الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النازية وصلت للحكم بالانتخابات ومهدّت لجرائمها بسنوات

محمد بركة

2011 / 5 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


(نص الكلمة التي ألقيت في الجلسة الخاصة التي عقدها الكنيست بمناسبة الذكرى 66 للنصر على النازية)

بداية أحيي قدامى المحاربين (السوفييت) المتواجدين هنا، الذي سجلوا واحد من فصول التاريخ المجيدة، في الحرب التي قضت على الوحش النازي.
في يوم التاسع من أيار 1945 دخل الجيش الأحمر السوفييتي إلى برلين، ورفع العلم الأحمر على مقر الرايخستاغ، الامر الذي تحول إلى رمز لنهاية الحرب العالمية الثانية، ورمز للقضاء الرسمي على الوحش النازي الذي ذبح 50 مليون إنسان، من بينهم 6 ملايين يهودي واجهوا عمليا إبادة مروّعة.
إننا اليوم نقف لنحيي أولئك الأبطال الذين صنعوا هذا التحول التاريخي، فحتى قبل سنوات خلت، كان الحزب الشيوعي الإسرائيلي ينفرد بإحياء يوم التاسع من أيار، إذ أقام احتفالا سنويا في غابة الجيش الأحمر في محيط القدس الغربية بما في ذلك هذا العام، حيث هناك نصب متواضع، ويتجه الرفاق سنويا إلى هناك لإحياء هذه الذكرى بأجواء احتفالية بيوم النصر على النازية.
واليوم حينما نحيي التاسع من أيار، علينا ان لا نقف امام فظاعة سنوات الإبادة وحسب، بل ايضا امام السنوات التي سبقتها والتي مهدت لفظاعة الابادة، ولا يلتفت اليها أحد.
في صباح اليوم اتصل بي رفيق عزيز، وهو الدكتور عوفر كسيف، الذي كتب قبل سنوات مقالا ولفت نظري اليه، وأريد قراءة فقرتين منه، وهو يكتب:
"الحقيقة هي أن النازيين قد جرى انتخابهم إلى الرايخستاغ وحكموا ألمانيا منذ آذار العام 1933، وكان هتلر قد انتخب مستشارا لألمانيا في كانون الثاني 1933، في حين أن الإبادة المنهجية ومشروع الحل النهائي بدأت عمليا في أيلول العام 1941، في مذبحة اليهود في "بابي يار" في كييف ونالت الخطة ختم المصادقة في مؤتمر فانزيه في 10/1/1942".
ويسأل الكاتب كسيف، "أليس من المستغرب أن يتعلق التعامل مع النازية وجرائمها بفترة الإبادة فقط؟
هل يمكن فهم الكارثة بشكل منفصل عن الأيديولوجية النازية وعن تسع سنوات من حكم هتلر التي سبقت بدء حرب الإبادة؟
إن الواجب يتطلب دراسة النازية والكارثة التي جلبتها في نطاقها الأوسع،اي منذ بدء فترة الحكم النازي، واستخلاص عبر واستنتاجات الكارثة من الفترة التي سبقتها ومهدت لها".
والسؤال الذي يطرحه الكاتب، وأنا أنضم إلى هذا السؤال أيضا، "لماذا لا تتعامل اسرائيل مع الفترة منذ صعود النازية إلى الحكم وحتى خطة الإبادة، لماذا لا يكرّس جهاز التعليم وقتا كافيا ومعقولا لتلك الفترة وللجرائم التي سبقت ما سمي بـ "الحل النهائي"، وكيف من الممكن أنه حتى في يوم إحياء ذكرى الكارثة لا يتم تسليط الضوء على تلك الفترة".
اعتقد أنه توجد هنا قضية في غاية الأهمية، لأن سلسلة من النظم والقوانين "الدمقراطية" بواسطة مسار يبدو ديمقراطيا قد مهّدت للأحداث الرهيبة والمروّعة في الكارثة، والانتخابات هي التي أوصلت هتلر إلى الحكم، ولهذا اعتقد أنه اذا كان علينا في هذا المكان (الكنيست) أن نطلب من العالم أن يتعلم الدروس الملائمة من تلك الفترة المروعة في تاريخ البشرية، فلا يقل عن ذلك أهمية، ضرورة أن نسأل في هذا المكان بالذات: اية دروس يجب ان يجري استخلاصها هنا والآن؟
الديمقراطية ليست فقط حق الأغلبية في ان تحكم، بل إن امتحان الديمقراطية يقع في صلب قدرتها على الدفاع عن الضعيف وعن الأقلية، وقدرتها على العمل بشكل سليم في الفترات الصعبة والعاصفة ، فامتحان النظام المتنور في عصرنا الحالي يكمن في شكل تعامله مع الأقلية، وفي قدرته على لجم شهوة الغالبية في قمع الأقلية وفي سن القوانين العنصرية وممارسة الإقصاء.
إن امتحان الديمقراطية يكمن في قدرتها على التمييز بين الوطنية والشوفينية، بين الاعتزاز القومي وبين أيديولوجية الاستعلاء القومي، وتمتحن في قدرتها على لجم اللسان واللغة والخطاب عند أناس يصفون الجمهور الذي يقف أمامهم بالحيوانات التي تدبّ على قائمتين، وصراصير مسممة في زجاجة، وحتى وصف شعب بأكمله بأنه حيوانات كما يحدث في هذا المكان.
قبل عيد الفصح العبري، وحسب التقاليد اليهودية ينظفون البيت ويهيئونه لاستقبال العيد، وأنا أقترح أنه في كل عام، وقبل أن نحيي يوم الكارثة ويوم النصر على النازية، أن يتم تنظيف هذا المكان (الكنيست) من العنصرية ومظاهرها، قبل أن يكون الوقت متأخرا.
إن الدولة ليس بمقدورها ان تكون ديمقراطية وفي نفس الوقت أن تمارس الاحتلال وتفرض الحصار على شعب بأكمله، وهي لا تستطيع أن تكون متنورة، وتقيم في نفس الوقت نظامين لمواطنيها، واحدا للغالبية وآخر للأقلية.
في ختام كلامي، أرغب في قراءة ابيات من قصيدة كتبها القس البروتستاني الالماني مارتين نيملر، الذي قاوم النازية:

"في المانيا اقتاد النازيون الشيوعيين اولا، وأنا لم ارفع صوتي لأنني لم أكن شيوعيا.
وبعد ذلك اقتادوا اليهود ايضا، وأنا لم ارفع صوتي لأنني لست يهوديا.
بعد ذلك اقتادوا اعضاء النقابات المهنية وأنا لم ارفع صوتي لأنني لم أكن عضوا في النقابات.
بعد ذلك اقتادوا الكاثوليك، ولم ارفع صوتي لأنني بروتستانتيا.
وبعد ذلك اقتادوني أنا، ولكن في ذلك الوقت لم يبق أحد ليرفع صوته من اجلي".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا