الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما عشت في الزمن القذر

امنة محمد باقر

2011 / 6 / 30
الارهاب, الحرب والسلام


عندما عشت في الزمن القذر!

حكاية .... امرأة عراقية ... من زمن البعثية !

امنة : ومن جور الزمان على الفتى ... ان يرى عدوا ما من مصاحبته بد ...

كتبت لي تقول: ( اشعر انني كمواطنة ... محطمة من الداخل ... وانني انتمي الى بلد ... اساء الى انسانيتي كثيرا .... دمر كل شئ جميل في داخلي .... وبت اعيش على الهامش ... وليس يعنيني من امر حياتي شيئا ) ...

سنا ... تروي لنا قصتها :: ( الموضوع عادي جدا ... ويعرفه كل احد ... ولكن .. البعض يريد ان ينسينا ما حدث .. بل باتت الابواق .. تطالبنا بأن ننسى ... وكيف ننسى؟ )

سنا : بل من جوره ايضا ان يعيش تحت كنف البعثية .... والعبثية ...( وكل من حالفهم ولف لفهم )........ (استعارة من كلامهم!) وتكتب له الاقدار ان يعيش زمن الحكام العرب .. العار على البشرية ! ماهي قيمتك كأنسان .. وانت عشت طيلة عمرك ... يحكمك هدام ؟
الا تشعر بالاسى حين تذكر انه يوما ما كان حاكمك .. اسمه هدام .. سفاح وابن ..........؟ واسفة لاستعمال هكذا كلمات على الويب وعلى رؤوس الملأ ...... والسائر على خطى آكلة الاكباد ...

اين هي كرامتك كأنسان ... ولا يحق لك ان تفتح فاك بكلمة طيلة عمرك ... فأي عمر هذا؟ ام كما يصفه الشاعر:

عمر ومحزم بـ (لوعات .. ) ........

وغربة الفرهدته وباكت سنينة ...

و حكم ... ما عنده ... كل وجدان ... عالمظلوم تنصب كل قوانينه !

الكل ... فرحوا بحكامهم وازمانهم ... يذكر اجدادنا ( الذين لم يعيشوا زمن الانترنت ) ازمانهم ورؤسائهم بكل محبة ... وحنين الى الماضي الطيب .. الذي قيل لجيلنا انه زمن متخلف ... عاشوا زمن الملوك والفلس والعانة والزعيم فماذا اعطانا ابن صبحة ؟ من زمنه القذر ...

تعز علي نفسي ... واعاتب الاقدار واعاتب زمني ... واعيبه ... أجل اعيبه .... فيا لسوء الحظ ...( وساعة السودة ! ) انني ولدت في مرحلة السبعينات .. كي اعطي كل شبابي لهدام المجرم ...
عشنا في ظلمة .... سرت طيلة عمري في ظلمة... اتلمس خطاي بصعوبة ... فطفولتي حرب القادسية ... يا ويحي ! وهنيئا لي رؤية صور من المعركة ! ومراهقتي حرب الكويت .... وشبابي حرب الكويت .... وتكللت ايامي بالحصار الاقتصادي ... وعصر الارهاب بعدها ...

اطلعت على بكاء الامهات صغيرة .... ورأيت ثكل النساء ... وانا لم ابلغ التاسعة ... وفرضت علي التقاليد ان البس السواد لأن كل الشباب من ابناء عمي قد ذهبوا ضحية القادسية ... وغيرهم ضحية السجون لأنهم رفضوا المشاركة في القادسية او الانتماء للعبثية ... في زمن كان الرفض فيه سما زؤاما ...تعيش فيه الحزن والمرار ابد الابدين ... اذ لا غسل ولا قبر ولا كفن لمن تبحث عنه او تحزن عليه ... ويمحى الانسان بكل كيانه .... من لوحة الوجود ... كأنه لم يكن ... لماذا ؟ ولمن ؟ لبطل التحرير القومي ... والامة العربية ... وتلك الاسماء القبيحة التي مرمرت سنيني ...

وكان الزمن كأنه قد توقف عند تلك اللحظة ... وكنت ارى القرى التي تختفي ثم تعود لتظهر في حكايات السندباد ... ولكنني في الحقيقة كنت اعيش في ذلك البلد الذي اختفى من لوحة الوجود عام 1979 يوم نصبوا هداما ... هادما لبلدنا ...ومصيرنا ... ومسخ الجميع بوجوده ... قردة خاسئين ... الا فتية امنوا بربهم وازدادوا هدى ...
نهضت يوما ووجدت ان بلدنا اختفى من الوجود في تلك اللحظة ... واننا كنا نعيش زمن النسيان ... واختفى وجودنا من خارطة العالم ... ولكن لم يدرك ايا منا هذا ... لأننا في الحقيقة كنا موجودين ... ولازلنا على قيد الحياة ... ولكنها ... لم تكن تملك من مواصفات الحياة سوى الاكل والشرب ليس اكثر ... وكنا نتجرع مع اكلنا وشربنا ... طعاما من ضريع ... نوع اخر .. اسمه الهم والغم .. كنا نتناوله على دفعات ... حتى تحطمت نفوسنا ....

امنة: لهذا ترين يا سنا .... كيف ان العراقيين يختلفون عن غيرهم من الامم ... انهم يملكون شخصيات عنيفة .... ويحتاج كل شخص منهم الى اخصائي نفساني للنظر في حالته ...

سنا: وكان المطبلون والمزمرون والمطربون قد حزنوا بسقوط صنمه ... ويلومون على الزمن الحالي ويلاته ... هل نسي الجميع ويلاتنا .... انني اتعجب ... هل يفهم الناس حياتنا في العراق فهما واقعيا ... ام انهم يريدون ان يغضوا الطرف عن واقعنا .... اننا نعيش خمسين سنة او اكثر متأخرين عن بقية الامم والشعوب ... انه التدحرج الى الخلف ..

حتى اذا خرجت قريتنا الى حيز الوجود مرة اخرى ... تعجب الناس لأمرنا .... هل عاد اصحاب الكهف؟ نحن نظن انفسنا جنسا اخر من البشر ونفضل انفسنا على غيرنا ... كأننا افضل عرق على وجه الارض ... ولسنا كذلك ... اننا نستقل من بقية البشر ولسنا بأفضلهم ...

امنة: انه مركب النقص وداء العظمة الذي زرعه الدجال في انفسهم .... وليس لعربي فضل على اعجمي الا بالتقوى ...

سنا: انني اكرر اسفي انني عشت في الزمن القذر ... وعندما انظر داخل نفسي .... اشعر تماما ... بمدى الدمار الذي يسكنها ... ليس الحزن وليس اليأس .... ولست اتحدث عن الكآبة او اي شئ اخر ... بل اشعر انني كمواطنة ... محطمة من الداخل ... وانني انتمي الى بلد ... اساء الى انسانيتي كثيرا .... دمر كل شئ جميل في داخلي .... وبت اعيش على الهامش ... وليس يعنيني من امر حياتي شيئا .... سوى انني احاول ان ابني او اصلح في اخريات عمري ... ما دمره الطاغية في اولياته ! لعلي اجد نفسي التي ضعيتها في غياهب كهف العراق المظلم ... ! اما فلسفة حزب العبث ..وكي عاثت في الارض فسادا ... فهي امر اخر ... تحزنني طفولتي وبساطتي وانا طالبة في الصف الثالث المتوسط يوم دخل علينا المسؤول الحزبي ... واوقع وانا الطفلة الصغيرة ورقة ... مفادها انني اتعرض للاعدام ان لم انتمي الى حزب البعث او ثبت انتمائي الى اي حزب اخر!

اذا كان هنالك اي جهة لحقوق الانسان ... فأنني اطالبها بتلك الورقة .... ورقة طفلة توقع على اعدامها ... صف كامل ... مرحلة دراسية كاملة .... 150 طالبة ... وبالتأكيد نفس الشئ في بقية المدارس ولكل الفئات العمرية من عام 1979 الى 2003 ...

انما اشكر لزمني القذر يوما واحدا ...ينبغي ان اسجد فيه لله شكرا منذ طلوع فجره الى نهاية يومه 9 نيسان من كل عام... على ما اولانا الله من نعمة ! وكان ذلك اسعد ايام حياتي ... اسعدها على الاطلاق .... اذ كانت سعادتي مقتصرة على ايام الدراسة والنجاح نهاية العام الدراسي ...! لم ار يوما سعيدا في حياتي سوى ذاك ...

ويا لايمنة اعلة دمع العين ...
نفرح ليش؟
شو كلي الفرح وينة؟

امنة : ارجو ان يدرك كل عراقي .. معنى هذا الكلام ... لأن من الظلم ان تمدح ايام طاغية ضيع اعمار شبابنا ... ومن احب قوما حشر معهم ... وليهنئوا بالحشر ... مع قرين هامان وفرعون ! وهم في الحقيقة اهون امرا!









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بدأ العد العكسي لعملية رفح؟ | #التاسعة


.. إيران وإسرائيل .. روسيا تدخل على خط التهدئة | #غرفة_الأخبار




.. فيتو أميركي .. وتنديد وخيبة أمل فلسطينية | #غرفة_الأخبار


.. بعد غلقه بسبب الحرب الإسرائيلية.. مخبز العجور إلى العمل في غ




.. تعرف على أصفهان الإيرانية وأهم مواقعها النووية والعسكرية