الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معضلة السلفيين

عصام سحمراني
(Essam Sahmarani)

2011 / 8 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



أشدّ ما ابتلي به السلفيون، في عصرنا هذا، مسألتان مترابطتان؛ الأولى منهما تبعيتهم الكاملة للولايات المتحدة الأميركية والصهاينة، إن بشكل مباشر، أم من خلال طاعتهم لحكامهم وزعمائهم المتأمركين المتصهينين الذين يقودون بأموالهم ونفطهم اتجاهات وأنماط تفكير السلفيين عبر سلسلة جهادية طويلة تؤدي في نهاية مطافها غرضاً واحداً فحسب؛ وهو تعطيل دورهم التاريخي كحركة مقاومة وصدّ للإحتلال الخارجي (غير المسلم) أنّى كان مصدره.

أما المسألة الأخرى فتتمثل بسدّ الشيعة لذلك الفراغ "الذابّ عن بيضة الإسلام" الذي تركه السلفيون خلفهم. وهو ما رأيناه جلياً على مدار سنين طوال في جنوب لبنان عبر حزب الله وحركة أمل الشيعيتين المرتبطتين بإيران الشيعية، وسوريا التي يتولى حكمها علويون. كما رأيناها من قبل عبر الحزب التقدمي الإشتراكي (الدرزي) والحزبين الشيوعي اللبناني، والسوري القومي الإجتماعي (الشيعيين الدرزيين بشكل شبه كامل)، وبصرف النظر عن العلمانية المفترضة للأحزاب الثلاثة، والتي لم تتمكن حتى اليوم من إثباتها، خاصة أنّها مشاركة فعالة في النظام الطائفي اللبناني؛ حكومياً وبرلمانياً وإدارياً.

المسألة السلفية لا بدّ تواجه كلّ فرد من داخلها بالذات بإشكاليات بالغة التعقيد. وأهم تلك الإشكاليات ما يتصل بالأولويات لديه. فهل من أولوياته أن "يجاهد" ضد الصهاينة والأميركيين على وجه التحديد بينما يتحالف معهما حكّامه وزعماؤه الذين يموّلونه اقتصادياً ويسندونه وجودياً واستراتيجياً؟ وهل يجب أن يتحالف مع الشيعة وغيرهم من "الفرق" في قتال الصهاينة والأميركيين، أم يجب أن يطعن بهم في الظهر، ويستعيد دوماً موقفهم من الحملات الصليبية والخلافة العثمانية؟ وهل يبقى الشيعة بالنسبة إليه في قتالهم للصهاينة على وجه الخصوص في موقعهم الأساسي كـ"رافضة" لا بدّ من تدارك عداوتهم "للإسلام والمسلمين"؟

وبهذه الإشكاليات كيف يمكن للتيارات السلفية أن تبرر للمسلمين ككلّ، دعمها سقوط بشار الأسد والنظام السوري، منسجمة في ذلك مع الإرادة والتهديدات والتحركات الصهيونية الأميركية، إلاّ إذا كانت الأنظمة العربية المتأمركة هي من تدفع تلك التيارات إلى ذلك عبر المال أيضاً وأيضاً؟ وقد يؤكد أحد السلفيين أنّ تلك الأنظمة أيضاً عدوة لهم، لكن هنالك أفراداً من العائلات الحاكمة ومن خارجها هم من يدعم تلك التيارات وخاصة السلفية البن لادنية وسواها سراً. لكن ألم تسقط بعد تلك النظرية التي تؤمن بأنّ الولايات المتحدة غبية؟ أن يقودها غبي لا مشكلة، فالمسألة ليست في أوباما وحده، بل في إدارة كاملة خبرتنا وعلمت ما في نفوسنا وخططت مراحل حياتنا من قبل أن نولد، ولا يشذّ عن صراطها في عصرنا إلاّ قلة تشكل هامش الخطأ المحتمل في كلّ دراسة مهما كانت دقتها! فهل الولايات المتحدة ومعها الصهاينة مثلاً يتحالفون مع بعض الأنظمة العربية وأعوانها بينما تقوم تلك الأنظمة سراً بقتالهم والتحريض عليهم ولو عبر أفراد وبشكل سري، إلاّ في حالة واحدة وهي أن يكون الجهاد السلفي ضد الولايات المتحدة يصبّ في مصلحتها بالذات في نهاية مطافه، وبالتالي في مصلحة الصهاينة (وهنا لا أحد يهتم بمصير الشعوب والجنود حتى ولو كانوا من الأميركيين والصهاينة) كما حدث مع المدمّرة كول، وتفجير السفارتين، وهجمات 11 أيلول، وما جرّ كلّ ذلك من فوائد للولايات المتحدة التي كانت على وشك السقوط فاستقامت بابتلاع الثروات في العراق وتقاضي الأجور من دول الخليج بالذات على شكل صفقات أسلحة... أسلحة لن تستخدم يوماً إلاّ لغرض أميركي صهيوني بالذات.

أن يتحالف الشيعة يوماً ضدّ السلطنة العثمانية مع المحتلين البريطانيين وينضووا تحت راية الثورة العربية الكبرى ومن قبلها الجمعيات السرية، فتلك مسألة كلاسيكية، شذّ عنها الشيعة في هذا الزمان بالذات - كما شذّ الحمدانيون في العصر العباسي وسواهم في عصور أخرى- وباتوا في قلب المواجهة مع الإحتلال، أيّ احتلال. أمّا أن يقع السلفي غير المرتبط بالأممية أو بالقوميتين العربية والسورية، في حمى الولايات المتحدة والصهاينة استخباراتياً وعسكرياً وأمنياً واقتصادياً، وأن يتعطّل عن القيام بدوره الذي يمليه دينه من "جهاد في سبيل الله" و"ذبّ عن بيضة الإسلام" فإنّها المعضلة الكبرى التي لا يمكن أن تنتهي بسقوط النظام السوري. فمثل هذا السقوط لن يفيد السلفيين بشيء وسيؤسس لعداوة متأصلة بينهم وبين محيطهم المتكاتف شيعياً، ودرزياً، وعلوياً، واسماعيلياً، ويزيدياً، ومع هؤلاء كذلك المسيحيون والعلمانيون (وبينهم من أهل الكثير من أهل السنّة) بطبيعة حال الفكر السلفي التكفيري الرافض للآخر باعتباره ذمياً، أو زنديقاً، أو مرتداً، أو فاسد عقيدة، وصاحب بدع.

معضلة كبرى ليست بلاد الشام أرض الخلاص منها كما لن تكون يوماً، بل هو في بلاد أخرى، وأنظمة أخرى لا بدّ أن تسقط... أنظمة متأمركة لا تشبه النظام السوري إلاّ في استبدادها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تاريخ السنة المتصهين
AmirBaky ( 2011 / 8 / 5 - 16:53 )
التاريخ يفضح علاقات الإنجليز بملك السعودية و الإخوان المسلمين بمصر. إسرائيل هى مؤسسة حركة حماس. كل القواعد العسكرية الأمريكية بالمنطقة تتواجد ببلاد يحكمها الإسلام السنى. جميع دول الخليج النفطية تضع أموالها فى بنوك أوروبية ربوية. التطرف الإسلامى السنى كان دائما سلاح الصهيونية العالمية أستخدمته إسرائيل ضد حركة فتح عن طريق حماس. الملك فيصل كان يقود حملة ضد القومية العربية بقيادة عبد الناصر خدمة لإسرائيل و الصهيونية. أمريكا أستخدمت طالبان و الحركات الراديكالية بمساعدة السعودية فى حربها ضد الروس بأفغانستان. وأد التمرد بالبحرين عن طريق السعودية و بمباركة أمريكا التى غيرت طريقتها 180 درجة بالمقارنة بمصر و سورية و تونس و ليبيا. دول الخليج تعتمد على تسليح غربى بل و جيوش غربية لو لزم الأمر لتثبيت هذه الممالك الفاشية على كراسيها. و تمويل السلفيين و الإخوان عن طريق هذه الممالك الفاشية و التى تضع يدها مع يد الصهيونية العالمية تؤكد أن الحركات الراديكالية تعمل بشكل غير مباشر مع الصهيونية. فظاهريا السلفيين و الإخوان ضد الغرب و الصهيونية و عمليا و خلف الكواليس جميعهم يد واحدة


2 - الكتاب يقرأ من عنوانه!!!
فهد لعنزي السعودية ( 2011 / 8 / 6 - 04:11 )
عن اي اسلام يدافعون السلفيون؟؟؟؟.
ان الايديلوجية السلفية والاخونية لا تجوز الخروج على الحاكم وان كان ظالما وتوجب طاعته طاعة عمياء وحسب هذه المعادلة اذا كان الحاكم عميل للامبرالية والصهيونية العالمية فهذا يعني ان السلفيين والاخوانيين هم عملاء ايضا وهذا واضح للعيان ولا يحتاج الى دليل. عندما نشبت الحرب بين حزب الله واسرائيل في عام 2006 اصدر علماء السعودية فتوى تدين حزب الله وتدعوا عدم الدعاء لهم بالنصر مع ان الحكمة تقول عدو عدوي صديقي بغض النطر الى اي فكر ينتمي وهذا دليل قاطع انهم اصدقاء الصهاينة.السؤال الذي يطرح نفسه لماذا قاتل السلفيون الروس في افغانستان والشيشان ولا يقاتلون الصهاينة في فاسطين وايهم اولى؟؟.ان السلفييين اتعس هذه الامة على الاطلاق لانهم يتمسكون بالقشور ويتركون اللباب لذا نقول للشعب السوري الابي انتبه لما يخططه لكم آل سعود بامر من الصهاينة. ما يعني للسوريين لو لا قدر الله استلام السلفيين الحكم؟؟. انه يعني تقسيم سوريا الى دويلات على اسس مذهبية خدمة للامبرالية والصهيونية العالمية. ان السلفية داء وبيل ما حل في واد الا اتلفه. للتصحيح :ايها الاخ: ان في البحرين ثورة وليس تمرد.

اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س