الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصيرالثورات الديمقراطية في العالم العربي

محمد حسن فلاحية

2011 / 5 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


أجرى الخبير في العلوم السياسية والكاتب الأمريكي الشهير من أصول يابانية "فرانسيس فوكوياما" (1) مؤخراً حواراً صحفياً مع صحيـفة " فيلت أونـلاين "الألمانية(2) أجاب فيه على بعض التساؤولات التي تطرح حول مصير الثورات العربية وما ستؤول اليه الأمور في هذه المنطقة الستراتيجية الحساسة من العالم حيث حرص فوكوياما على تقديم رؤيته حول مصير الحراك الديمقراطي العسير الذي تشهده المنطقة العربية جراء الثورات العربية وذلك من خلال التأكيد على أن ما يحدث في المنطقة ليس تغييراً مزاجياً عابراً سينتهي بانتهاء هذا التيار وإنما جاء ذلك نتيجة تراكمات من القمع والديكتاتورية وإن كانت الأنظمة العربية تتمتع بغالبيتها بنفس المواصفات إلا أنها تختلف بين نظام وأخر من ناحية الطبقة المثقفة التي خلفتها هذه الأنظمة حيث كانت الشريحة المتعلمة والتي لا تنتمي الى تيارات دينية ولا إيديولوجية وهي تحترف بالعمل على التقنية الحديثة وراء إسقاط نظامين في مصر وتونس لحد هذه اللحظة ما عجزت شرائح مماثلة في المنطقة القيام بنفس المهمة التي قام بها شباب مصر وتونس .
يجيب فوكوياما على أسئلة الصحفي في جريدة فيلت التي أصر فيها على أن مايحدث هو ترسيخ لنظريته التي يعتقد فيها أننا نقترب عن كثب نحو نظرية "نهاية التأريخ " المتمثلة بالليبرالية الديمقراطية قائلاً : فرانسيس فوکوياما (Francis Fukuyam): : ما يحدث في العالم العربي يتناغم بشكل دقيق مع نظرياتي حيث استطاعت الحضارة العربية مقاومة «المد الديمقراطي الثالث» طيلة العقود المنصرمة . ما أقصده هو مرحلة دمقرطة المجتمعات التي مر بها العالم المتقدم في سبعينات القرن الماضي والذي بدأ هذا التيار في أوروبا ومن ثم انتقل الى أمريكا اللاتينية وبعد إنهيار جدار برلين توسع المد الجارف ليصل الى أوروبا الشرقية فلحد هذه الساعة لم يتمكن التيار المذكور دخول العالم العربي والعمل على تدشين نظام ديمقراطي ولو نظام واحد يؤسس على الحكم الديمقراطي لكن ما حدث في مصروتونس أثبت للعالم أن العالم العربي ليس مستثناً لا ثقافياً ولا إجتماعيا ًعما حدث في العالم حيث أنّ العالم العربي يرغب بتأسيس مجتمعات ديمقراطية شأنه شأن بقية الدول في العالم .
الصحيفة :لكنّ "نيل فرغوسون"(Niall Ferguson)، المؤرخ البريطاني ، يرى أنه من المرجح أن تحسم الثورات العربية بعدة إحتمالات منها :1) عودة النظام الديكتاتوري السابق على طريقة عام 1848 و 2) الصراع الطائفي بين السنة والشيعة في المنطقة العربية برمتها وهذا الأمر سيكون كارثياً للغاية على الثورات .
فوکوياما: جميع هذه الإحتمالات من المرجح حدوثها ولا نعرف ما ستؤول اليه الأمور في المنطقة العربية لكن لو افترضنا جدلاً عودة النظام الديكتاتوري في البلدان العربية لكن ذلك سوف لن يعيد السياسات العربية عما كانت عليه قبل الثورات العربية لأن المجتمع المدني والحراك الإجتماعي بدأ بالفعل في تعزيز دوره وهذا ما يجب أن تخشاه الكيانات الجديدة .
الصحيفة: لكن ألا يعتبر ما يحدث في المنطقة العربية هومجردمحاولة خجولة من قبل المجتمع المدني الذي لم تترسخ بعد جذوره وحضوره في أوساط المجتمعات العربية وحتى الأردن على سبيل المثال وهو بلد عربي يتكون من مجتمع مدني متطور لا زال يعاني من الحضور العشائري الفاعل بين أوساطه ؟

فرانسيس فوکوياما: لا أعتقد أن ما توصلت إليه يمت بصلة للواقع كي نتمكن من تعميمه على جميع البلدان العربية وإن كانت رؤيتك حول الأردن وليبيا واليمن صادقة الى حدما لكنها ليست بالفعل تنطبق على مجتمع مثل المجتمع المصري أوالتونسي فمن أهم الذين تناولوا هذا الموضوع هو "صاموئيل هانتينغتون " ولابد أنك قد قرأت مقالات هذا الكاتب فأنا لست معنياً هنا بـ "هانتينغتون" صاحب كتاب "صراع الحضارات " بقدر ما يعنيني "هانتينغتون" صاحب كتاب الـ " الإصطفاف السياسي في المتغيرات المجتمعية "الكتاب الذي تم نشره عام 1968 حيث يرى هذا الكاتب في كتابه المذكور أنّ ؛ من أهم أسباب التوترات والإضطرابات في البلدان النامية ليس الفقراء أو البرولتوريا بقدر ماهم الأثرياء الذين تنموا مطالبهم بسرعة هائلة حيث يعجز النظام السياسي في هذه البلدان تأمين مطالبهم بشكل تام فما حدث بالفعل في مصر التي شهدت قفزة نوعية في مجال التعليم عبر مراحل سابقة ينطبق على هذا الأمر فلم يكن الفقراء ولا التيار الإسلامي هما من قادا الثورة في مصر بل المثقفون المتعلمون الذين يتقنون التقنية الحديثة هم من كان وراء ما شهدته مصر في الأونة الأخيرة لكن ذلك لا يعني أن تكلل مساعي هؤلاء بالنجاح الكامل إننا في واقع الأمر قد تعرضنا للأحباط في السابق جراء ما آلت إليه ثورات جورحيا وأوكرانيا لكن رغم ذلك فإن العالم العربي قد لحق بركب التقدم العالمي وهذا ما يبعث على التفاؤول .
الصحيفة:أنت من مؤيدي نظرية "كانط " التي تشير الى عدم دخول الليبراليين الديمقراطيين في حرب ضد بعضهم الأخر تحت عنوان "السلام المؤبد" لكن اليوم نلاحظ أن هؤلاء الليبراليين هم من ألد أعداء إسرائيل حيث يرفضون الإعتراف بدولة إسرائيل ويتمنون لو مزقوا مبادرة السلام الموقعة بين مصر و إسرائيل .ألا تعتبر مثل هذه التطورات عبارة عن خط بطلان على نظريتكم "الديمقراطية تساوي السلام " ؟ .
فوکوياما: لا أعتقد أن القائمين على الثورة المصرية يريدون المواجهة مع إسرائيل فهم يحاولون المخاطر التي تهدد ثورتهم في بادئ الأمر لكن أجواء العلاقات بين الأنظمة العربية التي ستبنى على أساس الديمقراطية وإسرائيل ستصبح أكثر قتامة من هذا المنطلق سوف توضع نظرية "الديمقراطية تساوي السلام " موضع الإختبار فلا يرغب الليبراليون استخدام القوة والخيار العسكري كحل وضد بعضهم الأخر على أقل تقدير لكن إذا ما حدث صدام بين النظامين الديمقراطيين في المنطقة عند إذ ستحدث الحرب ونتيجة لذلك لن يحصل تغييراً ديمقراطياً جراء هذا الأمر.
الصحيفة: هل يمكن القول بأن عملية التأثير على الإسلاميين (الراديكالية الإسلامية – الإسلام السياسي – السلفية الجهادية) في المنطقة يصب في صالح دمقرطة العالم العربي ؟
فوکوياما: ذاكرتنا تزخر بأحداث الثورة الإيرانية عام 1979 والكل يخشى التطرف الإسلامي الذي سيجلب معه تيارات دينية متطرفة والتي قد تحاول الإنقضاض على الحركة الليبرالية في المنطقة من جديد ، لكن اليوم قد تغيرت الظروف وخارطة المنطقة حيث أن الليبرالين اليوم يرفضون إدارة البلاد من قبل الإسلاميين كما أن الإسلاميين أنفسهم رفضوا تولي مثل هذا الطرح رغم أن البعض يرى أن رفض الإسلاميين لا يعدو كونه تكتيكاً كي لا يرعبوا الناس في الفترة القادمة من مشاريعيم ولكنك لو كنت "إخوانياً " ونظرت الى كل من الحكم في إيران وتركيا فأي الإثنين قد تفضله ؟ تركيا بلد غني لديها إقتصاد متنامي وإن إيران بلد فقير ويعاني من العقوبات الإقتصادية . لو كنت أنا إخوانياً لا شك أنني سأختار النموذج التركي .
الصحيفة: أليس العرب يفتقدون لـأمثال الـ «الحركة التضامنية البولندية» و « ميثاق 77 الشيكي » كما أنهم لا يتمتعون لحد هذه اللحظة بمجتمع مدني متناغم ؟
فوکوياما: هذا صحيح . هذا الأمر من نتائج الحكم الديكتاتوري في ظل غياب الأحزاب ، فقدان لوسائل إعلامية حرة ومستقلة و نظراً لشدة القمع الذي تتعرض له مؤسسات المجتمع المدني فليس من السهل تصور مرحلة الديمقراطية على أنها عميلة بسيطة . فلا بد البدء من نقطة ما فاليوم تقع على عاتق مصر وتونس عملية بناء أحزاب سياسية وبناء تحالفات ومناهج حزبية من ثم تنشئة كوادر لإدارة البلاد بشكل مؤمل وإن حصل هذا فقد تسير الأمور بالشكل المطلوب إنني على استعداد أن أراهن على أن هذا لن يحدث في الوهلة الأولى وستمضي هذه الدول عامين أو أكثر في دوامة الثورات فعامها الأول سيرافقه الإحباط حيث في مصر توجد ثلاثة تيارات لديها خبرة ومؤهلات ريادية في هذا الإطار وهي : الإخوان المسلمين ، الجيش والحزب الوطني الحاكم(سابقاً) من هنا ستحدث معركة كبيرة بين هؤلاء .
الصحيفة: كنت في كتابك" نهاية التاريخ " قد استندت الى مثل أمريكي يجكي قصة أن قاطرة تسير في ربوع خضراء في أمريكا وتنتهي مسيرة القافلة بمدينة أمنة حيث ينزل بعض ركاب القاطرة في الربوع الخضراء والبعض الأخر يتعرض لمهاجمة الهنود الحمر والبعض الـأخر يحاول دون فائدة تذكر الصمود لكن معظم ركاب القاطرة ينجون بوصولهم المدينة الأمنة أي من قطارات الشرق الأوسط ستتمكن من الوصول بسلام الى المدينة الأمنة ؟
فوکوياما: تونس و مصر يتمتعان بحظوظ جيدة أما اليمن، ليبيا و سوريا فقد تواجه مخاطر عديدة وأما بالنسبة للأردن فهي قد تصل الى نظام ملكي دستوري في نهاية المطاف فلدى الأردن نظام إنتخابي مثير للإستغراب يفضل البدو على سكانه الذين هم من أصول فلسطينية ، لكن ملك الأردن الذي يتمتع بدراية عالية سوف يصل الى أن هذا الأمر من شأنه زعزعة إستقرار هذا البلد .في النهاية ، سوف يسعى الأردنيون الى الوصول نحو بر الأمان وبناء نظام ديمقراطي عبر الطرق السلمية لكن لو وجد أي من خبراء شؤون الشرق الأوسط وهو يزعم أنه قادر على تكهن ما سيحدث في المنطقة العربية لاشك أنه يخدع متابعيه بطريقة ما .
الصحيفة:هل تدعم ما يحدث في ليبيا من حرب عسكرية ؟
فوکوياما: في خضم ما يبذله العقيد معمر القذافي من جهد للسيطرة على البلاد يصعب على الشخص الوقوف مع أو ضد ما يحدث لكن على ما يبدو تسير الأمور الى حد الأن بطريقة لا بأس بها وعلى التحالف الدولي ضد ليبيا اتخاذ هذه المواقف من اللحظة الأولى ، حيث دعمت جامعة الدول العربية حظر الطيران فوق ليبيا وصوت مجلس الأمن لصالح كذا قرار وتولى النيتو إدارة العمليات أي ليس الولايات المتحدة بمفردها تشن الضربات وهذا كان بالأحرى أن يحدث للعراق ، فإذا ما صمد القذافي بوجه التحديات سوف يهدد التقسيم ليبيا في المستقبل وهنالك تساؤول مطروح في هذا الإطار وهو ؛ هل سيستمر التحالف الحالي ضد القذافي ؟ فلا يمكن لأحد تقديم رؤية شاملة حول هذه المواضيع .
لا شك أنّ العملية الديمقراطية في العالم العربي التي بدأت تسير دون وقفة سوف تصل الى محطتها الأخيرة ألا وهي المدينة الآمنة وذلك بجهد وتضحيات القائمين عليها والذين يساندهم معظم أبناء الشعوب العربية فصوت الحرية يتعالى اليوم في سورية واليمن والعراق وبقية الأقطار العربية وإن هنالك متغيرات سوف تشهدها المنطقة حيث أنها من تراكمات الحقبة الإستعمارية التي خلفتها لجيلنا وعلى رأس هذه التأثيرات التي سوف تعصف بالمنطقة وهي بحاجة الى حلول ملحة ؛ البحث عن مخرج للقضية الفلسطينية التي اشغلت العرب طيلة العقود السبعة الماضية والمتغير الثاني الذي لا يقل أهمية هو تأثير الثورات العربية على الدول المجاورة للعرب وعلى رأسها إيران والتي لا يقل أهمية التغيير فيها عن العالم العربي ليس لسبب واحد بل لعدة أسباب .
1-فرانسيس فوکوياما (Francis Fukuyam):.
2- صحيفة " Welt online " الألمانية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استقطاب طلابي في الجامعات الأمريكية بين مؤيد لغزة ومناهض لمع


.. العملية البرية الإسرائيلية في رفح قد تستغرق 6 أسابيع ومسؤولو




.. حزب الله اللبناني استهداف مبنى يتواجد فيه جنود إسرائيليون في


.. مجلس الجامعة العربية يبحث الانتهاكات الإسرائيلية في غزة والض




.. أوكرانيا.. انفراجة في الدعم الغربي | #الظهيرة