الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليس أرخص من نظام يدفع نحو الطائفية

محمد الحاج صالح

2011 / 4 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


ليس أرخص منْ نظامٍ يدفعُ نحو الطائفية

ظهرتْ وبانتْ خطّةُ عمل النظام السوري. لم يعدْ هناك شيءٌ مخفيّ. كلّ شيء بزغَ على السطح، وانتهى عهدُ التستّر والأقنعة. الآن، وبيدٍ حديديّة عارية من كلّ تزيق قوميّ أو أيدلوجي، يقمعُ النظامُ دون تردّد وبخسّة منقطعة النظير. يتوسّل أحطّ الأدوات وأحقرها في سبيل البقاء. لا حرامَ لديه. فالفتنةُ المزعومة، التي جنّد لها تابعين يتمتّعون برُخْصٍ عظيم، لا تعني سوى إمّا نحن أو الفتنة. إمّا نحن أو سنحاولُ ما يحاوله القذافي، أي بالضبط جرَّ البلد إلى حرب أهلية.
مازال السوريون يتحرّجون من أن يتناولوا الأمور وفق مسمّياتها. ولا زال النظامُ يمعنُ في دفعهم إلى نقطة الحَرَج النهائية. حرجُ السوريين ليس بلا مبرر، إنّه واعٍ وراسخٌ في الوجدان الجمعي، فالثمانينيات والقمع غير المسبوق الذي مارسَهُ النظامُ باسم الحفاظ على الوحدة الوطنية ودفع الفتنة، مازالتْ ماثلة.
الفتنة؛ تلك الكلمة المُواربة والتي تحملُ في طيّاتها حمولةً ثقيلة، وتحيل إلى مآسي التاريخ بدءاً بموقعة الجمل والمسماة "بالفتنة الكبرى" إلى مفاصل متعدّدة في التاريخ العربي الإسلامي الذي يغصّ ويبلعُ "بالفتن!". الفتنةُ هذا الاسم "الحركي!" للصراع على السلطة. أو بالأحرى قميصُ عثمان الذي يشوّح به الحواةُ والمغتصبون للسلطة، المحتكرون للسلطة، كل السلطة من تعيين "آذن" في مدرسة إلى رئاسة الجمهورية.
يعلمُ السوريون جميعاً أن لا أحد زاحمَ النظام السوري جدياً في احتكاره للسلطة طوال نصف قرن. حتى أن نقل السلطة للمُتَعهّد الجديد، ابن الرئيس السابق، جرى بطريقة هي أقرب للسخرية منها إلى الجدّ، وفيها إهانةٌ وطعنةٌ نجلاء لكرامة السوريين. ومع ذلك بقي السوريون صابرين صامتين. فَجَرَ النظامُ فجوراً لم يمارسه نظام قط. وبقي السوريون صابرين صامتين. لا بل طُلبَ ويُطلبُ من الناس أنْ يهتفوا ويصفقوا في تعذيبٍ جمعيّ قاهر وحاطّ للكرامة.
ليس سوى في الأشهر الأخيرة اكتشفَ السوريون بعد إخوانهم العرب الآخرين أن التغييرَ ممكنٌ، وأن الجمهوريات تأخذُ اسمَها وسلطتها من الشعب. الشعبُ وحده. وعى السوريون أنّ الكأسَ امتلأ، وأن جمهوريتهم الوراثية هذه بشكلها الحالي ورموزِها وأدوات قمعها أسُّ البلاء، وأن لا خلاصَ دون التخلّص من هذه الكوميديا السوداء المنحطّة.
والآن، يُراد لمصطلح الفتنة أن يلعب دور الأيدلوجية المُجرّبة لقمع السوريين مرّة أخرى وإجبارهم على العودة إلى الحظيرة.
والفتنةُ هنا التي يتوسّلها النظام ويسعى إليها هي أولاً وفي المقام الأول بين السنّة والعلويين، وفي تفاصيلها بين كل طوائف وأثنيات الوطن. نجح الأبُ في استراتيجية الفتنة وهاهو الابن على خطا أبيه فهل ينجح؟ أبداً. فلا الظروف هي الظروف، ولا الفتّان هو الفتّان، ولا المُفتن هو المُفتن، ولا ضحايا أيدلوجية الفتنة ما زالوا في مواقعهم.
إن تسميةَ يوم الغد بيوم "الجمعة العظيمة" هو ردٌّ وإدراكٌ للعبة النظام. فهذه الإحالة التضامنيّة مسيحياً وإسلامياً كثيفةُ الرمزية وإصابةٌ في منتصف الهدف تماماً. ولا أظنّ إلا أن كلّ سوري يتمنّى لو أن الخطوات الرمزية تتابعُ وتستمرّ، فليس من تثقيفٍ وطنيّ أعظم من تكريس رموز مبدعة وخلاقة تبرزُ وحدتنا الوطنية بعيداً عن إنشاء النظام. الرموزُ تلخيصٌ لعمق ثقافة الشعب. والشعب السوري وشبابه أقدر على خلق وابتداع رموز وأعمال رمزية مُبهجَةٌ ومُثقِّفة قادرةٌ على معاكسة سياسة فرقْ تسدْ التي ينتهجُها النظامُ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صديقي سلمت يداك
غسان المفلح ( 2011 / 4 / 22 - 15:29 )
نعم هو كذلك


2 - لا للمغالاة
حسن الصكر ( 2011 / 4 / 23 - 02:37 )
التطرف والرومانسية الرديكالية المغالية ستجلب الكوارث لشعب سوريا اولا الطائفيةهي بنت الدين وهي كامنة في قاع تراث الامة فهي ليست من صنع الدكتاتور وانكان يستفيد منها .ان سقوط الدكتاتورية لن يلغي الطائفية بل على العكس ربما يستدعيها بقوة لبنان والعراق مثالا ديمقراطية طائفية قائمةعلى زعامات فاسدة تحتكر تمثيل الدولة ولاغية مفهوم المواطنة لانه يتعارض مع مصالحها اما وعي الشعب فوعي الشعب العربي معروف في احسن احوالههووعي العامة المهيمنة عليهم سطوة الفكر الديني المرتع الخصب للطائفية المثال الافضل لسوريا هواصلاحات مع بقاء النظام الى ان تختفي البنى القديمة كما اطلب تحالف ووحدة العلمانيين عبر تبني مطاليب الاصلاح وعزل القوى الرجعية التي لاتتوقف شهيتها للسلطة ونهب البلد -عندنا في العراق كان اللص الكبير هوالدتاتوروولديه اما الان فلدينا اكثر من سبعة الاف لص اكبر من الدكتاتور.ان سقوط النظام دفعة واحدة يعني هيمنة القوى الرجعيةوالفاسدة والطفيلية مدعومة بقوة العوام التي لاتمييز وتنقاد لحسها العاطفي المزيف.في العراق لم يتمكن اي حزب علماني بما فيه الحزب الشيوعي ان يحصل على مقعد واحد .التفكير العميق ينتج بديل

اخر الافلام

.. لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في


.. التوتر يطال عددا من الجامعات الأمريكية على خلفية التضامن مع




.. لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريبات للبحرية


.. اليوم 200 من حرب غزة.. حصيلة القتلى ترتفع وقصف يطال مناطق مت




.. سوناك يعتزم تقديم أكبر حزمة مساعدات عسكرية لأوكرانيا| #الظهي