الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضحايا نظام العولمة المالي، اليونان مثلا

نضال الصالح

2011 / 6 / 25
العولمة وتطورات العالم المعاصر


لقد ضخ الإعلام الغربي كمية ضخمة من المقالات والمقولات تشرح الوضع الإقتصادي المتردي في اليونان وعجز اليونان عن سداد ديونه الضخمة حتى أوشك على الإفلاس. في الواقع أن الحقيقة الكاملة لم تقل ولم تبين الأسباب التي أوصلت اليونان إلى هذا الوضع الذي يهدد بإفلاس بلد أوروبي هو مهد الحضارة الأوروبية.
دعنا نتفحص الوقائع على الأرض ونسأل السؤال الأكثر أهمية وهو كم هي مديونية اليونان فعلا؟ وما هي قيمة المديونية الحقيقية وما قيمة فوائد المديونية التي تراكمت عبر السنين. تقول المصادر المطلعة أن 7 إلى 10 في المئة فقط من قيمة المديونية الحالية تكون الدين الحقيقي وما بقي فهو الفوائد المتراكمة على الدين الأصلي.
لا يزال اليونان يسدد قيمة ديونه للولايات المتحدة الأمريكية من عام 1929 ميلادية. فوائد هذا الدين كبيرة بشكل أن اليونان قد سدد الدين الأصلي منذ مدة طويلة. من كل دفعة يدفعها اليونان لسداد دينه، فقط ثلاثة في المئة من قيمة الدفعة تقوم بسداد الدين الأصلي وبقية الدفعة هي قيمة الفوائد على هذا الدين. الديون الخارجية لليونان تضخمت منذ عام 1997 من 114,570 مليون يورو إلى 354,541 مليون يورو في شهر مارس لعام 2011 أي تضخم الدين في مدة أربعة عشر سنة بزيادة 239,361 مليون يورو. قيمة الفوائد التي دفعتها اليونان في هذه المدة هي 386 مليون يورو.
تدعي المصادر المالية أن اليونان أكثر البلدان مديونية في أوروبا وتصف الجهاز الإداري اليوناني بالتضخم وبإرتفاع مدخول العاملين فيه، ولكن الحقائق تقول غير ذلك.حسب المعلومات المستقاة من منظمة العمل العالمية فإن أكبر عدد من الموظفين الحكوميين نجده في السويد( 33,8 في المئة من مجموع الموظفين)، في الدنيمارك 32 في المئة، في فرنسا 29 في المئة أما اليونان ف 23,3 في المئة فقط من مجموع العاملين يعملون في القطاع الحكومي، وبذلك يعتبر اليونان في الدرجة السادسة من بين الدول الأروبية في هذا المجال. أقل نسبة نجدها في ألمانيا.
تدعي المصادر الإعلامية ان رواتب الموظفين في القطاع الخاص اليوناني عالية جدا ولكن الأرقام تدل على أن اليونان يقف في المركز الخامس عشر بالنسبة للدول الأوروبية الأخرى مع أن تكاليف المعيشة من أعلاها. كما أن المصادر البنكية والمالية تؤكد أن اليونان ليست أكثر الدول مديونية ونجد أن مديونية:
الولايات المتحدة الأمريكية 13983 مليارد
بريطانيا 8930 مليارد
ألمانيا 4712 مليارد
إرلندا 2131 مليارد
النمسا 754 مليارد
الدنيمارك 559 مليارد
وفي المركز التاسع عشر من سلم المديونية يأتي اليونان، 532 مليارد.
حتى تكون الصورة أكثر وضوحا للننظر إلى نسبة المديونية من قيمة المدخول العام نجد أن:
ديون إرلندا تكون 1004 في المئة من المدخول القومي، بريطانيا 416 في المئة، سويسرا 271 في المئة، أما اليونان فنسبة المديونية من المدخول القومي تعادل 167 في المئة مما يضعها في المركز السابع(. CIA Fackdookمن عام 2009). وإذا حسبنا المديونية نسبة للفرد فإننا نجد أنه في إرلندا يقع على الفرد مبلغ 424300 دولار، أما اليونان فمبلغ 33300 دولار. (WorldLingo 2007).
لم يعد سرا أن الدول الإستعمارية والمؤسسات المالية العالمية إستعملت إرتفاع قيمة الفوائد و التراكم الديني للدول الأفريقية ودول ما يسمى بالعالم الثالث وعجز هذه الدول عن سداد مديونيتها كوسيلة للإستيلاء على مصادر الثورة في تلك البلدان والتحكم في مقدراتها. ولكن اليونان بلد أوروبي وعضو في الإتحاد الأوروبي فكيف حدث ذلك؟
تعتبر القروض بالنسبة للمؤسسات المالية العالمية تجارة مربحة. وبعد قيام الإتحاد الأوروبي وتمركز السلطة في الدوائر المركزية الأوروبية في عاصمة الإتحاد في بروكسل، بدأ التحكم في عملية الإنتاج القومي في الدول الأعضاء. قبل عام 1992 حذر البنك المركزي اليوناني من إرتفاع مديونية الدولة ولكن بعد عام 1992 عم الصمت الدوائر المالية والبنكية ولم يعد أحد يذكر إرتفاع قيمة المديونية لأن البنوك والدوائر المالية العالمية وجدت في إرتفاع مديونية اليونان وغيرها زيادة في أرباحها، فالدول لا تقترض من غيرها من الدول ولكن من البنوك والمؤسسات المالية الخاصة وفي حالة إفلاس الدولة تصبح الدولة ملكية خاصة للبنوك والمؤسسات المالية الخاصة، وبيتوحيد العملة الأروبية، اليورو، سهلت المهمة. لقد قامت البنوك بشفط اليورو من الأسواق وأعادته على شكل قروض ولقد تضخم رأسمالها بهذه العملية عدة مرات. لقد أصبح مجمل نتاج العمل الإنساني ملكا للمؤسسات المالية العالمية.
يعتبر اليونان بالنسبة للمؤسسات المالية العالمية كفأر تجارب ولا تسعى هذه المؤسسات لإفلاس اليونان ولكن للسيطرة على مقدراته. فأحد أهم مطالب المؤسسات المالية العالمية من اليونان هو الخصخصة والتي ستكون نتيجتها إستيلاء البنوك العالمية على مصادر الثروة اليونانية والتحكم بمقدراتها. ولن تنتهي الخصخصة هناك ولكن قطعا من أرض الإغريق، مثل مجموعة من الجزره، ستباع للرساميل الأجنبية أيضا.
إن تراكم المديونية اليونانية لم يأت من فراغ ولكن نتيجة لبرمجة محكمة من قبل البنوك والمؤسسات المالية العالمية. قيمة مديونية اليونان في عام 1995 وصلت 110 مليارد يورو وتعادل 58 في المئة من الإنتاج القومي واليوم المديونية اليونانية تخطت 500 مليارد يورو. لا يجري سداد القرض بناءا على قدرة المديون المالية ولكن حسب ما تفرضه البنوك الدائنة.
إن الإدعاء بأن اليونان بلد فقير وليس فيه من الثروات الطبيعية ما يثير لعاب المؤسسات المالية لهو إدعاء باطل. أرض اليونان غزيرة بالمعادن مثل النحاس وولألمنيوم والذهب، وفي البحر يوجد كميات كبيرة غير مستغلة من الغاز الطبيعي، هذا إلى جانب الثروة السمكية الضخمة. كما أن اليونان يملك أرضا زراعية قادرة على إنتاج كميات ضخمة من الزيتون والحمضيات والفواكه. ولكن مع الأسف أصبح كثير من مصادر الثروة اليونانية في أيدي أجنبية وتستعد البنوك والمؤسسات المالية العالمية للإستيلاء على بقية المصادر بحجة الحاجة إلى الخصخصة من أجل سداد الديون، التي جرى بالفعل سدادها ولكن جزءا كبيرا من الديون الحالية ما هي إلا تراكم الفوائد على تلك الديون.
هذه هي العولمة الجديدة التي تهدف إلى الإستيلاء على مصادر ثروات للدول والتحكم بمقدراتها، بغض النظر عن موقعها وإنتماءها العرقي.

المصادر:

دراسة نشرت في جريدة الحزب الشيوعي التشيكي " هالو نوفيني" بتاريخ 20،06،2011 وتحت إسم فيرا كلونتزا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف