الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
قصة قصيرة ... الملازم فلاح الأنوري
احمد مكطوف الوادي
2011 / 6 / 16الادب والفن
بعد إن عاد من وحدته العسكرية مزهواً بالانتصار وهو يحمل على متنه نجمة طالما حلم وتغنى بها طويلا ،النجمة التي غيرت مكانها وزحفت نحو كتفيه بعد أن ترنحت على ياقة قميصه أكثر من 36 عاما .
" لقد أصبحت ضابطا "
ما إن فتحت له أم محمود الباب حتى سمعت جملتة المنتظرة ،التي ظلت تؤرق العائلة طيلة سنوات ،سرى الخبر بعدها بين الأقارب سريان النار في الهشيم .
فلاح الأنوري صار ضابطا .
كان (ن.ض) درجة ممتازة فلاح الأنوري يعشق العسكرية عشقا لن تنال مرتبته حتى زوجته وأطفاله ، كانت الجندية تجري في عروقه كما تجري الدماء في شرايينه ، ورغم انه لا يجيد القراءة والكتابة لكنه كان عسكريا متميزا ، استطاع بخبرة العقود الأربعة التي يمتلكها وخلفيته الحزبية أن يتجاوز ذلك الحاجز والاختبار وكما يردد دائما انه يقرأ "الممحي" .
صار ملازما في الجيش ليبدأ فصل جديد من حياته العسكرية المليئة بالمغامرات .
كانت هلاهل ام محمود تصل بنغمتها الجميلة لنهاية الشارع الذي يقيمون فيه ، محمود يجر الخراف لينحرها بالمناسبة ، وملازمنا العتيد مازال بقيافته العسكرية الكاملة حاملا عصا التبختر ومرتديا بيريته السوداء التي توشح شيبته الفضية المجعدة .
بوجوده أصبح المنزل فوجا قتاليا في ساحة المعركة ، يناور بأولاده وبناته ، محمود مشرفا على عملية الطبخ ،وسهى لإعداد العصائر ، تحسين يستقبل الضيوف عند الباب ، الأوامر تترا ، وتنفيذها على قدم وساق ولا مجال للمناقشة فالأولوية للتنفيذ دائماً !
يتسلل الى غرفة نومه ليخرج من جيبه قطعة قماش قطنية ، يضع الحذاء على المنضده ليمسحها ، انه "البوت الاحمر" الذي حلم به طويلا ، يُلمعه ثم يعود الى صالة الضيوف وفي طريقه يقف امام المرآة ، يستدعي ذاكرة الزمن في لحظة واحدة ،لحظة كانت تعني له الكثير،يصرخ في المرآة "لقد اصبحت سيدا ، مطاعا و صارعندي عبيد وأتباع"
كانت حركاته داخل المنزل وفي استقباله للضيوف لا تختلف كثيرا عن حركاته في ساحة العرضات ،لكنه لم يكن يحاسب أياً من ضيوفه على ذقنه الطويل أو حذائه المشبع بالأتربة ، لكنه في حقيقة أمره لم يكن راضيا ً ،كان حزيناً وهو يرى هذا التهاون في تطبيق ما اعتاد عليه وما استحق التكريم لأجله !
يهمس احدهم قي إذن صاحبه "كيف يمكن ل(جولة) أن يصبح ضابطا ؟"
ويقول آخر "كيف سيوقع بريد الوحدة وأوامرها وهو لا يقرأ ؟! "
ويضيف ثالث "لقد هزلت !"
لكن رابعهم يفند ما قالوا:
"كم من متعلم بلا نشاط وبلا نزاهة وكم من صاحب شهادة لم نجن منه غير السرقة والدماء !"
تسامر الجميع بعد أن تناولوا طعامهم وملازم فلاح مازال متأبطا عصاه ومرتديا بدلته التريكو الشتوية وبيريته لم تفارق رأسه الذي يدور في كل الزوايا وكأنه رادار مبرمج .
بدأ الجميع يغادر وملازم فلاح يودعهم وكأنه يودع وجبة من خريجي ضباط الصف إلى وحداتهم العسكرية الجديدة !
وفي ساعة متأخرة من تلك الليلة ينتبه السيد الضابط إلى غياب أحفاده عن البيت فيسأل زوجته "أين شاكر وأمه ؟" فتخبره إنهم في بيت أخوالهم ، لقد "زعلت" زوجة محمود مرة أخرى .
كانت زوجة محمود تذهب لبيت أهلها كثيرا بسبب ما يحدث من مشاكل مع عمتها أم محمود .
أم محمود الوجه النسائي لملازم فلاح أو (ن.ض) فلاح وعسكريته الصارمة .
فما إن يلتحق فلاح إلى وحدته حتى تستلم زوجته إدارة المنزل الذي يشبه الثكنة من نواح كثيرة ليس أخرها مسألة الإجازات .
أصر الملازم ليلتها وفي الساعة العاشرة والنصف أن يذهب لإرجاع أحفاده .
قال له محمود والدي ولكن ......... !
لم يكمل جملته فلقد أتاه الأمر صارماً ... تهيأ لنذهب .
كان ملازم فلاح ببزته العسكرية الكاملة ، حاولت أم محمود أن تذكره بارتداء ملابس أخرى لكنه تجاهل ذلك !
كان محمود يسوق سيارته وهو يكاد أن ينفجر من الضحك المكبوت ، وكان يتذكر كيف انه كان يتوسل أباه في المرة الماضية لإرجاع زوجته لكنه لم يقتنع رغم قضاءها أشهراً في بيت أهلها !
وصل ملازم فلاح إلى بيت صهره وأنجز المهمة سريعا وعاد بأحفاده ليقضي ليلته معهم في الحديقة وهم يلعبون
أس ............... أم ..................
واحد.......اثنين........ثلاثة..........
عادة سر ...............................
ومن خلف زجاج النافذة كانت والدتهم تتحسر على براءتهم المنتهكة في ساحة عرضات ملازم فلاح الأنوري .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فودكاست الميادين| مع الممثل والكاتب والمخرج اللبناني رودني ح
.. كسرة أدهم الشاعر بعد ما فقد أعز أصحابه?? #مليحة
.. أدهم الشاعر يودع زمايله الشهداء في حادث هجوم معبر السلوم الب
.. بعد إيقافه قرر يتفرغ للتمثيل كزبرة يدخل عالم التمثيل بفيلم
.. حديث السوشال | الفنانة -نجوى كرم- تثير الجدل برؤيتها المسيح