الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعب يريد : محاكمة من قتل جوليانو ؟

مهند عبد الحميد

2011 / 8 / 11
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


عندما سأل احد الشبان في جنين وزيرة الثقافة عن تطورات قضية الشهيد جوليانو؟ احتج شخص من الحضور - بصيغة استنكار- على تسميته بالشهيد، ودعم مسؤول محلي ذلك الاحتجاج وأضاف : إن جوليانو هو رمز للتطبيع مع الاحتلال! فَجّر هذا الموقف قنبلة وسط الحضور الذي انقسم بين اللا مبالي والساخط الصامت، وكان عدم الرد سيد الموقف!
أن يكون جوليانو شهيدا، فهذا يعني إنه في خندق التحرر الفلسطيني، وأن لا يكون جوليانو شهيدا ذلك يعني انه مطبعا مع الاحتلال وجزءا من معسكره. من يعتبرونه شهيدا يرون في فقدانه خسارة للثقافة الوطنية الديمقراطية والتحرر الوطني، ومن يرفضون اعتباره شهيدا يرون فيه خطرا على ثقافة الانغلاق والظلام والتعصب خاصتهم. اصحاب هذه الثقافة الظلامية يجهرون بذلك بعد "لفلفة الجريمة "وتقييدها ضد مجهول، والاخطر بعد توفر الغطاء الاجتماعي والسياسي في جنين والضفة لهذه العملية الشنيعة، في ظل صمت الثقافة المخجل.
لماذا لاذ بالصمت من يعتبرون جوليانو شهيدا، هؤلاء الذين ينتمون للثقافة الديمقراطية التعددية كما يقول خطابهم ؟ هل رجحت كفة ثقافة الظلام والانغلاق العابرة للتنظيمات والحركة السياسية؟ هل استسلم الديمقراطيون بهذه البساطة؟ هذه أسئلة برسم المؤسسات والمثقفين والمبدعين الذين رفضوا واستنكروا ووعدوا بمتابعة جريمة الاغتيال وصولا الى نهاياتها العادلة. يا حيف، لقد صمتوا وسلموا بالامر الواقع وسحبوا اسئلتهم! حتى وهم يحييون مواسم احتفالاتهم الدائمة!
التسليم بهزيمة الثقافة الديمقراطية التنويرية في جنين، موقف غير معقول ولا مفهوم، افتراض جدير بوقفة مسؤولة من قِبَلِ كل المثقفين الديمقراطيين، وقفة تفسر الصمت المريب! وتقول لنا لماذا انتقل طلاب مسرح الحرية الى رام الله، ولماذا انسحب المتضامنون الدوليون من جنين، ولماذا يمارس إرهاب فكري على الثقافة التنويرية، ولماذا تتحول الثقافة الى طقس احتفالي دون مضمون.
دعونا نكون صريحين في الاجابة على سؤال من قتل جوليانو ؟ لماذا لم يتم وضع النقاط على الحروف، لطالما هناك من يقول : ان هناك من يعرف " حقيقة ما جرى "! ليقولوا لنا ما هي المشكلة، لانه من حق المواطن والمثقف والاعلامي أن يعرف.
من كتب البيانات التحريضية، ومنْ وزّعها، منْ ألقى الخطب الدينية التحريضية، ومن سكتوا على كل شيء وكأن الامر لا يعنيهم، كل هؤلاء مطالبون بتوضيح الملابسات التي يهمسون بها، مطالبون بتحديد معايير الثقافة الوطنية الديمقراطية التنويرية، هل تراجع الاخوة والرفاق عن وثيقة إعلان الاستقلال، هل تراجعوا عن القانون الاساسي وبرامج المنظمة وفتح والتنظيمات؟ انتم مطالبون بتقديم تعريف للتطبيع، تعريف يحترم العقل، وبخاصة الذين وضعوا جوليانو ومسرح الحرية والفنون والثقافة المنطلقة منه في خندق التطبيع مع الاحتلال. ويقبلون في الوقت عينه التنسيق مع سلطات الاحتلال في مواضيع لا حصر لها – قد تكون اضطرارية - نرجوكم ان تشرحوا لنا هذا اللغز وهذه الانتقائية العجيبة، التي ينطبق عليها قول الشاعر : دعوا لاندلس إن حوصرت حلب. يصح القول انكم تصرفون النظر عن العناصر الاساسية في التطبيع وعن علاقات التبعية المهينة المفروضة على السلطة والشعب، وتفتحون المعركة مع الثقافة النقيضة للاحتلال. ومن يتشكك في علاقات التبعية، فليراجع ما قاله د. صائب عريقات امام سفراء فلسطين عن واقع السلطة الفلسطينية الراهن.
الصمت سرا وعلانية على جريمة اغتيال الشهيد جوليانو يعني رفض التعدد الثقافي واستخدام القوة لاخضاع المختلف سواء كان في صيغة متنور أو علماني او ديمقراطي. هذا هو الجديد في حالتنا، هذا هو الاسوأ والاكثر انحطاطا إذا ما بقيت الامور على حالها. كان شعار الثقافة والسياسة الفلسطينية دع الف زهرة تتفتح. الان وبعد قتل جوليانو والصمت الذي يلف قضيته، كأننا دخلنا مرحلة عنوانها : من غير المسموح إلا لثقافة واحدة هي ثقافة الانغلاق والرأي الواحد، والحزب الواحد، والمثقف الواحد، والهتاف الواحد، والصمت الواحد، والكارثة الواحدة.
اسئلة برسم، تنظيم فتح الذي اتخذت قيادته موقفا صريحا ومبدئيا ضد الاغتيال، لكن تنظيمها في العديد من المواقع له كلام آخر. وبرسم القوى اليسارية المطالبة بإزالة الالتباس والغموض عن موقفها من الجريمة. قضية جوليانو وثقافة الاقصاء والترهيب في جنين تستحق ايضا رأيا من اتحاد الكتاب وتستحق تدخلا جديا من وزراة الثقافة التي تنص وثائقها على مهمة الدفاع عن الثقافة الديمقراطية التنويرية، لكنها لم تتدخل إلا شكليا.
كما ان نجاحات حكومة د . فياض التي تحدثت عن وضع حد للفلتان الامني في جنين، اصبحت محط شك جدي بعد جريمة اغتيال جوليانو التي عصفت بالانجاز .
بقي القول ان استمرار الصمت والتعايش مع الامر الواقع يساوي التسليم بهزيمة ثقافة درويش وكنفاني وتوفيق زياد وإميل حبيبي، والسكاكيني والخالدي وفدوى وابو سلمى وإدوارد سعيد، ومعين بسيسو، واسماعيل شموط وكمال ناصر وسميرة عزام وووو يعني التسليم بهزيمة ثقافة هؤلاء في جنين، هزيمة ستنقلنا الى هزائم اخرى في رام الله والناصرة على شاكلة هزيمة الثقافة في غزة، فمن يرتضي بهزيمة هويتنا ورافعة صمودنا الكبرى؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام


.. لطخوا وجوههم بالأحمر.. وقفة احتجاجية لعائلات الرهائن الإسرائ




.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا


.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس




.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم