الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خسائر الاقتصاد العراقي نتيجة المشاريع المعطلة والمؤجلة - 1/9

نزار احمد

2011 / 5 / 9
الادارة و الاقتصاد


ملاحظة: هذه الدراسة تتكون من تسعة اجزاء تنشر تباعا. النسخة الاصلية مع الجدوال والبيانات المرفقة يمكن الحصول عليها عن طريق البريد الخاص بعد الانتهاء من نشر الجزء الاخير. ايضا ونتيجة اختلاف انظمة النشر للمواقع الالكترونية, تم حذف البيانات المدونة بالجداول الرياضية التي احتوتها النسخة الاصلية.

نتداول دائما حجم الاضرار التي يسببها الفساد المالي المتطفل في مفاصل ومؤسسات الدولة كافة من اعلى وحتى اسفل السلم الوظيفي ولكننا قلما نتاول الاضرار الاقتصادية نتيجة تعطيل وتأجيل والتلكؤ والمماطلة في تنفيذ المشاريع الحيوية والاستراتيجية والاستغلال الامثل وتسخير ثروات وطاقات البلد في خدمة الاقتصاد ودخل المواطن. في هذه الدراسة المختصرة سوف اتناول هذا الموضوع الذي يحمل اكثر اهمية وثقل من ملفات الفساد نتيجة ضخامة الخسائر التي يسببها للاقتصاد والمواطن. ايضا سوف احاول تشخيص الاسباب المؤدية الى المماطلة والتأخر في انعاش الاقتصاد العراقي, طارحا في ختام الدراسة مقترحات تخص سبل بناء الاقتصاد العراقي والنهوض به. هذه الدراسة سوف تثبت للقارئ الكريم ان خسائر الاقتصاد العراقي مابين اعوام 2003-2011 نتيجة تعطل وتأجيل المشاريع وسوء الادارة والتخطيط بلغت 493 مليار دولار مع اضاعة امكانية خلق 8.5 مليون فرصة عمل ورفع معدلات دخل المواطن السنوي الى 18 الف دولار مقارنة مع واقعه المزري المتمثل ب 3,500 دولار. هذه الخسائر سوف ترتفع الى 5.3 ترليون دولار عام 2016 مع ارتفاع فرص العمل الضائعة الى 11.6 مليون فرصة عمل وامكانية رفع دخل المواطن السنوي الى 22.5 الف دولار ومعادلة دخل مواطني السعودية والبرتغال وبولندا وقبرص وهنغاريا. ولكن قبل ذلك اود توضيح مفهوم اقتصادي يتعلق بطبيعة قياس حجم اقتصاد البلد. فاقتصاد اي بلد يتحكم به عاملان رئيسيان, الاول هو رأس مال الاقتصاد والثاني سرعة تداول هذا المال مابين فصائل ومكونات الاقتصاد. رأس المال هو كمية الاموال المتواجدة في البلد والتي تزداد وتنقص بمقدار الفارق بين الصادرات والواردات. فعندما تكون صادرات البلد اعلى من استيراداته فأن رأس المال يزداد سنويا بحجم فروقات الصادرات والواردات مما يتولد عنه نمو ايجابي مباشر يتناسب مع هذه الفروقات. اما الحجم الحقيقي للاقتصاد والذي يحدد معدل دخل المواطن وفرص العمل فهو عدد المرات او سرعة تداول هذا المال مابين شرائح المجتمع ومؤسساته الاقتصادية. فمثلا عندما يكمل هذه المال اربع دورات تداولية بين شرائح الاقتصاد والمستهلك فأن حجم الاقتصاد الحقيقي هو اربع مرات حجم رأس المال. في الدول المكتمل اقتصادها, معدلات النمو الايجابية والسلبية يتحكم بها سرعة تداول رأس المال فكلما زادت سرعة انتقال المال بين شرائح المجتمع ومؤسساته الاقتصادية كلما زاد معدل نمو ذلك الاقتصاد, عكس ذلك ينتج عنه خمود او اضمحال. فمثلا لو افترضنا ان اقتصاد دولة ما يتكون من ثلاثة اشخاص, كل شخص يمارس حرفة معينة. لو اعطينا دولارا واحدا لاحدهما وهذا الشخص اشترى بضاعة او خدمة من الشخص الثاني والشخص الثاني اشترى بضاعة او خدمة من الشخص الثالث والشخص الثالث اشترى بضاعة او خدمة من الشخص الاول وهذه العملية التي انتقل بها هذا الدولار من الشخص الاول الى الشخص الثالث ثم عاد اليه تمت خلال سنة كاملة فأن رأس المال هو دولار واحد ودخل كل شخص دولار واحد وحجم الاقتصاد الحقيقي ثلاثة دولارات. بينما عملية التدوال هذه لو تمت عشرة مرات في السنة فأن رأس المال يظل دولارا واحدا ولكن دخل كل شخص ارتفع الى عشرة دولارات بينما حجم الاقتصاد الحقيقي ارتفع الى 30 دولارا. عندما يكون الاقتصاد اقتصادا استهلاكيا يعتمد بالدرجة الاساسية على الاستيرادات فأن عدد المرات التي يتم بها تداول رأس المال لايتعدى دورة واحدة لذلك نجد حجم الاقتصاد يساوي تقريبا مقدار الاموال المتواجدة في الاقتصاد في حالة تساوي الاستيرادات والصادرات. العراق خير مثال على ذلك, فواردات النفط السنوية جميعها تنفق بصورة او باخرى على الاستيرادات الخارجية وينطبق عليها المثل القائل "تدخل من الباب وتخرج من الشباك". الى ذلك عندما اتناول حجم الاضرار التي سببتها الفرص الضائعة والمشاريع المعطلة والمؤجلة سوف اتناوله من جانب تاثيراته على الحجم الحقيقي للاقتصاد وليس فقط على الحساب الرقمي لهذه الخسائر.

اولا: القطاع النفطي

بعد ثلاثة حروب مكلفة جدا بشريا واقتصاديا وحصار اقتصادي دام لثلاثة عشر عاما لم يشهد له التأريخ مثيلا وسياسات اقتصادية عرجاء دامت لاكثر من 40 عاما, الاقتصاد العراقي اصبح عند سقوط نظام صدام حسين بحاجة ماسة وفورية الى اكثر من ترليون دولار من اجل اعادة بناء البنية التحتية وقطاعاته الاقتصادية والخدمية والتعليمية والارتقاء بدخل المواطن بما يتناسب مع ثروات وطاقات وموارد البلد الطبيعية والفنية والبشرية. الى ذلك فأن الفرصة الوحيدة المتاحة لاستعادة عافية الاقتصاد العراقي هي واردات ثروتيه النفطية والغازية. بهذا الخصوص لقد قلتها مرارا وتكرارا لايمكن للعراق من استعادة عافيته الا عندما يصل انتاجه النفطي الى ستة ملايين برميل يوميا كما بينته في دراسة خاصة نشرت قبل بضعة شهور تناولت عائدات النفط العراقي مابين الاعوام 1930-2010. الى ذلك فأن الاولوية التي كان يتحتم على حكومات مابعد 2003 التركيز عليها هي الزيادة الفورية لانتاجية النفط ومرافق تصديره وتسويقه. اثناء سلطة بريمر لم تكن هناك اية محاولات جادة لزيادة قدرة العراق الانتاجية ربما كي لايفسر احتلال امريكا للعراق على انه طمعا في موارد البلد النفطية, بل على خلاف ذلك انخفضت انتاجية النفط من 2.7 مليون برميل يوميا الى 1.3 مليون برميل يوميا. ايضا لم تكن هناك محاولات جادة من قبل حكومتي علاوي والجعفري الى الارتقاء بمعدلات الانتاج والتصدير. في اول سنة من حكومة المالكي الاولى التوجه الى زيادة صادرات النفط عن طريق الامكانيات العراقية لم يحالفه الحظ هو الاخر. بعد ذلك تباحث الحكومة مع ست شركات عالمية عملاقة من اجل اناطتها مهمة زيادة صادرات العراق النفطية. بعد ستة اشهر من المباحثات المكثفة والتي تم فيها الاتفاق على شروط استثمار لاتختلف كثيرا عن شروط جولات النفط اللاحقة. في اليوم المقرر لتوقيع اتفاقات الاستثمار بين شركات النفط والحكومة العراقية, تدخل البرلمان بقوة بتحريض من السعودية وايران اكثر الدول المتضررة من استعادة العراق لفافيته النفطية والغى احتفالية توقيع العقود فارضا رأيه بأن تجرى هذه العقود عبر مناقصات عامة وبعد تشريع قانون النفط والغاز والذي لحد هذه اللحظة لازال البرلمان يماطل ويراوغ في تشريعه. ومن اجل الالتفات على عقبة عدم وجود قانون ينظم استثمارات النفط والغاز, التجأت حكومة المالكي الى قانون سابق سن في عهد عبد الكريم قاسم. وبعد فشل الجولة الاولى من استقطاب الشركات الراغبة في الاستثمار في مجال النفط العراقي, في عام 2009 نجحت الجولة الثانية ثم بعدها الجولة الثالثة في استقطاب الشركات العالمية في مساعدة العراق على تطوير قدراته الانتاجية والتصديرية. شخصيا وعلى الرغم من معارضتي لسياسة ومنهجية حكومة المالكي ولكني في هذه النقطة بالذات اؤيد الخطوة الضرورية التي اتخدتها حكومة المالكي في تحريك عجلة الانتاج النفطي. جولة المناقصات هذه كان يتفترض لها ان ترى النور في فترة حكم علاوي وليس بعد خمس سنوات. صادرات العراق النفطية حسب جولات المناقصات الاولى والثانية والثالثة مخطط لها الوصول الى معدلات انتاج مقدارها 3.1 مليون برميل في نهاية عام 2011, 3.7 مليون برميل في عام 2012, 4.1 مليون برميل في عام 2013, 5.0 مليون برميل في عام 2015, 6.5 مليون برميل عام 2016, 7.7 مليون برميل في عام 2017, 10.5 مليون برميل في عام 2018, 12.5 مليون برميل عام 2019 (تقرير وزارة النفط العراقية بتأريخ 10/5/2010). الى ذلك فأن خسائر العراق المالية من تأخر مشاريع انتاجية النفط تقدر بما يلي:
18 مليار دولار عام 2006
27 مليار دولار عام 2007
37 مليار دولار عام 2008
29 مليار دولار عام 2009
49 مليار دولار عام 2010
67 مليار دولار عام 2011
99 مليار دولار عام 2012
122 مليار دولار عام 2013
110 مليار دولار عام 2014
105 مليار دولار عام 2015
102 مليار دولار عام 2016.
او ما مجموعه 227 مليار دولار بين اعوام 2006-2011 و 538 مليار دولار بين اعوام 2012-2016 في حالة محافظة اسعار النفط على معدل سعر يعادل 80 دولارا للبرميل الواحد.
في الجزء القادم سوف اتناول خسائر قطاع الغاز.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عيار 21 الآن.. سعر جرام الذهب اليوم الخميس 18-4-2024 بالصاغة


.. بينما تستقر أسعار النفط .. قفزات في أسعار الذهب بسبب التوتر




.. مباشر من أمريكا.. تفاصيل مشاركة مصر فى اجتماعات صندوق النقد


.. كيف يمكن أن نتأثر اقتصادياً بالمواجهة بين إسرائيل وإيران ؟ |




.. ما هي التكلفة الاقتصادية للضربات التي شنتها إيران على إسرائي