الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة : الجذور

رغد علي

2011 / 7 / 2
الادب والفن


اهداء : الى الاستاذ العزيز فاروق سلوم بعد حوار معه عن الجذور ، مع كل الود والتقدير

الحقد على الاشجارالعتيقة لا شفاء منه، الشجرغناء وأهزوجة الطبيعة ، والحقد شذوذ في الايقاع لحن أصيل ولحن يبقى عاجزا مهما استمر في العزف ، فالقضية هي في الجذور..
الصراع يشتد ما دامت الجذور شبكة .. كلما تفرعت بباطن الارض، استعصت على القلع لا يطولها أحد،..من يتكهن بدروب تشعباتها أو مسارها ؟؟ سوى المغرورالمعتوه المصاب بداء سوء الهضم في العقل ، أهو تاجرام بائع متجول للأشجار العتيقة ؟ الطبيعة وحدها حين تتخذ موقفا تكفي وتبهر، وتفرض وجودها بقسوة أحيانا ..

ماذا تفعل يا جبار ؟؟ في أي أرض تهيم .. كل شىء لك خاضعا تحت سلطة فأسك هذا ،.. الاشجار العملاقة تقطع أوصالها وهي الصابرة..الصامتة ..تبدو له مستلمة، يذهب بالخشب يبيعه في أسواق النخاسة، ، لا احد يعرف كم شجرة قطع ؟؟ وكم جلب من المال ببيع تلك الاخشاب الثمينة..

لكن اليوم ليس كباقى الايام ، انها تمطر مدرارا ، سيول وسيول ، وحل ووحل، تغرق الغابة وجبار يصرعلى المزيد من الأخشاب ؟ ، يخرج حاملا فأسه لن يخاف المطر، هذا المطر لن يخيفه ، انه يريد زيادة ثروته ، وربما أخشاب تمنحه الدفء حين يرمي كل ثمين للنيران ، ليفوح العبق الأصيل من رائحة الزمن ، فيتباهي بها ، عنوانا لثراءه وسلطته، والغابة ثرية لا تنتهي اخشابها .. والطمع ثري لا ينتهي مداه ..

يدخل الغابة يجر خطوته تحت المطر، تغوص الخطوة تغوص بالوحل ، المطر يغسل جراح تلك الاشجار المقطوعة ، لم يبق لها ساق، لم يبق لها سوى الجذور العميقة السحيقة الغابرة الممتدة حيث اللانهاية ، ولا تبصرها معدة جبار..

تغوص قدماه بالوحل ، يتغطى نصف جسده به ، ترفع الجذورقامتها المستلقية بالاعماق، مع كل قطرة مطر ترتفع ترتفع أكثر ، تبدو أوضح ،.. تتعانق مع بعضها ، عناق المحبين بعد غياب ، تتحالف ، تتفق، تتحدث بصمت ..

بارتفاع الجذور، أطلق سراح تلك الديدان النائمة في جوف الارض، بكل بساطة وسهولة تدور حول جبار تقرص ساقيه : أخ أخ ... تستمر الديدان بالتهام قطع من جسده ، ينادى بعضها على الأخر : هلموا يا أصدقاء هذا جسد غني !!!

يسقط جبار متعبا غريقا بالوحل ، تغلفه الديدان من كل صوب ،كأنه جثة بكفن من الديدان، الجذور الظاهرة صارت تقهقه تضحك ، شدت التفافها على بعض بقوة ، الساعة قادمة لا محالة، انها الطبيعة ، لاشىء أخر، كلما تذكرت الجرح ، اخضرارها أمسها ماضيها ثمرها ، ورودها ، زادت من شدة تلاحمها ببعض .. لتخرج منها خيوطا متفرعة رفيعة قوية قاسية صلبة رقيقة، تحيط كل المكان ، تمتد وتمتد ، توحدت، تماسكت ،تحولت ، انقلبت عنكبوتا كبيرا ، يمد شباكه من السماء وتهبط نحو كل شبر بالغابة ...
يصيح جبار، يبكى يا الهي ماذا يحصل ما هذا الكائن المرعب ؟؟ ما الذي يجرى ؟؟ ..
الوحل من هنا والديدان تحاصره والعنكبوت الشرس يحيطه .. رعب خوف .. خيوط العنكبوت تعرف هدفها ، تستدل ببوصلة قلبها العتيق تتوجهه نحو فأس جبار، تلويه ،تخنقه ، يصرخ: يا الهي انني أتألم ينكسر فأسه ، يغرق بالوحل ، كأنها صورة لكثبان رملية متحركة تعرف ماذا تفعل ؟؟ ... يقع جبار لا صوت له لا اثر ..
تكف السماء عن المطر ،.تعود الجذور تنام بقلب أمها بهدوء ، ...تشرق الشمس ... يظهر من البعيد اخضرار بعض الحشائش ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة