الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طهران وتصدير الفوضى

زيرفان سليمان البرواري
(Dr. Zeravan Barwari)

2011 / 7 / 27
السياسة والعلاقات الدولية


طهران وتصدير الفوضى !!

ان التاريخ القديم والمعاصر للامبراطورية الفارسية كانت قائمة على العدوان الخارجي ومحاولة فرض الهيمنة الفارسية على الشعوب الضعيفة في المنطقة، وحاولت الفرس استغلال العامل الثقافي في حملات التعبئة وإعداد الجيوش ضد حضارات الغرب كاليونان والرومان، ومن ثم استغلال العامل الديني المذهبي في عهد الدولة الصفوية ومحاولة التوسع في وادي الرافدين والامتداد نحو الاناضول وذلك خدمة للمصالح القومية للفرس.
واجه التوسع الفارسي الامبراطوريتين اليونانية القديمة والرومانية في التاريخ المعاصر وقفت الخلافة العثمانية بوجه التوسع الصفوي في التاريخ الحديث،فقد استمرت النزعة التوسعية لدى الايرانيين في مختلف العصور امتدادا الى القرن العشرين ومحاولة الشاه محمد بهلوي فرض إرادته على دول الخليج من خلال استغلال النفوذ العسكري والدعم الغربي ، ولم تختلف المشهد بقيام الثورة الاسلامية في ايران ووصول اصحاب ولاية الفقية الى الحكم والتغيير الثيوقراطي في المعادلة الايرانية. فسرعان ما باشر اصحاب الثورة بالاعلان عن نظرية تصدير الثورة وفرض النموذج الثيوقراطي على المنطقة.
لا اريد الخوض في التاريخ لانه معلوم لدى الجميع ولكن احاول التعمق في مسالة العدوان الحالي للدولة الايرانية على العراق بصورة مباشرة وعدوانه على الشعب السوري واللبناني بصورة غير مباشرة. ففي العراق اصبح المخطط الايراني واضحا لدى العامة من الناس بعد ان كان محل اهتمام الباحثين والاكاديميين في هذا المجال. فالورقة العراقية واستخدام النظام الايراني الدولة العراقية على كونها الحديقة الخلفية في تنفيذ سياساتها الاقليمية قد اضر بالعراق وانتهك سيادتها الشبه المفقودة، بل وعملت ايران من خلال العدوان المستمر على اراضي اقليم كوردستان العراق على فسح المجال للامريكان للمطالبة بالبقاء في العراق بعد انتهاء الموهلة المتفقة بين الجانبين العراقي والامريكي وذلك لعدم قدرة الجيش العراقي في حماية حدوده البرية والجوية والمائية. فالعدوان الايراني في الفترة الراهنة لم يفرزه تواجد عناصر حزب الحياة الكوردية(بزاك) ولكن فرضتها التطورات الاخيرة في المنطقة العربية ومحاولة ايران من تخفيف الضغط الدولي على طهران وكذلك افساح المجال امام طاغية دمشق لكي يقتل المزيد من الابرياء ويستمر في حملات القتل الجماعي ضد الشعب السوري الاعزل، فالسيناريو الايراني الجديد سوف يتم تنفيذه في العراق ويكون مخرج تلك الدراما الحرس الثوري الايراني والقوى الحليفة معه في المنطقة، إلا ان لن تاتي باي ثمار وان عجلة التغيير لن يوقفه بعد الان المخطط الايراني ولا مخططات الطغاة العرب.
فالضربات المدفعية المتواصلة ضد قرى كردستان العراق والتهديد الرسمي من قبل الحكومة الايرانية ما هو الا سيناريو بدات مقدمتها في الوقت الراهن وسوف تستمر لكي ينفذ بصورة كاملة وتخدم السياسة العدوانية للنظام الايراني وفرض اجندة ايرانية على الدول المجاورة خاصة العراق من خلال استخدام القوة الصلبة في سياساتها الخارجية، هنا لا بد من الوقوف عند الموقف العراقي المتخاذل وعدم الجدية في مسالة التعاطي مع ملف الحدود ففي الوقت الذي تواجه فيه العراق انتهاكات مستمرة لاراضيه تجد الساسة العراقيين ينافسون بعضهم البعض في عاصمة الرشيد الذي بات مكانا للفوضى والفساد السياسي، فالمزيدات السياسية والمنافسة على كرأسي الحكم تعد الشغل الشاغل في العراق، والبضاعة الرئيسية في سوق السياسة العراقية.
تمارس طهران سياسية عدوانية تجاه العراق، وذلك لكون السياسة الايرانية قائمة على اساس النظرية الواقعية التي لا تعترف بغير القوة وسيلة للتعاطي مع الضعفاء والواقعية المثالية للتعاطي مع الاقوياء، فالعراق لابد ان تحسب حساباتها في التعاطي مع الملف الايراني، ولابد من وجود استراتيجية للحد من التوسع الايراني والعدوان الايراني على العراق، ولا يمكن ان يتحقق ذلك في ظل التشرذم العراقي وسياسة اللامبالاة التي تمارسه الحكومة العراقية في مسالة الحدود، فعلى سبيل المثال اوقفت الحكومة الايرانية المياه عن نهر (الوند) في خانقين على الرغم من كون ذالك النهر العصب الرئيسي للحياة في تلك المدينه وكذلك استمرارها في قصف المناطق القروية في اربيل وكذلك الاستمرار في الضغط على الحكومة العراقية في بغداد، وبناء على كل ذلك لابد من وضع ايران في قائمة دولة التهديد ضد الامن العراقي. وكل الدول عندهم تصنيفات في السياسة الخارجية ولابد للعراق من إعداد قائمة لدول الاعداء والحلفاء والتعامل على اساسها مع كل دولة. واخيرا لابد من القول ان ايران تعد الدول الاكثر خطرا على امن المنطقة خاصة الخليج والدول المجاورة، وتعد ايران الدولة الاخطر على الكيان الكردي في حدود الدولة العراقية، فالتصدير الايراني للازمات تاتي في إطار إحداث ضغط اقليمي ومحاولة استعاب الثورات العربية بالصورة التي تخدم مصالحها في المنطقة، إلا ان سياسة تجفيف الينابيع التي تمارسها الغرب ضد ايران، ومحاولة العرب وتركيا من صد التوسع الايراني قد اثرت سلبا على المخطط الايراني ولم تبقى له سوء ورقة العراق لاستخدامها في سياستة الخارجية، فالعراق تعاني من ازمات استراتيجية في الداخل من حيث التشرذم بين الساسة وعدم التوافق السياسي وغياب الثقة المتبادلة. واخيرا لابد من الوقوف امام العدوان الايراني من خلال الجهود المحلية(الحكومتين المركزية وحكومة الاقليم) وكذلك الجهود الدولية من قبل الامم المتحدة والدول العظمى. لان صناعة الفوضى في الوقت الراهن سوف تخدم مصالح طهران وحده في المنطقة لكون الحكومة الايرانية الراهنة حكومة شمولية وقد تهب عليها عاصفة التغيير كغيرها من الحكومات المستبدة في المنطقة فالفوضى تعرقل عملية التغير في ايران والمنطقة برمتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استقطاب طلابي في الجامعات الأمريكية بين مؤيد لغزة ومناهض لمع


.. العملية البرية الإسرائيلية في رفح قد تستغرق 6 أسابيع ومسؤولو




.. حزب الله اللبناني استهداف مبنى يتواجد فيه جنود إسرائيليون في


.. مجلس الجامعة العربية يبحث الانتهاكات الإسرائيلية في غزة والض




.. أوكرانيا.. انفراجة في الدعم الغربي | #الظهيرة