الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الترشيق الحكومي في العراق إصلاح للأوضاع أم تشتيت للآراء ومضيعةً للجماع؟ قراءة في الجدوى والدوافع

همام عبدالله علي

2011 / 7 / 20
السياسة والعلاقات الدولية


كثيراً ما نسمع هذه الأيام في العراق عن الترشيق الحكومي وضرورته،وكثرت التصريحات من قادة الكتل والبرلمانيين حول تأيده،فأصبحنا نمسي ونصبح على تصريحات نحن مع الترشيق ونؤيده،وكتلتنا لا تعترض على الترشيق ولا تعرقله،بيد أن هذا التأيد مشروط ؛إذ نسمع: نحن مع الترشيق على إن ينطلق من معايير موضوعية وبعيداً عن الاعتبارات السياسية،وعلى أن يكون عادل ويأخذ بالاعتبار التوافقات السياسية ومعايير الشراكة،وكأن الأمر أشبه بيت شعر أذا شطب الصدر يشطب معه العجز،وعندما وصل قرار الترشيق برسالة المالكي إلى البرلمان اختلف الفرقاء والشركاء في المصادقة عليها كسلة واحدة أم على دفعات،وحتى بعد المصادقة استمر الخلاف وكثر اللقاءات والتصريحات والدعوات عبر الفضائيات ووكالات الأنباء بأن الأمر ليس من السهولة بمكان وانه يحتاج إلى دراسة أكثر وفترة أطول، حتى أصبح الأمر حديث الساعة وقهوة الجلسات، وهو ما دفعنا للتساؤل عن ما هي الجدوى التي سيحققها هذا الترشيق إن اكتمل؟ وما هي الدافع الكامنة وراءه؟ وما هو سبب اختيار هذا التوقيت بالتحديد؟ هذا ما سنحاول أن نسلط عليه الأضواء في هذه السطور بأذن الله
الجدوى
بعد الإطلاع على مشروع الترشيق هذا والذي يفترض به أن يشمل وزراء الدولة (الوزير بدون وزارة) وإقالتهم كخطوة أولى يبدو أنها ستستغرق وقتاً طويلاً ربما عدة أشهر دون إنهائها حسب تصريحات بعض البرلمانيين وقادة الكتل،نرى بأن لا فائدة تذكر سيعود بها هذا الترشيق في مجال الإصلاح السياسي؛ وذلك لأن وزارات الدولة كما هو معروف بدون وزارة وليس لديها مؤسسات تابعه لها وبالتالي فأن حلها لا يسهم في تعزيز الموازنة وتقليل نفقات الدولة، خصوصاً وأن الوزير الذي سيشمله الترشيق سيحال للتقاعد ليتمتع بــ (80%) من راتبه مع الإبقاء على طاقم حراسته الذي تتحمل الدولة مرتبات أفراده،وبالتالي سنعود للمربع الأول وسيستمر الترهل الحكومي بمصروفاته لا بعدد التشكيلة الوزارية، ومن جهة أخرى فأن هناك وزارات ستبقى كوزارات الدولة لشؤون البرلمان والمرأة فضلاً عن تحويل وزارة الدولة للأمن الوطني إلى هيئة ربما مستقلة أو تابعة لوزارة الداخلية، وهذا الأمر في تقديرنا يحتاج إلى 4_6 لإنجازه رغم هذا المردود الضئيل فكيف بالمراحل والخطوات اللاحقة؟، وعليه نسأل ما هي دوافع إثارته وطرحه في هذا الوقت في التحديد؟
الدوافع
إن قراءة موضوعية فاحصة للمشهد العراقي في الوقت الراهن تؤشر لنا عدة دوافع تكمن وراء طرح الترشيق حالياً وهي :-
1- إيصال صورة للرأي العام بمدى جدية الحكومة في مهلة المائة يوم وأنها تعمل بجد لخدمة الصالح العام،وخداع الجماهير بالاستجابة لمطالبها وبالتالي تخديرها.
2- تحويل أنضار الشارع ونقل اهتمامه من موضوعة الانسحاب الأمريكي إلى الترشيق ومن سيقال ومن سيبقى؟ خصوصاً ونحن كل يغني على ليلاه وحزبه.
3- محاولة رئيس الحكومة إلقاء اللوم على البرلمان أمام الشعب وإقناعهم بأن البرلمان هو من يعرقل عمل الحكومة وأن البرلمانيين يقدمون مصالحهم الحزبية على المصالح العامة، وفي تقديرنا بأن هذه النقطة فيها ذكاء وحنكة سياسية للمالكي الذي يدرك تماماً وعن كثب بأن الكتل السياسية ستختلف داخل البرلمان حول الترشيق،كيف لا وهو شريك لهم في اقتسام الكعكة.
4- إشغال الكتل السياسية بموضوعة الترشيق أكثر من موضوع التمديد لبقاء القوات الأمريكية المحتلة من عدمه؛ إذ يدرك المالكي بأن هذه الكتل تحرص على استمرار مكاسبها وإدامتها أكثر من أي ملف أخر،وهنا ستثار موجة خلاف كبيره بين هذه الكتل،قد تتولد عنها أزمة ثقة جديدة تصيب الإجماع الوطني حول عدم التمديد بصدع،يدفع بعض الكتل خصوصاً تلك التي قد تخسر بعض مناصبها إلى خرق الصف الوطني والموافقة على تمديد البقاء للقوات المحتلة،وذلك خوفاً من إقصائها في مراحل لاحقة بعد خروج المحتل عراب الديمقراطية بنظرها!!! خصوصاً الكتل التي ما فتأت تطلب المناصب؟؟
وأخيراً وليس أخراً فمن خلال ما تقدم يمكن القول بأن الترشيق الحكومي المطروح حالياً هو إهدار للوقت وتشتيت للآراء أكثر منه إصلاح للأوضاع،والمستفيد منه هو شخص رئيس الوزراء وحكومته والخاسر فيه هو البرلمان ورئاسته فهذه الأزمة ستقلل الضغط على رئيس الحكومة لتقديم تقريره النهائي حول مدى قدرة القوات المسلحة العراقية على تسلم الملف الأمني بعد خروج المحتل،وعموماً فأننا نرى موضوع الترشيق هذا واحده من الأزمات المفتعلة والمترشحة عن دنو موعد الانسحاب الأمريكي من العراق.
وفي الختام فأن ما تجدر الإشارة إليه هنا هو إننا لا نعارض الترشيق بل نحن معه،لكنا نختلف بطريقته وتوقيته، وهذا ما سنحاول أن نبينه في مقام أخر بأذن الله.





ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*همام عبدالله علي : طالب ماجستير سياسة دولية ،كلية العلوم السياسية،جامعة النهرين،بغداد،2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: حماس تمارس إبادة جماعية ورفضت جميع المقترحات المتعل


.. الدكتور مصطفى البرغوثي: ما حدث في غزة كشف عورة النظام العالم




.. الزعيم كيم يشرف على مناورة تحاكي -هجوماً نووياً مضاداً-


.. إيطاليا تعتزم توظيف عمال مهاجرين من كوت ديفوار وإثيوبيا ولبن




.. مشاهد جديدة وثقتها كاميرات المراقبة للحظة وقوع زلزال تايوان