الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرئيس الراحل ياسر عرفات ... زعيم ثورة وقائد دولة

ياسر قطيشات
باحث وخبير في السياسة والعلاقات الدولية

(Yasser Qtaishat)

2011 / 4 / 17
سيرة ذاتية


"رحلت عنا وبقى رمزك المغوار ... رحلت ولم ترحـل يا أبا الثوار"
بهذه الكلمات المؤثرة ودّع الشعب الفلسطيني والعربي وشعوب العالم اجمع على اختلاف مشاربها وأطيافها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (أبو عمار) زعيم الثورة الفلسطينية الأشهر في التاريخ العربي الحديث ورمز النضال والكفاح ضد الاحتلال لأكثر من أربعة عقود، فكان "مهاتما العرب" تيمنا بزعيم الثورة الهندية "المهاتما غاندي".
وبزيه الزيتي القاتم وكوفيته الفلسطينية التي ظهر بها في كل المحافل العربية والدولية والعالمية، وبشخصيته الكاريزمية الفريدة في طرازها، شكل الزعيم ياسر عرفات الذي كان أول رئيس منتخب للسلطة الفلسطينية وقائد الدولة الفلسطينية، وأول زعيم ثورة تقودها منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح، رمزا للنضال الفلسطيني منذ أكثر من أربعة عقود. وبرهن على قدرة زعامة غير عادية للخروج من أشد الأوضاع خطورة، لأنه الجبل لا تهزه الرياح، والزعيم الذي أعلنها صراحة للقاصي قبل الداني "سأموت شهيداً .. شهيداً ، هذا دربي واختياري منذ عقود طويلة".
وبعد رحيله ، ظل الرئيس عرفات في عيون شعبه الأب الذي قضى حياته كلها في سبيل الدفاع عن الشعب الفلسطيني وحقوقه ونيل الاستقلال على ترابه الوطني، فكان يُعامل أبناء شعبه معاملة أبوية، فسمّي "أبو الشعب الفلسطيني" و"أبو الثوار"، ما أكسبه صفة الزعامة والقيادة للشعب الفلسطيني في مرحلة مبكرة سبقت قيام السلطة الوطنية الفلسطينية بسنوات طويلة، وحتى عندما بدت عليه علائم الكبر في السن أطلق عليه الفلسطينيون لقب "الختيار"، فكان بذلك "الرمز والقدوة" .
رمزاً موحدا للقضية الفلسطينية، لما يتمتع به من كاريزما قيادية جذابة وشخصية تبهر كل من يتعرف عليه من قريب أو بعيد، فحيثما يُذكر "ياسر عرفات" تُذكر معه القضية الفلسطينية؛ وقدوة للزعامة الفلسطينية التي سطّرت مسيرة شعب خاض النضال لعقود طويلة، فحمل السلاح وقت الحرب والثورة، ورفع غصن الزيتون دفاعا عن السلام وإقامة الدولة، فكان بحق زعيما متفردا في صفاته القيادية والانسانية: يلاطف الأطفال بحنان "الأبوة الجارف" ويقبّل أيادي الصغار والكبار لمواساتهم في كربهم، ويطبع قبلة دمع على جبين الشهداء والثوّار، ويحوز على شعبية جارفة داخل وخارج حدود وطنه الحلم. فهذا القائد -بلا شك- هو زعيم الثورة "الجبل" الذي لم تهزه الرياح، وقائد الدولة "البطل" الذي لم ينحني إلا لله سبحانه وتعالى .
مولده ونشاته :
أُشتهر باسم "ياسر عرفات"، واسمه الحقيقي هو: محمد عبد الرحمن عبد الرءوف القدوة الحسيني، واتخذ اسم "ياسر" وكنية "أبو عمار"، أثناء دراسته في كلية الهندسة بجامعة القاهرة، إحياءً لذكرى مناضل فلسطيني قتل وهو يكافح الانتداب البريطاني.
كانت ظروف النشأة الاولى هي التي شكّلت الصفت العامة لشخصيته وأكسبته ميزات خاصة وصبغته بالقدرة المتميزة التي جعلت منه مفجّر ثورة الشعب الفلسطيني ومؤسس الكيان الوطني الفلسطيني، وقائد ثورة اللاجئين الذين كادت قضيتهم أن تضيع "لولا ذلك الجهد الهائل والنضال المتراكم لمئات الآلاف ممن قادهم ياسر عرفات في معركة إثبات الوجود ونفي النفي وفي معركة تكريس حقيقة وجود الشعب الفلسطيني ومنع اندثار قضيته أو تبعثرها".
ولد "محمد ياسر" أو "ياسر عرفات" في مدينة القدس في اغسطس 1929م، وكان ترتيبه السادس في أسرته، فوالده هو عبد الرؤوف داوود عرفات القدوة الحسيني، كان يعمل في التجارة متنقلاً بين القدس التي كان يمتلك فيها متجراً للحبوب وغزة والقاهرة، والأم زهوة خليل أبو السعود، كانت تقيم مع زوجها في القاهرة وتزور القدس في كل عام، خاصة في فترات الولادة جرياً على عادة العائلات في ذلك الوقت، في ظل هذه الأجواء الأسرية الحميمة ولد ياسر عرفات في زاوية آل أبو السعود في الجهة الجنوبية الغربية من الحرم القدسي الشريف.
وترعرع ياسر عرفات في كنف والديه متنقلا بين القدس والقاهرة بسبب عمل والده بالتجارة، وكانت والدته تتردد كثيراً على القدس، ومعها ياسر، حتى وفاتها عام 1933م بمرض في الكلى، وياسر ما زال دون الرابعة من عمره.
بعد وفاة "زهوة" والدته، لم يكن من مفر لدى والده سوى ان يوافق على طلب شقيق زوجته "سليم" من بقاء ياسر وأخوه الأصغر فتحي لدى خالهما سليم أبو السعود في القدس، ولان خالهما سليم وزوجته لم يرزقا بالأطفال، فقد احاطا اليتيمين بالحب والرعاية لمدة أربع سنوات متتالية، وكانت حياتهما هناك محاطة باجواء الصراع والاحتلال والمقاومة، ففي نفس العام الذي ولد فيه ياسر عرفات قامت ثورة البراق عام 1929م، وفي عام 1936 بدأت ارهاصات الثورة الفلسطينية الثانية، فعاش ياسر طفولته المبكرة ليشهد تلك الأحداث ما أثرت عليه كثيراً، حتى كانت العابه المفضلة هي حمل البندقية الخشبية والقتال .
وفي عام 1937م إنتقل ياسر عرفات ليعيش في كنف والده في القاهرة، وكان الأب يصحب معه في بعض سفراته إلى غزة والقاهرة. وفي القاهرة درس وأنهى تعليمه الأساسي والمتوسط، حيث اكتسب في تلك الفترة لهجته المصرية التي لم تفارقه طوال حياته. وفي سنوان صباة تردد على بعض المنفيين الفلسطينيين، وأصبح مقرباً من أوساط المفتي أمين الحسيني الذي كان منفياً في القاهرة، كما تعرف في تلك الفترة على عبد القادر الحسيني.
الوعي السياسي المبكر:
وحينما بلغ سن السابعة عشرة قرر الدراسة في جامعة الملك فؤاد -جامعة القاهرة حالياً- فدرس الهندسة المدنية، وفي تلك الحقبة نشات في الجامعة تنظيمات إسلامية وفلسطينية كان أشهرها "الإخوان المسلمون". بدأ عرفات حياته السياسية مبكرا حينما شارك في عام 1952م عندما كان طالبا في تأسيس اتحاد طلبة فلسطين في مصر، وقد تولى رئاسة رابطة الخريجين الفلسطينيين بعد نجاح ثورة يوليو بقيادة جمال عبد الناصر في الاستيلاء على السلطة.
لتشكل هذه الرابطة النواة والبؤرة الأولى "للطلبة الفلسطينيين" على مستوى العالم، التي كانت أول هيئة فلسطينية منتخبة على مستوى الشعب الفلسطيني منذ النكبة عام 1948م، وحملت علم وهموم الشعب الفلسطيني إلى الدنيا بأسرها وقاتلت كل مشاريع التوطين والاحتلال. وخلال تلك الفترة ظهرت مواهب القائد عرفات -رغم صغر سنه- كناشط وزعيم سياسي.
وبعد تلقيه التدريب العسكري اللازم من قبل "جيش الجهاد المقدس "بقيادة القائد الشهيد عبد القادر الحسيني بعد التحاقه بقوات الثورة في العام 1948م، خاض عرفات معارك عسكرية وكان مقاتلاً شرساً وأسندت إليه مهمة الإمداد والتزويد بالأسلحة سراً من مصر وتهريبها عبر رفح للثوار في فلسطين.
وفي عام 1952 لم يثنه التعليم الجامعي عن ترك مقاعد الدراسة والتوجه لقناة السويس المحتلة، لقتال قوات الجيش البريطاني مع إخوانه من الفدائيين المصريين، إيماناً وقناعة بأن أرض العروبة –وحدة لا تتجزأ، كما شارك للمرة الثانية متطوعاً في "حرب الفدائيين" عام 1953 في قناة السويس.
وتذكر بعض الروايات أن عرفات قد أرسل في عام 1953م رسالة للواء محمد نجيب أول رئيس لمصر عقب قيام ثورة يوليو 1952م قيل أنه كتبها بدمه- ولم تحمل سوى ثلاث كلمات فقط هي "لا تنس فلسطين".
وفي حرب 1956م تجنّد لفترة قصيرة في الوحدة الفلسطينية العاملة ضمن القوات المسلحة المصرية برتبة رقيب، ثم مُنح عرفات رتبة ملازم في الجيش المصري. وبعد تسريحه هاجر إلى الكويت حيث عمل هناك كمهندس، وبدأ في مزاولة بعض الأعمال التجارية.
حركة فتح وقيادة الثورة الفلسطينية:
بعد أن غادر عرفات للعمل مهندساً في الكويت، أسس شركة مقاولات، وهناك كانت الانعطافة الأهم في حياته، تلك الانعطافة التي صنعت تاريخا حديثا وجديدا لفلسطين وللأمة العربية بأسرها، حيث أسس ومجموعة من أصدقائة (خليل الوزير وصلاح خلف وخالد الحسن وفاروق القدومي) في خريف 1957م "حركة التحرير الوطني الفلسطيني" فتح" التي كانت أول تنظيم سياسي كفاحي مسلح باسم الشعب الفلسطيني يتأسس بعد نكبة عام 1948م، وتسمية أعضاء "اللجنة المركزية" من مؤسسي فتح، وترأس عرفات قيادة الحركة.
اعتمدت الحركة في بداية انطلاقها على تمويل نشاطاتها من مقتطعات رواتب المغتربين الفلسطينيين، وحاول الرئيس عرفات جمع عدد من البنادق من مخلفات الحرب العالمية الثانية لدعم المقاومة المسلحة، وفي هذه الأثناء وتحديداً عام 1964م أُنشأت حركة فتح "منظمة التحرير الفلسطينية" برئاسة أحمد الشقيري، لتكون القناة السياسية والقانونية الرسمية لتواصل قادة الشعب الفلسطيني مع العالم الخارجي.
ونجح عرفات في نزع اعتراف واستقلال غالبية الدول العربية ودول العالم تدريجيا بالمنظمة، خاصة بعد ان حصلت على اعتراف عربي رسمي بوصفها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني ، وآثرعرفات اتباع سياسة استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، حتى لا تصبح المنظمة مظلة لدول او جهات خارجية او منقسمة على نفسها، فأرسى الراحل عرفات مع قيادات حركة فتح سياسة تعتمد على البدء بالمقاومة المسلحة ضد الاحتلال، وفي نفس الوقت قام بتجنيد الرأي العام العربي لصالح القضية الفلسطينية.
كما بعث روح الكفاح والمقاومة والاعتماد على الذات بين صفوف الشعب الفلسطيني، فنقل طموحات واحلام الشعب الفلسطيني من نفق الظلام والتجاهل الدولي الى نور الحقيقة وجسر الواقع والاعتراف، وكان لهذه السياسة تاثير كبير على وعي الشعب الفلسطيني وتشكيل هويته الوطنية المستقلة.
وفي عام 1965م بدأت العمليات المسلحة لحركة فتح، حيث تمت محاولة تفجير نفق عيلبون. فكانت الانطلاقة لتفجير ثورة الشعب الفلسطيني والتحرير واصدار أول بيان للحركة يعلن "ثورة أبناء المخيمات، ثورة اللاجئين، ثورة تحمل رايات التحرير والعودة لتقضي على التشرد والشتات، ويقود مسيرة الفعل الميداني".
وعلى إثر نتائج حرب 1967م، ترسخت القناعة في ذهنية الرئيس ياسر عرفات ومعه الشعب الفلسطيني في الشتات، ان الاعتماد على الذات هو الطريق لتحرير الأرض، فقرر بدأ المقاومة من داخل أراضي فلسطين، ونجح في التسلل عبر الأراضي الأردنية إلى الأراضي المحتلة بعد اسبوع واحد من حرب 1967م، حيث قام بالاتصال برجال المقاومة وحاول ترتيب أوضاعها ، واستمر ذلك مدة أربعة أشهر.
وبدأ نجم عرفات في البزوغ كزعيم سياسي فلسطيني ثائر بعد قدومه الى الأردن، ثم لمع نجمه أكثر كقائد عسكري ميداني بعد خوضه معركة الكرامة الأردنية عام 1968م الى جانب الجيش الأردني، حيث أظهرت المقاومة الفلسطينية بقيادة الزعيم عرفات بطولة خارقة في المعركة ، وألحقت بقوات الاحتلال خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، وكان لهذه المعركة، تأثير كبير على الشارع الفلسطيني والعربي خصوصاً وأنها حدثت في أعقاب هزيمة حرب عام 1967م، حيث ارتفعت المعنويات الفلسطينية والعربية ، واحيت الأمل لدى الفلسطينيين في التحرير والعودة بتصميمهم على الكفاح المسلح من اجل ذلك.
ونتيجة لهذا الدور البارز، انتخب عرفات في عام 1969م رئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية أثناء انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في القاهرة واستمر الزعيم بالعمل على تنظيم واستقطاب المزيد من الكوادر، القادرة على رفع راية الاستقلال والدولة المستقبلية، ما شكل في خطاباته بعثا جديدا للشعب ورسم ملامح الهوية النضالية الفلسطينية.
انجازاته ونجاحاته السياسية:
بعد معركة الكرامة أخذت شهرة الزعيم عرفات تنتشر في أوساط العواصم الغربية والعالمية، وأصبح عرفات سياسي معروف يخاطب العالم باسم فلسطين المستقلة، ويرسم ملامح سياسة خارجية مستقلة تمثل الشعب الفلسطيني وتنادي بحقوقه وتحريره، سيما بعد أن اجرت معه مجلة التايم الأمريكية سلسلة من اللقاءات الصحفية أثر معركة الكرامة، بينت لأول مرة للعالم بأسره مطالب الشعب الفلسطيني وزعيمه القادم عرفات الممثلة بالحرية والاستقلال، وامكانية التفاوض مع اي جهة بالعالم لاقامة دولة فلسطين المستقلة.
وشارك عرفات في عام 1973م بصفته رئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة في مؤتمر القمة الرابع لحركة عدم الانحياز الذي عقد في الجزائر، حيث قرر المؤتمر الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا وحيدا للشعب الفلسطيني. ولاقت دعوة ياسرعرفات الدول الافريقية إلى قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل استجابة واسعة، أثرة سلبا على سياسة إسرائيل الخارجية التي خسرت مواقع نفوذ لها في عموم افريقيا بعد نشاط عرفات الملفت في قارتي أسيا وافريقيا.
وحظي الرئيس عرفات والوفد الفلسطيني المرافق له باستقبال الأبطال في لاهور بباكستان عام 1974م، حينما شارك في مؤتمر القمة الإسلامي، والذي أعلن أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. وفي نفس السنة أكدت القمة العربية السادسة في الرباط في أكتوبر اعترافها بمنظمة التحريرممثلا وحيدا للشعب الفلسطيني. وأدخل عرفات على البيان الختامي للقمة العربية بندا يشير إلى انه: "يمكن للشعب الفلسطيني أن يقيم سلطته الوطنية المستقلة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية على كل جزء يتم تحريره من الأرض".
لقد حرص الزعيم عرفات في هذه المرحلة على تعزيز العلاقات الدبلوماسية الفلسطينية مع مختلف أطراف ودول ومؤسسات العالم، وكل من يؤمن بشرعية المطالب والحقوق الفلسطينية، فلم يغلق الباب بوجه أي سياسة فذة او أيديولوجية معارضة مادام يصب ذلك في مصلحة مستقبل دولة فلسطين، فكان الزعيم عرفات يتحرك بنفسه ويرسل مبعوثيه إلى كل بقاع الأرض ليرسم علاقات دبلوماسية وودية مع شعوب ودول العالم الحر التي تحترم حقوق الشعب وتؤمن بكفاحه المسلح لتحرير الأرض والانسان الفلسطيني .
ونجح الراحل عرفات خلال سنوات قليلة جدا من ايصال صوت فلسطين الحرة الى عواصم صنع القرار العالمي المؤثرة، فعمل على توثيق العلاقات مع الاتحاد السوفييتي السابق والصين والهند وباكستان واندونيسا ودول افريقيا واميركا اللاتينية. وبنى تحالفات مع كثير منها ، وربطته صداقات شخصية بكثير من قادتها ومنهم انديرا غاندي رئيسة وزراء الهند وذو الفقار علي بوتو رئيس وزراء باكستان الأسبق والرئيس اليوغسلافي الأسبق جوزيف تيتو .
دبلوماسية المقاومة .. وغصن الزيتون :
لقد فرضت هذه النجاحات السياسية الخارجية التي حققها عرفات، على العالم الغربي احترام رغبات الشعب الفلسطيني وومثله وزعيمه القائد ياسر عرفات، فدعته الأمم المتحدة ليلقي خطابا تاريخيا في نوفمبر 1974م امام الجمعية العامة وزعماء الدول المشاركة فيها، فكان لخطابه بالغ الأثر في تأييد اغلب دول العالم الثالث لحقوق ومطالب الشعب الفلسطيني، وقال عبارته الشهيرة في ختام الخطاب "جئت حاملا غصن الزيتون في يد ، وفي الاخرى بندقية الثائر ، فلا تسقطوا غصن الزيتون من يدي .. الحرب بدأت من فلسطين، ومن فلسطين سيولد السلام".
ولم يقتصر عرفات في خطابه على الحديث عن القضية الفلسطينية وانما تعداه إلى الحديث عن الشعوب الأخرى الواقعة تحت الاحتلال معلنا دعمه لها ولحركات التحرر التي تمثلها فأضفى بذلك على نفسه صفة الثوري العالمي.
وأطلق المراقبون الأمريكيون على ذلك اليوم إسم "يوم عرفات" لانه نجح خلال ساعات في تركيز اهتمام العالم كله على مشكلة أو قضية الشعب الفلسطيني، في وقت كانت تسعى فيه الولايات المتحدة وقوى موالية لطمس معالم تلك القضية قدر المستطاع، لكن الزعيم عرفات عرف كيف يكسب تاييد جزء كبير جدا من الرأي العام الدولي ، خاصة وأن عرفات كان أول زعيم منظمة تحرير لا يمثل دولة مستقلة يسمح له بإلقاء كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة .
وبعد الخطاب اعترفت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالاغلبية الساحقة، بالحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، وأعطت منظمة التحرير وضع المراقب الدائم في الأمم المتحدة، ودعت الدول والمنظمات الدولية إلى دعم الشعب الفلسطيني في كفاحه من أجل استعادة حقوقه. وسجل عرفات نقطة أخرى في العام الذي تلاه، في نوفمبر 1975م، حين تبنت الجمعية العامة للامم المتحدة قرارا ينص على أن "الصهيوينة هي شكل من أشكال العنصرية". ما اعتبرته دول العالم انتصارا جديدا يضاف لرصيد سياسة عرفات الخارجية.
وخاضت المقاومة الفلسطينية الكفاح من لبنان ضد الاحتلال، ونتيجة لنجاح المقاومة الفلسطينية في حقبة السبعينيات، أصدرت السوق الاوروبية المشتركة عام 1980م "اعلان البندقية" الذي يطالب بمشاركة منظمة التحرير الفلسطينية في اي مفاوضات لاحلال السلام لكن الأمور سارت بطريق مغاير بعدما قررت إسرائيل شن هجوم على قواعد المقاومة والقضاء عليها وهو ما توج بغزو بيروت عام 1982م.
وعلى إثر بطولات المقاومة بعد الاجتياح، اكتسب الزعيم عرفات احترام شعبه بصموده وشجاعته، ثم آثر الخروج من لبنان تحت الحماية الدولية ومن ثم الانتقال إلى تونس التي شكلت المعقل الأخير لمنظمة التحرير الفلسطينية حتى عام 1994م.
الاٌقدار تحمي العظماء:
وخلال عقدين وأكثر، لعب القدر دوره في حماية الزعيم عرفات من سلسلة محاولات اغتيال وحوادث موت محققة، فقد حاولت اسرائيل في عام 1973م اغتيال ياسر عرفات في بيروت، لكن المحاولة فشلت لان القدر كتب للقائد عرفات أن يبقى حيا لتحيى معه دولة فلسطين لاحقا ويحقق احلام فلسطينيي الشتات والمهجر، ولم تكن هذه المحاولة الأخيرة، بل كررتها اسرائيل مرات عديدة، احداها عام 1980م في بيروت، واخرى عام 1982م، وأخرى في تونس عام 1985م، فضلا عن انقلاب سيارته عام 1990م على طريق عمان-بغداد، وفي عام 1992م تحطمت طائرته الخاصة في الصحراء الليبية، وقبل وفاته بسنوات قليلة، حاولت إسرائيل اقصائة بشكل أو بآخر، لكن كل تلك المحاولات وربما الظروف القهرية، لم تقف بوجه القدر الذي كتب لعرفات كل مرة حياة جديدة، وكأنه يقول لكل خصومه وأعدائه "باقي على قيد الحياة مادامت قضية فلسطين باقية"، لقد عايش عرفات شبح الموت ايام وشهور في كل بقعة كان يطأها، فلم يستسلم يوما لقدر الضعفاء ولم يعجز عن ترجمة "فوبيا الموت" بلغة الزعماء الذين لا يعرفون سوى أن الموت "قدر العظماء"، وان قدرهُ كتب منذ ان ولد زعيما وقائدا ليحرر الشعب الفلسطيني ويقيم دولته على ترابه الوطني مهما تكالبت المصائر والأقدار.
وفي تونس، واصل الرئيس الراحل عرفات تكوين شخصية الزعيم السياسي الذي يتبنى الحل السلمي، في نفس الوقت الذي يرفع السلاح ليحمي شعبه والسلام القادم، وأخذت القضية الفلسطينية بعدا دوليا زاد من أهميتها على مختلف الاصعدة بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987م وتعرض الفلسطينيين فيها للقمع والقتل، الأمر الذي استثمره القائد عرفات بحنكته السياسية لتحريك عملية السلام حيث دفع المجلس الوطني الفلسطيني بدورته المنعقدة في الجزائر في 15 تشرين الثاني 1988 الى تبني قرار مجلس الامن الدولي (242) معترفا بذلك ضمناً باسرائيل وفي الوقت ذاته، اعلن المجلس قرار اقامة الدولة الفلسطينية على أراضي الضفة وغزة. وتلا عرفات اعلان استقلال الدولة الفلسطينية.
وفي 1989م كلف المجلس المركزي الفلسطيني عرفات برئاسة الدولة الفلسطينية، فقام بأول زيارة رسمية الى باريس لتكريس علاقات دبلوماسية مع أول دولة غربية، ثم مارس نشاطه السياسي الخارجي على صعيد المؤتمرات الدولية سيما في البلدان الغربية التي تبدي تعاطفا مع القضية الفلسطينية مثل إيطاليا واليونان وقبرض.
الزعيم وسلام الشجعان:
كان للانتفاضة الفلسطينية الأولى صدى عالمي واسع الانتشار، ساهم في شرح قضية الشعب الفلسطيني للرأي العالم العالمي ولحكومات العالم، الأمر الذي دفع المجتمع الدولي عام 1991م لتنظيم مؤتمر مدريد للسلام بهدف تسوية القضية الفلسطينية وتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، فكانت مكسب جديد يحققه الزعيم عرفات الذي قاد المفاوضات السلمية ورفع غصن الزيتون عاليا معلنا انتصار ثورة وانتفاضة الشعب الفلسطيني بعد أربعة عقود من الشتات والمعاناة، ولدفع عملية السلام أعلن القائد عرفات في عام 1990م أنه يجري اتصالات سرية مع القادة الإسرائيليين بهذا الخصوص.
وفي 13 سبتمبر 1993م وبعد ستة أشهر من المفاوضات السرية في أوسلو، وقّع الزعيم عرفات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق رابين، في واشنطن، اتفاق أوسلو الذي جعل أضواء الإعلام الغربي تسلط عليه بكثافة، كما كان نقطة تحول بارزة في القضية الفلسطينية. ذلك الاتفاق الذي سمح لأول مرة للفلسطينيين بممارسة الحكم الذاتي في قطاع غزة ومدينة أريحا بالضفة الغربية مقابل اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل.
وهو الانتصار السياسي الذي دفع الغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني تخرج في تموز 1994م عن بكرة أبيها لاستقبال الزعيم عرفات والعائدين معه من "ثوار فتح" بحفاوة كبرى، بعد 27 عاماً قضاها في المنفى. واتخذ عرفات من غزة مقراً لقيادته. وبدأ فور عودته إلى غزة، مسيرة سلام مرت بصعوبات بالغة. لكن رغم تلك الصعوبات فاز عرفات بجائزة نوبل للسلام عام 1994م تقديرا لدوره في إرساء قواعد السلام في المنطقة وتعاونه مع المجتمع الدولي لحل فصول معاناة الشعب الفلسطيني. فسمي "بطل السلام" لأنه خاض حروبا عسيرة لتحقيق ما أسماه عرفات "سلام الشجعان".
وبعد اتفاق أوسلو، عقد الزعيم عرفات سلسلة منها: اتفاقية أوسلو المرحلية في عام 1995م، ومذكرة شرم الشيخ وطابا، وواي ريفر، وبروتوكول باريس الاقتصادي، وعلى اثر توقيع اتفاقية إعلان المبادئ، انسحبت القوات الإسرائيلية من بعض المناطق في قطاع غزة ومدينة أريحا، ودخلت أول طلائع قوات الأمن الوطني الفلسطيني إلى ارض الوطن، لتبدأ عمل أول سلطة وطنية فلسطينية على الأرض الفلسطينية بقياد ياسر عرفات رئيس دولة فلسطين.
وشرع الرئيس عرفات في تأسيس السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية المختلفة، وعمل على إعادة تأهيل بعض المؤسسات وتدريب أفراد من الشرطة والجيش للحفاظ على الأمن، مبشرا شعبه بقرب تحقيق حلم التحرير والصلاة في المسجد الأقصى.
من زعيم ثورة الى قائد دولة :
وفي يناير من عام 1996م نظمت أول انتخابات فلسطينية لانتخاب أعضاء المجلس التشريعي وانتخاب رئيس السلطة التي نصت عليها اتفاقات السلام الفلسطينية الإسرائيلية، حيث تم انتخاب الرئيس ياسر عرفات أول رئيس للسلطة الوطنية الفلسطينية، في انتخابات كانت مراقبة من قبل الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر وحصد خلالها عرفات (88%) من أصوات الشعب الفلسطيني.
بدأ الرئيس عرفات جولات مكوكية من المفاوضات المتعددة مع الجانب الإسرائيلي، ففي يوليو من عام2000 خاض الرئيس مفاوضات كامب ديفد، تحت غطاء وإشراف الرئيس الأمريكي بيل كلينتون. في ذلك اللقاء كان لدى الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي طموح يرتقي في سقفه إلى توقيع اتفاقية حل نهائي، ينهي النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. لكن العرض الأمريكي –الإسرائيلي لم يرقى لطموحات الرئيس عرفات، ورفض التوقيع على الحل المطروح الذي اعتبره عرفات منقوصا ولا يلبي السقف الذي يطمح له الشعب الفلسطيني وهو دولة فلسطينية مستقلة على أراضي عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.
من هنا بدأت حالة من الشد والجذب بين الرئيس عرفات وقادة إسرائيل على الرغم من المحاولات اللاحقة في لقاء طابا للتوصل إلى اتفاق.وقد توافق ذلك ، مع اندلاع انتفاضة الأقصى (الانتفاضة الثانية) التي كانت قد بدأت بالفعل قبل لقاء طابا، بعد تعنت إسرائيل ورفضها تطبيق بنود معاهدة السلام الفلسطينية الإسرائيلية بخصوص قضايا الوضع النهائي، ما دفع الرئيس عرفات ليقف إلى جانب الشعب الفلسطيني مطالبا بالقدس عاصمة لدولة فلسطين من خلال الشعار الذي رفعه (على القدس رايحين شهداء بالملايين).
وعلى إثر الانتفاضة قامت إسرائيل بمنع الرئيس عرفات من مغادرة رام الله لذلك لم يحضر عرفات مؤتمر القمة العربية في بيروت في مارس 2002 خشية ألا يسمح له بالعودة إذا غادر الأراضي الفلسطينية، وفي نفس العام حاصرته القوات الإسرائيلية داخل مقره في المقاطعة مع (480) من مرافقيه ورجال الشرطة الفلسطينية، وهكذا بدأت حالة من المناوشات التي يقتحم خلالها الجيش الإسرائيلي ويطلق النار هنا ويثقب الجدار هناك بينما كان عرفات صامدا في مقره متمسكا بمواقفه في تلك الفترة، وبدأ يتقاطر عليه في مقره بالمقاطعة مئات المتضامنين العرب والدوليين المتعاطفين معه.
عرفات يحاصر الحصار:
لقد دفع الزعيم عرفات ثمن إصراره على موقفه السياسي واحترامه لحقوق ورغبات الشعب الفلسطيني قبل وبعد انتفاضة الأقصى، حيث حوصر قرابة الثلاث سنوات في مقر المقاطعة في رام الله، وهددت الحكومة الإسرائيلية بقتله مرات متتالية بل واقتربت من جدار غرفته ولكن جوابه كان واضحاً مدوياً "إن القضية ليست قضية "أبو عمار" إنما قضية حياة الوطن واستقلاله وكرامة هذا الشعب وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف". "لن ننحني إلا لله سبحانه وتعالى، كما لن ننحني أمام التهديد والوعيد، فحياتي ليست أغلى من حياة أي طفل فلسطيني، وهي ليست أغلى من حياة الشهيد الطفل فارس عودة، فكلنا فداءً للوطن الغالي فلسطين الأرض المباركة".
وكان يتحدى الحصار ويحاصره بصموده ورباطة جأشه "ستمنعون الشمس والهواء عني لن أتنازل، ستحجبون عني الدواء والغذاء، الله خلقني ولن ينساني القدس مطلبي، وركعة في المسجد الأقصى المبارك غايتي التي لا تناظرها غاية، الطريق طويل، لكن النفس أطول والهجمة الشرسة تقابلها إرادة حديدية".
خلال فترة الحصار الطويلة، ورغم التهديدات العديدة، استمر الرئيس عرفات في صموده الشرس وإصراره على تطبيق بنود الاتفاقيات السابقة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وكان رد فعل الزعيم عرفات على الحصار والتهديدات إعلانه أنه "يتوق للشهادة التي سبقته إليها أعداد كبيرة من أبناء شعبه".
وفي عام 2003م صادق الفلسطينيون على خطة خارطة الطريق المدعومة من الولايات المتحدة. إلا أن إسرائيل رفضت تطبيق الخارطة رغم زعم تبنيها لها. ورفضت إسرائيل إجراء أي مفاوضات مع الرئيس عرفات أو مواصلة الاتصالات بينها وبين القيادة الفلسطينية، بل سعت إلى فرض المقاطعة الدولية على عرفات، بحيث أعلنت رفضها استقبال أي مسؤول دولي يقوم بجولة في المنطقة، ويزور الرئيس عرفات.
وقبل يوم واحد من محاولة إسرائيل بشكل منفرد تطبيق خطة الفصل الأحادي الجانب، المعروفة باسم "فك الارتباط" مع قطاع غزة وشمال الضفة الغربية، والتي أصر على تنفيذها من جانب واحد دون إي اتفاق مع الفلسطينيين، تدهورت صحة الرئيس عرفات وحاول الأطباء تحسين وضعه الصحي وإنقاذ حياته .
المرض يحاصره والشهادة مصيره :
لم تكن تصدّق عيون الفلسطينيين والشعوب العربية ما تراه، وربما لم ترغب أن تصدق أن الرئيس ياسر عرفات الزعيم والقائد والأب والمناضل الصلب والثائر التاريخي يمكن أن يبدو مريضا وهنا، لقد اعتادوا عليه أن يكون "سيد النجاة" كما أطلق عليه الشاعر محمود درويش، فالزعيم الذي نجا من عشرات محاولات الاغتيال والقصف، ومن حوادث سقوط الطائرة وتدهور السيارات، ولم يضعف يوما أمام أي ضغط أو حصار، يستسلم لقدر المرض الذي لا يصيب إلا الزعماء، فقدره أن يمرض بعد أن قضى نصف قرن من عمره بالنضال والحرب والسلام لأجل فلسطين والقدس الشريفة، التي يعتبرها قضية مقدسة تستحق منه أن يستشهد لأجلها كما استشهد قبله عشرات الآلاف من الفلسطينيين.
وفي أكتوبر 2004 ظهرت أولى علامات التدهور الشديد على صحة الرئيس ياسر عرفات، وفي السنة الأخيرة من حياته عانى ضعفاً عاماً وتقلباً في المزاج، وتدهور نفسي وضعف جسماني.
وفي يوم حزين أخذت وكالات الأنباء تتناول قضية تدهور صحة الرئيس عرفات، صعق الشعب الفلسطيني بتلك الأخبار، ولم يصدقها بوصفها دعاية معادية للنيل من الرئيس عرفات، ولكن ما أن أعلنت المصادر الفلسطينية صحة هذه الأنباء لتنطلق الجماهير الفلسطينية من كل حد وصوب باتجاه مقر الرئيس المحاصر وإلى الشوارع لأداء الصلوات والتضرع إلى الله عز وجل ليشفي الرئيس القائد الرمز، والذي أقلته طائرة خاصة إلى أحد مستشفيات باريس وسط ترقب جماهيري فلسطيني يخالطه تخوف من إخلاء إسرائيل بوعودها وعدم السماح للرئيس بالعودة إلى أرض الوطن بعد تعافيه.
وظهر الرئيس العليل على شاشة التلفاز مصحوباً بطاقم طبي وقد بدت عليه معالم الوهن مما ألم به. ما دفع الغالبية العظمى من شعوب العالم للتعاطف مع زعيم فلسطيني قضى حياته لأجل فلسطين فكان زعيم ثورة صنديد وقائدة دولة عنيد في حقوق شعبه التي لا تقبل القسمة أو التفاوض عليها.
وفي فجر الخميس الحادي عشر من نوفمبر 2004م، أعلن المستشفى الفرنسي وفاة الرئيس ياسر عرفات، عن عمر يناهز 75 عاما، فانتشر الحزن والحداد في عموم فلسطين والبلاد العربية، وشيع جثمانه في العاصمة المصرية القاهرة وسط حضور قادة دول العالم وجماهير غفيرة استذكرت مآثر وانجازات وصمود القائد الراحل الذي صنع المستحيل وحوّل قضية فلسطين إلى دولة بأمر الواقع رغم أنف المعارضين.
وعاد الرئيس الفلسطيني إلى رام الله متحديا كل قرارات الإبعاد والقسر والاغتيال، لكنه عاد محمولا على الأكتاف في جثمانه ليدفن هناك، رغم أن وصيته الأخيرة أن يدفن في مدينة القدس، لكن حتى وصيته لم يحترمها "دعاة السلام والوهم" لأنه دفع حياته ثمنا لوفائه لمدينة القدس.
استشهد الزعيم عرفات وبقيت فلسطين "الدولة الحرة المستقلة" الشغل الشاغل للعالم اجمع، لان الرئيس الراحل ظل وفياً للثوابت التي أمن بها، وكان مرناً الى أقصى درجات المرونة في كل شيء إلا في ثوابت وحقوق شعبه الوفي. فاستشهد ووصيته الحفاظ على مكتسبات الحقوق الفلسطينية وعدم التنازل عنها مهما حدث.
استشهد الزعيم عرفات وظل في عيون شعبه وشعوب العالم الحر أحد أبرز القادة العظام في العالم خلال القرن العشرين، فهو الزعيم الذي خاض نضالا وجهادا لا يلين لأكثر من نصف قرن، فأعاد الحياة لاسم فلسطين ولقضية شعبها في الوعي الانساني، ووضع القضية الفلسطينية على الخارطة السياسية العالمية.
ومنذ ولادته حتى استشهاده، كانت فلسطين على موعد مستمر معه وفي وجدانه وحياته، بحيث غدت القضية الفلسطينية رمزاً عالمياً للعدالة والنضال، وغدا الزعيم الراحل بكوفيته وشارة النصر والسلام رمزا لكل أحرار العالم ومناصري قضايا السلم والعدالة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفكيك حماس واستعادة المحتجزين ومنع التهديد.. 3 أهداف لإسرائي


.. صور أقمار صناعية تظهر مجمعا جديدا من الخيام يتم إنشاؤه بالقر




.. إعلام إسرائيلي: نتنياهو يرغب في تأخير اجتياح رفح لأسباب حزبي


.. بعد إلقاء القبض على 4 جواسيس.. السفارة الصينية في برلين تدخل




.. الاستخبارات البريطانية: روسيا فقدت قدرتها على التجسس في أورو