الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدتي من بلدة المرقب لن تستطيع أن تحاور الرئيس

المثنى الشيخ عطية
شاعر وروائي

(Almothanna Alchekh Atiah)

2011 / 5 / 16
الادب والفن


جدتي من بلدة المرقب
لن تستطيع أن تحاور الرئيس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المثنى الشيخ عطية

جدتي السورية من بلدة المرقب في بانياس
لن تروي لنا حكاياتها هذا المساء.
جدتي تقف أمامنا محرجةً. لقد نسيتْ
طقم أسنانها بجانب دمائها على أرض الشارع..
جدتي لا تستطيع إحضار طقم أسنانها لتروي لنا..
جدتي صارت تخاف، أن يطلقوا النار عليها ثانيةً
إن هي عادت إلى جثتها..
جدتي تريد أن تعتذر منا لأن القتلة
لا يَدَعون أحداً يقترب من الجثث
هم يحرسونها ببنادق القنص
هم يخافون إن أخذها ذووها، أن يضعوها
أمام الكاميرات لكي يراها العالم
أو أن يشيّعوها، فيجدّدوا بوفائهم لها المظاهرات
جدتي لم تستطع إحضار طقم أسنانها لتخبرنا،
كيف فقدت طقم أسنانها،
كيف طار من فمها بفعل عنف الطلقة التي انفجرت في دمها
جدتي تنظر إلينا محرجةً، فهكذا الجدّات،
من أن نكون رأينا طقم أسنانها بجانب جثتها،
تنظر إلينا معتذرةً أنها لم تستطع أن تزيل عنه آثار الدماء.
جدتي لا تستطيع أن تخبرنا كيف أنها
حين خرجت للتظاهر مع من فقدن أولادهن من النساء
لم تستطع أن تكمل الهتاف
لم تستطع أن تكمل الجملة التي صاغتها قبل يوم
وحضّرت عليها نفسها.. كانت تريد أن تقول للرئيس:
ياسيادة الرئيس.. أبناؤنا معتقلون لديك
أبناؤنا ليسوا كما تريدون أن توهموا العالم
أبناؤنا ليسوا عصابات ولا مندسّين ولا سلفيين
أبناؤنا اعتقلوا وقتلوا في مظاهرةٍ سلمية
أبناؤنا لم يطلبوا شيئاً سوى الحرية
أبناؤنا معتقلون ومقتولون دون وجه حق،
أبناؤنا مسالمون، وأنتم تثكلون الأمهات
أنتم من يريق الدم
ياسيادة الرئيس نحن أمهات وأنت لديك أم...
جدتي كانت تريد أن تقول هذا فقط
لكنها لم تستطع أن تكمل الجملة التي حضّرتها..
في زخّة الرصاص الذي انهمر..
جدتي شعرت فقط بأن قلبها انفجر..
جدتي لم تحسّ بألمٍ في البداية، لم تحسّ بأن شيئاً مات
غير أن انتزاع أسنانها من فمها أشعرها بالألم

**** **** ****
جدّتي من بلدة المرقب..
لن تستطيع أن تحاور الرئيس مثلما طلب..
ليس لأنه بعد ألف جثةٍ..
قال له مستشاروه بأنه يمكنه الآن أن يحاور الشعب
وأنه الآن بعد ألف جثةٍ أخاف الشعبْ..
وأنها رافضة أن تكون هكذا هي العلاقة ما بين رئيسٍ وشعب
أنها رافضة لهذا المنطق البائس في حكم الشعب
وأنها تريد أن يحكم نفسه بنفسه الشعب..
جدتي لن تستطيع أن تحاور الرئيس مثلما طلب..
لأنها ببساطةٍ لا تستطيع أن تحضر طقم أسنانها
المرمي بجانب جثتها على أرض الشارع
وأنها لا تستطيع لهذا أن تشعل الهتاف
بالجملة التي صاغتها، وأنها تخاف
أن يطلقوا النار عليها ثانية، فتشعرَ بالألم
من رؤيتنا طقم أسنانها مضرجاً بالدم

**** **** ****
جدتي السورية من بلدة المرقب في بانياس...

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الموسيقي طارق عبدالله ضيف مراسي - الخميس 18 نيسان/ أبريل 202


.. فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024




.. السجن 18 شهراً على مسؤولة الأسلحة في فيلم -راست-


.. وكالة مكافحة التجسس الصينية تكشف تفاصيل أبرز قضاياها في فيلم




.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3