل شريحة من الجمهور الناشط سياسياً والمعارض لسياسة إدارتنا.. وعليه فإنني أجد نفسي أمام خيارين لا ثالث لهما، إمّا عدم الترشح لولاية رئاسية ثانية، أو إحداث تغيير جذري في السياسات وفقاً لما يريده المعارضون.

الصورة الثانية. رجل الأمن يخاطب أستاذاً جامعياً في بلد عربي: نحن احترمناك يا أستاذ، ووافقنا على توظيفك في الجامعة رغم أنك لست عضواً في حزبنا القائد للدولة والمجتمع. لكنك تؤيد تظاهرات الطلبة وتقول لهم كلاما كثيراً عن الحرية والديمقراطية وتداول السلطة.. يسأله الأستاذ: وماذا أقول لطلابي إذا كنت أدرسهم العلوم السياسية؟
رجل الأمن: قُل لهم أن بلادنا تتعرض لمؤامرة خارجية لأننا في حالة مواجهة. قل لهم أن يحترموا القانون والنظام. ولا تقل لهم كلاماً يضعف الشعور الوطني والقومي.
الأستاذ: لكن الحرية والديمقراطية تقوي الشعور القومي وتدعم حالة المواجهة وتقطع الطريق على المؤامرة الخارجية، كما أنها تعزز سيادة القانون والنظام.
رجل الأمن: يبدو أنك لم تفهم شيئاً. نحن لسنا بحاجة لعلومك السياسية النظرية التافهة.

الصورة الثالثة. يردد الأستاذ الجامعي مقولة مونتيسكيو أن السلطة مَفْسَدة مُفسِدة، ومقولة فولتير أن لا شيء يسوق الناس إلى الحرية مثل الطغيان. ويتساءل: هل يستقوي الاستبداد على مواجهة أحد غير شعبه؟ ويقرأ بعض قصائد لوركا ونزار قباني والسيّاب والشابّي، وما قاله محمود درويش على لسان أستاذ جامعي طردهُ الاستبداد الظلامي: "لا أستطيع الدفاع عن حقي بالعمل ماسحَ أحذية .. وما دمنا لا نعرف الفرق بين الجامع والجامعة، لأنهما من جذر لغوي واحد، فما حاجتنا للدولة" ؟

الصورة الرابعة. إعلامي عربي يهاجم حكما مستبداً في بلد عربي ما، ويدافع عن استبداد آخر، بدعوى تبنّي هذا الآخر لشعارات المواجهة والممانعة. فالاستبداد من وجهة نظره نوعان: واحدٌ مقبولٌ ومحمود، وآخر مرفوضٌ ومذموم. وفي المشهد الآخر، شعوب تثور على كل أنواع الاستبداد المنبطح والممانع والظلامي على حد سواء.. لأنها أدركت أن الاستبداد بكل أنواعه المنبطحة و"الثورية" والظلامية، يتحالف ويتآلف. وينطبق على الشعوب قول الشاعر: حبيبتي تنهض من نومها.

الصورة الخامسة. كعادتها الدائمة، تستغل إسرائيل انشغال العالم العربي وتنفّذ المزيد من مخططاتها، مثلما استغلت ضعفه وفُرقته وهيمنة أنظمة الاستبداد عليه خلال العقود الستة الماضية. وبرغم انزعاجها الشديد من سقوط تلك الأنظمة كأحجار الدومينو ، إلا أنها تبدو مستعدةً لاستغلال انشغال العالم العربي بإعادة تنظيم وترتيب أوضاعه الداخلية، حتى إشعار آخر.

الصورة السادسة. يحتفل الروس في هذه الأيام، بالذكرى الخمسين لخروجهم إلى الفضاء. نحن العرب، وبعد أكثر أو أقل من خمسين عاماً من الحصول على دول "الاستقلال الوطني"، لا نحلم أكثر من الخروج من "زنقات" هذا الاستبداد والتخلف والعهر السياسي، زنقة زنقة.. من زنقات كامب ديفيد إلى زنقات عقيد ليبيا أو اليمن، مروراً بزنقات استبداد "الممانعة والمواجهة"، وصولا الى زنقات العنف الظلامي المجرم الذي لا يجيد شيئا سوى القتل والترويع والتكفير . أما فلسطين التي نشأت كل تلك الصور فوق جراح نكبتها وكفاحها الطويل، فهي تنتظر الخروج من كل هذه الزنقات بكل ما أوتيَتْ من شغف المُحِبّ، وتستمع لصرخات الضحايا وهم يقولون كلاماً مُحقّاً ومؤلماً، بأن الغريبَ يُظهر رأفةً ورحمةً بهم أكثر من الحكام المستبدين، وتتذكر ما قاله شاعرها محمود درويش: هل كلما ابتسم الغريبُ لنا وحيّانا ذبحنا للغريبِ غزالةً؟ وتحترفُ الانتظار.. انتظارَ غودو .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يوقع حزم المساعدات الخارجية.. فهل ستمثل دفعة سياسية له


.. شهيد برصاص الاحتلال الإسرائيلي بعد اقتحامها مدينة رام الله ف




.. بايدن يسخر من ترمب ومن -صبغ شعره- خلال حفل انتخابي


.. أب يبكي بحرقة في وداع طفلته التي قتلها القصف الإسرائيلي




.. -الأسوأ في العالم-.. مرض مهاجم أتليتيكو مدريد ألفارو موراتا