الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المستبد يخاف الحمام الزاجل

محمد حسين الأطرش

2011 / 4 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


المستبد يخاف الحمام الزاجل
كثر الذين تلقوا بدهشة تناقل وسائل الإعلام خبر المرسوم رقم 45 الصادر عام 1966 والقاضي بتجريم تربية الحمام الزاجل تاركا لوزارة الدفاع في الجمهورية العربية السورية سلطة التمييز بين الحمام الزاجل وغيره. كثر أيضا هم الذين ضحكوا ومعهم حق. ألا يقال: شر البلية ما يضحك.
لكن إسمحوا لي أن أقول لكم بأن السلطة التي تجرم تربية الحمام الزاجل إنما هي سلطة تعرف ماذا تفعل بدقة متناهية دون إغفال أي كوة صغيرة أو كبيرة يمكن لها أن تصيبها في مقتل. نعم يمكن أن تصيبها في مقتل! كيف ذلك؟
يدرك المستبد أنه وأجهزة أمنه يستطيع السيطرة على كافة أنواع الإتصالات سواء من خلال وسائل الإتصالات المعروفة آنذاك كالبريد والتلغراف أو بواسطة الإضطلاع على الرسائل البريدية المرسلة إلى أشخاص بعينهم. كما يدرك وهو المسيطر على كافة منافذ الدولة البرية والبحرية والجوية أن ما من شيء يخيفه يمكن تسريبه من خلال تلك المنافذ. ولأن المستبد بطبعه إنما يخاف أشد الخوف من المعلومة سواء بتسريبها للخارج أو تهريبها للداخل فإنه كان مدركا أن الأمر الوحيد الذي يخرج عن سيطرته هو القدرة على السيطرة على وسيلة الإتصال عبر الرسائل التي يحملها الحمام الزاجل. لذلك كان هذا المرسوم الذي يظهر إلى حد بعيد ذلك الخوف المترسخ لدى المستبد. أجل المستبد يعيش مع خوفه الدائم وفي ذلك يقول عبد الرحمن الكواكبي في كتابه طبائع الإستبداد " إنَّ خوف المستبدّ من نقمة رعيته أكثر من خوفهم من بأسه؛ لأنَّ خوفه ينشأ عن علمه بما يستحقُّه منهم".
وبالطبع تساءل الكثيرون لماذا المستبد والأجهزة التابعة له ما زالوا محتفظين بهذا المرسوم حتى اليوم وبعد أن أصبحت وسائل الإتصال والتواصل تتم بسهولة ويسر في ظل الإنترنت وما أدخلته للمجتمع من قدرة على التواصل والإتصال؟ السؤال أكثر من مشروع لكن الإجابة عليه بسيطة.
الجواب أن السلطة المستبدة بقيت تفكر بنفس ذهنية الفترة التي صدر فيها المرسوم لذلك لم تتنبه يوما بأن الحمام الزاجل صار موجات ضوئية تنتقل عبر ألياف دقيقة لتنقل الصوت والصورة دون عناء مغادرة طاولة المكتب وأحيانا كثيرة صار الهاتف كاميرا محمولة وآلة تسجيل وجهاز إرسال. علينا إذا أن نشكر المستبد على إقامته في عصر الحمام الزاجل وإلا اما رأينا ربيعا عربيا.
صحيح أن المستبد العربي قد تنبه لحجب بعض المواقع التي استفزته لكنه بقي جاهلا بأن تقنيات كثيرة تتيح لنا الوصول إلى ما نريد. نعيش ربيعا عربيا بفضل ذلك.
محق برنارد شو بالقول: "الذين لا يستطيعون تغيير عقولهم لا يستطيعون تغيير أي شيء"
للتأكيد على ذلك ولتعرفوا أن الكثير من قوانين المستبد صارت تبدو غبية قاصرة النظر عليكم بمراجعة العديد من القوانين التي تمنع التجمع في جماعة تزيد عن شخصين أو أكثر، وهي قوانين موجودة في غالبية الأنظمة العربية، في حين أنه بات متاحا للكثير منا أن يجتمع مع الآلاف دون أن يغادر بيته يتبادل وأياهم كافة المواضيع.
محظوظون نحن بالمستبد ومراسيم حمامه الزاجل لأن الحمام الزاجل الذي نطلقه حاملا الرسائل عبر ألياف الآنترنت صار يحمل لنا الأمل بربيع دائم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية كبيرة
نبيل السوري ( 2011 / 4 / 25 - 17:13 )
تحية كبيرة لمن يحمل إسم أحد أشرف وأطهر السوريين سلطان باشا، وإن كنت لاتربطك به قرابة دم، فحتماً تربطك به روابط كرامة وعزة وإنسانية، ولحسن حظه أنه توفي قبل أن يرى ما نراه اليوم فيندم على التصدي للاستعمار ولاعتبر فرنسا المستعمرة كالأم تيريزا بالمقارنة مع هؤلاء القتلة

نحن اليوم نواجه أقذر نظام مر على وجه هذه البسيطة، استطاع أن يغلف قذاراته بحجج سخيفة واهية من ممانعة كاذبة وصمود زائف، لكنه استطاع أن يسوّقها للبسطاء من العرب الذين لازالوا يلعقون جرحهم النرجسي ويحلمون بقيادة العالم، كما استطاع أن يجند ثروات البلاد لأسر مافياوية منفلتة ويشتري ذمم قميئة في الداخل والخارج، وقام بكل الموبقات من عهر وتدنيس وتسليم أراضي وبازارات وكل ذلك لمصلحة بقائه واستمرار نهبه، لكن ما يقوم به اليوم فاق توقعات الجميع (أنا لم أغير نظرتي عن هؤلاء القتلة السفلة منذ 1970 ولليوم بما في ذلك عهد الوريث القاصر) وما غزوة درعا اليوم إلا أفدح مثال على ما يمكن لهذا النظام النذل أن يقوم به في سبيل البقاء
سمعت سيدة سورية تقول: نطلب من النظام فقط أن يعاملنا كما يعامل إسرائيل، لاأكثر ولا أقل

هذا القول يلخص القضية

اخر الافلام

.. رئاسيات موريتانيا: ما هي حظوظ الرئيس في الفوز بولاية ثانية؟


.. ليبيا: خطوة إلى الوراء بعد اجتماع تونس الثلاثي المغاربي؟




.. تونس: ما دواعي قرار منع تغطية قضية أمن الدولة؟


.. بيرام الداه اعبيد: ترشّح الغزواني لرئاسيات موريتانيا -ترشّح




.. بعد هدوء استمر لأيام.. الحوثيون يعودون لاستهداف خطوط الملاحة