الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إزالة آثار النكبة وحق العودة

محمود جلبوط

2011 / 5 / 15
القضية الفلسطينية


يتساءل البعض عن العلاقة الترابطية بين إزالة آثار النكبة وحق العودة، ويتفاءل البعض عن إمكانية الانفصال بين تلك المسألتين المعقدتين؛ لدرجة أن بعض المسؤولين في السلطة الفلسطينية والمهيمنين على قرارها وإرادتها، يعتقدون أن السلام من وجهة نظرهم قادم لا محالة، وهم يدركون أن هذا السلام (أي التسوية) ممكن أن يتجاوز كلا المسألتين السابقتين، وأن هذا السلام من وجهة نظرهم قادر على تجاوز حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم، وإجبار اللاجئين على التعايش مع الواقع الجديد؛ سواء كان ذلك بالتوطين أو التهجير.
وبشكل عام تحل في الخامس عشر من أيار 2011 الذكرى الثالثة والستين للنكبة الفلسطينية، والتي هي العنوان الرئيسي لما سمي لاحقاً "بالقضية الفلسطينية"، وإن كان الاحتلال الإسرائيلي لما تبقى من أراضي فلسطينية وأجزاء واسعة من أراضي الدولة العربية المجاورة عام 1967 قد أعطى أبعاداً جديدة للمشروع الصهيوني في المنطقة، وهو ما عكس نفسه بالتالي على أولويات المشروع الوطني الفلسطيني، إلا أن ذلك لا يلغي العنوان الأساسي للقضية الفلسطينية، ويجعل من الأوهام إحلال سلام في المنطقة دون مراعاة الحقوق الأساسية للاجئين الفلسطينيين، والذين يمثلون ثلثا الشعب الفلسطيني.
إن السلطة الفلسطينية وتحديداً القيادة المهيمنة على القرار السياسي، والتي حصرت خياراتها في إدارة العلاقة مع دولة الاحتلال بالمفاوضات وحسب، دون أن توفر لهذه المفاوضات عناصر القوّة الضرورية التي من شأنها أن تحدث توازن نسبي بين أطراف التفاوض، وهذا ما جعل اللاجئين باختزال دورهم وللأدق حقهم في تقرير مصيرهم يتوجسون من هذه المفاوضات، ويعتبرون إلى حد كبير أنفسهم خارج إطار الحركة الوطنية الشاملة لعموم الشعب الفلسطيني، وإن كانت الأصوات في إطار حركة اللاجئين قد بدأت تعلو، فإن من المهم التأكيد أن الهدف الرئيسي يتمثل في قدرة اللاجئين على تصويب موقف المفاوض الفلسطيني لصالح الالتزام بحق العودة إلى الديار والممتلكات. وهنا تبرز محورية نضال اللاجئين لصالح الدعوة إلى المشاركة السياسية في القرار الفلسطيني من خلال المشاركة الواسعة والشاملة في الانتخابات المنتظرة للمجلس الوطني الفلسطيني، وإعادة الاعتبار إلى الأساس في النظام السياسي الفلسطيني وهو منظمة التحرير الفلسطينية ومشروعها الوطني، بعد أن همش البعض ذلك النظام وعمل على استيعابه واحتوائه في سلطة هي أقرب إلى حكم ذاتي إداري منها إلى نظام سياسي وطني.
في ذكرى النكبة لا بد من التأكيد أن الحق الأساسي للاجئ الفلسطيني المتضرر الرئيس من النكبة، يتمثل بإقرار حق العودة إلى دياره وممتلكاته، ومن المفيد هنا التأكيد على أن هذا الحق يتعدى الحق الإجرائي العملي إلى الإقرار ببعده السياسي، أي تحميل "إسرائيل" ومن قبلها المؤسسة الصهيونية، وتواطؤ الدول الغربية، أي تحميلها جزءاً من المسؤولية أيضاً السياسية والأخلاقية عن النكبة بإبعادها المختلفة الإنسانية والسياسية والعملانية، وذلك على المستويين الجماعي (مجمل اللاجئين) أو الفردي.
إذ أخذنا الجانب الإنساني ألا وهو الفلسفة الأشمل للبشرية، بما تمثله من أفكار وقوانين ومقولات تضبط العلاقة الجدلية بين الحريات والحقوق الفردية والحريات والحقوق الجماعية، وهي الفلسفة التي تعتنقها مليارات البشر على مستوى العالم ولا سيّما في الدول الغربية؛ بمعزل عن التزام حكوماتها، نرى أن الحق الفردي للاجئ تضمنه فلسفة الحرية والملكية الشخصية، أما على المستوى الجماعي فتضمنه فلسفة الحريات والحقوق والملكية الجماعية.
إن الإقرار والاعتراف بمسؤولية "إسرائيل" عن النكبة، هو الذي يمثل البُعد الجماعي المعنوي لحقوق اللاجئين كجماعة، ويعني تلقائياً تراجع السردية الصهيونية حول أرض بلا شعب لصالح السردية الفلسطينية ـ العربية، وهذا بالضبط ما يفتح الطريق أمام سلام حقيقي متوازن نسبياً، سواء من خلال دولتين أو دولة ديمقراطية واحدة على كامل أرض فلسطين الانتدابية، في حين تمثل الإجراءات العملانية أي التفصيلية لتحويل حق العودة إلى واقع، البعد الفردي لهذا الحق، وهو يعود أساساً إلى اللاجئ الفلسطيني كفرد.
بدون هذا الإقرار لا يمكن الحديث عن سلام حقيقي واعد، بل وفي أحسن الأحوال تسوية مؤقتة، فالحل بالأساس سياسي محوره الفلسطينيون والإسرائيليون، لكن الوصول إلى هذا الحل يتطلب عملية تغيير وضغط في موازين القوى على المستويين الإقليمي والدولي، والتي أساسها ليس فقط المصالح بين الحكومات فحسب بل الإقرار والقبول الشعبي والإنساني، وعلى كافة المستويات والأصعدة.
إن حركة اللاجئين تتجه نحو مزيد من الاتساع والرسوخ، وهي تعبر عن ذلك بشكل خاص في الإحياء المتواصل والمتصاعد لذكرى النكبة، إلا أن هذه الحركة مطالبة بتطوير قدرتها للوصول إلى تصويب موقف المفاوض الفلسطيني لصالح الالتزام بحق العودة إلى الديار والممتلكات.
المطلوب إعداد إستراتيجية شاملة ودائمة للدفاع عن حق العودة، وحشد وتوحيد كل الإمكانات داخل الساحة الفلسطينية وخارجها، من أجل جعل المطالبة بعودة اللاجئين قضية رأي عام عالمي. إن جميع أطراف الطيف السياسي الفلسطيني واللاجئون أساساً مدعوون للاتحاد على تجميع كل الجهود وهي هائلة إذا اتحدت.
بهكذا تصبح العودة خياراً واقعياً، ودونها تبقى طيفاً من الخيال ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي


.. فايز الدويري: الهجوم رسالة إسرائيلية أنها تستطيع الوصول إلى




.. عبوة ناسفة تباغت آلية للاحتلال في مخيم نور شمس


.. صحيفة لوموند: نتيجة التصويت بمجلس الأمن تعكس حجم الدعم لإقام




.. جزر المالديف تمنع دخول الإسرائيليين احتجاجًا على العدوان على