الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


امريكا والدول الغربية -وصبيانها- من الحكام العرب يريدون اسقاط سوريا وليس نظام الاسد

محيي المسعودي

2011 / 8 / 9
ملف 1 ايار 2011 - تأثير ثورات العالم العربي على تقوية الحركة العمالية والنقابية


قبل الحديث عن سوريا وعن الاحداث الخطيرة التي تعصف بها وتهدد مكانتها العربية والاقليمية , دعوني اروي لكم قصة قصيرة من الواقع العراقي القريب , والقصة تختزل كل ما يدور في البلدان العربية بما فيها سوريا نفسها . تقول القصة ان رجلا بسيطا ضاق ذرعا بخلية دبابير كانت قد اتخذت من كوخه الوحيد مكانا لها . ولما لم يستطع الرجل التعايش مع الدبابير نصحه – بخبث - صاحب قصر منيف "كان يجاور الكوخ" بحرق خلية الدبابير بمشعل نار . وذات مرة تعرض الرجل للسعات قاسية من الدبابير, ساعتها تذكر نصيحة جاره ذي القصر المنيف, فما كان من ذلك الرجل البسيط الا ان حمل مشعل النار ودخل الكوخ ليحرق خلية الدبابير , هبت الدبابير عليه واوسعته لسعا بينما ترك هو مشعل النار يحرق الخلية , وسرعان ما التهمت النار كوخه المشيد من حصران القصب وسعف النخيل . ولما احس بالحريق يلتهم الكوخ وهو لمّا يزل داخله حاول الفرار لكن النار سدت عليه الطرق , فقذف نفسه الى خارج الكوخ والنار تشتعل في ثيابه . وبعد جهد جهيد استطاع الرجل اخماد النار التي التهمت ملابسه . ليلتفت الى الكوخ وقد امسى رمادا . فجلس وهو يشعر بالالم من الحروق التي اصابت جسده وبالم اشد على كوخه الذي صار خبرا لكان . انتهت القصة ولكن مدلولها ظلّ يذكرني بالواقع الجديد الذي تعيشه الشعوب العربية . اذ مما لا شك به ابدا ان الحكام العرب هم دبابير اغتصبوا البلدان التي يحكمونها . ومما لاشك فيه ابدا ان المحرّض على كل ما يحدث في البلدان العربية والراعي له اعلاميا وسياسيا ولوجستيا وماليا هو ليس ناصحا ولا محبا لتحرر هذه الشعوب من نير الدكتاتوريات والظلم والفقر والقهر وسلب الحقوق والحريات لانه اصلا هو من خلق هذا الواقع . بل ان المحرض لا يعدوا ان يكون صاحب اجندة استخدم كل امكانياته المادية والمعنوية والاعلامية وتفوقه من اجل تنفيذ اجندته . ومما لا شك فيه ايضا ان االشعوب تهدف الى التحرر من الانظمة , ولكن نتائجها ستؤدي الى غير ذلك ما يعني ان التحرك حق يُراد منه خرابا او كما قال الخليفة الرابع " كلمة حق يراد بها باطل"
ولكي نطل على جانب من هذه الاجندة , تعالوا نتفق: على ان كل الحكام العرب هم دكتاتورون وظالمون لشعوبهم . وهم السبب بالتخلف الذي تعيشه هذه الشعوب وهم السبب بحرمانها من حقوقها وحرياتها , ولكن الاحداث والاستهداف لم يكن على هذا الاساس بل بالعكس تماما . اذ نجد امريكا والحكومات الغربية وصبيانها من الحكومات العربية ومن خلال الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي التي يديرها ويسيطر عليها الغرب . تستهدف انظمة عربية بعينها دون غيرها , فلو قارنا سوريا بامكانياتها الاقتصادية المتواضعة مع السعودية مثلا نجد ان سوريا تعيش بدخل قومي لا يكاد يذكر مقارنة بالدخل السعودي . ولكن حقوق الشعب السوري والمساواة فيما بينهم من قبل النظام السوري هي افضل بكثير من حقوق الشعب السعودي الذي يملك ثروات هائلة تذهب جميعها تقريبا الى امراء آل سعود الذين بلغ تعدادهم حوالي خمسة آلاف امير , الحريات في سوريا لا تكاد تقارن مع الحريات في السعودية التي يحاكم نظامها المرأة اذا قادت سيارة ناهيك عن حرمانها حق الانتخاب والترشيح . في السعودية كل حقوق الانسان غير موجودة بينما في سوريا حتى البغايا لها حق العمل والدفاع عن نفسها . وهذا ما تعمل به الدول الغربية . حتى الحقوق السياسية في سوريا هي افضل بكثير من الحقوق الساسية في السعودية . ناهيك عن حريات اخرى موجودة في سوريا ومفقودة في السعودية , فمثلا نجد الفنون والاداب متاحة في سوريا , حتى الدراما السورية تنتقد النظام وتشاكسه منذ عقد من السنين دون محاسبة تذكر بينما نجد هذه الفنون من المحرمات في السعودية . والمفارقة المضحكة ان السعودية والبحرين ودول مشابهة لهما في القمع والدكتاتورية والتخلف تقف مع الغرب ضد سوريا وتنتقد النظام السوري وتنعته بانه نظام لا يحترم حقوق الانسان . ما يعني انها تعمل وفق المثل الشعبي النسائي الذي يقول " عيّرتني بعارها واركبتي حمارها "
الخلاصة اننا لو قارنّا الحقوق والحريات الموجودة في السعودية وسوريا لوجدنا ما موجود في سوريا معدوم تماما في السعودية . وعليه لماذا يستهدف الغرب بقيادة امريكا النظام العلماني في سوريا مع كل هذه الحقوق والحريات التي يتمتع بها الشعب السوري . بينما في الجهة الاخرى يدعم النظام السعودي الذي سلب حتى الهامش الضئيل من الحريات مع اول تظاهرات في السعودية ذات النظام الديني الطائفي المتشدد المتخلف حد النخاع . اليس هذا دليل دامغ على ان الاحداث خلقت من اجل استهداف انظمة بعينها, يشك الغرب بولائها له او انها تشكل خطرا على اسرائيل ؟ هذا طبعا اذا تجوزنا دعم الغرب وتضامنه مع نظام البحرين الذي ذبح الشعب امام انظار العالم ولم يحزن او يغضب ساركوزي او اوباما او ميركل او براون واقرانهم الاخرين كما غضبوا على النظام السوري . هذا اضافة لدعم الغرب لنظام مثل النظام اليمني وغيره من الانظمة التي لا يمكن مقارنتها بالنظام السوري من حيث سلب الحريات والحقوق الانسانية والتطرف الديني والسياسي والتمييز العرقي والديني والطائفي وحتى الجغرافي . هذا ولن يتوقف التحريض ضد النظام في سوريا حتى ولو اتت سوريا بظام ديمقراطي افضل بكثير من نظام بريطانيا وامريكا وفرنسا , والسبب هو ليس اسقاط النظام بل اسقاط سوريا الدولة
ان سوريا اليوم , تتعرض لحملة اعلامية عاصفة وقد يتبعها تتدخل عسكري غربي عربي وكانها الدولة الوحيدة في العالم التي ليس فيها حقوق انسان . وسوريا اليوم, تُستهدف بكل السبل والوسائل من قبل الغرب, بقيادة امريكا , والاستهداف ليس لان النظام في سوريا نظاما قمعيا بل لاسباب كثيرة منها المثيولوجي العقائدي الذي استهدف العراق ومنها ان سوريا هي الدولة العربية الوحيدة التي كسرت الطائفية التي يعوّل عليها الغرب واسرائيل في بقاء الصراع والانقسام في المنطقة . ولان في سوريا وحدها نظام عروبي شديد التمسك بعروبته ولم يغلق ابواب سوريا بوجه أي عربي كما فعلت كل الانظمة العربية . ولان النظام في سوريا قادر على استيعاب الاحداث والاستجابة لمطالب الشعب بالحد الذي لا يسمح بتدمير سوريا . والاهم لان الشعب السوري واحد من الشعوب الحية التي تنحت الحياة نحتا في الظروف الصعبة . ويبقى الامل معقودا على الشعب السوري ونظامه على تجاوز هذه الازمة بنجاح وعدم السماح لاعداء سوريا خاصة والعرب عامة بان يضيّعوا سوريا للابد . التاريخ يؤكد لنا ان الشعب السوري لديه امكانيات وطاقات كبيرة ووعي متميز وحس شفاف وقدرة كبيرة على التقاط الصواب والحقيقية من بين ملايين من مماثلاتها المزيفة . ونصيحتي للشعب السوري ان يتريث قليلا ليرى ماذا سيحدث في مصر وتونس والدول العربية التي سوف يحصل بها التغيير. وانني على يقين ساعتها يدرك الشعب السوري ان كل هذه الاحداث العربية ما هي الا ادوات لتدمير وتمزيق البلدان وخلق صراعات لا منتهية فيها خدمة لاسرائيل اولا والغرب ثانيا . ومن اليوم وحتى ذلك اليوم على النظام السياسي في سوريا ان يعمل من اجل المزيد من الديمقراطية والمزيد من الحقوق والحريات لشعب يستحقها بجدارة . وليس نظام الاسد في سوريا اغلى من سوريا نفسها كما هي الحال في لبنان التي اصبح رفيق الحريري اغلى من لبنان كلها . وانا على يقين ان بشار الاسد متى تأكد من ان سوريا ستبقى موحدة وقوية وقلعة للعروبة سيترك الحكم بطيب خاطر وسرور . ولو كان الغرب محبا للشعوب العربية كما يُظهر ذلك اعلامهم وسياسييهم لما زرعوا اسرائيل في المنطقة على حساب الشعب الفلسطيني . ولما تركوا اسرائيل على مدار اكثر من نصف قرن تسلب اراضي الفلسطنيين وتذبحهم وتشردهم كل يوم . ولو كانت امريكا والغرب محبين للشعوب العربية لما دمروا العراق بعد اسقاطهم صدام . ملخص الحكاية ان تجربة امريكا في العراق علّمت الغربيين . ان هناك تدمير مجاني للشعوب والدول العربية , لا يخسرون به شيئا ماديا او معنويا , والتدمير هو ما يحدث اليوم على الساحة العربية وخاصة في سوريا . " طبعا " بعد ان وجدوا حجة حقيقية ومنطقية ويتقبلها العقل وهي ازاحة الدكتاتوريات عن كاهل الشعوب العربية , ولي قول اخير اسجله هنا مفاده ان الانظمة التي تقف مع امريكا اليوم ستكون مستهدفة بعد سقوط سوريا . وساعتها سنقول لهؤلاء الحكّام العرب - على نفسها جنت براقش - وانكم - اُكلتم يوم اُكل الثور الابيض -








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحياتي
خالد حداد ( 2011 / 8 / 9 - 07:10 )
منذ بداية انطلاق هذه المهازل او (الثورات!!) في الوطن العربي كان ثمة شئ مريب تماما وكريه الرائحة..والنتيجة ترونها امامكم .ليبيا تحولت الي مرتع للعصابات الوهابية المدعومة من طاغية قطر واولاد زايد ومجرمي ال سعود وتلك المنظمة -الناتو- الارهابية التي يقودها مجانين (بتوصيف الرئيس موغابي) ويتواصل تدميرها بحجج مفبركة تبين كذبها وزيفها وهو مالم يمنع اعادة تدويرها لتستخدم في سوريا من قبل ذات الوجوه والاجهزة..مصر اظنكم تلاحظون مايحدث فيها من مسرحيات رخيصة وتافهة تمهد لتسليم زمامها الي سدنة الاسلام الصهيوني مثل الاخونجية والسلفية الي باقي القاذورات الوهابية المتخلفة ولاتنسي طبعا مبعوثي البيت الابيض والمطبعين مع كيان الارهاب الصهيوني كالمدعو البرادعي وسميه زويل فيما يتقافز الرعاع صادحين ومصدقين لخرافة اسمها (الثورة!!) واذا غضبوا يسكتونهم باظهار المخلوع برفقة نجليه داخل قفص! وتونس تتواصل فيها الانجازات الثورية بلا توقف حيث سجل الاقتصاد نموا سلبيا بنحو 3% نظرا لتراجع ايرادات القطاع السياحي وتقلص الانتاج الصناعي يضاف الي ذلك طبعا المذابح والحرب القبلية المستعرة بين الجميع وثمة انجاز يستحق الذكر لشدة


2 - تتمة
خالد حداد ( 2011 / 8 / 9 - 07:25 )
تقدميته وثوريته طبعا..!وهو مامثله استهداف التونسيات (السافرات!!) برش الاحماض الحارقة علي وجوههن ومطاردتهن بالسكاكين لكونهن خارجات عن التقاليد والملة (ملة مجرمي ال سعود الليكودية) حسب احكام وفتاوي المخبول راشد الغنوشي مبعوث الاسلام الصهيوني الي الثغور التونسية لتخليصها من الرجس العلماني!! لم يبقي لهم الا سوريا وهاهم ينبحون علي شرفها بأصوات منكرة كان اخرها هذيان المومياء السعودي خادم الحرمين (الامبريالية والصهيونية) الملك الامي التافه...

اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد