الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نُصف الكأس المُترع

آکو کرکوکي

2011 / 5 / 20
القضية الكردية


على هامش موافقة السلطة والمعارضة في كوردستان، على قبول الجلوس الى طاولة التفاوض، لنا أن ندون ملحوظة صغيرة نقول فيها: "إننا لا نملك إلا أن نتطلع الى النصف المتُرّع من الكأس وإن كان مِلء الكأسِ شحيحا...!".
لقد جرب كل طرف جميع وسائله ورمى كل أوراقهِ.. فقط ورقة التفاوض بقت دون أن تُلعب... ويبدو لي إنها كانت ومازالت أحسنها وأفضلها...وإن وظفت بعقلانية لربما تكون الورقة الرابحة...!
وهذه القناعة عندي مرتبط بشكل أو آخر بقناعة أخرى تبدو لي هي الصحيحة. أقصد القناعة التي تتخذ من العمل السياسي الإصلاحي المثابر والدؤوب والطويل الأمد، منهجاً وخارطة طريق فتسلك المسار خطوة بعدة أخرى، دون قفزات أو ثورات.
قبل هذه الأزمة كنت متفائلاً جداً بإننا كتجربة ناشئة، قد خطونا خطوات جيدة، بإتجاه بناء الروح الوطنية والقومية وتقبل الآخر، وقد قبرنا التعصب الحزبي، ولغو التخوين والإقتتال الداخلي، وإستخدام العنف والسلاح والشغب، في حسم الصرعات والتنافسات السياسية والى الأبد...
بعد السابع عشر من شباط وما تلاها من أحداث، أدركت كم كنت مُخطئاً بتقديري وللأسف...فنحن مازال أمامنا الكثير لكي نجتاز عقلية التسعينيات... ورغم مرارة هذه الحقيقة، التي إجترعتها (وبالتأكيد لست الوحيد الذي إجترعها) ، ولكنني وجدت فيها إيجابية... فلقد أفادتني الأزمةُ تلك، بتعريفي بخطأ حساباتي...لذا أرجو أن تكون الأزمة هذهِ فرصة، لكل الأطراف المتنافسة من قادة وأتباع ومن كل الأحزاب، لإِدراك خطأ حساباتهم أيضاً. وأن يراجعوا مرة أخرى قناعاتهم، ويعدلوها على ضوء ماتعلموه، من هذه التجربة بمرارتها وحماستها... فهذا هو منهج العقل والمنطق والعلم... أي المحاولة والخطأ والنقد العقلاني، وبالتأكيد نقد أنفسنا قبل الآخر...
اليوم حين تجتمع تلك الأطراف على طاولة المباحثات فلا أحد منهم يمكنه أن يتهرب من حقيقة:
"إن تجربتنا الكوردستانية تحتاج لإصلاحات جدية وإن الوقت قد حان للبدء بها...على الأقل لتجاوز الأزمة الحالية وتجنب تكرراها غداً".فلم يعد بالإمكان أن نواري على سلبياتها أو نعمل على إستمرارها...
على الأقل فإنه يجب أن يكون الوقت قد حان لِنُدرك: إن للنفس البشرية حرمة، وإن للأنسان وحياته وحريته، قدسية... فكيف وهذا الإنسان كورديٌ مثلنا يشاركنا ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا، لغتنا وثقافتنا ووطننا وحبنا لهُ وتضحياتنا من أجلهِ...!
فكفانا نتطلع لأرواحها وهي تزهق دون أن نبالي، ولا نتحرك ساكنين عندما تُنتهك حرمة دمها وحرمة حريتها في التعبير والتغيير نحو الأفضل...!
وأرجو أن يدرك كل الأتباع اللذين كانوا جزءاً من الحرب الكلامية المُبتذلة، التي لم تتوانى عن تخوين المقابل، وحتى إلغاء الآخر، ومطالباتهم (بتطهير) كوردستان من ذاك الطرف أو ذاك... أن يدركوا إن لا أحد يمكنه أن يلغي الآخر، ولا من خائن في العملية السياسية، كما كانوا يتبجحون، فكل هذا أضغاث أحلام، بل خرافة في عالم السياسة...إن وحدتنا وقوتنا في الإعتراف بتعدديتنا... فكما رئينا فإن الساسة في النهاية قد أعترفوا ببعضهم وجلسوا يتفاوضون...فلنكن على الأقل منزهين عن التورط في هكذا سجالات العاقرة والعاهرة... مُستقبلاً...
كوردستان بعد السابع عشر من شباط ليس كقبله، بغض النظر عن حجم الإختلاف... ففي النهاية يحدونا الكثير من الأمل، مستدلين ومسترشدين بالكثير من المؤشرات، إنهُ سيكون... أختلافٌ نحو الأفضل!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - دعوة في محلها
امين يونس ( 2011 / 5 / 20 - 07:04 )
عزيزي آكو
كُل ما ذكرته حضرتك صحيح ـ فما أحوجنا للتعقل والإرتقاء بممارساتنا
لك خالص الود


2 - الى الأستاذ أمين يونس
آكو كركوكي ( 2011 / 5 / 20 - 18:03 )
سيدي العزيز
شكراً لأطلالتك الكريمة ودعمك
ولك المودة والإجترام


3 - العقل
dilshad oumer ( 2011 / 5 / 30 - 20:52 )
لو نسطر اوراق التاريخ المعاصر لرئينا ان العقل كان غائبا في اغلب الصراعات و النزاعات و المشكلات اطراف قيادة الحركة التحررية الكردستانية لابل (عدم تقبل الاخر) هو احد العوامل الضعف الحركة طوال تاريخها, يا اخي العزيز (اكو) هل ترى ان القادة الكرد بعد خريف عمرهم قد تعقلوا... حتى يتفقوا الان


4 - العادة... عبر التأريخ
آكو كركوكي ( 2011 / 5 / 31 - 21:19 )
الأخ العزيز كاك دلشاد
صحيح إنه من الصعب على الإنسان ترك ماتعود عليهِ طوال حياتهِ، لكن الأمر ليس معروض كـ-خيار-، بل إن الظروف والضغوطات السياسية سيكون لها الدور الأكبر في -إجبار- المرء لكي يسير مع تيار التغيير الذي يسود المنطقة. والبدائل الأخرى ليست بأقل مرارة من التغيير.
ثم إن تكرار أمرٍ ما عبر التأريخ، لا يعني بالضرورة إستمرارهُ في المستقبل...!

اخر الافلام

.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة


.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل




.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟