الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
عبرة لبنانية لجيوش تقتل شعوبها
عصام سحمراني
(Essam Sahmarani)
2011 / 8 / 8
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
في 17 أيار 1983 وقّع رئيس الجمهورية اللبنانية أمين الجميّل إتفاقاً شهيراً مع الصهاينة يقذف بلبنان بعيداً عن الصراع العربي الصهيوني. لا داعي للدخول في نقاط ذلك الإتفاق الساقط، فقد هبّ اللبنانيون من الفئة المعادية للصهاينة، وفيهم حركة أمل والحزب التقدمي الإشتراكي والشخصيات السياسية كالرئيسين رشيد كرامي وسليمان فرنجية وكثير من المجموعات القومية واليسارية والإسلامية، في انتفاضة تعمل على إسقاط ذلك الإتفاق، أطلق عليها انتفاضة 6 شباط (1984).
يومها كان احتلال لبنان قد أصبح أمراً واقعاً رغم انسحاب الصهاينة من بيروت وصولاً إلى أواخر الشوف، فالإحتلال الصهيوني عام 1982 هو من ثبّت بشير الجميّل رئيساً تمّ اغتياله، وورثه شقيقه أمين الذي سرعان ما أبدى رغبة في الإتفاق مع الصهاينة معززاً الإنعزال اللبناني، ومتجاهلاً بالكامل كلّ الإتجاهات المقاومة والممانعة والمعارضة لأيّ اتفاق سياسي مع الصهاينة.
بدأت المعارضة السياسية للإتفاق تنعكس على الشارع مناوشات بين أهالي الضاحية الجنوبية والجيش اللبناني ومعه كثير من عناصر اليمين اللبناني (كتائب وقوات) الذين عادوا إلى الضاحية بعد الإجتياح عام 1982، ومارسوا ما مارسوه من أعمال انتقامية خاصة في المريجة والليلكي الملاصقتين لحيّ السلّم وبرج البراجنة والرمل العالي؛ تلك المناطق التي استقطبت طيلة سنوات الحرب مهجّرين من كافة الأنحاء الشيعية على وجه الخصوص. وفي التاسع عشر من أيار عام 1983 اشتعلت حرب الجبل بين الحزب التقدمي الإشتراكي والقوات اللبنانية، حيث اتخذت أحد أكثر الأشكال وحشية في تاريخ الحرب اللبنانية وانتهت بسيطرة الحزب التقدمي الإشتراكي على المنطقة.
بدأت انتفاضة السادس من شباط عبر التحالف الكبير بين القطبين الشيعي والدرزي الأكبر أي بين نبيه بري ووليد جنبلاط، فجرّا معهما حلفاءهما مختلفي الأطياف والمتوحدين خلف شعار التحرير وإسقاط الوصاية الصهيونية ووصاية المدمرات الأميركية تجاه شواطئ بيروت والضاحية، والقوات المتعددة الجنسية على لبنان بعد طرد مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية منه.
يومها قام الجيش اللبناني وحزبا الكتائب والقوات بقصف الضاحية الجنوبية بشكل عشوائي على مدار أيام ما أدى إلى مقتل وجرح العشرات من السكان، ولم تقصّر قوى 6 شباط عن أداء دورها على الأرض وخاصة في بيروت الغربية التي سرعان ما خضعت لنفوذ القوى المنتفضة حيث حلّت بديلاً عن الجيش اللبناني. فكان من نتائج الإنتفاضة إسقاط اتفاق 17 أيار بالكامل وبروز حركات المقاومة ضد العدو الصهيوني بشكل أكبر جنوباً فانسحب الصهاينة من صيدا وصور والنبطية والزهراني عام 1985 وصولاً حتى الشريط المحتل (الذي انسحبوا منه عام 2000)، حيث تفجرت تلك المناطق بوجه العدو الصهيوني عمليات يومية خلال الفترة التي أعقبت انتصار انتفاضة 6 شباط.
وكعودة إلى تلك المرحلة فإنّ عوامل مؤثرة ساهمت في الزخم المطلوب للإنتفاضة أهمها:
- التحالف الكبير من ناحية المنطقة الغربية والجبل بكافة الإتجاهات اليسارية والإسلامية والقومية، حيث ضمّ إلى الأقطاب الكبرى المؤلفة من حركة أمل والحزب التقدمي الإشتراكي: الأحزاب اليسارية، والمرابطون في بيروت، وحزب الله في الضاحية الجنوبية، والمقاتلين الفلسطينيين على جبهة الجبل.
- الغطاء السياسي المميز الذي قدمه كلّ من رئيس الجمهورية السابق سليمان فرنجية، ورئيس الوزراء السابق رشيد كرامي الذي سرعان ما سمّي لرئاسة الحكومة مجددا في نيسان 1984 على وقع انتصارات الإنتفاضة، وبعد قيام الحكومة اللبنانية ومجلس النواب بإبطال الإتفاق واعتباره لاغياً في الخامس من العام نفسه.
- الدعم السوري الذي قدمه الرئيس الراحل حافظ الأسد.
- دور المرجعيات الدينية في تعبئة الأهالي عبر منابر دور العبادة.
تلك نقاط أساسية لا شكّ فيها أبداً، لكنّ الدور الحاسم في بيروت الغربية على وجه الخصوص أدّاه اللواء السادس في الجيش اللبناني الذي انشقّ عن قيادته نزولاً عند دعوة الإنتفاضة، ووجه الأوامر إلى كلّ عناصره بالعودة إلى الثكنات وعدم مقاتلة منتفضي السادس من شباط، ما مهّد الطريق لانتصارهم العسكري نصراً كاملاً على ميليشيات رئيس الجمهورية أمين الجميّل على أرض بيروت الغربية والضاحية الجنوبية وطردها من المنطقتين، والإنتصار سياسياً عليه من خلال إسقاط اتفاقه الإنعزالي مع مناحم بيغن.
انشقاق اللواء السادس في ذلك اليوم ما زلنا نعتبره كقوى شاركت في انتفاضة السادس من شباط وناصرتها، وتلقت الضربات في الضاحية الجنوبية وسواها من قذائف الجيش اللبناني والأحزاب الإنعزالية، ما زلنا نعتبره أحد أهمّ الإنجازات في تاريخ لبنان المقاوم. فالجيش الذي يقتل شعبه ولو تباينت عقيدته العسكرية واتجاهات إمرته مع نبض الشارع، لا بدّ أن تتمرّد ألويته على قياداتها مهما علا شأنها.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. إسرائيل تقوم بأكبر عملية مصادرة لأراض فلسطينية في الأغوار من
.. إسرائيل تغلق معبر الملك حسين مع الأردن بعد عملية إطلاق نار ق
.. تركيا: مواجهة انتخابية جديدة على رئاسة البلديات، ماذا يريد ا
.. نتنياهو يوافق على إرسال وفد إسرائيلي لواشنطن لبحث الهجوم الب
.. قصف عنيف وغارات ومعارك محتدمة قرب مدينة غزة وفي خان يونس