الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قداسة الفقهاء بين الحرمان والقهر وتضخم الآمال البعدية

يامنة كريمي
كاتبة وباحثة

(Yamna Karimi)

2011 / 5 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عديدة هي المرات التي تطرح فيها الأسئلة حول أسباب حشد الفكر السلفي لذلك العدد الهائل من الأتباع والمريدين في البلدان الإسلامية، على الرغم من كونه يقوم في معظمه على الخرافة والأسطورة. وعلى كونه يدعو للتمييز والعنف والإرهاب...في حين ينفر أغلبية المتدينين ومنهم المسلمين من الفكر التقدمي القائم على احترام حقوق الإنسان وما يتضمنه من مساواة وعدل وتنوير.. لكن الأجوبة تكون غير شافية فتستمر الحيرة و تبقى الأسئلة عالقة.
كيف يتنكر الإنسان الذي ميزه الله بالعقل لطه حسين وفرج فودة وعلي عبد الرازق ومحمود طه وخليل عبد الكريم وناصر حميد أبو زيد ونوال السعداوي ومحمد شحرور ومحمد أركون وآمال قرامي وألفة يوسف...؟ هذه النخبة من المفكرين التنويريين التي تعرف ب"Les penseurs Maudits de L’Islam" على الرغم من أنهم يرون في أي إنسان مواطنا كاملا وكرامته محفوظة وله مثل ما عليه. ويقدمون فكرا إسلاميا نقيا ومقبولا عقليا ومنطقيا، ومتماشيا مع روح العصر، وقابلا لاستيعاب حاجيات ومتطلبات الناس دون أي مس بقدسية الاعتقاد.
وكيف ذلك الإنسان نفسه يتهافت وينتحر من أجل من يضغضغون مشاعره بالأكاذيب والخرافات ويعطلون كل ما لديه من ملكات العقل والإدراك؟ ويرجعون به للعهود البدائية ويجعلون منه قطيعا من التابعين والخانعين (الراعي والرعية)، ليتم تحويله فيما بعد إلى قنبلة موقوتة تنفجر متى أعطى الأمير أو الداعية أو الفقيه أو المفتي أو الإمام الأمر بذلك؟ فيغيب الأمن والاستقرار ويتوقف التطور والنمو والإبداع. وتحل الفتنة والرعب والإرهاب والخراب والدمار، مما يزيد من عمق التخلف والجهل لدى تلك الشعوب. ألم يفهم يوما أن أولئك الذين نصبوا أنفسهم حراسا للدين وحماة لأبراج القداسة قد انتزعوا وينتزعون الإسلام من سياقه الأخلاقي والتعبدي ويستغلونه في الإديولوجية والسياسة وذلك للوصول للسلطة حتى وإن كان الثمن هو التنكر للحضارة والمدنية والمشي على الجثث والأشلاء؟
على الرغم من أن الإجابة عن هذه التساؤلات تأتي مختلفة ومتنوعة باختلاف مواقع ومنطلقات أصحابها، يمكن تقديم مقاربة نتوخى منها أن تشكل اللحمة والجمع بين مختلف الإجابات. وهذه المقاربة تقوم على أساس الرجوع لمفهوم الدين وأسباب ظهور التدين منذ البداية. فالدين هو من جهة، اعتقاد في قوة أو قوى خارقة ومن جهة أخرى، القيام بمجموعة من الشعائر الطقوس والممارسات من أجل إرضاء تلك القوى في حالة التعدد أو القوة في حالة التوحيد، لنيل رضاءها وبالتالي مساعدتها أو على الأقل إبعاد غضبها. ومن أهم أسباب ظهور التدين –حسب الدراسات التاريخية- هو ضعف الإنسان وعدم قدرته على تفسير عناصر الكون و مواجهة الكوارث الطبيعية والأوبئة والأمراض والحيوانات المفترسة...أي المصاعب، مما أرغمه على الاعتقاد في قوى غيبية تمتلك قدرات غير محدودة وسلطة شاملة ومطلقة يلجأ لها حالة العجز ويسهر على إرضائها والامتنان لها عن طريق مجموعة من الممارسات. ومنه يمكن أن نقول بأن تهافت معظم الناس على رجال الدين وجعلهم محط ثقة كما نلاحظه في المجتمعات الإسلامية أو غيرها، سببه ما تعانيه فئة عريضة من هذه المجتمعات من فقر وجهل وظلم وتهميش...تلك الفئة التي حرمت من كل سبل الحياة وإمكانياتها وفقدت الثقة في كل أصحاب الأمر والسلطة في الدنيا ولم يتبقى لها سوى التطلع إلى ما ليس للحكام عليه سلطة ألا وهو العالم الآخر. ذلك العالم الذي يبديه الفقه الإسلامي مليئا بالمغريات الذكورية التي يمكنها أن تعوض الفرد عن كل الحرمان الدنيوي وبشكل يفوق كل أحلام وآمال الذكر في تلك الفترة وذاك المجتمع. لكن ما هي العلاقة بين الحرمان والظلم في الدنيا ومغريات الآخرة من جهة ورجال الدين من أخرى؟ الجواب هو أن العامة من الناس وحتى النخب التي لا تتوفر على رصيد معرفي في مجال الدين أو الأديان، تعتقد بأن الفقهاء ورجال الدين هم الأعلم بالطرق المؤدية إلى الجنة ونعمها لذلك فهم الوسيطة بينهم وبين الفردوس. خاصة وأن رجال الدين يبينون على أن السبيل إلى الجنة عبارة عن متاهة لا يمكن عبوره بنجاح إلا عن طريقهم. مما أغدق عليهم هالة من التقديس استخدموها كأسلوب من الأساليب القديمة المعاصرة لاستغلال الناس واسترقاقهم.
وختامه هو أن الحرمان والقهر يجعل الناس تأجل آمالها وأحلامها لما بعد. ولتحقيق الآمال البعدية لا بد من التعلم عن الفقيه-الوسيط والامتثال له. وما دام الفقيه السلفي مهووس بالسلطة ومشحون بالأحقاد والعداوة للغير، سواء كان ذلك الغير دار حرب أو امرأة، فلا مفر من العنف والإرهاب.
وللإشارة فمبدأ النسبية محفوظ في كل ما نكتبه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -لم يقل لنا المسيح إن العين بالعين-.. -أسقف سيدني- يسامح مها


.. رحيل أبو السباع .. 40 عاماً من إطعام زوار المسجد النبوي




.. بعد 40 عاماً من تقديم الطعام والشراب لزوار المسجد النبوي بال


.. الميدانية | عملية نوعية للمقاومة الإسلامية في عرب العرامشة..




.. حاخام إسرائيلي يؤدي صلاة تلمودية في المسجد الأقصى بعد اقتحام