الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجارب مسرحية عراقية في الظرف الصعب...

يوسف العاني

2011 / 6 / 16
الادب والفن


الحلقة الثانية
في فينا عام 1958 شاهدت اوبرا (ناباكو) لطيردي (.. كان شتاء بارداً نحرص فيه ان ننتقي الاعمال المسرحية الكبيرة لكي ندفع المبلغ الذي يتناسب ومكانتها ويتلاءم ايضاً مع حرماننا من الكثير من متطلبات الحياة اليومية من اجل هذه المشاهدة القيمة!!
مشاهدتي لاوبرا نابوكو اعطتني درساً لن انساه ما حييت. وكان سبباً في البحث عن دوري كفنان مسرحي عليه مسؤولية كبيرة لابد وان يؤديها وهو بعيد عن وطنه وفي ظرف عسير من الاغتراب!
المسالة بايجاز علمتني كيف حول الصهاينة هذه الاوبرا التي تناولت شخصية (نبوخذ نصر) ليتخذوا منها منطلقاً في الدعوة لاستدرار عطف المشاهدين على حقوق اليهود في فلسطين!!
في فترات الاستراحة كان المدرسون يجمعون الطلبة ليشرحوا لهم ابعاد القضية التي قدمتها المسرحية أو قدمت جانباً منها وكانوا يكيفون المسألة برمتها ضد العرب ويجعلون من الحركة الصهيونية حركة انسانية جديرة بالمحبة!
اثارني هذا الحدث وحاولت مع جمع من الطلبة العراقيين والاشقاء العرب الذين كانوا يدرسون هناك ان نفعل شيئاً. وبعد ان فشلنا مع بعض المسؤولين العرب هناك، واعني السفارات العربية التي لم يكن همها سوى التفرج. قررنا الاعتماد على انفسنا وبذل الجهد لتقديم عمل مسرحي ندعو اليه المثقفين النمساويين والصحفيين فضلاً عن كل العراقيين والطلبة العرب وان نوفر جانباً اعلامياً يؤكد وجهنا الحضاري على اقل تقدير. واعني ان الطلبة يستطيعون ان يقدموا مسرحاً رغم امكاناتهم البسيطة وظروفهم الصعبة- كما أشرت.
اتفقنا جميعاً على تقديم مسرحيتي (فلوس الدوة) و(ماكو شغل).. لكونهما مسرحيتين قصيرتين يمكن توفير كوادر لهما من الطلبة. مع شرح يقدم بالالمانية لظروف واقعنا العربي الرسمي- آنذاك- والحالة المرة التي يعيشها شعبنا مع قدراته التي خنقها الاستعمار واذنابه..
لم تكن المسرحيتان معي. نسخة من (ماكو شغل) كانت لدى الطلبة في لندن، استطعنا الحصول عليها، فلوس الدوة- اعدت كتابتها من الذاكرة- وجعلنا اللهجة في المسرحيتين بسيطة لكي تكون في متناول اشقائنا العرب فقد شاركنا طلبة من سوريا ومصر واليمن. واعددنا خلاصة لكل مسرحية توزع على الحاضرين من النمساويين.
لم يكن بامكاننا استئجار مسرح من المسارح المعروفة أو حتى من مسارح الهواة فأجورها باهضة. بعد بحث طويل وشاق وجدنا بالقرب من المقهى التي نلتقي فيها باستمرار (شفارتز شبانير) وجدنا قاعة لا مسرح فيها ولا ستارة ولا انارة..! دخلت ووقفت وسطها. وحولي مجموعة الشباب كان من بينهم (فيصل الياسري) وقالوا بالحرف الواحد: هذا الموجود!
آنذاك تذكرت مسرحية كنت قد شاهدتها قبل اشهر في مدينة (لايبزك) بالمانيا الديمقراطية هي مسرحية (القبرة) لجان انوي. قدمت بادوات بسيطة وبلا ستارة وبملابس الممثلين انفسهم على اساس ان العرض هو (بروفة) مسرحية. وكان مثل هذا الاسلوب في ذلك الوقت فريداً وغريباً.
قلت: سنقدم المسرحيتين لا نحتاج الا لجرائد عربية وبعض الملابس نكيفها حسب مظهر الشخصيات. فكان ذلك هو المدخل الى المظهر اولاً. واعطاء الجو المطلوب ثانياً وبالقدر الممكن. مع عدم عزل المشاهد عن حقيقة ما نقدمه لهم. أي ان كل ما يجري كان تمثيلاً.
وقدمنا المسرحيتين واعجِب النمساويون بالعرض الذي اتسم بالبساطة والعفوية وكتبت بعض الصحف عنها. وتركنا اثراً اعلامياً متواضعاً لكنه كان في تقديرنا تجربة ذات قيمة كبيرة خففت عنا جسامة مسؤوليتنا تجاه شعبنا وامتنا في ذلك الوقت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي


.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و




.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من


.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا




.. كل يوم - -الجول بمليون دولار- .. تفاصيل وقف القيد بالزمالك .