الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ربيع الثورات العربية الراهن يذكرنا بالثورة العربية الكبرى 1916، فهل يمكن للتاريخ أن يعيد نفسه ؟؟

همام عبدالله علي

2011 / 7 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


توطئة
كثيراً ما نسمع ونقرأ في هذه الأيام عن (ربيع الثورات العربية)وإنجازات الثورات وهمة الشباب فيها، تلك الثورات التي انطلقت ضد رموز الفساد والطغاة وجلاوزت الأنظمة القمعية في بلادنا العربية والتي قادها شباب ثائر كاره للظلم ، هذا شيء جميل أن يستعد العرب روحهم بالانقلاب .
لكني عندما أتدبر تدخلات الغرب وبخاصة الولايات المتحدة وكيفية دعمها للشباب والضغط على الحكام في عدم كتم الأفواه وعدم قمع المتظاهرين المطالبين برحيل هؤلاء الحكام رغم ولائهم للولايات المتحدة، وضرورة الاستجابة لمطالب الشعوب والعمل على الإصلاح.يراودني شك في نفسي حول سبب الدعم للشعوب وما الهدف من ذلك ، فأجد نفسي راجعاً للعقد الثاني من القرن العشرين!! أنه العقد الذي شهد نهاية الحكم الإسلامي وإسقاط الخلافة الإسلامية، ليس هذا فحسب ، بل أنه العقد الذي قطعت فيه أوصال الجسد العربي وقسم وطننا العربي إلى مناطق نفوذ للغرب وخضع العرب آنذاك لاحتلال بغيض اهلك الحرث والنسل، والأكثر من هذا وذاك أن العرب هم من أسهموا في انحطاطهم وتقسيم بلادهم ؛ وذلك بتواطئهم مع الغرب ضد الدولة العثمانية وثورتهم عليها علم 1916 والتي سميت الثورة العربية الكبرى،فهل هناك مجال للربط بين تلك الثورة وما يحدث الآن؟ وهل يمكن للتاريخ أن يعيد نفسه؟وهل يمكن لربيع الثورات هذا أن ينكس سلباً علينا مرة أخرى؟ وهل من الممكن أن تقسم بلادنا بعد هذا الربيع ليغدو خريف ؟وهل فعلاً تعمل الولايات المتحدة على إثارة الفتن والمشاكل بين المكونات السكانية المختلفة لبلداننا العربية وفق نظرية إثارة القلاقل التي طرحتها مؤخراً؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه في هذه السطور بأذن الله
وحرياً بنا هنا أن نقدم فكرة مختصره عن الثورة العربية الكبرى قبل سبر أغوار ربيع الثورات الراهن ، وعلى النحو الآتي :

أولاً : لمحــة تاريخيــة، الثورة العربيــة الكبرى ودور الغــرب فيهــا
كان الغرب يخطط لإسقاط الدولة العثمانية التي تمثل الخلافة الإسلامية ومركز ثقل العالم الإسلامي ففيها خليفة المسلمين، ولديها ممتلكات كثيرة تمثلت بالولايات التابعة لها العربية وغير العربية، وهي ما أغرت الغرب لاقتسام ممتلكاتها فعدو الدولة العثمانية بمثابة الرجل المريض الذي يجب اقتسام ممتلكاته، لكنهم (الغرب) أدركوا بأنهم يجب أن يعملوا على إحداث شرخ في داخل ذاك الجسد،فانطلقوا نحو العرب لتحريضهم ضد العثمانيين، فأرسل لورنس العرب (يعد لورنس العرب من أشهر شخصيات الربع الأول من القرن العشرين؛ فاسمه اقترن في كتب التاريخ بثورة الشريف حسين – أمير الحجاز – ضد الحكم التركي عام 1916م وهناك العديد من الكتب في أكثر من لغة تناولت سيرة حياته وأظهرته بطلاً من أبطال الإمبراطورية البريطانية نتيجة للدور الهامّ الذي لعبه إبّان الحرب العالمية الأولى كونه ضابط ارتباط بين القيادة العسكرية البريطانية والثورة العربية الكبرى ضد الأتراك) ذلك الجاسوس البريطاني الذي جاء (عام 1911) قبل الحرب العالمية الأولى على هيئة عضو في بعثة أثرية تدرس القلاع الصليبية ، وفي جبيل تلقى دروساً في اللغة العربية في مدرسة تبشيرية ، وقد ادعى لورنس أنه جاء ليكشف الطريق التي سلكها بنو إسرائيل بعد خروجهم من مصر بينما كان يعمل في الواقع على رسم الخرائط للمنطقة لاستعمالها في حالة الحرب،وقد حرض العرب على التمرد على الخلافة العثمانية،و خدع العرب وعايشهم في خيامهم (إبان الحرب العالمية الأولى) على هدف واضح هو إسقاط الدولة العثمانية والإيقاع بين العرب والترك، وكان لورنس يؤمن أن الثورة العربية هي تقطيع أوصال الدولة العثمانية وإيقاع الخلاف بين العرب والترك ؛فقد وعد العرب وفي مقدمتهم الشريف حسين بأن بريطانيا حال إسقاط الدولة العثمانية ستعمل على إقامة دوله عربية إسلاميه يحكمها حاكم عربي من أهل مكة؛ وهذا ما تأكد في مراسلات حسين – مكماهون، لكن النتيجة كانت خداع العرب وتقسيم الوطن العربي بين دول الحلفاء بموجب اتفاقية سايكس بيكو 1917. وبذلك نجح لورنس و مكماهون في ودفع العرب إلى الاقتتال من أجل استيلاء فرنسا وبريطانيا على أراضي فلسطين وسوريا ولبنان.

ثانيـــاً : نتائــج الثــورة العربيـــة الكبرى وسياســـات لورنــس العــرب
1- تقسيم الوطن العربي إلى مناطق نفوذ بين الحلفاء،وخضوع بلداننا للاحتلال،ورسم حدود بين الأقطار العربية.
2- التمسك بالعصبية والقومية بدلاً من الأممية التي ركز عليها الإسلام،الذي قام على مبدأ لا فرق بين عربي وأعجمي إلا في التقوى ؛فقد خدع لورنس هذا، العرب بضرورة إقامة حكم عربي واستبدال خليفة المسلمين في نظر مسلمي العالم بشريف من نسل الرسول حاكم الحرمين وحامى الكعبة،وهنا دخلت العنصرية والقبلية،فصار شعارنا أنا ومن بعدي الطوفان،لا بل صرنا نتشبث بالسلطة ونتصارع عليها.
3- أسهمت وبشكل كبير في إنهاء حكم الإسلام وإضعاف المسلمين عالمياً وخضوعهم للصليبيين. فلورنس لم يكن يهمه من أمر العرب شيئاً فهو لم يكرّس نفسه لإنشاء دولة عربية موحدة كما يُشاع لأنّه كان يُقدّم مصلحة بلاده على أي شيء آخر، ومصلحة بريطانيا تقضي بإبقاء الشرق الأوسط منقسماً على ذاته، يقول لورنس في أحد تقاريره: لو تمكنا من تحريض العرب على انتزاع حقوقهم من تركيا فجاءه وبالعنف لقضينا على خطر الإسلام إلى الأبد ودفعنا المسلمين إلى إعلان الحرب على أنفسهم فنمزقهم من داخلهم وفي عقر دارهم، وسيقوم نتيجة لذلك خليفة للمسلمين في تركيا وآخر في العالم العربي ليخوضا حرباً دينية داخلية فيما بينهما، ولن يخيفنا الإسلام بعد هذا أبداً
4- بسببها كسرة شوكة المسلمين والعرب، إذ كانت العقبة الأساسية التي كانت تواجه بريطانيا وحلفاءها هي الإسلام؛ لذلك سعوا للقضاء عليه عن طريق هدم الخِلافة الإسلامية، والدليل تقرير سريّ كتبه لورنس عام 1916 بعنوان سياسة مكة أوضح فيه رأيه في ثورة العرب: إنّ نشاط الحسين مفيد لنا إذ أنّه ينسجم مع أهدافنا الكبيرة، وهي تفكيك الرابطة الإسلامية وهزيمة الإمبراطورية العثمانية وانحلالها، لأنّ الدول التي ستنشأ لتخلف الأتراك لن تشكل أي خطر على مصالحنا… فإذا تمكنا من التحكم بهم بصورة صحيحة فإنهم سيبقون منقسمين سياسياً إلى دويلات تحسد بعضها البعض ولا يمكن أن تتحد" .
5- أسهمت في زرع بذور التفرقة والتجزئة بيننا حتى بتنا عاجزين عن توحيد عملتنا وأسواقنا،واسهم في القضاء على أي فكرة أو مشروع للتكامل العربي.
6- هي من مهدت الطريق لاحتلال فلسطين.
7- منها ورثنا الخيانة والغدر والتخلي عن قضايانا فمنذ ذلك التاريخ والعرب لا يتكاتفون وكلما ظهر فيهم رجل صالح تأمروا عليه وغدروا به وأقصوه خوفاً على المناصب والمصالح.

ثالثــاً : الثــورات العربيــة الراهنــة ونتائجهــا المحتملـــة.
واليوم وبعد مضي قرن تقريباً أحيى شبابنا العربي فينا روح الثورة والتغيير مرة أخرى ، لكنها هذه المرة للتغيير من الداخل وضد الحكام الطغاة الذين جثموا على صدور شعوبهم لثلاثة عقود أو أكثر،وقد كانت عقود عجاف تخلفت فيها أوضاعنا وكبدت فيها حرياتنا وسرقت فيها خيراتنا،فصرنا نأكل مما لا نزرع ونلبس مما لا نصنع،فصرنا تابعين للغرب اقتصاديا،وسياسياً،زاد فيها الملوك والحكام وحاشيتهم ثراء وزاد الشعب فقر ومجاعة،تسيد فيها الراعي على الرعية.
لكن هذا كله كان تحت أنضار المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان والولايات المتحدة، لا بل قل بموافقتها وبضوء أخضر منها ؛ من أجل السيطرة على المنطقة من خلال حكامها الذين قمعوا الشعوب فسواهم الغرب طعماً لاصطياد الشعوب وخيراتها،فقد كانت هذه هي المرحلة الأولى من الإستراتيجية الأمريكية حيال المنطقة ، بجعل المنطقة تابعة لها من خلال زرع نظام دكتاتوري متواطئ معها ضد أمته وشعبه، وقد تم هذا. فما هي أسباب اندلاع الثورات الراهنة ؟؟ ولماذا تخلت أمريكا عن الحكام الموالين لها؟؟ وما هي النتائج ابرز النتائج التي قد تتولد عن هذه الثورات؟؟؟

1- أسبــاب انــدلاع الثــورات العربيــة الــراهنــة :
لا جدل في القول بأن الواقع المرير الذي تعانيه الشعوب وتراكم الآهات والفقر والكبت الذي تقاسيه هو من دفعها للانفجار ضد نظمها الحاكمة، لكن هذا الانفجار وهذه الثورات ما كانت لتنجح أو تستمر لولا دعم الولايات المتحدة لهاك ،بالطريقة التي دعمت بها الثورة الإسلامية في إيران ضد الشاه آنذاك حين منعته عن استخدام القوة العسكرية ضد المتظاهرين، فما هي أسباب دعم الولايات المتحدة للثورات العربية الراهنة؟؟

2- لماذا تخلــت أميركا عن رمــوز الأنظمة العــربية المواليــة لها:
يبدو أن أميركا تؤمن بأن لا صدقات دائمة ولا عداوات دائمة لكن مصالح دائمة، فبعد حرب احتلال العراق التي أثبت الواقع والأمم المتحدة عدم شرعيتها لانتفاء صحة السبب المعلن لها وهو امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، ذهبت الإدارة الأمريكية إلى القول بأنها جاءت لتنقل الديمقراطية إلى العراق، ومنه إلى باقي دول المنطقة،ولما عجزت عن فرضها بالقوة التجأت إلى وسائل القوة الناعمة، والتي تمثلت بالالتفاف على المظاهرات العربية ودعمها وتأيدها ضد الحكام العرب الذين قررت خلعهم وإجراء تغيير جذري في طريقة إدارة المنطقة،وذلك بتطبيق الديمقراطية في المنطقة لكنا ديمقراطية المحاصة والطائفية،لذا نراها تعمد إل الحديث عن مشاكل الأقليات وخاصة المسيحية فيدولنا العربية وضرورة دعمها ومنحها حقوقها، وما يدل على ذلك هو إن الكونكرس الأمريكي عقد جلسة استماع لمناقشة أوضاع الأقباط في مصر، تشبه إلى حد كبير جلسات الاستماع بخصوص العراق والسودان،ونراها بعد أن سمحت للرئيس اليمني تعديل الدستور وجعل الحكومة من اليمن الشمالي تحرض أهل الجنوب للمطالبة بحقوقهم وعدم تهميشهم،فضلاً عن استخدام القوة الصلبة ضد معمر القذافي في ليبيا،وبذلك معايير القوة الذكية(الصلبة+الناعمة) وهكذا بدأت تتخلى عن الحكام العرب واحدٍ تلو الأخر فتؤيد الثوار على لسان اوباما،وهيرالي كلينتون،والمتحدث باسم البيت الأبيض،فتحذر الحكام من قمع المحتجين وضرورة الاستجابة لهم وإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية، وإن كان هؤلاء الحكام موالين لها‘فالمصلحة اليوم تقضي بتغيرهم، ليتذوق بذلك هؤلاء الحكام طعم قانون السمك،فها هو القرش الذي سواهم طعماً حين لم يبقى سواهم استطعمهم.
فهي(أمريكا) اليوم تخطط لكسب عمالة الشعوب بدل الحكام وهذا ما صرحت به كوندليزا رايز قائلة : "عملنا على مدى نصف قرن على كسب عمالة الحكام،واليوم يجب العمل على كسب عمالة الشعوب" ومصلحتها من ذلك هي : التمهيد لتقسيم المنطقة إلى دول على أساس المكون بعد تطبيق الديمقراطية الزائفة،وتحريض الأقليات على الانفصال،وبالتالي الاقتراب من تطبيق مشروع الشرق الأوسط الكبير.

3- النتائــج المحتمــل أن تفرزهــا الثورات العربيــة الراهنــة:
بعد استعراض ربيع الثورات العربية وأسباب دعم أمريكا للشعوب وتخليها عن الحكام،يمكن أن نستخلص عدة نتائج قد تفرزها تلك الثورات وهي الآتي:-
أ‌- تعميم النموذج العراقي للديمقراطية التوافقية الطائفية والمذهبية والعرقية.وبالتالي إقامة نظم سياسية ديمقراطية ضعيفة في المنطقة.
ب‌- تعزيز الاحتقان الطائفي،وإثارة القلاقل بين المكونات السكانية،مما قد يؤدي إلى موجة عاتية من الحروب الأهلية،والصراعات العرقية ، والصراع على السلطة،وبالتالي فتح الباب على مصراعيه أمام التدخلات الأجنبية.
ت‌- إمكانية انفصال بعض الأجزاء عن الدولة الأم خصوصاُ التي تشغلها أقلية ما عبر منحها حق تقرير مصيرها، فربما ينفصل الأقباط في مصر،والأكراد في سوريا،وتنفصل القبائل في ليبيا،وينفصل اليمن .... الخ ،وبالتالي تجزئة المجزأ وتقسيم المقسم،وتطبيق مشروع الشرق الأوسط الكبير.
ث‌- تعزيز موقف إسرائيل وتسيدها للمنطقة وحماية أمنها.

وعموماً فإن هذا لا يعني بأننا ضد الثورات وتغيير الحكام الطغاة،لكن درئ المفاسد مقدم على جلب المصالح، فهؤلاء الحكام ما يحسب لهم هو حفاظهم على الوحدة الوطنية، ولذا فأني أسأل إذا كانت هذه الثورات وطنية ومن يخطط لها هم أناس وطنيون فلماذا لم يهاجموا سفارة إسرائيل في مصر وسواها؟؟ وإن أقدموا على ذلك فهل سيكون موقف الجيش هو ذاته وهل سيتركهم ويوفر لهم الحماية في ذلك؟؟؟ أنا عن نفسي أشك في ذلك بالنسبة لقيادات الجيوش على أقل تقدير،فقد يكون من بين الجنود من يتنفس وطنيةٌ وقومية. ومن هنا فأني أدعو إلى التفكير والتخطيط لما بعد التغيير وتحديد أولويات المرحلة الانتقالية والمراحل اللاحقة لا أن تأخذنا العاطفة فنتظاهر دون تدبر في عاقبة الأمور.
والله من وراء القصد









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف