الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دولة جنوب السودان....عُذراً فنحن نحسدكِ!

آکو کرکوکي

2011 / 7 / 11
القضية الكردية


أجل.. نحسدكِ وأقولها دون خجل، فمنذ زمنٍ قد فقدنا الحياء والخجل...وماذا تنتظرين منا؟... ونحن الأيتام المشردين ، بين الأزقة الشرق أوسطية .. و أنتي اليوم تتنعمين... بحضن الأسرة الدولية ...؟

دولة جنوب السودان...إن خطر لكِ، إننا بدو رُّحل، أو شرذمة من الغجر . فعذراً، فنحن لسنا بغجر، مع تشرذمنا وتشظينا... ومع كل إحترامنا للغجر...ولسنا ببدوٍ ، بالرغم من إنننا... وبفضل الإسلام والعروبة... قد تطّبعنا، بطباع البدوِ... وصفات الرملِ... وجمود الصخرِ ،و الحجرْ.... ولسنا بمُعدمين، أو عاقرين... بالرغمِ من غُربتنا، ووحِدتنا في وطننا، ومايبدو علينا، من مظاهر الذلِ والفقر...لا لسنا هذا ولا ذاك... بل نحنُ أمةٌ... نساها اللة، والتاريخ، والزمنْ... فنسينا نحن أيضاً، أنفسنا ، ورضينا بحياة، المذلة، والقهرِ ، والوهنْ...

لابد إنك سمعتي بقصتنا المُملة... عن أربعين مليون نسمةَ، مُشرذمةَ، مُمزقةَ، مُقطعّة. بين دولٍ، هي أكثرُ من ثلاثة، أو أربعة. أو قد سمعتي، بـ"حلم الدولة" أو "نضال الپيشمرگة" أو يَنكة وپَدَكة أو حتى پَككة. ولربما سمعتي بهَولير، أو آمد، أو سنة، أو هَلبجة، أو حَسَكة، وعرفتي، إنها أشلاءُ وطنٍ، بين الاوطان الأخرى مُوزعة، مُبعثرة، مُفككة. أو سمعتي بتضحياتنا، ومآسينا، ومظالمنا، المتُعددة المتُنوعة وفي الأسلوب والوحشية غير مسبوقة، وجديدة، ومُبتَكرة...

دولة جنوب السودان...لا شأن لي، إن عطفتي حينها، أو لم تعطُفي... ضجرتي اليوم، أو لم تضجُري... من قصتي المكُررة...ولكني لا أقوى، إلا أن أحسدكِ، مما لديك وليس لدي... مما تملكين ولا أملك . ... ومما تتذوقين، من حلاوة دولةٍ مُستقلةٍ مُحررة، مُظفرة... ومما تتنعمين بهِ، من كيانٍ، وخصوصيةٍ، محفوظة، وشخصيةٍ، مَرفُوعة، مُبّجَلة، بين الأممِ، مُعترّفة، مُحترّمة، مُقدرّة.... ومما أعانيهِ، من تبعية، ودونية،، ومَذَلة مَكروهة مُحتَقرة.... ولا شأن لي، إن كان كل هذا، من قلة حيلتي أو ضُعفي ...أو كان هذا، حسدٌ، منبوذٌ، وسلبيةٌ، مُستهجنة، مُستنكرة....أو شحنةٌ، عاطفيةٌ، متُطرفة، لاعقلانية، ولاموضوعية، دادائية، فوضوية،طوباوية، ورومانسية، في السياسةِ، مُستبعدة، مُستسخفة...

كلا... لاشأن لي بكل هذا، ولايهمني، ولمِا يجب ان يهمني؟...أ لأجلِ مجموعة من الفرضيات، والشعارات، والمقولات، الخرافية، المتُفلسفة، بالمثاليةِ والكمالِ، مُتمسحة، وزاعمة مُدعّية...تعتقد إن ما هو سائد في العالم ، هي العدالةُ والمنطقُ والعقّلنة...أنْ يَنعَمَ هذا بالدولة وذاك بالمذلة!...أنْ ينعم هذا بالحرية، وذاك بالتبعية!...أن يكون هذا مستقلٌ وذاك مُستغلٌ!... أن يكون هذا مجرد جزءٍ مُستضعف...وذاك كلٌ مُستفحلْ ومُستكبر....

دولة جنوب السودان أحسدكِ...لأنك مَلكتِ... قادة قوميين، للدولةِ طامحين...لأنك ملكتِ...مُناضلين، كانوا مع شعوبهم، في شعاراتهم، وإدعائاتهم ووعودهم صادقين...لأنكِ ملكتِ... قضية، كانت لها دائماً، أصدقائها، وحلفاءها، في مصالحهم معكِ، مُشتركين...ملكتِ.. قضيةُ، أعدائها، في دولةٍ، واحدةٍ، محصورين... كانوا مجرد، ثُلةً، من العروبيين، المتُأسلمين...بلونِ واحد، مُشخصين، مَعروفين...أنتهت في يومٍ صلاحياتهم، فصارو من التاريخ خارجين، وللمزبلة سائرين...!

نعم أحسدكِ... لأنني لم أملك ماتملكين....فأبتليتُ، بقوميين هم لاقوميين، وبالدولةِ المستقلةِ، مستهزءين، مُستخفين، وبالحلم العصفوري... لها واصفين. أو كانوا: في أحسن حالتهم، خائفين، خَجَلين، مُترددين، لِكلامهم، ومقولاتهم، مُغيريين كالمنافقين...!

وأبتليتُ بوحدةٍ، وغربةٍ مُوحشةٍ... لم يشاركني فيها أحدٌ، إلا الجبلُ... أما ما قبلهُ، وبعدهُ، وغيرهُ، كانوا فقط، لِمآسيّي، وحقوقي، ومظالمي، مُبصرين، ولكن وا..أسفاه لامبالين، وغير آبهين...وأبتليت بأعداءٍ، لا حصر لهم، من عروبيين، وأسلامويين، أتاتوركيين أو قوميين فارسين وألى آخر جوقة الشوفينيين المتُعنصرين...وأبتليتُ... بأبنائي المشوشين الظالين، وراء الايدولوجيةِ، والدينِ، والخرافيات، ساعيين ...وأبتليتُ، بمرتزقةٍ، وخونةٍ، وجهلةٍ، وعشائرين، وتقليدين، وسارقين، وفاسدين، من إنتهازيين، ولاأُباليين...وأبتليتُ... بالنفطِ، والنهرِ، والجبلِ، والزراعةِ، فكنتُ مطمعاً، لكلِ مُتعجرفٍ إستعماري ماصٍ لدماء العالمِ إستغلالي... فكنتُ، كالكرةِ، يركلها حينٌ،البريطانيين، وحينٌ العثمانيين، أو الستالينيين، أو القوميين العراقيين، أوالأتاتوركيين أو و أو... وأبتليتُ... بوقاحة الغرب السياسي المنُافق، العاهرْ... ومَقصهِ المزاجي اللاعادل...وأبتليتُ.. وثم أبتليت.. بغيري وبنفسي، وما أسوء بلوةُ نفسي... قبل غيري...!

دولة جنوب السودان... قبل أيامٍ ، وفي العراق عندنا...كررت الغربان نعيقها...وركع الوثنييون، لأصنامهم، وأوطانهم، وأعادوا علينا، دينهم بكل خُزعبلاتها، وطقوسها، وأساطيرها وفقاقيعها ...كانت الغربانُ، تتبجح، بقدسية الحدود، وإستحالة التقسيم... وكان الوثنيون يكفرون و يهدروون، دم التقسيميين وحتى الأتحاديين اللامركزيين...ولكن حين خفق رايتك بالأمسِ عاليا.... خرست الغربان صامتة... وسقطت فرضياتهم خاوية... والى قعر قعر الهاوية...فلا الأ ستقلالُ حلمٌ... ولا الأنفصالُ كفرٌ... ولا الوطنُ أو الحدودُ... مُقدسٌ، أو آلهةٌ، أو دين.

دولة جنوب السودان...أبارككِ وأحسدكِ...وسأظل أحسدكِ...فالحسدُ عندي ليس بأثمُ أو للأخلاق مُخالفة... بل هي عندي مجرد مُقارنة...نعم مقارنة... بالرغمِ من هذهِ المُفارقة...!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاستقلال اولا قبل الشوارع والمولات
اسماعيل ميرشم ( 2011 / 7 / 11 - 08:26 )
وكان قادة الحركة الشعبية وجيش تحرير جنوب سودان اقوالهم وافعالهم واحدة وهدفهم واضح لاحظ الاسم - جيش تحرير-فاما نحن -فقادتنا- مهوسون بل يلهثون وراء المناصب والكراسي وفي بناء القصور وركوب السيارات الفارهة وهم اداة رخيصة في تحقيق مصالح الاخرين محولين الشعب الى ماكنة للانتهازية والانانية والمحسوبية وكوردستان مستنقعا للاستهلاك باسم-التطور-و -الكلوبلايزم- ناسيا هدفهم في وطن مستقل حتى ولو سميت- شمال العراق- لكن وطن معترف به وشعب يعيش بعزة وكرامة لا اسيرا لتصريحات الجاي والرايح ويعيش الشعب على ركي الجارة ايران ويتناول البان الشام وقادتهم ويركضون لترميم بيوت الاخرين وشعوبهم ما زالوا لايملكون بيتا يعيشون في ظله باستقرار وبكرامة انسانية


2 - وأنا أحسدكم أيضا-
كاظم الأسدي ( 2011 / 7 / 11 - 16:57 )
ا لأخ العزيز بقدر احترامي وتقديري لمقاتك وماجاء بها من مشاعر وطنيه حقيقيه وقيم إنسانيه نبيله ... هي من أبسط حقوق الأنسان و.....لكني أحسدك في ذات الوقت على قمة الجبل الذي أنت فيه تتمتع بحرية الرصد والتمييز والنقد الموضوعي لمختلف الظواهر السياسيه الخبيثه أو البرعماتيه الأنتهازيه أو الوثنيه المتخلفه ؟؟ ....


3 - تحية للأخوة الأعزاء...
آكو كركوكي ( 2011 / 7 / 11 - 18:42 )
الأخوة الاعزاء...أسماعيل ميرشم وكاظم الأسدي شكراً لمروركم الكريم ومشاركتكم
لكم خالص الأحترام والتقدير....


4 - مقالة مؤثرة ولكن
ميس اومازيغ ( 2011 / 7 / 11 - 20:16 )
ايها الرجل المحترم تقبل تحياتي/ انها مقالة مؤثرة وانا الأمازيغي من شمال افريقيا القاردر على الغوص في اعماق ما تحمله كلمات مقالتك من معاني لتشابهنا في المعاناة التي تسببت لنا فيه الصهيونية العربية.
لا تحسد جنوب السودان بل ابكيه كما بكيته لأنه كان الأجدر به ان يناظل من اجل وحدة السودان لأن السودان للسودانيين وليس للعرب واذا كانت السياسات التعليمية خلقت سودانا للمستلبين فقد كان على اهل الجنوب بادراكهم الواقع الحقيقي كان عليهم المزيد من النظال والصبر من اجل السودان الأفريقي.
تقبل تحياتي.


5 - الأستاذ ميس امازيغ
آكو كركوكي ( 2011 / 7 / 11 - 21:06 )

...
أنا على علمٍ بقصتكم الشبيه بقصتنا ولنا في تشارك همومنا سلوانا ...سرني جداً مرورك وتوقفك ياعزيزي وأنحني أما الشعب الأمازيقي الحر المناضل أحتراماً...أنظرُ للحسد من جانبه الأيجابي الذي يقارن حالة بحالة الذي بدوره يُثيرُ التساؤل حول أسباب تقدم أحدى الحالات على الأخرى...أما أستيطان العرب لشمال أفريقيا منذ الغزوات الأسلامية للمنطقة قبل قرونٍ مضت...أصبح الآن للأسف أمرٌ واقع...برئي إن السكان الأصليين أن ظفروا اليوم بجزءٍ حر هنا أو هناك هو أمرٌ يستدعي عندي للفرح والسعي للمضي على خطاهم والتعلم من تجربتهم بمقارنتها بتجربتنا....مع كل التقدير.

اخر الافلام

.. تونس.. ناشطون يدعون إلى محاكمة المعتقلين السياسيين وهم طلقاء


.. كلمة مندوب دولة الإمارات في الأمم المتحدة |#عاجل




.. فيتو أميركي يفشل جهود عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدة


.. الجزيرة تحصل على شهادات لأسيرات تعرضن لتعذيب الاحتلال.. ما ا




.. كيف يُفهم الفيتو الأمريكي على مشروع قرار يطالب بعضوية كاملة