الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سماء السلفية تمطر وعيدا

يامنة كريمي
كاتبة وباحثة

(Yamna Karimi)

2011 / 5 / 18
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


سماء السلفية تمطر وعيدا

قصدت في أحد الأيام سوقا شعبيا وسط المدينة القديمة بمكناس يعرف لدى المكناسيين ب- سوق الحفرة- و كان عبارة عن سوق من الخيام كتلك التي تعقد كل أسبوع في البوادي المغربية. لكن سوق الحفرة شيء آخر. فعندما تطأ بابه تحس وكأنك على باب قندهار. فهناك رجال بوجوه في معظمها مصفرة ومكفهرة وبعيون جاحظة من شدة ترقب المارة وخاصة المارات. وبلحي طويلة وأحيانا مخضبة بالحناء, ينتعلون "مشايات" من البلاستيك ولباسهم خشن و متدرج من الأسفل نحو الأعلى. فمن السروال الطويل إلى القميص الشرقي الأقل طولا إلى المعطف الذي ينزل تحت الركبة, إلى الجاكيت التي تصل إلى نصف الفخذ, وحول العنق يظهر لك أكثر من كول أو كولين وفوقها غطاء الرأس سواء كشعار للعروبة أو ثوب بلون القحط والتصحر. هذا على مستوى العين, أما على مستوى الأذن فإنك لا تسمع سوى أبواق الوعد والوعيد وعذاب القبر. وفي هدا الجو "الرباني" اقتربت من أحد المتاجر وكانت كلها متشابهة من ناحية المواد المعروضة حيث كانت في معظمها تعرض ملابس نسائية وخاصة التحتية وأدوات الزينة والحقائب وهذا في حد ذاته نوع من "الطعم"... وأنا ضمن النساء أختار بعض الأغراض كان صراخ الداعي من خلال آلة التسجيل يخرم طبل أذاننا ب:" لعن الله المرأة التي تخرج من البيت دون إذن ولي أمرها أوزوجها وهي بدلك عاصية وناشز وتسقط نفقتها..." وعند سماعي لذلك أدرت وجهي يمينا وشمالا لأرى إن كنت سأجد إمارة أو علامة تدل على أن ذلك الحشد الهائل من النساء اللواتي تتجمعن حول المتجر مصرح لهن بالخروج, وإن لم يكن الأمر كذلك فما هي ردة فعلهن جراء ما يسمعنه. لكن لم ألاحظ أية ردة فعل ومن شدة خيبة الأمل أطلقت ضحكة بصوت مسموع حيث إلتفتت إلي بعض النساء راغبات في معرفة ما يحدث فأومأت لهن أن كل شيء على ما يرام, فعادت كل واحدة تبحث عما تريد. وانصرفت متمردة دون أن أشتري شيئا, لأنه لا يعقل أن أدفع فلسا من جيبي لشخص يكيل للمرأة كل أنواع اللعن والشتيمة. لكن لا أنكر أنني غادرت المتجر و أنا جد متثاقلة وكأنني أحمل أكواما من الهموم والمسؤوليات مع وجود صوت بداخلي لا يتوقف عن القول:" ما العمل وما المعمول؟ ما هي الأسباب التي أوصلت المرأة إلى ما هي عليه من الذل والدونية؟
وبالفعل لا يمكن اتخاذ أي تدبير من التدابير حيال التحديات التي تواجهنا بدون رصد الأسباب ومعرفتها. فالمرأة الشعبية في المجتمع المغربي كباقي المجتمعات الإسلامية الأخرى- وإن كان بدرجات متفاوتة- تخضع لكل أشكال العنف بسبب الجنس. ويتمثل ذلك العنف في العزل والضرب واللعن والتحقير والتهميش والدونية...والحرمان من مجموعة من الحقوق المخولة لها كإنسان وكمواطنة. ولن يستغرب الفرد لهذا الوضع إذا كان يعلم بأن فبركة واقع المرأة يبدأ منذ اللفة الوردية ولعب البيت والمطبخ والعرائس. ناهيك عن أن الفرد كلما جلس أمام بعض القنوات التلفزية أو أراد إلقاء نظرة على مواقع الأنترنيت بحثا عن خبر أو موضوع يستحق الإهتمام, أو ألقى نظرة على أكشاك الكتب والمجلات على طول أحد شوارع المدن المغربية الكبرى اصطدم بركامات من الكتب "الإسلامية" باللغة العربية وحتى لغات أخرى, وبمختلف الأحجام والألوان وكلها تتكلم عن المرأة والجنس- المرأة والزينة-المرأة والحجاب-المرأة والطاعة-المرأة والسحر- المرأة والشيطان- المرأة والعذاب. وإن تعددت أشكال العرض فالخطاب واحد وهو, أن المرأة جنس وزينة وهي ملك لذكر, مما يفرض عليها العزل وطاعة الزوج وإلا مصيرها العذاب. أمام هذا الخطاب الإسلاماوي يبقى كل من يتمتع بذرة عقل تائها حائرا لا يلوي على شيء من شدة الصدمة ويمكن أن يبقى على هذا الحال لسنين طويلة وهو يتمعن في كل هذه المخلوقات البشرية التي تصدق قواعد ذلك الخطاب وتعمل به دون أدنى تشكيك في قواعد لعبة الكهنوت الإسلامي "السلفية" المقدسة. وكأن عقول البشر قد تجمدت وشلت أكثر من السابق مما سمح بتوسع مجال اللعبة وتعدد مظاهرها. فنسبة المحجبات قد ارتفعت في العشر سنوات الأخيرة وكذى عدد الداعيات، وأماكن الدعوة قد تعددت من الفيلات الفاخرة إلى الأكواخ الفقيرة ناهيك عن المساجد والأضرحة والكتاتيب أو ما يطلقون عليه دور القرآن والمدارس والأندية والملاعب والمنتزهات والحمامات العمومية ووسائل النقل العمومي والمحلات التجارية وحتى السجون... أما شتائم الدعاة ووعيدهم فلم يعد منه مفر فحيثما حلت المرأة خاصة الغير مختمرة تواجه اللعن والسب، في الشارع وحتى في حرمة المساجد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - متى يكتشف الدواء الناجع لفيروس السلفبة؟؟؟
فهد لعنزي السعودية ( 2011 / 5 / 18 - 12:53 )
السلفية فيروس فتاك ساعد على اتشاره دكتاتوريات الحكوومات الاسلامية بافقار شعبهم وجعلهم لقمة سائغة بيد السلفية الوهابية التي ترشبهم بالريالات السعودية لا حبا في الاسلام بل حبا للاستعباد والهيمنة.ولا يجب ان ننسى دور الدول الاستعمارية التي وجدت في الفكر السلفي المتمثل ب آل سعود ضالتها لان هذا الفكر يسمح لولي الامرارتكاب الموبقات من عمالة وخنوع لهم و من تبذير الاموال وظلم العباد بدون اي اعتراض لكونه يمثل الله في الارض. متى يكتشف السعوديون سما قاتلا لهذا الفيروس ليريحوا ويستريحوا.
اغاية الدين ان تحفوا شواربكم *** با امة ضحكت من جهلها الامم


2 - الم تُساهم المراه في استعبادها !!!؟؟
سالم الدليمي ( 2011 / 5 / 18 - 20:04 )
وجودكِ سيدتي الفاضله و مثيلاتُكِ ممن يُحاولنَ أنصاف المراه و حثها لأنتزاع كرامتها من الأستعباد الديني الذكوري ، لهو إشارات ببدء وعي نسوي جديد يرفض تلك المفاهيم المُسرِفه في الأستبداد ، لكن سيدتي الا ترين أن المراه ذاتها ساهمت و لا زالت بترسيخ مفاهيم الأستعباد تلك !!!، فلا زالت الأم تُربي أبنتها على قبول الرضوخ الأعمى لسلطة الذكر و للقبول بأن تكون أداةً لمتعته و رغباته ببساطه لأنها أُنثى خلقها الله لتكون فِتنةً له ..
نجد في القرآن ذاته آيات تُفسِّر بقائنا في ذات المربع الذي نُعاني من قوانينه ، فقوله :- لا يُغيّر الله في قومٍ ما لم يُغيّروا ما بأنفسهِم
على المراه ان تبدأ بقبول فكرة تغيير وضعها أولا


3 - الفاضلة يامنة
رويدة سالم ( 2011 / 5 / 28 - 14:43 )
المثير فعلا هو قبول النساء بهذا الوضع وترديد مقولة الاسلام كرمنا ايما تكريم. يتجاوز الامر الاختمار (الفريضة السادسة كما يقلن) الى قبول الظلم من طرف الاخ او الاب او الزوج بكل رحابة صدر لأنه الفريضة السابعة الخاصة بالنساء والتي تظمن لهن الجنة ونعيمها الابدي
الوضع الاجتماعي في بلادنا عربية الثقافة الذي تردى في أشد أنواع القهر والتسليم ينظر بكل تقديس لرموزه الدينية وتتعلق عيونه وقلبه بالملتحي السلفي التلميذ الفاشل دراسيا والذي لم يجد في غير الدين سبيلا للكسب و الذي يردد عن فلان أثا فلان أثا فلان أن الرسول قال (..) في حين ان الواقع يظهر بجلاء أنه تماما كباقي دعاة الاحزاب الاسلامية المتنفذين بشكل او بآخر والداعين للجهاد ونشر الدين والعودة للحاكمية الالهية يقدمون برنامجا للسيطرة الذكورية على الاناث دون اي برامج سياسية او اقتصادية واضحة
الغاية هي فقط اثبات تميز الذكر على الانثى في عالم لا يرى في المرأة كرامة ولا معنى بل فقط ألة اشباع جنسي فج. والاشكال يتجاوز مجرد تلقين البنت أساسيات ان تكون انثى الى ثقافة عامة يعتبر كل من لا يخضع لها ناشزا ملعونا يقصيه كل افراد الجماعة خوفا من تهمة التواطئ


4 - إلى الأخ فهد
يامنة كريمي ( 2011 / 5 / 28 - 22:34 )
يكمن الدواء في إجبار الكهنوت الإسلامي بكل مؤسساته وهيآته ونخبه ...وبكل ما يحمله من مغالطات وأساطير وأطماع من رفع اليد عن الشأن الإسلامي واعتبار الدين مسألة شخصية بحكم أن كل واحد سيحاسب لوحده عن أفعاله. كما يجب تحقيق العدالة الاجتماعية والاق...


5 - إلى الأخ فهد
يامنة كريمي ( 2011 / 5 / 28 - 22:39 )
يكمن الدواء في إجبار الكهنوت الإسلامي بكل مؤسساته وهيآته ونخبه ...وبكل ما يحمله من مغالطات وأساطير وأطماع من رفع اليد عن الشأن الإسلامي واعتبار الدين مسألة شخصية بحكم أن كل واحد سيحاسب لوحده عن أفعاله. كما يجب تحقيق العدالة الاجتماعية والاق...تصادية ومحاسبة القوى الكبرى على سماحها بتكوين الفكر الإرهابي على أراضيها بدعوى الحرية. فالولايات المتحدة الأمريكية هي من صنعت بلادن وجماعته في إطار حروبها الباردة. وأنجلترا صنعت غيره. والقوى الكبرى هي من نصبت الأنظمة الديكتاتورية في مجموعة من البلدان مثل السعودية وتونس ... وكل ذلك لتستمر الفتن وعدم الاستقرار في هذه البلدان مما يكرس التخلف والجهل وهو ما يخدم مصالحها. كما أن تلك البلدان هي من يسلك توزيعا غير عادل للثروات. كما يجب محاربة الفقر والهشاشة في البلدان الإسلامية لأن الحرمان والفقر والظلم يدفع صاحبه لارتكاب كل الجرائم ولو في حق نفسه كما هو حال العمليات الانتحارية التي يسمونها عمليات جهادية. فالحق والعدل والحرية والمساواة والاحترام والانفتاح على الآخر وعلى كل مبادئ المدنية هي السبيل للتخلص من براثين أولئك الذين يستعبدون الناس بدريعة الدين و


6 - إلى الأخ سالم
يامنة كريمي ( 2011 / 5 / 28 - 22:52 )
نعم إن المرأة تساهم بشكل كبير في تكريس دونيتها. وهذا مشكل يشغلني وسبق أن ناقشته مع مجموعة من المفكرين والمفكرات ومنهم نوال السعداوي التي ترى بأن طول مدة الضعط على المرأة وتحقيرها قد جعلها تصبح ضد مصلحتها وتعتقد في دونيتها. وهنا أستحضر كيف أن السود لما انطلقت عملية تحريرهم كانوا يرفضونها لأنه قد ترسخ لديهم الإعتقاد بأن وضعيتهم هي مشيئة إلهية. وعلى أي فأن ذلك لا يبرر سلبيتها وخضوعها ولا يفوتني أن أشير هنا لمسألة الحجاب التي هي رمز للدونية وشهادة على أن المرأة أداة للغواية واتهام مسبق لها بالفساد ورغم ذلك تتقبل الأمر وما يؤلم أكثر هي أنها تكون من مستوى تعليمي عالي


7 - إلى العزيزة رويدة
يامنة كريمي ( 2011 / 5 / 28 - 23:06 )
يسعدني الحوار معك أختي الكريمة. فكلامك عين الحق والواقع. فالمرأة في المجتمعات الإسلامية لم تعي بعد أن كما ما يجعلها أقل من الرجل لا علاقة له بالإسلام. فالأمر هو مسألة دكورية لا أكثر. الرجل منذ العهد البطولي الروماني ثم عهد الغزوات الإسلامية استطاع أن يحول المرأة إلى متاع وملك خاص يتحكم فيه كما شاء مستعملا التأويل الفاسد للدين لخدمة مصالحه الكامنة في استعباد المرأة وتحقيق المال والجاه خاصة وأنه انفرد بالأمور الفقهية التي كانت محرمة على المرأة خاصة ام الأولاد منذ العهد العباسي .وحتى الآن حيث تلاقي كل امرأة تجتهد في الدين هجوما وحشيا من السلفية المتشددة دون وجه حق. وللتفصيل أتمنى أن تطلعي على بحث تاريخ المرأة على مقاس الذكر

اخر الافلام

.. رواية النصف الحي


.. زواج القاصرات كابوس يلاحق النساء والفتيات




.. خيرات فصل الربيع تخفف من معاناة نساء كوباني


.. ناشطة حقوقية العمل على تغيير العقليات والسياسات بات ضرورة مل




.. أول مسابقة ملكة جمال في العالم لنساء الذكاء الاصطناعي