الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجلس العسكرى...والجماعة!!

أحمد أبودوح

2011 / 5 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


لم يشارك الأخوان المسلمون منذ بداية اندلاع الثورة يوم 25 يناير (وكلنا يعلم ذلك) بل سمحوا فقط لشبابهم ممن يفضلون المشاركة بالنزول، مما جلب على الأخوان وابل من الاتهامات بالسعى خلف مصالح الجماعة فقط، وعدم النظر الى صالح الأمة . ولكن، بعيدا عن كل هذه الاتهامات، فانه يتعين علينا أن نتفهم الأسباب التى دفعت بالاخوان المسلمين الى عدم النزول الى الشارع بثقلهم منذ البداية، وعدم المشاركة فى اشعال الشرارة الأولى للثورة، وهذه الأسباب ببساطة هى تخوف الاخوان المسلمين من عدم نجاح هذه الحركة الاحتجاجية، وفى المقابل نجاح الأمن فى احكام قبضته عليها (كما كان متوقعا لدى الجميع ) بل فضل الأخوان المسلمون عدم تصدر المشهد حينها لأنهم يدركون جيدا كيف سيتعامل معهم النظام بعد القضاء على موجة الاحتجاجات المشتعلة فى الشارع المصرى . ولكن بعد تيقن الجماعة من نجاح الحركة الاحتجاجية، وتحولها الى ثورة شعبية، ظهر دور الاخوان المسلمين واضحا، بداية من جمعة الغضب الأولى، وصولا الى موقعة الجمل فى الثانى من فبراير .
بعد نجاح الثورة، واسقاط النظام السابق، بدأ المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى البحث عن قوة سياسية فاعلة ومؤثرة فى الشارع المصرى، فلم يجد الا الاخوان المسلمين للتحالف معهم، وذلك لتمرير الاستفتاء على التعديلات الدستورية التى تخدم خطة المجلس العسكرى فى الاسراع بالانتخابات التشريعية والرئاسية، حتى يعود الجيش الى ثكناته من جديد. وبالفعل، قبل الأخوان المسلمون التحالف مع المجلس العسكرى الحاكم (كعادتهم) من منطلق ادراكهم التام لعدم جاهزية القوى السياسية المختلفة (وخاصة ائتلاف شباب الثوار) على خوض معركة انتخابية ناجحة الأن، و أنهم القوة الوحيدة على الساحة السياسية القادرة على اقتناص هذا النجاح (مع اقتراب الانتخابات التشريعية القادمة)، وتحقيق حلم أخذ يراودهم منذ عشرات السنين، لذا قاموا ببذل مجهودات ضخمة فى اقناع القاعدة العريضة من الشعب المصرى بالتصويت لصالح التعديلات الدستورية .
بعبارة أدق يمكننا القول بأن مصلحة المجلس العسكرى قد اندمجت اندماجا عضويا مع مصالح الجماعة، مما نتج عنه 77% "نعم" .
بعدها بدأ الاخوان المسلمون فى الانصياع التام والواضح للأوامر الهابطة عليهم من أعلى، وكأنهم جزء لا يتجزأ من القوات المسلحة..ظهر ذلك واضحا فى غياب الجماعة عن المشاركة فى عدة مناسبات ثورية، منها تظاهرات يوم الجمعة الأول من ابريل بحجة انشغالهم بيوم اليتيم، ولكن فى حقيقة الأمر لم يكن يوم اليتيم هو المانع الحقيقى للأخوان المسلمين من المشاركة، ولكن كانت تلك محاولة أخرى منهم لمسك العصى من المنتصف، ولاختبار قدرة ائتلاف شباب الثورة وباقى القوى السياسية على تجييش المتظاهرين، واقناعهم بالنزول الى الميدان . ولكن فوجأ الجميع بالحضور القوى للاخوان المسلمين فى الجمعة التالية لها (يوم السابع من ابريل)، بعد نجاح الجمعة الأولى من نفس الشهر .
ولكن يبقى موقف الجماعة من جمعة الغضب الثانية (27مايو) هو أكثر المواقف التى أثارت التساؤلات حول هذه العلاقة الخفية بين المجلس العسكرى والاخوان المسلمين، كما وضح حينها التقاء المصالح المشتركة بين الطرفين وضوح الشمس، حيث قامت الجماعة بالانصياع الى ارادة المجلس العسكرى بعدم المشاركة فى التظاهرات، حين أراد المجلس اعطاء المتظاهرين درسا من العيار الثقيل بترك الميدان دون تأمين من جيش ولا شرطة..مما أدى الى استنكار القوى السياسية والحزبية المختلفة امتناع الجماعة عن النزول، ولو كنت أختلف معهم فى هذا، لأن المشاركة فى التظاهرات والنزول الى الميدان او الامتناع عنه هو فى حقيقة الأمر رأى يجب تقبله وتفهمه واحترامه أيضا ، كما أننا لا يجب أن نقصر "الثورية" على "الميدانية" وأن نجعل الأخيرة مرادفا للأولى، فهذا أيضا غير مقبول..ولكن (من ناحية أخرى) ليس من حق الجماعة الحجر على من يريدون النزول والمشاركة، واتهامهم (فى بيان رسمى) بمحاولة الالتفاف على الارادة الشعبية، وأنهم يعملون ضد مصلحة الوطن .
ونتيجة لهذا الخلاف الشديد بين معظم القوى السياسية من ناحية، وجماعة الاخوان المسلمين من ناحية أخرى، والهجوم المستمر لبعض الليبراليين ووسائل الاعلام علي مواقفهم ، فقد أعلنت الجماعة سحب تمثيلها فى ائتلاف شباب الثورة، فى خطوة تظهر مدى الارتباك السياسى التى تعانى منه فى هذه الأيام .
هنا يأتى تساؤل ليطرح نفسه بقوة : هل يريدها المجلس العسكرى للاخوان المسلمين؟، أم أن كل مايحدث من ارهاصات على الساحة السياسية ما هى الا مجرد صدفة؟!
بالطبع، لا يمكن بأى حال من الأحوال تجاهل هذا الخيار الاستراتيجى والسياسى للقوات المسلحة، وخاصة مع وجود بعض الضغوطات الخارجية على المجلس العسكرى من قبل بعض الدول العربية التى ترى أن ما حدث فى مصر من احتجاجات شعبية أدت الى الاطاحة بالنظام، ما كان يجب أن يحدث . كما أننا لا نستطيع اغفال تربص بعض القوى الغربية بالمتغيرات التى تحدث على الساحة السياسية المصرية مثل الولايات المتحدة واسرائيل، وانما يجب أن نكون على يقين بأن هذه القوى لن تسمح بقدوم نظام شفاف يقوم على الديمقراطية الحقيقية، لأن ذلك سوف يكون من شأنه تعطيل المصالح الاستراتيجية لها فى الشرق الأوسط بالكامل . هذا ربما يدفعها للسماح بصعود الأيدولوجيات الاسلامية الى الحكم كخيارمؤقت، حتى يتم ايهام العالم العربى بأن مصر تحولت الى نموذج ايرانى أخر فى المنطقة بفعل الثورة التى حدثت بها، مما سيؤدى الى تراجع التحركات السياسية فى الشارع العربى، واكتفاءها بالاصلاحات التى يمن بها الحكام عليهم بين الحين والأخر .
ولكن، فى حقيقة الأمر سوف تصبح اسرائيل والولايات المتحدة وحلفائهما أول الخاسرين، اذا ثبت صحة هذا الطرح، لأنه من الغباء السياسى الذهاب الى أن صعود الاخوان المسلمين أو أى تيار اسلامى أخر الى سدة الحكم يعنى تحول مصر الى نظام "ولاية الفقيه"، وذلك لوجود اختلاف كبير فى الأيدولوجيات بين التيار الاسلامى فى مصر، وهذا الذى يحكم ايران، كما أن الأخوان المسلمين بصعودهم للحكم، سوف يسعون الى اسقاط النظم المستبدة والموالية للغرب عن طريق تقديم المساعدات لشعوب هذه الدول عن طريق أجنحتها هناك.
لذا يجب على قيادات الجماعة (اذا كانوا جادين فى الانحايز الى الشعب) أن تتيقن بأن هذه التحالفات السرية هى أكبر مانع سوف يقف بينهم وبين الشارع، وأنها اللاعب الرئيسى فى الهبوط بشعبية كيان سياسى، نجح فى وقت من الأوقات فى اكتساب تعاطف غالبية طوائف الشعب المصرى، ويجب أن تتفهم هذه القيادات أيضا أن المناورات السياسية التى تقوم بها حاليا سوف تؤدى الى سحب البساط من تحت أقدام جماعتهم، بدلا من السعى الى تحقيق أهدافها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟


.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على




.. شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة الجزار في مدينة غز


.. قوات الاحتلال تقتحم طولكرم ومخيم نور شمس بالضفة الغربية




.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية