الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنما المنتصر من يفوز بالحرب لا من يربح معركة

زكرياء الفاضل

2011 / 7 / 24
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


إنما المنتصر من يفوز بالحرب لا من يربح معركة
عندما هجم نابوليون على روسيا بجيش قوي وتوغل داخل أراضيها إلى مشارف موسكو، بات من الواضح أنه سيدخلها ولن يستطيع الجيش الروسي الوقوف في وجهه. خيم جو الخيبة، الملطخ بالعار، في فضاء البلاط القيصري وكثرت حركة الجنرالات الروس، المعبرة عن نرفزة قوية، حول القيصر الشارد الفكر. الكل اعتبر موسكو ساقطة في يد الفرنسيين لا شك في ذلك إلا جنرال واحد، قائد ميداني، اسمه كوتوزوف اعتبر إنقاذ موسكو من قبضة نابوليون أمر سهل ويسير. بالطبع سخر منه الجميع واعتبروه يهلوس، لكنه أفهمهم أن ما يريده نابوليون ليس موسكو بل خيراتها لذلك سنسلمه المدينة. ازدادت سخرية القيادة العسكرية الروسية منه واتهموه بالحمق، حينها كشف لهم عن خطته التي تمحورت حول تسليم موسكو للفرنسيين دون مقاومة شريطة إجلاء أهلها منها وحرقها عن آخرها، وكان ذلك سنة 1812. وعندما دخل نابوليون موسكو لم يجد أمامه إلا خراب وأطلال مدينة، ففهم أن الروس بخسارتهم لمعركة موسكو قد ربحوا الحرب لأن جيشه كان يعلق الآمال على المدينة للحصول على المونة ومعسكر دافئ استعدادا لغزو العاصمة الروسية آنذك سان بتربورغ. هذه الواقعة التاريخية سجلها الضابط العسكري والشاعر الروسي الرائع ليرمونتوف في قصيدته الخالدة "بورودينو". إن هذا الحدث التاريخي الروسي يزكي الحكمة العسكرية القائلة أن المنتصر من يفوز بالحرب لا بمعركة، لكن للأسف الشديد كثيرون هم من يعرفونها وقل من يفقهها.
لقد سبق وكتبت أنه لا يجب أن ندرس التاريخ بل أن نتتلمذ عليه، لأنه مدرسة حياتنا وخزان أخطائنا ونجاحاتنا وبالتالي هو درعنا الواقي من السقوط في الخطأ مرتين وشيخنا الحكيم الذي من المفروض أن نلجأ إليه كلما اعترض عائق سير نمونا كمجتمع وأفراد، خاصة في مجتمعاتنا المستبد بها من طرف الإقطاعية والبرجوازية الطفيلية التابعة لقوى الطاغوت العالمي بقيادة الرأسمال الجشع. فنحن كشعوب مضطهدة لا نحارب الفساد و المفسدين ولا نقاوم سياسة الاستبداد والظلم الطبقي ولا نناهض الأنظمة الديكتاتورية وحليفتها الرجعية المحلية فحسب بل نحن نخوض حربا ضروسا ضد غول بشع بعدة رؤوس إحداها وراء المحيط وثانيتها في الضفة الشمالية للمتوسطي وثالثتها في طريق النمو أنجبتها برجوازية الأنظمة السابقة بأوروبا الشرقية بتحالف مع الجريمة المنظمة بتلك الدول. إنه الصراع من أجل البقاء ولا خيار لنا في هذه الحرب إلا النصر، لأن الهزيمة تعني لنا الموت ليس فقط كأفراد، وهذا أمر يهون في سبيل رفاهية أوطاننا، بل كمجتمعات وشعوب. ومثال ذلك اعتراف فرنسا بنتائج "الاستفتاء" المخزني الذي عاشه المغرب رغم أن كل مؤشراته تفوح تزويرا لإرادة الشعب وخرقا للقواعد الديمقراطية والأسس المدنية. ففرنسا، وغيرها من طغاة العالم، لا يهمها ترجمة إرادة الشعوب إلى واقع ملموس بقدر ما تهتم بالحفاظ على ذاك النسق السياسي الذي يوفر لها الظروف "القانونية" والمناخ "الشرعي" لنهب خيراتنا واستعباد مواطنينا كأيدي عاملة رخيصة داخل مؤسساتها الاقتصادية. فنحن عندما نخرج للشارع في مواجهة مع الديكتاتوريات المحلية إنما نكون قد ولجنا خندقا لمواجهة النظام العالمي الأحادي القطبية السائد حتى الآن وبالتالي يكون من السذاجة بل والحمق والأمية السياسية انتظار نصر مبين يسير يأتينا على طبق من ذهب. يجب أن نضع في حسباننا أن نضالنا بحر يعرف مدا وجزرا وربان السفينة الماهر هو من يحسب ساعات كر وفر المياه، لأن التعامل مع خبث البحار بجهل وسذاجة يعني غرق السفينة. إذا قدرنا واحد أوحد هو النصر ولكي نقرب ساعته لابد لنا من التزود بالذهاء السياسي والمكر الحربي لأن الحرب خدعة، أليس كذلك؟
إن الإقطاع المغربي الذي سخر مخزنه لتمرير موقف سياسي على المجتمع المغربي والالتفاف والنصب على الإرادة الشعبية لم يربح إلا معركة في حرب يخوضها ضد الشعب المغربي منذ الاستقلال. فهو مرر دستوره المشوه معتقدا أنه فاز وانتصر على الشعب، لكن الحقيقة تكمن في كونه قد شرع في حفر قبره بفوزه في هذه المعركة وذلك للأسباب التالية:
- عدم هدوء السخط الشعبي المستمر في جميع الأقاليم بمدنها وقراها
- فشله في القضاء على حركة 20 فبراير المناضلة بعزم وجسارة حتى تحقيق مطالب شعبنا المقهور
- ضعف أحزابه في تعبئة الشارع المغربي العازف عنها بعند وإسرار
- عجزه على الوفاء بوعوده بخصوص توظيف العاطلين والرفع من مستوى عيش المواطنين نظرا للأزمة الاقتصادية وتفاقمها
- استمراره في محاولته لتشويه صمعة المعارضة الحقيقية الشريفة وكأنها جسم غريب عن المجتمع المغربي
- عجزه على حل أكبر قضية وطنية منذ عهد الاستقلال وأقصد الوحدة الترابية خصوصا بعد ظهور ما يسمى ببوليزاريو الداخل
وهذه فقط بعض العوامل الوطنية، وهناك عوامل دولية لا تقل أهمية ومنها:
- أزمة اليونان وأثرها السيء على منطقة اليورو أي الاتحاد الأوروبي خاصة بعدما أصبح الإعلان عن إفلاس الدولة اليونانية مسألة وقت فقط
- الأزمة لم تكتفي باليونان بل تعدتها لتشمل البرتغال وإسبانيا وكلاهما أعضاء في الاتحاد الأوروبي وشركاء في منطقة اليورو الشيء الذي قد يهدد حياة الاتحاد بكامله
- تفاقم ديون الولايات الأمريكية المتحدة والتي من شأنها التعجيل بتفاقم الأزمة المالية والاقتصادية العالمية
هذه العوامل الدولية تعني أن حلفاء الإقطاع المغربي سيكونون في عزوف اضطراري عنه نظرا للمخاطر التي باتت تحاصرهم وتهدد بقاءهم.
إذا "نجاح" الإقطاع في تمرير مشروعه الدستوري ليس سوى سراب التائه في الصحراء، لكن نصرالمعارضة الشريفة، بما فيها حركة 20 فبراير، في حربها مع الاستبداد والظلم الاجتماعي متوقف على مدى التحامها وقدرتها على تحمل مسؤوليتها التاريخية. فلحد الآن هي تعمل فقط على مساندة الاحتجاجات الشعبية بالأقاليم في الوقت الذي يجب أن تحتويها وتؤطرها تحت قيادة موحدة داخل جبهة شعبية تضم كل الأصوات الرافضة للنهج السياسي المعتمد ببلادنا.
ختاما أود التوجه بنداء لكل وطني غيور على مستقبل مغربنا منتميا كان أم لا:
باسم الوطن الذي لا نساوم في محبته، وباسم الشهداء الذين قدموا حياتهم ثمنا لحرية هذا الوطن من جميع المذاهب والأطياف، وباسم الأرض أمنا جميعا، وباسم شعبنا الذي نحن جزء من كله، وباسم أبنائنا ومستقبلهم تعالوا على الحسابات التنظيمية الضيقة وغضوا الطرف عن الاختلافات الفكرية لأنها متباينة في السطح الإديولوجي متقاربة في العمق الاجتماعي والأفق الوطني. اجعلوها جبهة شعبية وطنية موحدة تواجهون بها أعداء الوطن والشعب. إنما الاتحاد قوة والتفرقة سيادة لعدونا الطبقي وإلى الأمام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهاجمة وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير وانقاذه بأعجوبة


.. باريس سان جيرمان على بعد خطوة من إحرازه لقب الدوري الفرنسي ل




.. الدوري الإنكليزي: آمال ليفربول باللقب تصاب بنكسة بعد خسارته


.. شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال




.. مظاهرة أمام شركة أسلحة في السويد تصدر معدات لإسرائيل