الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا يحدث في مصر من بعد الثورة

سامي المصري

2011 / 6 / 23
مواضيع وابحاث سياسية



المشهد المصري اليوم مُفزِع ومُروِّع لأقصى درجات الترويع؛ فوضى أمنية عارمة، فساد شامل، غياب كامل للقانون، مع إرهاب وقهر الشعب بصورة غير مسبوقة، الأجهزة الأمنية ترتكب أبشع الجرائم ضد الثوار والشعب الآمن بلا حساب. البلطجة والسلب والقتل في الشارع بلا حدود، كل الناس تصرخ ولا أحد يسمع، المجلس الأعلى للقوات المسلحة المفروض أنه المسئول عن أمن مصر، يتجاهل الأوضاع المتدهورة ويدفن رأسة في الرمال بتصريحات لا تجدي. والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا؟!!! ما الداعي لكل هذه البلبلة والإرهاب والمظالم والتصريحات المخادعة والفساد الذي استشرى، ولا أحد من المسئولين يريد لم الشمل أو البدء في العمل من أجل مصر وشعبها لإيقاف تدهور الأوضاع المتزايد في كل يوم، لماذا؟!!!

الثورات لا تكتمل بدون التلاحم الكامل بين الشعب والجيش مع اتفاق الهدف الواحد. ثور ة الشعب إن لم يحميها درع الجيش لا يمكن أن تكتمل. وبسبب تلك القاعدة الهامة لم تكتمل معظم الثورات المصرية كما سبق أن أوضحت في مقال سابق. الثورة الوحيدة التي اكتملت هي ثورة جمال عبد الناصر، عندما قام الجيش بالثورة ليحقق مطالب الشعب، فكانت هناك وحدة كاملة بين الأهداف والقوة المحركة للثورة. النتيجة المحبطة لثورة 25 يناير حتى الآن سببها أن الجيش يعمل في الاتجاه المعاكس للثورة مع كل ما يُظهر من نوايا حسنة. نتج عن ذلك خداع وتسويف ووعود كاذبة تزيد من الحالة المتردية سوءا. الجيش يعمل مع كل من يعادي الثورة من الإرهابيين الإسلاميين حتى أنه يستورد الإرهابيين من الخارج والذين كان عليهم أحكام بسبب ما ارتكبوه من جرائم، ليقفوا بجواره ضد الشعب والثورة. والسؤال لماذا يتخذ المجلس الأعلى للقوات المسلحة هذا الموقف المشين من الثورة؟!!! وما هي الدوافع الحقيقية التي تحرك اللعبة السياسية في مصر وتعمل على سحق ثورة مصر العظيمة وإفشال كل أهدافها.

إن الظل الكئيب للجرائم التي ارتكبها نظام حكم مبارك والذي كان السبب في الثورة مازال قائما اليوم بكل أسبابه ودوافعه، يعمل بكل قوة ضد حقوق الشعب المسلوبة. المشكلة ليست في التطرف الديني ولا الإيديولوجيات المتعفنة، ولا هي مشكلة أزمة اقتصادية كما يحاول البعض أن يصورها. ولا السبب هو في عدم الوعي الشعبي، فوعي الشعب فوق المستوى المطلوب القادر أن يحقق كل أهداف الثورة. المشكلة في القوى السياسة التي تستخدم كل شيء لتحطيم أهداف الشعب في التحرر والكرامة، لنفس الأسباب والأهداف التي كانت تحرك مبارك ونظامه لسحق وإفقار مصر وشعبها.

المشكلة الكبرى هي في الشركات الأجنبية والنصف مصرية التي تبتز شعب مصر وتسرق كل خيرات مصر. الحكومة المصرية مع كل رجال مبارك كانوا ومازالوا يعملون سماسرة لهذه الشركات. إن ما يسمى بحكومة رجال الأعمال لم يكونوا رجال أعمال بمعنى الكلمة، بل مجرد سماسرة يبيعون مصر بشعبها وكل ما فيها من خيرات الأمر الذي أفقر مصر وحول الشعب إلى سكان للعشوائيات والمقابر. الكثير من تلك الشركات عربية أو صهيونية تبيع كل شيء في مصر حتى الغاز لإسرائيل. لقد كتبت في مقال سابق بتاريخ 9/5/20008 على الرابط التالي وقلت الأتي:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=133983
«ماذا تعمل الشركات الأجنبية بمصر؟!!!! إنها تحقق الآتي:
• ترفع الأسعار حتى تحقق أرباحا خرافية وتزيد الأعباء المالية على الشعب المطحون دون أي مبرر. عملية ارتفاع الأسعار تسير في دائرة مفرغة فكلما ارتفعت الأسعار قلت قيمة العملة مما يضطر لرفع الأسعار لتحقق الأرباح المطلوبة.
• الشركات الأجنبية توظف شبابنا وتستخدم إمكانياتنا ومواردنا الاقتصادية لتبيعها لنا مرة أخرى بلا مبرر. بل وأكثر من ذلك تسخِّر الطاقة العاملة في مصر للعمل لدول أجنبية بأسعار رخيصة وفي ذلك عملية ابتزاز فالقوة العاملة المصرية كم تكلف من ميزانية الدولة ودافعي الضرائب.
• الشركات الأجنبية لا تحل مشكلة البطالة بل من المؤكد أنها تتفاقم. من المؤكد أن هناك وظائف إدارية يقوم بها أجانب يتقاضون عنها مرتبات باهظة من دم كل مصري بلا مبرر.
• حجم العمالة وطاقة العمل وقوانين العمل بالشركات الأجنبية لا تخضع للسيطرة المصرية وهي أسوء وإمكانياتها أضعف كثيرا من شركات القطاع العام العملاقة التي تم إفسادها.
• رغم أن الشركات الأجنبية تدفع مرتبات تقل كثيرا عن الأسعار العالمية فتعتبر مرتبات مرتفعة للغاية بالنسبة للسوق المحلي في مصر مما أحدث بالفعل خللا في السوق المصرية وتشويها غير قابل لإصلاح. فبينما الموظف الحكومي بما في ذلك أساتذة الجامعة والقضاة والأطباء يتقاضون مرتبات هزيلة لا تكفي للعيش فهناك من يحصل على مرتبات عالية من الشركات الأجنبية مما يحقق استمرار رفع الأسعار بشكل جنوني في السوق المحلي بشكل غير متناسب بأي حال مع المرتبات الحكومية الهزيلة.
• إن المرتبات التي تدفعها الشركات الأجنبية تعكس حجم مكاسبها التي تتزايد كل يوم زيادة مطردة دون وهي من دم كل مصري دون رادع أو حسيب.
• أرباح الشركات الأجنبية تخرج خارج مصر فتضخ ثروات مصر إلى خارج البلاد بينما الشعب يعيش في أقصى حالة من شظف العيش أليس هذا هو لاستعمار؟!!! لقد تحول المسئول الحكومي لموظف يعمل لحساب الشركات الأجنبية.

ما هو تعريف الاستعمار وما هو هدفه الأخير؟!! أليس هو ما تقوم به الشركات الأجنبية اليوم في مصر؟ بل هو أخطر بكثير من الاستعمار المعلن. فعلى الأقل الدولة المستعمرة تتحمل مسئولة أمام الرأي العام العالمي لتراعي الظروف المعيشية للشعوب تحت الاستعمار، فتوازِن الأمور. أما في حالة هذا النوع الجديد من الاستعمار فالشركات تبتز كل خير البلد دون أي مسئولية، ثم تترك الحكومة لمواجهة الشعب. وبذلك فإن حجم الابتزاز يكون أكثر بما لا يقاس من الاستعمار الواضح. إن عملية اجتذاب رأس المال الأجنبي التي بدأها السادات بالانفتاح ثم اتسعت لدرجة مخيفة في عصر مبارك هي ردة استعمارية وعودة مقنَّعة لإخضاع مصر وثرواتها للاستعمار، ففقدت مصر حريتها الاقتصادية والسياسية وأفسدت كل خير. وأصبح الدور الحكومي هو دور عميل الاستعمار الخائن المبرر لجرائمه. »

إن ذلك الوضع الذي كتبت عنه عام 2008 مازال قائما يهدد مصر شعبها وثروتها وثورتها. أصحاب المصالح في سرقة مصر يصرفون ملايين الدولارات والبترودولار على المنظمات الإرهابية الإسلامية بدءً من الإخوان المسلمين والسلفيين .. حتى يثيروا البلبلة للحفاظ على مكاسبهم الغير مشروعة في ابتزاز مصر وشعبها. تلك الشركات التي تستعمر مصر تحتفظ بقوى تهيمن علي أعلى مستوى في السياسة المصرية.

المجلس الأعلى للقوات المسلحة لا يمكنه أن يقوم باللعب على الحبلين فإما أن يقوم بحماية مصر وشعبها وثورتها من المستغل والمستعمر الأجنبي لمصر، والضرب بيد من حديد على اللصوص الذين سرقوا الشعب المصري وأفقروه وأسكنوه العشوائيات والمقابر. ويقوم بعمل حاسم لوقف نزيف مصر من قوت ودم الشعب ... وإما أن يقوم بالحفاظ على المكاسب التي حققتها الشركات الاستعمارية الصهيووهابية من دم الشعب المصري. لذلك يستخدم البلطجية لترويع الشعب ويحتفظ بانفلات أمني مخيف في الشارع المصري مع غياب للقانون يشل العمل، وسياسة المهادنة مع المتأسلمين حتى يرفعون علم السعودية على الأراضي المصرية ويقطعون الطرق والسكك الحديدية ويظهر منتهى التراخي أمامهم. ويقوم بإشعال الفتن الطائفية وحرق الكنائس ومساكن المسيحيين، ثم يقوم بالقبض علي من حرقت كنائسهم ومساكنهم، ومحاكمتهم عسكريا بعد الاعتداء عليهم بكل وحشية في أجهزة الأمن المدنية والعسكرية. ويقوم بعمل نفس الشيء مع الأبرياء من الثوار واتهامهم بالأكاذيب. بينما يقوم بالصرف على البلطجية والإرهابيين من أموال الشعب من خزينة وزارة الداخلية، حتى أن السيد الوزير منصور العيسوي منح السلفيين المفرج عنهم من السجون مبلغ 73 مليون جنيه من دم الشعب المصري بدون مناسبة في تحدي مخجل. السيد رئيس الوزراء يزور الدول العربية من أصحاب الشركات التي تستنزف مصر ليطمئنهم على استمرار النزيف المصري، ولا يصدر تصريح واحد عن تلك الزيارات المشبوهة!!!!

المشكلة يا سادة ليست تطرفا دينيا ولا لها علاقة بالدين الذي هو غائب تماما عن جميع الأطراف، لكن المشكلة اقتصادية استعمارية بحتة، لا يمكن حلها إلا بالإطاحة برءوس النظام من أصحاب المصلحة في استمرار استعمار مصر برأس المال الأجنبي. المشكلة أن الشعب بعد الثورة صار في كامل وعيه وفي كامل استعداده للوقوف ضد أعداء الشعب من اللصوص. فهناك تأهبا كاملا واستعدادا من الطرفيين. والحرب تدور رحاها إعلاميا بين الشعب والمستعمر، ولكن الأمر لن يتوقف عند الحرب الإعلامية فالانفجار الشعبي وشيك وسيكون مروعا بقدر الضغط الموضوع فوق الشعب، ولا يستطيع أحد أن يعرف أحد مداه ولا أبعاد اتساعه ولا انتشاره الذي سيكون مدويا مخيفا.

خمسة أشهر كل يوم مصر تتأخر عشرات السنين على يد المجلس الموقر. خمسة أشهر من الإرهاب وترويع الشعب، رأينا فيها كل صور القهر والظلم، والغياب الأمني، وغيبة القانون التي بلغت لما لم تبلغه مصر في كل تاريخها. خمسة أشهر من البلطجة ونشر الفتن الطائفية، مصر فيها بلا شرطة، ولا نيابة، ولا قضاء ولا إنتاج، ولا سياحة. الحكومة في تلك الفترة كانت تستميت في الحفاظ على كل صور الفساد ورموزه. الحكومة التزمت بكل العقود التي تبتز الشعب المصري وتسرق قوته، من تصدير الغاز لإسرائيل، بل التوسع في المشاريع العربية التي تضمن استمرار سيطرة الوهابية على الاقتصاد المصري مع استمرار سطوته واستعباده وإفقاره لشعب مصر.

يا مجلس يا عسكري لا تتصور أنك يمكنك الاستمرار في حكم مصر وشعبها المحترم المتحضر بهذا الأسلوب أكثر من ذلك!!! فاحذر من الغضبة المُضريَّة الآتية!!!! لقد طفح الكيل والضغط على الشعب بلغ لمرحلة الانفجار الأكيد!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الثوره المضاده هم العسكر
كامل حرب ( 2011 / 6 / 24 - 01:14 )
سقط النقاب عن الوجوه الغابره ,نعم والوجوه الغابره هم المجلس العسكرى واعضاؤه المجرمين والبلطجيه واللصوص وهم مركز الثوره المضاده والتى تعمل جاهده لقتل الثوره تماما وذلك بالتنسيق مع زعيم عصابتهم الفاجر مبارك والذين لايزالوا يتلقوا الاوامر من هذا الشيطان الارعن ,يجب ان يعلم الشعب تماما ان الثوره المضاده هم المجلس العسكرى الفاجر واوامر مبارك لهم اذلال الشعب المصرى لاانه تجرا واهان هذا الخنزير الجربان والسفاح الدموى ,اخلاق المجلس العسكرى هى نفس اخلاق زعيم عصابتهم ,انهم سفله ولصوص وقتله ويجب القبض عليهم جميعا والا فان الكوارث سوف تحل بدون انقطاع على هذا الشعب البائس ,الكل يعلم ان اللص الكبير سرق مليارات الدولارات من دم الشعب المطحون ,وفى نفس الوقت كان يوزع المجرم بعض السرقات على اللواءات والعمداء لكى يضمن ولائهم ,والا كيف وصلت ثروه المشير الى اكثر من سبعه عشر بليون دولار ويحتفظ بها فى الخارج الا اذا كان شريك المخلوع فى السرقه واللهط وسمسره السلاح ,انهم عصابه مجرمه ويجب القبض عليهم وفضحهم


2 - يذهب لص وياتئ لص
mazin199 ( 2011 / 6 / 24 - 17:25 )
المشكلة في الثوراة العربية يذهب لص وياتئ لص اخر الثورة تنطلق بشرارة الاحرار والوطنيين وياتئ النصر بدماء الابرياء وياتون بسلطة اكثر دموية من السابقة .مع كل الاسف كل الثوراة ثوراة مصالح لا اكثر والضحية هم الثوار الشرفاء .تحياتي للكاتب

اخر الافلام

.. تظاهرات في جامعات أميركية على وقع الحرب في غزة | #مراسلو_سكا


.. طلبوا منه ماء فأحضر لهم طعاما.. غزي يقدم الطعام لصحفيين




.. اختتام اليوم الثاني من محاكمة ترمب بشأن قضية تزوير مستندات م


.. مجلس الشيوخ الأميركي يقر مساعدات بـ95 مليار دولار لإسرائيل و




.. شقيقة زعيم كوريا الشمالية: سنبني قوة عسكرية ساحقة