الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو حركة عمالية نقابية فلسطينية جديدة

محمد جوابره

2011 / 4 / 18
الحركة العمالية والنقابية


منذ بدايات تكونها والحركة العمالية والنقابية الفلسطينية تعيش أزمة عميقة مرتبطة بخصوصية الطبقة العاملة الفلسطينية التي واجهت كما الشعب الفلسطيني احتلال كولنيالي إجلائي عنصري وما واكبه من إجراءات احتلالية كان لها الأثر البالغ على بنية الطبقة العاملة ودورها وأداءها من حيث أولويات النضال الوطني على الأبعاد الديمقراطية والنقابية .
في نفس الوقت فان الحركة النقابية العمالية وهي جملة التعبيرات والبنى النقابية من نقابات واتحادات وغيرها من التشكيلات تكونت في سياق عملية الصراع مع المحتل وكانت ولازالت انعكاسا لواقع القوى السياسية واليات التوافق أو الصراع فيما بينها ولم تستطع الحركة النقابية حتى اليوم أن تشق لها طريقا مستقلا بها بمعنى الانحياز للطبقة العاملة والدفاع عن مصالحها في إطار المصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني سواء داخل الأحزاب أو الجهات الرسمية الحاكمة.
ونعتقد انه وحتي تستطيع الحركة العمالية والنقابية الفلسطينية تكون قادرة على التعبير عن مصالح الطبقة العاملة وقضاياها وحتى تستطيع شق مجرى عميق في الفعل النقابي والديمقراطي فلا بد لها أن تنضبط للمحددات التالية :-

أولا : ضرورة التمييز بين مفهوم الحركة العمالية الفلسطينية والحركة النقابية العمالية , فمفهوم الحركة العمالية شامل وعام يشمل مكونات الطبقة العاملة وخصائصها في إطار الواقع المعاش مترافقا مع مجمل التفاعلات والدور الذي تمثله هذه الطبقة ان كان على صعيد وجودها ودورها كطبقة بذاتها ومجمل التعبيرات السياسية والنقابية التي من شأن دورها ان يدفع بالطبقة العاملة إلى طبقة لذاتها , وهذا مرتبط بمطالب التغيير الشامل في المجتمع نحو تحقيق العدالة الاجتماعية بأشكالها المختلفة عبر تحويل الطبقة العاملة إلى الطبقة السائدة في المجتمع وقيادتها لعمليات التحول العميقة في المجتمع .
أما الحركة النقابية فهي التغييرات والتشكيلات المباشرة التي يشكلها العمال للدفاع عن مصالحهم وحقوقهم المباشرة والمرتبطة بتحسين شروط وظروف العمل من خلال جملة من الأسس والضوابط الوطنية والديمقراطية والاستقلالية والكفاحية والتقدمية ولكنها بالمجمل تهدف إلى تحسين حالة المجتمع وليس تغييره .

ثانيا :- إن مجمل التطورات التي رافقت مسيرة الحركة العمالية أو الحركة النقابية والتي ارتبطت بالصراع مع المحتل كان لها تأثيراتها من حيث أولوية القضايا الوطنية على النقابية من ناحية وطبيعة البنية النقابية التي تشوهت بفعل انسحاب تقاليد واليات عمل القوى والأحزاب على واقع هذه البنى مما جعل منها انعكاسا ميكانيكي لما هو سائد ومشوه في إطار منظومة العلاقات الفصائلية وتعبيراتها المختلفة الأمر الذي أدى إلى تفريغ هذه البنى من مضامينها الطبقية والكفاحية وبدلا من تمثيلها للطبقة العاملة كانت تمثل الأحزاب وبما يعكس التوازنات القائمة بينها . فلا هي قائمة على التوافق والشراكة بالمعنى الحقيقي من حيث الممارسة ولا هي قائمة على التعددية والمنافسة بل إن ما يجري يداخلها هي حالة من التفرد والتبعية .
ونتيجة لذلك فقد أنتجت هذه العوامل حركة نقابية تنضبط لقواعد من التوافق الذي يستند إلى تبعية وهيمنة طرف بعينه يستأثر بكل مقدراتها وسياساتها وحول الآخرين إلى ديكور للتغني بالشراكة والجماعية لتمرير علاقاته وسياساته الداخلية والخارجية.

ثالثا :- لا زال العمال هم الطرف الوحيد الغائب والمهمش عن العمل النقابي ومجمل تكويناته وتعبيراته القائمة حيث يتعامل الكثير من العمال مع الاتحادات باعتبارها بنى وهياكل فوقية مفرغة من مضامينها الطبقية وكامتدادات للقوى والأحزاب اقرب إلى مؤسسات رسمية دون إدراك دورهم فيها. ومما عزز هذه النظرة آليات العمل المتبعة داخل الاتحادات والنقابات العمالية فالمفروض أن تتكون الاتحادات من نقابات لها شخصيتها الاعتبارية المستقلة وفق آليات ديمقراطية وبالتالي فإننا نصل إلى مؤتمرات تضم ممثلين عن النقابات يدافعون عن مصالحهم ويساهمون في رسم السياسات .
ولكن الواقع والذي يجري هو التوافق على عضوية المؤتمرات بين الكتل النقابية وعقدها كظواهر احتفالية بعد أن يتم التوافق على مخرجاتها مسبقا وعلى المؤتمرين التصفيق لها .

رابعا :- رغم كل ما تقدم فان الحركة العمالية بمفهومها الشامل والعام اثبتت قدرتها على فرض إرادتها عبر جملة النضالات التي يقوم بها العمال في العديد من المؤسسات من خلال خوضهم لنضالات مطلبية وصلت حد الإضراب عن العمل والطعام كما حدث لدى العاملين في بلدية جنين ووكالة الغوث والبلديات عامة ومصلحة المياه والجامعات والمعلمين وشركة كهرباء الجنوب في محافظة الخليل كجهد وكفاح في مواجهة الخصخصة إضافة إلى انتفاض العاملين على المعابر ورفضهم للممارسات المذلة التي يمارسها جنود الاحتلال ضدهم .
وهذا مؤشر بالغ الأهمية يعكس مدى حيوية هذه الطبقة وقدرتها في التعبير عن ذاتها والمطلوب هو التقاط هذه الحالات والتوجه نحو تطويرها لخلق حركة نقابية قادرة على تمثيل مصالح العمال وترتقي بهم إلى مستوى الحضور والمشاركة والانحياز لمصالحهم لدى كافة الأحزاب والقوى والجهات الرسمية والشعبية وبما يضمن تخليص الطبقة العاملة وحركتها العمالية والنقابية من أنماط عملها السائدة التي لا تعكس دورها ومكانتها .
إن واقع العمال الفلسطينيين وما يعانوه من فقر وبطالة واضطهاد طبقي وقومي وإذلال وإنكار لحقوقهم النقابية واستغلال انتشار البطالة من قبل رأس المال الفلسطيني لفرض شروط قاسية عليهم تستدعي من المنتمين لهذه الطبقة فكرا وفعلا إن يشقوا طريقا جديدا باتجاه حركة نقابية فلسطينية وطنية وديمقراطية مكافحة قادرة أن تعبر عن مصالح وحقوق عمالنا .
وكلنا ثقة ان الطبقة العاملة الفلسطينية سوف تستدل طريقها نحو حركة عمالية نقابية جديدة تكون لها قياداتها المشتقة من ديمقراطيتها المؤتمنة على قضايا وحقوق الطبقة العاملة الفلسطينية ودورها التاريخي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترمب يكتسب خبرة التعامل بشكل رسمي مع قاعات المحاكم


.. فرصتك-.. منصة لتعليم الشباب وتأهيلهم لسوق العمل




.. طلاب معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا يعتصمون احتجاجا على الإبادة


.. ا?ضراب لعاملين بالقطاع الصحي في المستشفيات الحكومية المغربية




.. فيديو: مظاهرات غاضبة في الأرجنتين ضد سياسات الرئيس التقشفية