الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غناء لقمر بعيد -4-

غريب عسقلاني

2011 / 4 / 19
الادب والفن


غناء لقمر بعيد -4-
غريب عسقلاني قصة قصيرة


عند حافة الشتاء

.. ها هو الشتاء يحمل من الألم ما يفيض عن الألم!!
هل جاء يحمّلني وزر الوقت وحدي, وقد طردني إلى صحراء كل ما فيها رمال متحركة.. وباتت المسافات بيننا تقتل الآه قبل أن تقبل مقلتيكَ!!
هل نال منا الغدر قبل مواعيد التوت في صدري, وقبل تخلق عسل التين على شفتيكَ
أرحل الآن إلى مجلسنا عند ضفة النهر, تحت شجرة بين نخلتين.. الشجرة عارية مثلي, بعد أن جلدتها الريح بسياط من جليد!!
هل تجمد في ضرعها الحليب!!
ضاع منا النهر وثكلت فينا النخلتين؟؟
منذ رحلنا, لا ليل مضيء يزرع في الماء القناديل أسماكا ملونة, تسبح مع التيار لاهية لعوب, ولم اعد أجدف في نهركَ, واستحم بفيض عينيك, وانتثر لهاثي حيث أنتَ..
أين أنتَ..
لم يتبق منك غير باب يوصد وظل بيدين تفترقان ورجفة سكنت بين الدهشة والذهول.. وشتاء كلما جاء يبدأ بالبكاء وينتهي بالبكاء..
***
الليلة نثرت السماء بعض دفء, فأرهفت لنبض دمي وغزاني الشوق إليك.. جاء
حضورك طاغ..
هيأت المائدة وأضأت الشموع التي تحب أن ترى وجهي في ظلها المرتعش.. وجلست مع حضوري أنتظر.. ناديتك حيث أنتَ:
- هيا عجل بالمجيء.. الكأس بانتظارك, والليل يطل علينا من نوافذ النجوم..
لكنك لم تجئ, وبكى الليل..
هل رأى الليل في عيوننا الحب القديم؟!!
هل تسمر الوقت بنا عند الأمس, ولم يعد ليومنا من حضور؟
وأخذت اهتف لعلك تسمعني حيث تكون:
-الحذر يا صاحبي, لا تدع الريح تأخذك إلى شاطئ مهجور, حيث لا وميض فجر ولا قمر, ولا شراع يحملك إلى شواطئنا..
فجأة سقطت من عباءة الليل نجمة, ذابت أو انطفأت في مخمل العتمة..سألت: -- من تكون؟
قالت الريح:
- هي نجمة خذلها قمرها فهوت
- وأنا؟؟
***
سكن الوقت يا صاحبي, فاختني رعشة موت, وغزتني ريح آتية من هناك حملتك, إلى بابي.. كنت متعبا يسربلك الوجوم.. أشرت وقلت:
- اتبعيني..
ومضيت اقتفي أثرك, يحملني شوقي إلى صفة النهر, وقبل أن نصل هبت عاصفة محملة بالغبار الأسود إلى حد التفحم والاحتراق..ورأيتك على خد القمر تقف بين نخلتين جردهما القصف من السعف.. فصرخت:
- من قطع هامات النخيل؟ ومن قتل في النهر أسماكي الرقصة!!
فجأة هبط عصفور جريح على عنق احدي النخلتين, وهبطت عصفورة منتوفة الريش تحط على عنق النخلة الأخرى, ورأيت فوق النخلتين قمرا كسيفا يحمل وجهك
هل دخلت يا صاحبي فصل غياب جديد..
***
في شرفتي انتظر
يمضي النهار, لا تفارقني رائحة الموقد الخابي على بقايا خبز أمي, وطعم صوتك يغمرني بالدفء في زمهرير الشتاء, فهنا تنهمر الأمطار على العاشقين دفئا, وأنا وحدي من البرد ارتجف.. أمد يدي لعلك تأخذني إليك, يهزأ مني الوقت, ولا يعدني بعير الوداع..
متى تعود؟
وتعود ليالي بغداد مرصعة بالنجوم, ويفيض بي الوجد, فتأخذني للرقص الجميل على وقع سريان الماء في مجرى الفرات,
أم تراك تحولت سرابا الهث خلفه فقذفني الليل إلى صمت طويل, واقضي العمر شتاء اثر شتاء وشتاء؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-


.. المغربية نسرين الراضي:مهرجان مالمو إضافة للسينما العربية وفخ




.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ


.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني




.. بعد فيديو البصق.. شمس الكويتية ممنوعة من الغناء في العراق