الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طيب ومحب للخير و...غير متدين

معاد محال

2011 / 7 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


غالبا ما يتم قياس درجة طيبة الإنسان وقدرة عطاءه بدرجة تدينه و إيمانه في فكر المؤمن وحتى في فكر ذلك المسمى "المتدين المعتدل"، أي كلما كان الإنسان متدينا كان أكثر طيبا و العكس صحيح.
لكن، في الواقع، ألا يمكن للإنسان أن يكون إنسانا متسما بكل صفات الإنسانية وبكل ما تحمله من مبادئ سامية حينما يندفع وبشغف لمساعدة آخرين في محنهم، يتأثر بمعاناتهم، يقتسم قطعة خبز مع طفل جائع مشرد، دون اللجوء إلى الدين كي يملي على هذا الإنسان ما يجب فعله و ما يجب تجنبه؟
الأجر والثواب مقابل عمل إنساني!
من بين الأساليب الشائعة المستخدمة في التربية- وإن كنت أجدها غير مثالية- أسلوب الترغيب و الترهيب، فالتلميذ في سنواته الأولى في المدرسة يكون غير ناضج بالشكل الكافي لكي يستوعب أهمية التفوق الدراسي والتحصيل العلمي على مستقبله، وطبعا هو في حاجة لمن يساعده على استيعاب ذلك، وتلك مهمة الوالدين، لكن يبدو أن بعض الآباء يلجئون إلى طرق أسهل، كقول الأب لابنه: "سوف أشتري لك دراجة أو ساعة يدوية إذا تفوقت" أو " سوف أعاقبك عقابا قاسيا إذا رسبت". الغاية الأسمى أو من المفترض أن تكون-التفوق الدراسي- تصبح هنا مجرد وسيلة ينهجها التلميذ الصغير ليبلغ الغاية-غايته- المتمثلة في الهدية أو تجنب العقاب، قم بجولة في مدرسة ابتدائية واطرح سؤالا على التلاميذ:" لماذا تدرس بجد؟" ستجد عددا كبيرا منهم يجيبك : "أدرس بجد لكي يشتري لي أبي كذا..." أو "أبي سوف يضربني إذا لم أدرس" عوض "أدرس بجد من أجل مستقبل أفضل". تبقى هذه الوسيلة-كما قلت- غير مثالية رغم فعاليتها، فهي من جهة تحفز التلميذ الصغير على بذل الجهد، ومن جهة أخرى تدفعه إلى توجيه كل فكره و انتباهه وحواسه في أمور أقل أهمية، معظم التلاميذ الصغار تجد تفكيرهم مشغول طوال الوقت بالهدايا- أحيانا يتم استعمال مصطلحات أقل إثارة من قبيل "هدايا تحفيزية" لكنها تلعب نفس الدور وإن كانت قطعة شوكولاته- التي تنتظرهم في كل مرة يحصل على علامة جيدة أو بحزام الأب الغاضب الذي ينتظره في المنزل إذا دخل بعلامة غير مشرفة.
الخوف و الطمع هما الوترين الأكثر تأثيرا على سلوك الإنسان و تصرفاته، إذا استطعت الإمساك بهما تستطيع أن تجعله عبدا لك، لذلك نجد أن معظم تصرفات الإنسان تتم من أحدا الدافعين أو منهما معا، التوافد على شركات التأمين خوفا من المستقبل المجهول، حب الربح جعله يقبل على القمار، الخوف من المعتقلات والتعذيب جعله يتجنب الانخراط في النشاطات السياسية في الأنظمة الديكتاتورية. شركات التأمين والقمار، الأنظمة الديكتاتورية التي تدفع بسخاء على أجهزتها العسكرية و من يناصرها، الفاتيكان الذي تعج خزينته بالملايير من أموال السذج (الله يريدك أن تدفع حتى الألم) وغيرها من المؤسسات، عرفت من أين تمسك الإنسان و أخذت تنهش من لحمه الشيء الكثير.
الإنسان المؤمن لم يخرج عن هذه القاعدة، مثلا المسلم حين يقدم العون للمسلم فذلك ابتغاء لرضا الله و خوفا من عقابه وطمعا في حسناته لا أقل ولا أكثر، السبب إذن هو الخوف من الله و الطمع في الحسنات التي يدخرها ل"يوم الحساب". أن تطعم جائعا وتشعره أنك فعلت ذلك لوجه الله وليس لأنه إنسان وبحاجة إلى الطعام أعتقد أن تلك إهانة في حقه. هناك فرق كبير بين الإنسان الذي يقوم بفعل الخير بدافع الحب والرغبة في المساعدة وبين الذي يقدم المساعدة ويقول: "أنا أفعل هذا لوجه الله ولا شأن لي بالعبد"، بل وبلغ الحد بهم اتهام الغير المسلمين الذين يصدقون و يطعمون الجياع بالنفاق و الرياء و أن هناك دوما مصالح ما تقف وراء أفعالهم لأنهم بجعل "نيل رضا الله" و "حسناته" و "تجنب عقابه" تتحكم في سلوكهم ، نسوا تماما معنى الخير من أجل الخير، أسلوب الترغيب و الترهيب الذي نشئوا عليه وعليه ستتم تنشئة أجيالهم اللاحقة، حطم و سيحطم جزءا كبيرا من إنسانية الإنسان.
مهما فعل الغرب ومهما أنجز علماؤه فهو كافر ومنافق، ويبقى الصحابة و الأولياء خير الناس!
أحمد المرزوقي هو معتقل سابق في سجن تازممارت إثر محاولة انقلاب الصخيرات الشهيرة التي حدثت في المغرب، الرجل صرح و بكل وضوح في برنامج شاهد على العصر، أنه بعد نيل حريته رفقة زملائه، وبعد أن تقاعست السلطات المحلية عن النظر في ملفهم و إنصافهم، كان يتلقى رسائل الدعم و المؤازرة وشيكات رمزية من المنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان من مختلف دول العالم، إلا من الدول العربية-حسب قوله- ، وغير أحمد كثيرون منهم من أطلق سراحه، ومنهم من نجا من تصفية جسدية بفعل الضغوطات التي تمارسها هذه المنظمات على أنظمتهم الحاكمة، من لمسوا بالفعل الدور الجبار التي تخوضه.لكنها ورغم ذلك أحيانا تضاف إلى سلة "الغرب المنافق الكافر الذي يبحث عن مصلحته" في نظر البعض، عاجزين عن التفريق بين المؤسسات السياسية و المنظمات الدولية وهذين الأخيرتين هما في تعارض دائم، لم يستوعبوا هؤلاء أن شعور الإنسان بالكرامة ورفضه القاطع و الشرس للظلم و الاستبداد الذي تمارسه الأنظمة الحاكمة على مواطنيها يجعله مستعدا للتضحية بأي شيء في سبيل حقوق الإنسان، وأن يحارب بشراسة إذا تم انتهاك حق واحد من تلك الحقوق.
في المسجد يمطر الإمام الناس بأدعية من قبيل "اللهم شتت شملهم، وفرق جمعهم..اللهم يتم أطفالهم و رمل نسائهم، اللهم زلزل الأرض من تحت أقدام..اللهم أهلكهم كما أهلكت عادا وثمودا"، هل يدرك هذا الإمام الذي يستطيع إيصال صوته إلى شريحة أوسع من الناس بواسطة الميكروفون أن الفضل في ذلك يعود إلى رجل ينتمي إلى تلك الطائفة التي يسبها ، توماس أديسون الذي اخترع الميكروفون المصباح أيضا، ألا بد أن يكون أديسون وأينشتين من الصحابة حتى نعترف بأفضالهم علينا ونقدم لهم الإجلال و الاحترام؟
أعرف أنه سيقفز أحدهم و يقاطعني و يقول :" وابن سينا و الفارابي و ابن الهيثم..."، صحيح، لكن هناك أناس أفنوا عمرهم في مختبرهم لخدمة البشرية، نحن نستفيد من أعمالهم لكننا نتجاهلهم لأنهم غير مسلمين، هل هذا إنصاف؟ أليس من الحماقة الجلوس مكتفي الأيدي و انتظار آخر الاكتشافات و القول إن ذلك حتما مذكور في القرآن؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد