الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرية التقييد

سعدون محسن ضمد

2011 / 8 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


لا أعرف الآلية التي يستعملها مجلس الوزراء الموقر في اقتراح مشاريع القوانين، لكنني شعرت بخيبة الأمل من هذه الآلية بعد مطالعتي لبعض هذه المشاريع، أذكر على سبيل المثال قانون (حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي).
ومنشأ خيبة الأمل هو الإحساس بأن التشريع في العراق يتم التعامل معه بسطحية بالغة، وكأن الجهات التي تتولى الموضوع تريد استغفال المجتمع واستغلال الظروف المعقدة التي يمر بها البلد من أجل الإجهاز على أهم الحقوق والحريات التي يجب أن يتمتع بها المواطن في (الدولة المدنية).
تُحس وأنت تقرأ القانون أعلاه بأن الغاية الوحيدة منه هي حماية الطوائف والأديان ومتبنيات الإسلام السياسي من أي عملية نقد أو تحليل أو حتى قراءة علمية. ومع التأكيد على أن جميع المقدسات يجب أن تكون محل احترام يليق بها عندما تتحول إلى مادة للنقد أو للتحليل، لكننا نؤكد من جهة أخرى على أن فقرات القوانين التي أرادت أن تكفل هذا الاحترام، تطرفت إلى درجة غير معقولة. فمثلاً نجد أن قانون حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي، وبعد أن يؤكد أن الاجتماعات والتظاهرات يجب أن تكون مسبوقة بطلب يقدم قبل ثلاثة أيام ويتضمن: (موضوع الاجتماع ـ أو التظاهرة ـ والغرض منه وزمان ومكان عقده وأسماء اللجنة المنظمة له، وأن لا تبدأ الاجتماعات أو التظاهرات قبل السابعة صباحاً أو تمتد إلى ما بعد العاشرة ليلاً) وبعد هذه التقييدات وغيرها نجد القانون يردف ذلك بالمادة 13 التي تنص على:
(ثانياً: يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن (1) سنة وبغرامة لا تقل عن (10000000) عشرة ملايين دينار كل من:
أ‌. اعتدى بإحدى الطرق العلانية على معتقد لأحدى الطوائف الدينية أو حقر شعائرها.
ب‌. تعمد التشويش على إقامة شعائر طائفة دينية أو على حفل أو اجتماع ديني أو تعمد منعها أو تعطيل إقامتها.
ت‌. خرب أو أتلف أو شوه أو دنس بناء معداً لإقامة شعائر دينية أو رموزاً أو شيئاً آخر له حرمة دينية.
ث‌. طبع ونشر كتاباً مقدساً عن طائفة دينية حرف فيه نصاً عمداً تحريفاً يغير معناه أو استخف بحكم من أحكامه أو تعاليمه.
ج‌. أهان علناً نسكاً أو رمزاً أو شخصاً موضع تقديس أو تمجيد أو احترام لدى طائفة دينية.
ح‌. قلد علناً نسكاً أو حفلاً دينياً بقصد السخرية منه.).
إذن، هل شُرِّع هذا القانون لضمان حرية التعبير والتظاهر والاجتماع أم لتقييدها؟ كيف يمكن أن نكفل حرية التعبير عن الرأي إذا منعنا المفكر أو الباحث أو الإعلامي أو السياسي المعارض أو حتى المتظاهر، أن يعتدي أو يحقر أو يشوش أو يمنع أو يعطل أو يخرب أو يتلف أو يشوه أو يدنس أو يطبع أو ينشر أو يهين أو يقلد أو يسخر؟
ثم ما معنى الاعتداء على المعتقد؟ وهل أن الكتابات التي تشبه كتابات داريوش شايكان أو نصر حامد أبو زيد أو سيد محمود القمني، تعتدي على المعتقدات؟ هل يعتبر نقد الإسلام السلفي نقداً ممنوعاً لأنه من قبيل الاعتداء على معتقدات طائفة؟ وهل أن الكتابة ضد حارث الضاري رئيس هيئة علماء المسلمين، مثلاً، بمثابة إهانة لرمز أو شخص موضع تقديس وتمجيد واحترام لدى طائفة دينية؟ أم أن تطبيق القانون سيتم وفق مبدأ الكيل بمكيالين؟ ماذا عن رجال الدين الذين يشتركون بالعملية السياسية ولديهم أحزاب شريكة في الحكومة ويشتبه بضلوعها بالفساد؟ هل يحضر على الإعلامي أو الكاتب توجيه النقد لهم لأنهم (رموز) دينية؟ ماذا لو أصدر (الرمز) الديني فتوى أباح بها إعاقة العملية السياسية أو قتل الأبرياء؟
أنا أدعوا الكتاب والإعلاميين والنشطاء المدنيين وكافة الأشخاص والجهات ذات العلاقة، إلى مراقبة الجهد التشريعي بقوة، لأن مستقبل العملية الديمقراطية على المحك هنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيتزا المنسف-.. صيحة أردنية جديدة


.. تفاصيل حزمة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل وأوكرانيا




.. سيلين ديون عن مرضها -لم أنتصر عليه بعد


.. معلومات عن الأسلحة التي ستقدمها واشنطن لكييف




.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE