الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار مع سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي حميد مجيد موسى

أحمد عبد السادة

2011 / 7 / 22
مقابلات و حوارات


سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي حميد مجيد موسى: مقتل ثورة 14 تموز هو إن قادتها تخلّوا عمّا تبنته من شعارات وأهداف
حاوره – أحمد عبد السادة

لم يرتبط حزب سياسي عراقي ارتباطا شرطيا و"شرعيا" أيضا بثورة 14 تموز 1958 مثلما ارتبط الحزب الشيوعي بها، وهذا الارتباط الشرطي/ الشرعي لم يكن نابعا فقط من جذورالأهداف والتوجهات التي يشترك بها الحزب العراقي الأعرق مع قادة تلك الثورة التموزية المندلعة في أرض مأهولة بالترقب ومهيأة لاحتضان مخاض تاريخي كبير آخر واستقبال ولادة عاصفة ستغير كل الدروب القديمة للدولة العراقية وتحوّل بوصلة نهر التاريخ الرافديني نحو جغرافيات لم يألفها العراقيون من قبل، أقول أن هذا الارتباط – سالف الذكر – لم يكن نابعا فقط من تلك الأهداف والتوجهات – سالفة الذكر أيضا – وإنما كان نابعا بالدرجة الأساس من أرصدة التضحيات الشيوعية المضيئة والكبيرة والمنقوشة – كعلامة نضالية فارقة – على شوارع التظاهرات ولافتات الحرية والمساواة وجدران السجون وحبال المشانق في عهد الملوك الهاشميين الآفل تحت ظلال البيان العسكري رقم واحد، ولا شك أن هذا الارتباط المشفوع بالتضحية هو الذي جعل شيوعيي العراق يشعرون بأن صبيحة الرابع عشر من تموز هي إبنة نضالهم البارة، وسنبلة أحلامهم الحامل بالشموس الحمراء، والغيمة التي تبشر بمواسم سخية من المطر والخصوبة حتى وان كانت محفوفة بنزعات العسكر الفادحة وغير المضمونة، لذلك قدّم الشيوعيون العراقيون كل رأسمالهم الرمزي وكل إمكانياتهم لدعم هذه الثورة والإسهام بنسج أحلامها، وذلك قبل ان يستيقظوا في صبيحة انقلابية عسكرية في 8 شباط 1963، ليجدوا أن فوهة دبابة باغتت أحلامهم والتهمتها، وهيأت لهم صفا طويلا من المشانق الجديدة وحقلا آخر من الآمال القتيلة.
من أجل أن نفتح أفقا لمراجعة علاقة الحزب الشيوعي العراقي بثورة 14 تموز، ومن أجل إضاءة العديد من الأسئلة التي انتجتها إرهاصات وإشكالات تلك المرحلة الهادرة، طرحنا حفنة من الأسئلة على سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقيّ الأستاذ حميد مجيد موسى لكي يضيئها بأجوبته، فكان معه هذا الحوار.


*بعد كل الانقلابات الجذرية والعاصفة التي حدثت في تضاريس المفاهيم السياسية، وفي ضوء الملامح المدنية والسلمية للثورات الشعبية العربية الجديدة، وفي ضوء التحولات الكبرى التي شهدها العالم والشرق الأوسط والمنطقة العربية خصوصا، كيف يقرأ الاستاذ حميد مجيد موسى ثورة 14 تموز 1958 وبأي منظار سياسي ومجهر نقدي ينظر إليها الآن؟

ــ ثورة 14 تموز انعطافة سياسية كبرى في التاريخ العراقي المعاصر، ولكي نحدد بالضبط ما تعنيه وما انتجته من تأثيرات على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية بالبلد، لا بد أن تقيّم – كأي حدث تاريخيّ كبير – بالارتباط مع ظروف وزمن حدوثها، وبما كان عليه توازن القوى في ذلك الوقت، وبما كانت عليه الأوضاع الاجتماعية والعلاقات السياسية بين الفاعلين في الساحة الداخلية والمحيطية والعالمية، وإلاّ لن يكون تقديرنا لأهمية هذا الحدث موضوعية ودقيقة.
إن ثورة تموز كانت وليدة تفاعلات أوضاع داخلية، وهي ليست حدثا مفتعلا مستورداً مقحما على الشعب العراقيّ، فمن يقرأ الحالة الاجتماعية والاقتصادية في العراق عموما يستطيع أن يتوصل إلى أن الشعب كان يعيش معاناة كبرى وتخلفا مدقعا ويعاني من أساليب إدارة للحكم قمعية متميزة حتى عن دول المنطقة بشدتها وعنفها، ولا يستطيع ما أشار له الدستور الملكيّ في ذلك الوقت من حريات نسبية ومجلس نيابي أن يغطي على عيوب النظام السياسي، وقد كان الشاعر على حق عندما قال: "علم ودستورٌ ومجلس أمة/ كلٌّ عن المعنى الصحيح محرّفُ"، فلا يكفي كلام بعض الباحثين – مع الاحترام لآرائهم – بأن يقولوا بأننا كنا نعيش بحبوحة النظام الديمقراطيّ في العصر الملكي وجئنا بانقلاب ديكتاتوري عسكري على نظام حريات وديمقراطية، اعتقد هذا الشيء مجافاة للواقع، فالواقع كان يقرأ خلاف ذلك، ومن يريد أن يقيّم ثورة تموز عليه أن يقرأ ما قبلها من أوضاع، وهي أيضا تعتبر امتدادا للموج التحرري الذي عمّ العالم، ففي ذلك الوقت تصاعدت حركة تحرر الشعوب واستقلالها بالارتباط مع قرارات الأمم المتحدة أو بالحاجة الملحة لحصول العديد من البلدان على استقلالها لكي تحترم موقعها الطبيعي بالسيادة في منظومة العلاقات الدولية، إذ ان من حقها أن تحظى بالحرية والموقع اللائق بين الأمم، هذان العاملان الداخلي والخارجي هما اللذان وفرا الحاجة الملحة لنشوء التغيير، أما كيف يحصل التغيير؟ فهذا يجب أن يحاكم وفق الثقافة السياسية السائدة في ذلك العصر، وليس في منظور أيامنا الحالية حيث تغيرت العلاقات الدولية وجرى ما جرى من تغيرات وتبدلات في الواقع المادي والمفاهيم السياسية، فلو نظرنا لذلك العهد لرأينا العنف المستشري الذي كانت تمارسه السلطة إزاء الحركات الشعبية والنشاطات السياسية المعارضة من عنف واستبداد يجعل من الرد العنيف مبررا ومنطقيا، فحينما تشهر الحكومة العنف ضد رغبات أغلبية الشعب ويعجز الشعب عن تحقيق طموحاته بالأساليب السلمية تصبح الحاجة الموضوعية لعمل مسلح واردة ومقبولة، أما وقد رافقت العمل المسلح ممارسات غير طبيعية، فهي تبقى مظاهر مدانة ومستنكرة، ولكن يبدو ان قدرة القوى السياسية المعارضة المنظمة كانت محدودة – وخصوصا في الأيام الأولى للثورة – في تحجيم وتقليص تلك الممارسات الانفعالية غير المدروسة والفوضوية في بعض الأحيان، والتي أثرت على المشهد الأساسي.
الآن ونحن نعاين تلك الأيام المجيدة التي هب فيها الشعب العراقي بأغلبيته الساحقة لاحتضانها والفرح بها ودعمها لا يمكن أن نقصر التقييم فقط على تلك المظاهر السلبية أو المنتج الثانوي الذي رافق الثورة وأيامها، نعم كانت الثورة مجيدة، والكل كان يتوقع أن تمضي قدما بتحقيق أهدافها الجذرية، لكن للأسف بسبب ما عانته من قصور فكري وثقافي، وبسبب مجافاتها للديمقراطية بل لعدم إيمانها بالحريات وتقصيرها باتاحة الفرصة للشعب وأحزابه بأن تمارس دورها المنظم في دفع الثورة بالاتجاه الصحيح، وبسبب بروز النزعات الفردية الاستبدادية، مهدت الثورة، شاءت أم أبت، للردة التي حصلت في 1963 والتي اجهضت كل معاني ثورة 14 تموز.


*لا يمكن طبعا أن ننكر الطابع الوطني للثورة أو المنجزات التي قامت بها مثل استقلال سلطة القرار السياسي العراقي وتحريره من الهيمنة الأجنبية، واصدار قانون الإصلاح الزراعي وانهاء النظام الإقطاعي القاسي، وقانون رقم 80 الذي الغى احتكار الشركات الاجنبية للنفط العراقي والذي تم في ضوئه تأسيس شركة النفط الوطنية، فضلا عن اصدار قانون الأحوال الشخصية، لكن بمقابل هذا يشير البعض إلى أن الثورة أخرجت العراق من سياق الحكم المدني الديمقراطي الدستوري رغم علاته العديدة وأدخلته في سياق الحكم العسكري الفردي المتمثل بشخصية الزعيم عبد الكريم قاسم، وهو أمر أسهم بتحطيم البناء المؤسساتي للدولة العراقية وتحويلها إلى "دولة شخصية" محكومة بمزاج وذائقة وإرادة فرد واحد كما يقول الباحث فالح عبد الجبار، ما هو ردك على هذا القول؟

ــ حقا لقد حققت ثورة تموز المزيد من المكاسب على الأصعدة التي أشرتم إليها، وستبقى هذه الانجازات خالدة، وقد كانت ستؤسس، لو أخذت مداها الطبيعي، لإمكانية تغيير جذرية في العلاقات الاجتماعية العراقية، ولأسست لمرحلة متقدمة في تطور العراق السياسي والثقافي، لكن مقتل الثورة ان قادتها – وهم أبناء المؤسسة العسكرية – تخلوا عما تبنته من شعارات وأهداف، فالثورة ليست عملا عسكريا محضا، صحيح أن الضربة القاضية كانت للعمل العسكري، ولكن تهيئة مستلزمات وشروط نجاح الثورة كانت حصيلة عمل سياسي جماهيري منظم لفترات سابقة، فلو رجعنا لبرنامج جبهة العمل الوطني لرأينا أنه كان يهدف إلى بناء الحرية والمؤسسات والديمقراطية، لكن للأسف، وبحكم سيطرة العسكر ذوي النزعة الفردية أو المحافظة إزاء الحريات والديمقراطية، نشأ صراع بعد الثورة حول مآلات ومستقبل العملية السياسية واستشرى هذا الصراع وتفاقم وأخذ أبعادا غير طبيعية بسبب التدخلات الإقليمية والدولية، فثورة تموز لم تسر في طريق معبد خالٍ من العثرات والمعوقات والمؤثرات السلبية والعدوانية، فكل النظام السابق المناصر للعصر البائد ناصب الثورة العداء وبأساليب مختلفة، مؤامرات، دسائس، تخريب اقتصادي، حملة فكرية، وهذه الأساليب كلها كانت تستهدف التشويش على مسار الثورة وعلى علاقات قوى الثورة مع بعضها البعض، وتشويه مفاهيم القادة العسكريين وبعث الغرور والاستبداد والعقلية الفردية في نشاطهم، وللأسف أدى مآل الصراع إلى هيمنة ذوي العقلية التآمرية الفردية غير المؤمنين بالديمقراطية على إدارة شؤون ما بعد الثورة، وهذا الأمر أدى إلى وضع قيادة الثورة الجديدة في تعارض مع كتلة بشرية واسعة تطالب بالديمقراطية.
لنرجع إلى تلك الحقبات ونفحص الشعارات التي كانت تطرح في الشارع وتطالب بإعادة تشكيل الحكومة وإشراك الأحزاب وإطلاق الحريات ومنها حرية التنظيم الحزبي، إذن كان الصراع بين النزعة الفردية وبين النزعة الديمقراطية ما أضعف قدرة القوى السياسية والجماهير بتحقيق اختراق لمنظومة وعقلية الفردية العسكرية، وذلك فضلا عن الصراعات المحزنة التي جرت بين القوى السياسية نفسها التي ناصرت الثورة والتي شاركت في عمل موحد في جبهة العمل الوطني قبل الثورة، وتلك أخطاء تتحمل مسؤوليتها كل تلك القوى بدرجات متفاوتة ولا يمكن نكران ذلك، وقد تمكنت قيادة الحكومة من توظيف هذه الصراعات لصالحها، حيث سعت إلى تفريق القوى ودفعها للتصادم مع بعضها ظنا منها بأن ذلك سيوفر لها جوا مريحا لإدارة شؤون البلد، لكن العكس هو الذي حصل.


*تحدثت عن الصراع بين القوى السياسية، وهو أمر صحيح، ولكن السلطة أيضا كانت طرفا أساسيا في مسلسل هذا الصراع الحاد الذي وصل الى النزاع المسلح مثل النزاع الذي حدث في كردستان في العام 1961 بين حكومة بغداد والحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة الملا مصطفى البارزاني، كما تعرض الحزب الشيوعي في وقتها إلى حملة قمعية معينة، عن هذه المرحلة بالذات هل يمكن ان تحدثنا؟

- أشرنا إلى سلوك السلطة ونزعتها الفردية، وترتيبا على هذا المنهج هناك شواهد عدة منها الحرب ضد الشعب الكردي في كردستان، وحملات الاعتقال الواسعة وما رافقها من سجون وقرارات إعدام وتعذيب وفصل ونفي وإلى آخره، هذه كلها حقائق تؤشر الفردية والموقف المعادي للديمقراطية ونزعة الاستبداد، فقد كانت مطالب الشعب الكردي الطامح إلى تجسيد ما ورد في الدستور الذي يقول بالشراكة بين العرب والكرد.. مطالب مشروعة، والقضية القومية عموما وفق تصوراتنا هي جزء من قضية الديمقراطية في بلد ما، فلا يمكن أن تتحدث عن حرية وديمقراطية من دون حل عادل للقضية القومية والعكس هو الصحيح، هذا الترابط العضوي الموضوعي بين القضيتين يجب أن يُفهم، وهو حقيقة قائمة قبل ثورة تموز وبعدها وإلى يومنا الحالي، فعندما تهتز المعادلة تؤشر استبدادا. أما الموقف من الحزب الشيوعي فهو يرتبط بضيق صدر الحكومة بمطالب الحزب الذي كان يطالب بالديمقراطية وبالحريات والانتخابات وأيضا يطالب بالحكم الذاتي والحرية للشعب الكردي، وهنا نقول أن الحكومة استمرأت في حينها استغلال الصراع بين الاحزاب السياسية، بين الشيوعيين والديمقراطيين وغيرهم من حلفائهم وبين القوميين والبعثيين الذين كان لهم منهج آخر، فهنا تجري الدعوة للاتحاد الفيدرالي وهناك مَن يدعو للوحدة الفورية والالتحاق بالجمهورية العربية المتحدة، والنظام بقدر ما كان له رأي في هذا الصراع وهو ليس مع الوحدة الفورية ومتردد في تبني اتحاد فيدرالي يعزز علاقات العراق مع البلدان العربية الأخرى، بقدر ما كان يرغب في تأجيج هذا الصراع لتشتيت وحدة القوى الوطنية.


*لماذا تفعل الحكومة ذلك؟ هل من أجل البقاء أطول فترة ممكنة في السلطة؟

ــ نعم، الحكومة كانت تريد إغراق القوى السياسية بقضايا من هذا النوع وغيره، حيث تطور الصراع باستخدام أساليب عنفية وصدامات في الشارع ووصلت لحد التآمر في 1963 وقتل عبد الكريم قاسم وقتل الآلاف من الشيوعيين، فعقاب سياسة التفرد هو ضياع مكاسب الثورة وانهيار الآمال في مسيرة الثورة وخسارة الشعب وخسارة الحزب الشيوعي بما عاناه على يد انقلابيي 8 شباط الأسود، وخسارة قاسم لنفسه ولنظام حكمه.

*استناداً إلى ما تقدم من كلامك نرى أن قادة ثورة تموز كانوا غير جادين بتأسيس نظام ديمقراطي، أي بمعنى انهم اسقطوا النظام الملكي ليس من أجل صناعة ديمقراطية حقيقية والعودة إلى الثكنات العسكرية بل من أجل البقاء في السلطة، والسؤال هنا هو: إذا كانت ثورة 14 تموز قد انهت نظاما ديمقراطيا عليلا وفاسدا، فما الذي فعلته الثورة وزعيمها على صعيد تكريس الديمقراطية في العراق؟ لماذا لم يقم عبد الكريم قاسم باجراء انتخابات مثلا أو التهيئة لها على الأقل؟ ماهي الاسباب التي دفعت "الزعيم" الى تأجيل أو ربما استبعاد هذا الخيار؟ وأخيرا ما هو دور الحزب الشيوعي العراقي وجماهيره في الضغط باتجاه هذا الخيار؟

ــ يجب القول ان قادة العمل العسكري كثر، إذ ليس هناك قائد واحد، بل هناك مجاميع، مجموعة كانت متهورة ومستعجلة لضم العراق إلى الجمهورية العربية المتحدة مثل مجموعة عبد السلام عارف، أما عبد الكريم قاسم فقد جاء بفكرة انجاز مهمة قلب الحكم وتسليمه إلى الشعب، ولكنه لم يفِ بهذا الوعد. هل استمرأ البقاء في السلطة؟ نعم، السلطة مغرية ومفسدة ان لم تتوفر لقادتها الحصانة، الحصانة الفكرية والسياسية والثقافية وتمنعهم من اغراءات الإيغال في الاستمرار على رأسها حتى لو تعارض الأمر مع ما يحتاجه البلد من عمليات إصلاح، وليس بالضرورة أن يكون هدف البقاء في السلطة كسبا ماديا، لأنني استطيع القول بأننا أمام شخصية نزيهة، وهو أمر يعد إحدى المميزات الكبرى التي تدفع الكثير من الوطنيين للاستمرار بالإشادة بقاسم كرجل وطني.





*السبب، إذن، هو لذة السلطة؟

ــ نعم، والاعتقاد الخاطىء بأنه لوحده يعرف مصلحة البلد، ولوحده يدير البلد ويحقق للشعب آماله، هذا خطأ، فالفرد لا يستطيع ذلك مهما كان عبقريا، لكن هناك قادة نزيهين كانوا ديمقراطيين بحق، صحيح انهم لم يتسلموا مناصب سياسية كبرى ولكنهم مارسوا دورا فعالا ومسعى نبيلا في توجيه الثورة الوجهة الصحيحة مثل فاضل عباس المهداوي، طه الشيخ احمد وغيرهم، ولكن لم تتح لهم الفرصة بسبب تمسك القائد الاول بزمام الحكم وتفرده بتقرير مصائر العلاقات السياسية للثورة مع القوى السياسية الاخرى والاحزاب ومع الخارج، فإذن التحول الى الحكم الفردي كان مشفوعا برغبة النظام وكان مرتبطا بما زينه له حتى اعدائه بما اثاروه من حساسيات وشكوك بالتعامل مع القوى الاخرى، بحيث ابعدوا قاسم عن اقرب حلفائه واكثر المخلصين للنظام الديمقراطي.
ملاحظة الحزب الشيوعي الاساسية ونقده الرئيس لادارة عبد الكريم قاسم هو موقفه من الديمقراطية وحرية الاحزاب، وقد اشرت ـ وهذا يمكن التوثق منه عبر الوثائق ـ ان مطالبات الحزب الشيوعي باطلاق الحريات الديمقراطية وحريات التنظيم الحزبي واجراء الانتخابات هي احدى المشاكل التي عمقت الخلاف مع قاسم، والحزب الشيوعي كانت له جريدة (اتحاد الشعب) واغلقت وما واصلتها بعد ذلك من جرائد باسم الحزب ايضا اغلقت لانها كانت تندد بالنزعة الفردية وتفضح التسلكات التي تنجم عن هذه النزعة. نعم من الصعب تجزئة الموضوع لأن هذا الامر يؤخذ بالعلاقة مع نشاط القوى السياسية الاخرى التي لم تكن الديمقراطية هدفها الاساسي بل كان هدفها الاندماج مع الجمهورية العربية المتحدة، ولقد اصبحت عنصر تبشير لتخريب منجزات ثورة 14 تموز الاقتصادية والاجتماعية وعلاقاتها الخارجية، وسعت فيما سعت الى إيغال صدر عبد الكريم قاسم على القوى السياسية المطالبة بالديمقراطية، لكن هذا لا يعني ان القوى الاخرى لا تتحمل المسؤولية في إدارة دفة الصراع وفي تحاشي بعض الكمائن السياسية.


*قلت بأن القائد الاول عبد الكريم قاسم قام بقمع الشيوعيين لأنهم طالبوا بالحرية والديمقراطية، لكن بالمقابل هنالك كلام كثير عن ان الشيوعيين في ذلك الوقت كانوا قاب قوسين أو أدنى من استلام زمام السلطة في العراق، وهنا لابد أن نسأل: هل ان قمع قاسم لهم كان بسبب إحساسه بأنهم كانوا على وشك إزاحته عن السلطة؟

ــ موقف عبد الكريم قاسم السلبي المتشنج من الحزب الشيوعي ومن الآخرين هو خوفه على سلطته، هو يخشى من الجميع، ولكنه يتعامل مع كل طرف بطريقته الخاصة، وهو للأسف أخطأ التقدير حين ركز في الاهتمام على الشيوعيين الذين كما اشرت ملكوا الشارع ولهم قوة كبيرة، ولكنهم لم يكونوا يؤمنون بالانقلاب العسكري، كان لهم وجود في القوات المسلحة وكانت هناك ضغوطات عليهم لاستلام السلطة من منطلق ما لديهم من قوى عسكرية وجماهير، لكنه فسح المجال وسهل مهمة من يؤمنون بالانقلاب العسكري من القوى الأخرى وذاق طعم نفاقهم وتزلفهم وما قاموا به من غش لكي يطيحوا به وبكل الثورة. الحزب كانت له امكانيات، ففي ذلك الوقت كان هنالك تقرير يقول بأنه كان على الحزب ان يستلم السلطة لكنه لم يرغب بذلك من منطلق ان الانقلاب ليس هو الطريق الصحيح.

*إذن كان لديكم أمل بإصلاح الأمور تدريجيا؟

ــ لم تعدم قيادة الحزب في حينها فكرة إمكانية إصلاح الوضع رغم أنها تعيش المزيد من تدهوره، لانها كانت محكومة بالخوف من ان تصعيد الصراع مع قاسم في تلك اللحظات قد يستفاد منه الانقلابيون للقيام بما قاموا به لاحقا، وهذا ما تحقق.




*الثورة متهمة من قبل البعض بأنها فتحت بوابة الانقلابات العسكرية في العراق، وبالتالي فانها مسؤولة – بشكل أو بآخر – عما آل اليه العراق من نتائج فادحة جراء حكم الجمهوريات العسكرية المتعاقبة؟ كيف تعلق على هذا الكلام؟

ــ الذي حصل في العراق ليس غريبا ومعزولا عما كان سائدا في كل العالم آنذاك، كان العمل العسكري مبررا لان النظام الذي أُسقط لم يكن ديمقراطيا ولا منفتحا ولا وديا مع المعارضة والحركات الجماهيرية، فقد كانت هناك حروب ضد الشعب الكردي في زمن العهد الملكي المباد، وكانت هناك اعدامات واعتقالات، الآن ننسى تلك الحقبة ونزينها عاطفيا أو رغبويا، وهذا خطأ تأريخي في التحليل والتقييم لان ذلك النظام وفر مستلزمات التغيير الذي لم يكن ممكنا إلا بتدخل القوات المسلحة، أما ان قادة العمل العسكري لم يسايروا مطالب القوى الوطنية فهذا امر ثان، فالعراق قام به العمل العسكري بالارتباط مع ما حصل في العديد من البلدان العربية كمصر والعديد من البلدان الاخرى.
العسكر بذاتهم هم حاملو مشروع تغيير، ولكنهم أسرى ثقافة وتقاليد وعادات معينة، فإن اتيحت لهم الفرصة وان استطاعت القوى السياسية وضعهم في الاطار الديمقراطي ساروا في الطريق الصحيح، ولكن إن تفردوا وتمترسوا على ثقافتهم لم يستطيعوا ان ينتجوا وطنا ديمقراطيا يتمتع فيه الشعب بالحريات وتقيد بالتالي صلاحياتهم بما هو دستوري وقانوني، نعم، عدم ادارة دفة الحكم بطريقة سليمة بعد التغيير اثمر مسلسل انقلابات لاحقة، لكن من الظلم بمكان وضع ثورة تموز بمساواة ما حصل في 1963 و 1968، فكل شيء يجب ان يحاكم بمقدماته ونتائجه.

*قلت ان ثورة تموز حدثت ضمن مناخ عام من الثورات المسلحة في العديد من البلدان كمصر مثلا، وهنا تجدر الاشارة الى ان ثورة مصر العسكرية في 1952 حدثت من دون اراقة اي دماء، وبالاخص الدماء الملكية، لكن ما يحسب ضد ثورة تموز انها كانت مشفوعة بالعديد من المظاهر العنفية وعمليات القتل غير المبررة مثل مقتل الملك والعائلة الملكية ومثل التمثيل بجثتي نوري السعيد والوصي عبد الإله وسحلهما في الشوارع، ما هو موقف الحزب الشيوعي العراقي من هذه الحوادث؟ ألا يرى انه كان من الأفضل اخضاع من كان مدانا في العهد الملكي للمحاكمة لتكريس سلطة القانون بدلا من ترك الأمر بيد الشارع المنفلت او بيد حفنة من الجنود الغاضبين؟

ــ أشرت سلفا الى استنكارنا وشجبنا لما رافق يوم ثورة 14 تموز من اعمال عنف، ومرد هذه الاعمال ـ دون تبريرها ـ يرجع الى ما كانت تعانيه الكثير من الناس من كبت وأساليب قمعية، واؤكد ان هذا لا يبرر، ولذلك سعى الشيوعيون إلى إيقاف هذه التداعيات، ولكن الشارع لم يكن ملكهم، فهم لم يتجاوزوا في ذلك اليوم كتنظيم أكثر من ألف شيوعي، والذي حصل ساهمت به الملايين، فلماذا يحمل الشيوعيون المسؤولية؟. اعتقد ان موقف الشيوعيين تأريخيا واضح، فما كنا نتمنى ولا نرغب ان تأخذ الثورة هذا المجرى، ومن يقولون ان مصر لم تحدث في ثورتها اراقة دماء يجافون الواقع، فإذا كانت الثورة المصرية في يوليو 1952 رحومة بالملك وسمحت له بالخروج فهذا لا يعني انه بعد ذلك حينما تمكنت واستقرت الثورة لم تحصل مجازر وقتول وسجون واعتقالات. ليكن المقيمون موضوعيين وليدرسوا الامور في حركتها وليس في لحظة سكون معينة. نعم اليوم الاول والثاني من الثورة شهدا حوادث قتل معينة وليس كل من استهدف كان بريئا من استفزاز الجماهير، فهناك من كان يمكن ان تحفظ حياته، ولكن هناك من ضرب وقاوم وقتل واستفز الناس وحصل ما حصل، وهذا الامر لم يكن مخططا له او عملا مدركا سلفا، ومع ذلك الكل يتحمل مسؤولية ما جرى في ذلك الوقت، كل من موقعه، ولكن يجب ان لا يرمي احد المسؤولية على غيره ويبرئ نفسه. الشيوعيون كانوا حريصين على نجاح الثورة بأقل الخسائر وبأقل الاحداث الدامية، وارادوا لها تطورا متصاعدا سلميا باتجاه ديمقراطي ولكن لم يحالفهم الحظ، وهم لم ينكروا بأنهم قد ارتكبوا اخطاء وتسلكات ما كان عليهم ان يرتكبوها، وهذا ما ثبتته وثائق الحزب التقريرية.

*صرح عبد الكريم قاسم مرة، بأنه غير شيوعي، ولكن كانت هناك العديد من الإشارات والمواقف التي تجعلنا نشعر بأنه كان التجسيد الأمثل لأحلام الشيوعيين الثورية. هل كان الأمر كذلك فعلا أم انه كان ـ أي قاسم ـ بالنسبة للشيوعيين قطارا عسكريا بإمكانه أن يوصلهم الى محطات السلطة وينتهي دوره؟ وهل شعر الشيوعيون في وقت ما بأن رهانهم على قطار قاسم العسكري كان في غير محله؟

ــ قاسم لم يكن شيوعيا، صحيح، ولكنه كان قريبا للشيوعيين في طموحاته وآماله في الخلاص من العهد الملكي البائد واقامة جمهورية يهنأ بها الشعب بالحرية وبدعة العيش والامان وبفرص الحياة الهانئة، هذا الهدف المشترك بيننا وبين قاسم لا يعني بأنه يستغلنا أو نحن نستغله، كلنا اعلنا هذا البرنامج وتبنيناه قبل الثورة وبعد ذلك في بيانات الثورة وبما اعلنه الزعيم في خطبه وتخلى عنه لاحقا. كل حزب سياسي وهو يناضل يسعى للسلطة والا لماذا يكون حزبا؟، فالبعض يتصور بأن الاحزاب (دراويش)، لكن في الحقيقة الاحزاب تنظم لتعبر عن مصالح فئات اجتماعية وتصل للسلطة كي تحقق آمال هذه الفئات، أما ان تنفرد بالسلطة فهذا خلل.
ما كنا نرغب به كحزب شيوعي هو أن نشارك في الحكومة انسجاما مع موقعنا في المجتمع ومع حضورنا السياسي، ولذلك رفعت الجماهير شعار (الحزب الشيوعي في الحكم) بصرف النظر ان كان هذا الشعار في وقته ام لا، ولكن لا يختلف الشيوعيون بأن من حقهم ومن مصلحة الثورة أن يساهموا في الوزارة وفي إدارة السلطة، كما ان من حق الاحزاب الاخرى ان تشترك، كنا ندعو لحكومة ائتلافية، أما القول بأننا تعاملنا مع قاسم كسلّم للتسلق الى السلطة فأعتقد أن هذا يحمل نوعا من الافتراء على سياسية الحزب، لانه لو كان الحزب يفكر بهذه الطريقة لما وصلنا الى ما وصلنا اليه في 1963، وانا قلت بأن الحزب لم يفكر بالتآمر على قاسم وكان يسعى لتقويم وإصلاح مسيرته وكان يرفض الانقلاب، وهذا خلق جدلا حتى داخل الحزب، فهناك من الشيوعيين من يقول لماذا لم يأخذ الحزب السلطة من عبد الكريم قاسم؟، وأعتقد ان التأريخ الآن يجيب على هذا السؤال، فالحزب لم يكن يفكر باعتبار قاسم سلما للصعود ومن ثم الغدر به.

*لو افترضنا حصول سيناريو استلام الشيوعيين للسلطة في العراق، ماذا كان يمكن ان يحدث من وجهة نظرك؟

ــ مع ان هذا السؤال يعد سؤالا افتراضيا، لكن دعني اجيب على هذا السؤال ليس بلساننا، بل بلسان من لم يكن يتمنى ذلك، فبالعودة الى الوثائق البريطانية والاميركية نرى مدى الذعر والخشية من وصول الحزب الشيوعي مساهما فاعلا او كاملا الى السلطة، وكم حرفوا وتآمروا وعملوا من اجل منع تحقيق ذلك، وهذا بحد ذاته يؤشر كم كان يعني وصول الشيوعيين ـ افتراضا ـ الى دست الحكم او التأثير على توجهات الحكم في العراق والمنطقة كلها، وبالتأكيد كان ذلك سيكون عملا كبيرا لما يحتله العراق من موقع جيوسياسي ومن تأثير ثقافي وتأريخي على كل دول المنطقة وعلى تركيبتها وآفاق تطورها، وكان ذلك سيعني الكثير في ذلك الوقت الذي يشهد صراعا محموما بين المعسكر الاشتراكي وبين المعسكر الغربي الامبريالي.




*هل يفسر هذا الكلام دعم الغرب للقوميين في العراق؟

ــ هذا الامر يمكن قراءته وليس استنتاجه ويمكن التأكد منه بالادلة، فأحد قادة انقلاب 1963 يقول (جئنا بقطار امريكي)، ويمكن العودة الى احدى المذكرات التي نقلت على لسان طالب شبيب ما اتفقوا عليه مع ممثلي المخابرات الامريكية لتهيئة مستلزمات انقلاب 8 شباط.

*إذن هل نستطيع القول بأن الشيوعيين العراقيين كانوا قد دفعوا ثمن الحرب الباردة بين أميركا والاتحاد السوفيتي، بسبب خشية الغرب من بزوغ موسكو أخرى في بغداد؟

ــ نعم، لقد دفع الشيوعيون ثمنا غاليا جراء ما جرى في تلك الحقبة، فحين نتكلم عن تلك الفترة لابد ان نقول ان القضية ليست فقط ان الغرب فقط كان يخشى التمدد السوفيتي في العراق، بل كان ضد رياح الحرية التي هبت على المنطقة، وكان ضد اي مفهوم للديمقراطية، ولم يكن متعاطفا مع اي نظام ديمقراطي ودستوري في ذلك الوقت في العراق، وقد كان الغرب مذعورا مما يحصل في العراق، وكان مستعدا للتعامل مع اي فريق يضع يده بيده من اجل الانقلاب على الثورة واسقاط حكم عبد الكريم قاسم وقتل واستباحة دم كل من يحسب على الحزب الشيوعي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السياسه السوفيتية
فؤاد محمد ( 2011 / 7 / 22 - 14:27 )
السيداحمد تحية وسلام
نعم كل ما تفضلت به كان صحيحا ومنطقياومقبولا
لوان ذلك كان صادرا من حزب وطني ديمقراطي مستقل
لكنه يصدر عن حزب شيوعي هذا تناقض كبير
ثم ان الذيليه السوفيتيه الاستالينيه كانت الكلرثه
مودتي واحترامي


2 - تقييم الشهيد الخالد سلام عادل
صباح زيارة ( 2011 / 7 / 23 - 04:56 )
تقييم القائد الثوري الشهيد الخالد سلام عادل أخر قائد ثوري للحزب الشيوعي العراقي للاسباب التي ادت الى نجاح انقلاب الردة انقلاب 8 شباط البعثي الفاشي الاسود
قدم الشهيد سلام عادل السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي تقييما لا نقلاب 8 شباط 1963 الاسود في آخر رسالة كتبها حملت عنوان(ملاحظات أولية الى لجان المناطق والالوية :
( أن انقلاب ( الردة ) في 8 شباط قد بدا فكريا وسياسيا واقتصاديا منذ أواسط 1959 حينما تصرف قاسم بما يشبه الاستسلام للقوى السوداء التي اخذت تسترجع المواقع واحدا بعد آخر,في الجيش والدولة وفي الحياة الاقتصادية والمجتمع , ومنذ ذلك الحين فان الخط البياني لتفاقم التهديد الرجعي , وتفاقم أخطار الردة قد تموج فترات صعودا ونزولا, ولكن كخط عام بقى يتصاعد. وفي 8 شباط 1963 أسقطت الرجعية الفاشية السوداء حكم قاسم واستولت على الحكم.

ان قاسم الذي أعاد الروح للقوى الرجعية وغذاها , ودافع عنها , اتهم كل من ينبه للتآمر ولخطر الرجعية , بالخيانة , لذلك فان الكثير من قواها الخاصة قد فقد تدريجيا الامل في امكانية استمرار حكمه وفي جدوى الدفاع عن ذلك الحكم , بحكم عقليتها البرجوازية المتساومة.


3 - تقييم الشهيد الخالد سلام عادل2
صباح زيارة ( 2011 / 7 / 23 - 04:58 )
وفي اللحظات الحاسمة سلمت أجهزتها وسلمت نفسها لقوى التآمر السوداء متخاذلة جبانة واعلنت الولاء للمتآمرين.


وعندما انفجرت جماهير الشعب الكادح للوقوف بوجه المتآمرين بعزم واصرار ووعي عظيم , اصطدمت لا بالعناصر الرجعية المتآمرة من أجهزة الجيش والدولة فحسب , بل جابهت قمع عدد غير قليل من أعوان قاسم نفسه ممن كان يعتمد عليهم والذين فضلوا الركوع أمام الرجعية وتسهيل مهمتها في استلام الحكم والوقوف ضد المقاومة الشعبية الباسلة.

ان مشكلة قاسم واجهزته والقوى التي تدين له بالولاء هي مشكلة البرجوازية الوطنية كطبقة . ونقاط ضعفه المدمرة هي نقاط الضعف المدمرة في الطبقة التي ينتمي اليها ويمثلها,ولقد ظهرت هذه الصفات تبعا لوضع القوى الاجتماعية في بلادنا ولشروط النضال فيها . ونقصد بذلك بالضبط عمق واتساع الوعي الجماهيري الديمقراطي الثوري والقوى النسبية التي تتمتع بها الرجعية وضعف البرجوازية الوطنية.


ويتحمل المسؤولية بدرجات متفاوتة كل أولئك الذين ساندوا ردة قاسم منذ اواسط عام 1959 , وحملوا شعارات ضد- الفوضوية- و- الحزبية الضيقة -. ووقفوا موقف التاييد أو المساهمة أو تجاهلوا خطر النشاط الرجعي والعصابات


4 - تقييم الشهيد الخالد سلام عادل3
صباح زيارة ( 2011 / 7 / 23 - 05:01 )
والعصابات الفاشية التي ذر قرنها منذ ذلك الحين.

ان القوميين الاكراد حاربوا قاسم بصورة عمياء وطلبوا العون والمساندة من أية جهة لاسقاطه, وغازلوا القوميين العرب اليمينيين وتعاونوا معهم وتصوروا بأن انقلاب 8 شباط 1963 كما لو أنه انتصار لهم .ان هذه السياسة تنم عن ضيق الأفق القومي وقصر النظر البرجوازي. انهم يجابهون عدوا اشرس من قاسم. ان مطامح الشعب الكردي تتعارض مع أهداف الانقلاب على خط مستقيم تماما. أن قادة الانقلاب أذاعوا بعض الاقوال التخديرية ولكن حتى الاطفال باستطاعتهم أن يدركوا أن هذه الاقوال لا هدف لها سوى التخدير ,وكسب الوقت لتركيز سلطتهم.

ان قادة الانقلاب وأعوانهم كانوا يضغطون على قاسم باعتباره لا يقمع الحركة القومية الكردية بالقسوة والشدة اللازمة . كانوا ولا يزالون يطمحون الى قمع عسكري أشد دموية وقسوة ضد الشعب الكردي . ان منشوراتهم حتى قبل انقلابهم بايام اعتبرت حركة القوميين الاكراد حركة أستعمارية مشبوهة.

ان القوميين الاكراد ييتحملون مسؤولية خاصة من بين الحركة الوطنية في تهيئة الظروف المناسبة للانقلاب الرجعي الفاشي رغم ان المسؤولية الأولى والاساسية تتحملها دكتاتورية قاسم.


5 - تقييم الشهيد الخالد سلام عادل4
صباح زيارة ( 2011 / 7 / 23 - 05:03 )

لم ندافع عن الدكتاتورية , دافعنا عن مكتسبات الثورة ضد الردة , ضد دكتاتورية سوداء اشد فضاعة تجاه الشعب , تجاه العمال والمثقفين الثوريين وسائر القوى الديمقراطية.

انهم يهاجمون قاسم لا بسبب دكتاتوريته , بل ساندوا دكتاتوريته بكل قواهم طيلة ثلاث سنوات ونصف , أنهم يهاجمون وطنية قاسم وعدائه للاستعمار لصالح الاقطاع والرجعية وبالتالي لصالح الاستعمار
.
ان سياسة قاسم فرقت القوى الوطنية , والانقلابيون انتهجوا منذ 14 تموز سياسة تمزيق الوحدة الوطنية ,واتضح بعد انقلابهم بأنهم اشد عداء لوحدة القوى الوطنية من قاسم.

ان معاداة الشيوعية هي سياسة استعمارية , سياسة غلاة دعاة الحرب المستعمرين , هي السياسة الرسمية للأحلاف العسكرية, أنهم يطبقون الآن ذات السياسة وبحماس كبير , أنهم يعادون جميع الأحزاب الديمقراطية والوطنية , بما في ذلك الأحزاب البرجوازية , انهم لا يطبقون سياسة الاستعمار والرجعية وحسب , بل يطبقون سياسة غلاة الاستعماريين دعاة الحرب والعدوان و سياسة الاحلاف العسكرية العدوانية.

يقول المتآمرون بأن حركتهم هي امتداد لثورة 14 تموز , وأنها جاءت لتعديل الانحراف. وهذا بهتان واضح.ان أهداف ثورة 14


6 - تقييم الشهيد الخالد سلام عادل5
صباح زيارة ( 2011 / 7 / 23 - 05:05 )
ان أهداف ثورة 14 تموز يجسدها ميثاق جبهة الاتحاد الوطني , التي كانت تضم الاحزاب الاربعة والمستقلين , والتي ايدها والتف حولها العسكريون في العهد الملكي . ان اهداف الجبهة معروفة وهي اسقاط حكم عملاء الاستعمار والخروج من ميثاق بغداد وضد الاحلاف , أنتهاج سياسة وطنية مستقلة محبة للسلام والتضامن مع البلدان العربية المتحررة واعادة تقوية العلاقات مع البلدان الاشتراكية , التصنيع , الاصلاح الزراعي , حكم ديمقراطي و وحريات ديمقراطية لجميع القوى القوى الوطنية والشعبية . هذه هي أهداف الجبهة , أهداف ثورة 14 تموز . وبعد الثورة مباشرة عمل القوميون على الزوغان عن هذه الاهداف وادخال شعارات الوحدة وفرض الدكتاتورية ومعادة الشيوعية ... الخ . أين هذه الشعارات من أهداف ثورة 14 تموز , من أهداف الجبهة ؟.
يقولون بأننا ( الحزب الشيوعي) حاولنا الانفراد بالثورة وحرفها . ومعروف البهتان في هذا القول . ان الحزب الشيوعي هو الوحيد الذي لم يشارك في الحكومة من بين أحزاب الجبهة , فاين الانفراد وأية شعارات نحن رفعناها خارجة عن شعارات جبهة الاتحاد الوطني ؟ , شعارات ثورة 14 تموز . أن نضالنا لم يتجه الا بالضبط لتحقيق أهداف


7 - تقييم الشهيد الخالد سلام عادل6
صباح زيارة ( 2011 / 7 / 23 - 06:04 )
أن نضالنا لم يتجه الا بالضبط لتحقيق أهداف الجبهة , أهداف الثورة المتفق عليها من قبل الجميع . ويصح هذا القول طوال نضال الحزب حتى انقلاب 8 شباط الرجعي . تمسكا بالنضال بصورة ثابتة لتحقيق مهمات الثورة في صيانة وتعزيز الاستقلال الوطني وارسائه على اساس ديمقراطي , بما فيها الحقوق الديمقراطية للشعب الكردي , ومن أجل تقوية التضامن العربي ضد الاستعمار والرجعية والصهيوينة , وتقوية العلاقات مع البلدان الاشتراكية , وتنشيط التصنيع وحماية تطوير الاقتصاد الوطني وضد الاستعمار والشركات النفطية الاحتلكارية , وضد الاقطاع والرجعية وضد الدكتاتورية.
ومنذ ثورة 14 تموز فان الانقلابيين كانوا يمثلون حركة نكوص عن أهداف الثورة , أهداف جبهة الاتحاد الوطني التي صادقوا عليها وعملوا تحت لوائها في العهد الملكي . فقد حاولوا فرض دكتاتورية عسكرية منذ الايام الاولى للثورة , وحملوا راية العهد الملكي والاستعمار , راية مكافحة الشيوعية واستندوا في ذلك الى الاقطاعيين والرجعيين .وكان لا مناص لاية قوة وطنية مخاصة لأهداف ثورة 14 تموز أن تقف ضدهم . ومن كان أكثر اخلاصا من الحزب الشيوعي الذي رفع راية الكفاح ضد مؤمراتهم الرجعية


8 - تقييم الشهيد الخالد سلام عادل7
صباح زيارة ( 2011 / 7 / 23 - 06:07 )
ومن كان أكثر اخلاصا من الحزب الشيوعي الذي رفع راية الكفاح ضد مؤمراتهم الرجعية القذرة؟ اننا عبأنا الشعب والقوى الوطنية ضد المؤامرات ولكن السياسة الرسمية لم نكن نحن مسؤولين عن تفاصيلها , فهي لم تكن من وضعنا باي حال, كحزب خارج الحكم . ونحن ايدنا وساندنا خطها العام الصحيح ضد الاستعمار وضد الاقطاع والرجعية وضد أية حركة ردة.

انهم يعارضون بالدرجة الاولى سير الامور في العام الاول من الثورة ويصبون سخطهم على تلك الفترة بينما الجماهير الشعبية الكادحة وسائر القوى الديمقراطية والوطنية هي اكثر اعتزازا بتلك الفترة بالذات التي كانت اكثر تجاوبا مع أهداف جبهة الاتحاد الوطني , أهداف ثورة 14 تموز المتفق عليها من قبل الجميع.


أنهم يتبجحون الان بمعارضة الدكتاتورية وهذا بهتان , ففي الاشهر الاولى من الثورة التي يعادونها بشكل خاص كانت الجماهير تمارس عمليا الكثير من حقوقها الديمقراطية وكانت المبادرة الشعبية ذات شأن سياسي في مسيرة الثورة . وليس عبثا أن تحققت في تلك الفترة خيرة منجزات الثورة , القضاء على الحكم الاستعماري وانتهاج سياسة مستقلة , صدور قانون الاصلاح الزراعي والعمل السريع لتطبيقه ,


9 - تقييم الشهيد الخالد سلام عادل8
صباح زيارة ( 2011 / 7 / 23 - 06:08 )
صدور قانون الاصلاح الزراعي والعمل السريع لتطبيقه , الخروج من حلف بغداد ومن الاتفاقيات الثنائية مع بريطانيا , عقد اتفاقيات اقتصادية وثقافية متعددة مع البلدان الاشتراكية والبلدان المستقلة مما يعزز استقلالنا الوطني ويطور اقتصادنا الوطني , قيام نقابات وجمعيات مهنية واجتماعية ... الخ انهم يعادون هذه الفترة اكثر من غيرها يينما هم ساندوا دكتاتورية قاسم منذ اواسط 1959 وكانوا ادواته المنفذة ضد الشعب والقوى الديمقراطية في كل القطاعات . وهذا كان شانهم طوال أكثر من ثلاث سنوات ونصف خدما اذلاء للدكتاتورية .ان انقلاب 8 شباط لم يحصل الا لغرض دكتاتورية أشد وطأة على الشعب ومختلف قومياته وطبقاته الوطنية , وعلى كل القوى الديمقراطية. ان الذين كافحوا بعناد ووعي ضد دكتاتورية قاسم , وفي طليعتهم الشيوعيون , كافحوا ببسالة ضد الدكتاتورية في جميع قطاعات الحياة السياسية والمجتمع . ليس عبثا أن قدم الشيوعيون وسائر الديمقراطيين مئات الشهداء وسجن واوقف منهم عشرات الالوف من المناضلين من أجل صيانة الاستقلال الوطني وضد الدكتاتورية , وقدموا التضحيات التي لم تشهدها بلادنا حتى ابان الحكم الملكي الاستعماري , ان سجون قاسم


10 - تقييم الشهيد الخالد سلام عادل9
صباح زيارة ( 2011 / 7 / 23 - 06:10 )
ان سجون قاسم ملئت بآلاف المناضلين الديمقراطيين ضد الدكتاتورية ولم تكن تحوي منهم سوى افراد قلائل وعشرات ممن يعتقلون لبضعة أيام ثم يطلق سراحهم على اساس قاعدة - عفا الله عما سلف -التي كان يحرص قاسم أن يتخذها أسلوبا في علاقاته معهم . ان لآلاف المناضلين ضد الدكتاتورية من الشيوعيين والتقدميين الشجعات قد قبعوا سنوات في سجون قاسم وجاء الاتقلاب الرجعي الفاشي ليضيف اليهم آلافا جديدة ومضاعفة وليغتالوا في الشوارع والبيوت والثكنات آلافا آخرين من المناضلين ضد الدكتاتورية السوداء الجديدة الأشد بشاعة ورجعية , خادمة الاستعمار والاقطاع

ان الدكتاتورية السوداء الجديدة لم تات للقضاء على الدكتاتورية كما تزعم , ولم تأت من أجل الوحدة والحرية والاشتراكية أو - العدالة الاجتماعية - ان طبيعة الدكتاتورية السوداء الجديدة لا يمكن أن تسترها بغربال من الديماغوجية والتهويش. انها طبيعة رجعية قومية يمينية شوفينية عنصرية طائفية.وبطبيعتها هذه تخدم بالدرجة الأولى الاستعمار والرجعية والاقطاع, انها تمثل حركة ردة سوداء للنكوص ببقايا مكتسبات ثورة 14 تموز انها تحمل راية مهادنة الاستعمار الامريكي والانكليزي وشركاتهما النفطية


11 - تقييم الشهيد الخالد سلام عادل10
صباح زيارة ( 2011 / 7 / 23 - 06:11 )
انها تحمل راية تخريب الاصلاح الزراعي , تخريب علاقات التعاون النزيه المتبادل بين بلادنا وبين الاتحاد السوفييتي والبلدان الاشتراكية ,انها تحمل راية تخريب البقية الباقية من النزر اليسير من حريات الشعب ومنظماته ونقاباته وجمعياته المهنية والثقافية والاجتماعية , انها تحمل راية تخريب المقاييس الوطنية وتشويه أهداف الحركة الشعبية وحرفها لصالح الاستعمار والاقطاع , انها تحمل راية معاداة الشيوعية والديمقراطية والوطنية . راية ميثاق بغداد . غلاة دعاة الاستعمار والعدوان والحرب , وفرض ابشع اساليب الحكم البوليسية الفاشية على بلادنا , أنها تحمل راية تدمير جيشنا الوطني جيش 14 تموز وتصفية عناصره الوطنية الاشد اخلاصا للشعب والوطن. انها سلطة معادية للقوميات والأقليات التي يتألف منه شعبنا , تحمل راية العداء القومي والطائفي وضد الشعب الكردي وضد الاقليات القومية والدينية والطائفية , أنها تحمل راية معاداة العمال والفلاحين, معاداة المثقفين والثقافة والعلم.

ان السبب الرئيسي الذي أدى الى سيطرة الانقلابيين على الحكم هو العزلة التي أصابت تدريجيا دكتاتورية قاسم عن الشعب وعن القوى الوطنية. ولكن الانقلاب الرجعي


12 - تقييم الشهيد الخالد سلام عادل11
صباح زيارة ( 2011 / 7 / 23 - 06:13 )
ولكن الانقلاب الرجعي الراهن يبدأ بعزلة اشد من تلك العزلة التي انتهت اليها دكتاتورية قاسم . ولا بد لمثل هذا الحكم المعزول أن يجابه نهايته السريعة جدا على يد شعبنا المجاهد الباسل. وبتضافر سائر طبقاته وقومياته وقواه الوطنية والديمقراطية وبالدرجة الأولى بتحالف العمال والفلاحين وسائر الكادحين والمثقفين والثوريين عربا وأكرادا وغيرهما وبالقيادة الحازمة الواعية للطبقة العاملة والحزب الشيوعي.

ان المتآمرين الخونة ينهجون الآن السبيل نفسه الذي انتهجه المغامرون أعداء الشعوب على مر التاريخ انهم يتصورون أن الارهاب والبطش يمكن أن يخيف الشعب , يمكن أن يرعب القوى الوطنية والديمقراطية الثابتة والمخلصة , يمكن أن يرهب الشيوعيين الأبناء البواسل لطبقتنا العاملة المكافحة ولشعبنا العظيم ولا يحتاج الى برهان جديد بأن من المستحيل فرض حكم غادر على الشعب بالنار والحديد وبأساليب الاعتقال والتشريد والتقتيل الجماعي.

ان الشعب لا يمكن افناؤه , أو فل ارادته , والمغامرون والخونة والذين يحاولون حكم الشعب رغم ارادته هم الذين دائما مصيرهم الفناء والدمار. والفاشست الانقلابيون الجدد المنعزلون كليا عن الشعب سيجدون مثل


13 - تقييم الشهيد الخالد سلام عادل-خاتمة
صباح زيارة ( 2011 / 7 / 23 - 07:21 )
سيجدون مثل هذا المصير بصورة عاجلة وسريعة وبشكل استثنائي.

تلكم هي كلماته الاخيرة , المؤمنة بقدر المناضل للسير حتى النهاية , حيث قدم حياته فداء للشعب والوطن ( ورغم خسائر الحزب الجسيمة خلال الايام الاولى من الانقلاب حيث اشارت التقديرات الى أن عدد شهدائه خلال تلك الأيام قد وصل الى حوالي 5000 شهيد واعتقل 29 ألفا من الشيوعيين واصدقاء الحزب . وقد تمكن سكرتير الحزب سلام عادل وثلاثة من أعضاء المكتب السياسي وهم جمال ومحمد صالح العبلي من الاختفا ء اضافة الى عدد من أعضاء اللجنة المركزية وقيادة منطقة بغداد وكوادرها من الاختفاء وتنظيم التراجع ولم شتات المنظمات الحزبية واعادة الصلة بها وبالتنظيمات في منطقة الفرات الأوسط والمنطقة الجنوبية واقليم كردستان كما سلمت مطبعة الحزب السرية وظلت تطبع البيانات والمنشورات في تلك الايام الصعبة , لذلك بدا سلام عادل في الرسالة التي كتبها - ملاحظات أولية - متفائلا بسرعة القضاء على الانقلاب) ثمينة ناجي يوسف:سلام عادل - سيرة مناضل-الجزء الثاني-ص 357

اخر الافلام

.. هل ينهي الرد المنسوب لإسرائيل في إيران خطر المواجهة الشاملة؟


.. ما الرسائل التي أرادت إسرائيل توجيهها من خلال هجومها على إير




.. بين -الصبر الإستراتيجي- و-الردع المباشر-.. هل ترد إيران على


.. دائرة التصعيد تتسع.. ضربة إسرائيلية داخل إيران -رداً على الر




.. مراسل الجزيرة: الشرطة الفرنسية تفرض طوقا أمنيا في محيط القنص