الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فن إبداعى مجهول لنجيب محفوظ

حسين عبد العزيز

2011 / 6 / 26
الادب والفن


فن إبداعى مجهول لنجيب محفوظ
لم يجد من يبحث وينقب عنه

سوف يبقى نجيب محفوظ الروائى الوحيد الذى يمكن أن نتحدث عنه فى أى وقت دون ملل وأن قرأت أعماله سوف تبقى تشعر دائما بالمتعة من كفاح طيبة إلى أحلام فترة النقاهة ومنذ أن رحل تركا لنا الدنيا بهمها وبلاويها التى لا تنتهى تفعل فينا ما يفسدها وتفعل فينا ما يحلو لها لأننا دائما مفعول به من السياسة إلى الاقتصاد إلى الفن إلى الاجتماعيات إلى السلوكيات دائما نتأثر ولا نأثر دائما نستوعب كل جديد بالطريقة الخطأ والفهم الخطأ والتعامل الخطأ لأننا فطمنا على الاستسهال بأن نتعامل مع الأمور من الخارج من حيث القشور واللا معنى وإلا قيمة والاسم لدينا حضارة وثقافة .

فكما أن الآباء قيدا على الأبناء فتحول الأبناء إلى دمى فى يد من يحركهم من الموضة والخنفسة وضرب كل شئ طبنجة والتعامل مع القيم المتبقية لدينا باستخفاف وعدم اكثرات.
فأنا كنت من جيل كانت الأبوة فيه قيدا على الأبناء دائما كانت الآباء تقف حائل أمام تقدم الأبناء بالضبط كما أن الحكومات قيدا أمام شعوبها لأن الحكومات تعمل وتبحث عن مصلحتها ودائما وابدا مصلحة الحكومات تتعارض مع مصلحة الشعب .
- وكل فترة نجد خبيئة جديدة لنجيب محفوظ ومعلومة مثيرة عن عالم نجيب محفوظ ففى العدد 606 الصادر من مجلة العربى فى مايو 2009 حيث نجد الكاتب الكويتى خليل على حيدر يقدم قراءة للعدد التاسع من مجلة العربى والذى صدر فى شهر أغسطس 1959 م وبه حوار مع الروائى الشاب (نجيب محفوظ) وكانت مجلة العربى قد نقلت من مقاله كانت الشاب نجيب قد نشره فى مجلة الأدب فى هذه الفقرة التى نقلتها العربى عن مجلة الآداب سوف نجد فيها اشياء كثيرة مهمة وخطيرة .
إن أغلى أمانى فى الحياة أن تتاح إلى فرصة الاستقرار والتفرغ للعمل الادبى ،ولكنى لا أريد مع ذلك أن يأتى شهر اضطر فيه إلى اقتراض النقود،لذا فأنا الان موظف وكاتب سينمائى ثم أديب بعد ذلك أى أن الأدب هو مهنتى الثالثة ولو ضمنت لى الدولة مائة جنيه فى الشهر لكان هذا تقديراً أفضل من جائزة الدولة ولقدمت لها كل انتاجى الأدبى لنشر وأعداده للمسرح والسينما دون مقابل واعتقد أنها لن تكون الخاسرة.... لو أن الدولة ممثلة فى وزارة الثقافى فى حينها قد تعاملت مع نجيب محفوظ كمشروع ثقافى تجارى لكانت قد ربحت هذا الكنز الذى لن ينضب ابدا بطريقة برجمانية لكانت هى حاجة صاحبة ومالكة خبيئة نجيب محفوظ لكن نقول لمين .. ونعيد لمين؟!
ان هذه الخبيئة (يعجبنى هذا الوصف لفن منسى لنجيب محفوظ .
فقد وثق واعدد الكاتب الذى نسيناه (ضياء الدين بيبرس) فى كتاب أصدره تحت اسم (عالم نجيب محفوظ الذى لا نعرفه) وهو عبارة عن الرسائل التى كان يكتبها نجيب محفوظ إلى الأصدقاء –ونحن نظرا للمساحة سوف نقف عند ثلاث رسائل أجد أنهم فيستحق القراءة كما كتبها الشاب نجيب محفوظ حتى نستمتع جميعاً بهذه الخبيئة القراءة والتوقف عندهم وأنا سوف أورد هذه الرسائل الثلاث كاملة.
أخبار الشيوعية وأخبار السينما
عزيزى أدهم
تحية وسلاما وبعد
أخبار الشيوعية غطت عندنا على المعاهدة نفسها فضلا عن الأدب والسينما.. فما ندرى يوما إلا والبوليس يطربق على البيوت ويسوق الشابات والشباب إلى السجون وكلهم من المثقفين ثقافة عالية ثم صودرت الجرائد والمجلات التى تدافع عن العدالة الاجتماعية وعلى رأسها "الوفد المصرى" والغيت كثير من الهيئات والجمعيات كنادى خريجى الجامعة ونادى خريجات الجامعة وجمعية الأبحاث العلمية إلخ... وقيل من ضمن ما قيل وهو بعض ما يقال الآن إن الدكتور مندور-مقبوض عليه طبعا-واسطة بين النحاس باشا وروسيا وإن الوفد متهم بالشيوعية.
وقد جاوز المقبوض عليهم الـ 300 –ويخيل إلى أن هذا القبض صلة بالسياسة الداخلية فجميع المقبوض عليهم من معارضى"أية معاهدة مانعة"ويخيل إلى أيضا أن مهمة صدقى باشا فى الحكم هى القضاء على ما يسمونه باليسارية قبل كل شئ (هذا شئ يسرنى لأنى فى طريق الرأسمالية!!) ونحن نعيش فى جو من الارهاب لا يناقش فيه صدقى سنة 946 إلا صدقى سنة 930 والمضحك بعد ذلك كله أن يوجد برلمان ودستوى وديمقراطية. قالوا نحن ندافع عن الدستور بمحاربتنا الشيوعية ! حسن ، أنتم تعشقون الدستور,أمنا فلماذا لا تجعلون الحكم للأغبية؟ اليس ذلك من الدستور أيضا ؟ولكنهم يحلونه عاما ويحرمونة عاما.
أن شاء الله فى البريد القادم تصلك القاهرة الجديدة وسأودع أوراقها حجابا يقيها سم الألسن. أما عن السينما فقد أنتهينا من سيناريو مغامرات عنتر وعيلة ورجعنا إلى قواعدنا سالمين والحمد الله.وكانت تجربة عرفت منها أمورا كثيرة عن دنيا غريبة ما كنت أعرفها إلا من الظاهرة وعقبال ما اعملك سيناريو "الدكتور حسان" بعد عودتك من انجلترا وأنا بإذن الله متربعا على عرش المجد مع شيكوكو والكحلاوى وأسيا،ومما يذكر عن الأدب أن صديقنا الشويخ ألهمنى موضوعا ساكتبه ابتداء من سبتمبر 1946 بطله شاب مخنث وسيعجبك كثيرا إن شاء الله!
وسأترك لك اختيار عنوانه.
وبع فقد سرنى ما سرك من اجتماع شملك واستقرار حياتك وأنى لفى انتظار الكثير من كلامك المليان والفارغ والسلام.
المخلص
نجيب محفوظ
طرف استوديو تلحمى مصر !!!
عزيزى أدهم:
مدة الله بالتفاؤل والطمأنينة أمنت بقولك أننا نعيش فى دائرتين متناقضتين من تفاؤل وتشاؤم ،وأعجبنى أنك مغرق الأن فى البحث عن الحقيقة، فأعجب لأنى الأن أعانى شيعا من الحقائق وازورارا عنها جميعا. أن حماسى الجنوبى للقراءة يفتر ويكفينى الأن أن أقرأ صفحة لأتأمل بقية الليل فيها وفيما تثيره فى ذهنى من أفكار ومواضيع كان فى الماضى يعذبنى الطموح إلى معرفة الأشياء جميعا أما الأن فبحسبى فكرة أو خطرة لا عيش فيها كيفما أشاء. وظمئى للفن شديد، أريد أن أفنى فى سماع الموسيقى وتأمل الصور الخالدة وقد خرجت إلى المكاتب لأبتاع ما يلزمنى منها فصدنى غلو ثمنها غلوا لم اتصوره من قبل حتى إنى وجدت مجموعة لبيكاسو ثمنها 4 جم. وعموما فانى أفضل الأن أن أرى واسمع وأعيش عن أن أقرأ. ولكن لا تفهم من ذلك أنى أفضل الحياة التى يحياها الناس والا لسمعت عن زواجى فى الخطاب القادم. كلا ليس الأمر كذلك .انى أريد أن استلهم الحياة نفسها لأؤدى وظيفة الفن بعد ذلك خارجا عن قوقعة الكتب. هذا هو التطور الذى أحس دبيبه الأول فى أيامى هذه.
وقد بلغنى أن الكافر ابن الكافر"..." يقترى على كذبا عندك ويتهمنى بالتطور النهائى إلى السينما فلا تصدق عدو الله،وما كان لفنان صادق أن يهجر فنه لأى سبب من الأسباب؟! ومتى كانت السينما تشبع فنانا؟! إنى إذا ساهمت فى عمل سينمائى (ولا يحدث ذلك إلا فى النادر) فكما تذهب أنت مثلا إلى السينما دون أن تكون شغل حياتك الشاغل.
ولعلك يعد ذلك سمعت ما حصل فى عالم السياسة المصرية ،فلقد تحولت الحكومة عم موقفها تحت ضغط الرأى العام والقنابل وأمنت بقطع المفاوضة والتوجه إلى الضمير العالمى ولن نخسر شيئا مهما كانت العواقب وهم يبحثون الأن عن الجهة المختصة بنظر قضيتنا ،ثم يبحثون بعد ذلك عن تكوين وفد المفاوضة،ولا أدرى كيف يعالجون الخلاف فيما بينهم، وهل يتحدون أم يظلون على انقسامهم.
والحكومة وإن رجعت للحق والصواب وهى تشكر على ذلك مهما كانت البواعث إلا أنها المسئولة عن تضييع عام كامل صفت فيه انجلترا مشاكلها الخارجية وأصبح الجو الأن فى الهيئ العالمية غير مشوب بعداوة للبريطانيين كما كان الحال قبل عام،فخسرنا نحن بذلك خسارة لا تعوض.
أضف إلى ذلك أنهم (الحكوميين) ارتبطوا مع الانجليز بعهود قد تضعف مركزهم اذا ارادوا أن يتجاوزها .والله المستعان.
وبعد فأرجو أن تحدثنى عن الانجليز وبلادهم وما تركوه فى نفسك لأنى مازلت أشعر أنك تكتب لى من الاسكندرية لا من لندن.
وفى الختام تقبل أزكى التحيات
المخلص
نجيب محفوظ
شركة أفلام الشرق الأدنى
عزيزى أدهم
عن أخبار الكنانة لا تسل،جمود سياسى، وضيق شامل ، وأقلية فى أفراح متواصلة، وشيوعية تطل برأسها فى حذر ،وطوائف تهدد وتنذر ، وحسبك أن تعلم أنى اكتب لك هذا الكتاب وضباط البوليس معتصمون بحديقة الأزبكية مطالبين بكادر جديد وهم يهتفون ومعهم بعض العساكر "ليسقط النقراشى عدو الأمة"فهل سمعت عن هذا من قبا؟ والبلد معتبرة فى حالة طوارئ وتسلم الجيش زمام المحافظة على الأمن حتى تحل المشكلة. ومن ذلك تجدنى فى خوف على ثروتى لأنى احتفظ بها عادة فى جيبى اذا لم تكن نسيت.
والأدب اخباره أحسن وقد اشتركت فى مسابقة القصة بالمجمع اللغوى (أعلم أنك ستغضب لهذا الخبر) ولكننى كنت فى حاجة ماسة لنقود فقدمت القاهرة الجديدة وخان الخليلى وزقاق المدق. ومنحنى المجمع 150 جنيها مصريا كانت عزائى على التقارير الجاهلية التى قرأتها عن القصص. ولكن بالله ماذا أصنع؟ لست أريد أن استذل قلمى فى التهريج الشعبى، والأدب الحقيقى لا يأتى إلا بالديون ،وإنى أعدك اذا رقيت الا أفكر فى الاشتراك فى مسابقة على الإطلاق وقد كان مما شجعنى أن تيمور بك دخل مسابقة العام السابق .والحق أنه لولا العقاد والمازنى لبرمت منى الجائزة .ومن أخبارنا أيضا أن العقاد سئل عن القصاصين الثلاثة الأول فقال الحكيم وتيمور والعبد لله. وسألوا بيرم فوضنى فى الأول وكانت النتيجة أن توفيق الحكيم كتب مقاله فى أخبار اليوم يهاجم القصة وما يسمونه أدب الحياة ويقول إنه فن نسوان وإن الأدب الحقيقى هو الفكر ومن ساعتها وكل أصدقائى ينادوننى قائلين "يا مره!".
عزيزى أدهم
تحيات وأشواق لا حصر لها. وبعد فقد انتظرت كتابك بصبر نافد، ولم أشأ أن الحقه بجواب من عندى أخر لما قدرته من مشغوليتك بالامتحان والعمل كان الله فى عونك.
وقرأت رأيك فى الفورسيت ساجا ولا أخفى عليك أنى كنت أنتظر حماسا أكثر،وكأنك مغرم بالمقارنات وكثيرا ما تذهب إثار روائع ضحية لها، والواقع أن السيطرة على شخوص تعيش فى أجيال أمر فى الفن القصصى عسير شاق ويحتلج لقدرة خارقة، بيد أنك زدت شوقى لحين كرستوف فاللهم هبنى الوقت والمال. ومن جانب أخر يحثنى الدكتور انيس منير على قراءة امنجواى وغيره من المحدثين حتى بت فى حيرة من أمر القراءة. وكأنى سأقنع فى النهاية بالقول السائر "الناس فريقان،فريق يكتب ولا يقرأ وفريق يقرأ ولا يكتب" ولا أخفى عليك أنى بحاجة إلى التجارب، وأنى أشعر بأختناف بين ميدانى فاروق والأزهار.
وقد عرفت هذا الصيف أديبا شابا موهوبا ولطيفا معا، ولهذا الأديب عوامة، نقصنى فيها نصف الليل ما بين الحشيش والأوانس، وانقلب أخوك شيئا أخر-لمدة الاجازة فقط طبعا-بل علمنى البوكر سامحه الله، فغدون مقامرا وليس بينى وبين دكتور الأمراض التناسلية إلا خطوة فأنظر كيف يتدهور الأديب على أخر الزمن !!
وقد وفين أخبار السياسة حقها لعنها الله وكلامك فيها يقع من نفسى موقع الحق والهوى معا، وفى هذه اللحظة التى أكاتبك فيها يعثرون على القنابل فى القاهرة كالتراب، خصوصا بعد حادث سبنما مترو بل تصور أنه انفجرت من أسبوعين قنبلة فى شارعنا وعلى بعد عشرين مترا من بيتنا وكان من نتائج ذلك أن بطلت حفظ الحشيش فى البيت استعدادا للتفتيش،فيلعش الملك المفرقع الأول.
المخلص: نجيب محفوظ

حسين عبد العزيز








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في


.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/




.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي