الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تداعيات انحسار الحركة الفنية في العراق

حسين طعمة

2011 / 7 / 30
الادب والفن




صورة.jpg (59KB) View Image
تشهد الساحة الفنية اليوم انحسارا خطيرا في مجمل النشاطات الفنية بكل تكويناتها وانواعها .فبعد الازدهار الكبير والنهضة الفنية الواسعة ابان السبعينيات ,احدثت لها صدى كبيرفي محافل الفنون العربية والعالمية .تمثل بنشأة فن هادف ساهم في تكوين وعي ثقافي كبير لدى الجمهور,حاملا هما وطنيا وأجتماعيا كان له اثره الواضح في نشر الثقافة التقدمية من خلال الأعمال الفنية التي كانت تدعو إلى تغيير الواقع الاجتماعي تغييرا صحيحا من خلال معالجة واقعية للمشاكل التي كان يعاني منها المواطن كالفقر والبطالة وقانون الأحوال الشخصية وقانون العمل وغيرها ,وفق أسلوب فني بعيد عن الإسفاف .في المسرح العراقي ظهرت أسماء كبيرة وخالدة قدمت الكثير من المنجزات الفنية التي لا زالت حاضرة في الذاكرة العراقية كالفنان يوسف العاني وخليل شوقي وبدري حسون فريد وسامي عبد الحميد وإبراهيم جلال وقاسم حول وقاسم محمد وزينب وناهدة الرماح ومي شوقي وكثير من الأسماء الكبيرة في عالم المسرح سوى كان ذلك على مستوى الإخراج أو التمثيل او الإدارة الفنية وظهرت أيضا أسماء كبيرة كتبت للمسرح وكانت أعمال الكاتب الروائي الكبير غائب طعمه فرمان التي تجسدت الى مسرحيات رائعة كالنخلة والجيران وخمسة أصوات اما المنعطف فقد أنتج كفلم سينمائي من بطولة يوسف العاني وكتب للمسرح أيضا يوسف العاني وعادل كاظم ونور الدين فارس وطه سالم وغيرهم .وقد شهدت المدن العراقية الأخرى رواجا كبيرا في النشاط المسرحي وظهرت أعمال كبيرة وفنانون لهم دورا في نهوض الحركة المسرحية .اما عن السينما فقد كان فلم سعيد أفندي هوالتجربة الأولى لإنتاج امتلك الأدوات الفنية الكاملة رغم الإمكانيات البسيطة المتاحة ذلك الوقت .ثم توالت بعدها أعمال سينمائية ,لم ترتقي الى المستوى الذي ظهر به فلم سعيد أفندي وكذلك فلم المنعطف والظامئون .وليس المقصود بذلك تكامل عناصرها الفنية وإنما لأنها لا تحمل هما وطنيا واجتماعيا تحمل فيها هؤلاء الكثير من العقبات والشقاء بإمكانيات وتقنيات متواضعة .اما عن الموسيقى العراقية فقد ازدهرت ازدهارا كبيرا وقد تشكلت في بغداد الفرقة السيمفونية العراقية عام 1959وكان لها العديد من النشاطات والفعاليات الموسيقية وكذلك إنشاء مدرسة بغداد للموسيقى والباليه عام 1969اسسها منير بشير ثم رفدت بأساتذة من مسرح البولشوي في روسيا للتدريب .وهناك نشاطات موسيقية أخرى كبيت المقام العراقي ونشاطات معهد الفنون .اظافة إلى بروز طاقات لحنية كبيرة على مستوى الساحة الغنائية مثل كمال السيد وطالب القرة غولي وطارق ألشبلي وكوكب حمزة ومحمد جواد أموري ومحسن فرحان, عملت على تألق وظهور حناجر ذهبية لا تنسى مثل حسين نعمة وفاضل عواد وياس خضر وفؤاد سالم وقحطان العطار وسعدون جابر وسيتا هاكوبيان وأنوار عبد الوهاب ومائدة نزهت وكثير من الأصوات التي تركت بصمة وأثرا لا يمحى وتميزت عن سائر العصور الغنائية ولا زال الكثير من المهتمين بهذا الشأن يميزونها باسم الأغنية السبعينية ولا زالت تصدح في الذاكرة العراقية أغان جادة مثل ياحريمة والمكير واعتزاز والصفصاف ويا نجمة ويابوبلم عشاري وغيرها الكثير الذي لا زالت الى ألان تستهوي الكثير من المستمعين العراقيين لبساطتها وشفافيتها ومسحة الحزن التي رافقت قصائد الشعراء الكبار ابان تلك الفترة من تاريخ العراق بعيدة عن الإسفاف والانحدار الذي وصلت إليه الأغنية العراقية في فترات متقادمة .
هذا عن الموسيقى والغناء .أما الفنون التشكيلية فقد أرسى عمالقة هذا النوع من الفن قاعدة كانت محط أنضار جميع الفنانين العالميين فقد أبدع الرواد جواد سليم وفائق حسن وحافظ ألدروبي في وضع النواة الأولى لحركة تشكيلية حديثة بعد عودتهم من البعثات الفنية في أوربا .فكانت هناك العديد من المدارس الفنية التي ظهرت من بعد وكانت خاضعة للتجاذبات السياسية والفكرية تمخض عنها رؤى فنية لها وسائلها وتقنياتها وبرزت فيها أسماء عديدة مثل فيصل ألعيبي وشاكر حسن ال سعيد ومحمد غني حكمت وغيرهم .
وقد واكب هذا الكم الهائل من النشاط الفني واتساع دائرته ومدارسه ,حركة نقدية رصينة تمتلك حرفية عالية في التعامل مع المنجز الفني فكانت هناك الحوارات والسجالات التي قدمت الكثير للحركة الفنية وتخصصت أسماء لها ثقلها في النقد وعلى كل مستويات الحركة الفنية .اما أولى النكسات التي لحقت بالفن العراقي عامة هي الهجمة التي تعرضت لها الحركة الوطنية نهاية السبعينيات واندلاع الحرب العراقية الإيرانية وما لحق ذلك من هجرة قسرية واسعة للمثقفين والفنانين وتحول العراق الى ساحة حرب ,حين أعلن النظام حينها ان كل الطاقات من اجل المعركة .فكانت هزة وردة عنيفة أصابت سائر النشاطات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية بالشلل وظهرت على الواجهة وجوه كالحة وأبواق زاعقة وانتهازيون ,تمرغوا بوحل الخسة والنفاق ,ليذيقوا الشعب مرارة بزعيقهم وهوسهم فوق ظلمة الحياة التي انحسر عنها النور والجمال وعبثت بمصير الإنسان العراقي طيلة سنين هي أقسى ما تعرض له شعب في الأزمنة الحديثة .
وبعد التغيير الذي حصل في العراق والتداعيات التي حصلت في الوضع الأمني وظهور التنظيمات المتعصبة والتكفيرية وحالة الضياع الذي يعيشه الفنان العراقي بالإضافة الى استقطاب دول الجوار لهذا الفنان ,مع ظهور الفضائيات التي وفرت فرصا واسعة للكثير من الفنانين ,كل هذه العوامل مجتمعة جعلت من عودة الأنشطة الفنية مستحيلة .كما ان الحكومات المتعاقبة بعد العام 2003لم تتولى وتأخذ على عاتقها بعث الحياة في الفن أو تقديم الدعم اللازم للحركة الفنية وإطلاق المبادرات التي من شأنها عودة الكوادر الفنية من الخارج ووضع المناهج العملية لإرساء قواعد صحيحة وفاعلة للخروج من هذا المأزق وإعطاء الاعتبار للفن والفنانين واعتبارهم الشريحة الواعية والفاعلة و المساهمة في نشر الوعي الاجتماعي والسياسي وكذلك الدور الذي يمكن ان يلعبه الفنان بعدما تعرض الإنسان العراقي الى عملية غسل منظم وممنهج لذاكرته ووعيه وهويته الوطنية سيما بعدما اكتسب (أي الفنان ) حريته التعبيرية والإبداعية وزوال الرقيب الذي كان يقتل فيه روح هذا الإبداع .لذا هي دعوة للقائمين على شؤون الفن ان يعيدوا النظر بقضية هي من اخطر واهم القضايا التي أولتها دول العالم المتحضر اهتماما بالغا لما لها من أهمية خطيرة في إرساء قواعد البناء الصحيح لمجتمع يتطلع الى مكافحة أمراضه الاجتماعيةوبؤر التوتربين افراده وطوائفه واديانه واعراقه .ومن ثم الارتقاء به ليأخذ دوره في الحياة ويكون فاعلا ومنتجا في المجتمع .
حسين طعمة –الناصرية

1 Image | View Image | Download Selected


صورة.jpg
(59KB)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع