الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إجرام بشار الأسد ومنظومة الإغتيالات في حياة المرأة السورية

سعاد جبر

2011 / 8 / 15
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة


تطالعنا التقارير الدولية عن فوضى دموية في القتل والاعتقالات موثقة بالأسماء والأماكن التي فاقت كل التصورات في حجم الإجرام المنظم الذي يمارسه بشار الأسد تجاه شعبه الأعزل ، في مساحات وحشية وهمجية في القتل لا منافس له فيها ، وهستيريا في تعذيب المعتقلين تنم عن الشذوذ السلوكي بامتياز ، وكل تلك الأعمال المشين والشاذة انسانياً والخارجة عن القانون ، ستبلغه النهاية المترقبة له ، والتي اختارها لنفسه بأن يكون مجرم حرب من الدرجة الأولى بلا منازع له ؛ بما يمارسه من جرائم لا يقبلها العقل والوجدان ضد الإنسانية ، في تفنن بالغ في القتل والتدمير ؛ تحت ما يسمى بفوضى القتل الدموية ، التي جعلت سوريا تغرق في بحار دم اينائها.
ومنظومة الاغتيالات التي تمارسها عصابات آل الأسد ومن يؤازرها من عناصر إيرانية وعناصر من حزب الله وجيش المهدي ، ذات ابتكارات دموية ، مألها قتل الفرح في حياة المرأة السورية ويمثله حالة قنص الشهيدة "فاطمة كريم" التي للتو نالت شهادة الدكتوراة لتخرج للحياة وتخدم وطنها ، وتحمل في رحمها جنين المستقبل ، الذي اغتيل عمره قبل خروجه للوجود ، وقتل معها فرحتها بزواجها الغض الذي هو بعمر الورد ، وحدث ولا حرج عن قتل الفرح في حياة الأطفال ، وحرمانهم حق الحياة سواء أكانوا في الحاضنات الصناعية لم يلدوا بعد ، أو كان بعمر" ليال " التي ودعت قطتها البريئة وغادرت الحياة بقناصة بشار الأسد ، الذي لم يرحموا طفلا ولا كهلا ولا امرأة ولا حجر ولا حيوان .

وماذا عسانا أن نقول باغتيال كلمة الحرية والكرامة التي سطرتها أنامل طل الملوحي ، فكان مآلها الغياب الحتمي عن الحياة ، والحال ذاته يقال للأمهات السوريات اللواتي يفقدن أطفالهن طفلاً تلو الأخر بطرق دموية وحشية مستعرة في اللاانسانية ، وقد اغتيل في حياتهن أحلام المستقبل بهؤلاء الفتية الصغار في الوجود ، وما هو حال الأم التي يخطف منها طفلها الرضيع من قبل الشبيحة ، وقد فقدته للأبد؛ في لوعة قلب مؤلمة موجعة لهذا المنظر المروع الشنيع .

والكلمات تسطر دماً وهي تبوح بحال الصبايا اللواتي هن بعمر زنابق الربيع الغض وقد سرق منهن اعز ما يملكن في جرائم الاغتصاب المريعة ، وقد اغتيل منهن الشعور بالاستقرار؛ فضلاً عما كبدته إياهن تلك الجرائم المريعة من صدمات نفسية يصعب التخلص منها في عمرهن الغض الطري .

والحال ذاته يقال للمرأة السورية في معترك الصحافة أو الفن أو الأدب ، وقد اغتيل منها شعورها بالحرية وبث الكلمة الجريئة ونصرة شعبها المظلوم بكل ما تملك من قوة القلم المعبر عن الحقيقة واستلهامات الإبداع ، من خلال جملة اعتقالات تذوق فيها هستيريا التعذيب اللاانسانية ، ومافيا الشذوذ الجنسي اللااخلاقي .

وبأي لغة يمكن لك أن تعبر عن حالة اغتيال مشاعر التوديع للأبناء وهم يشيعون للدفن ، فلا ترحمها قناصة الأسد ومن يؤازرها فتلحق بالأبناء وجسدها ملطخ بالدماء وملقى على القبر ، فأي حروف أديب أو ريشة فنان أو صورة متحركة يمكن أن تمثل لك تلك الصورة المريعة بما فيها من انكسارات القلب وتلويه الماً وقهراً وشدة هول المأساة في تلك المشاهد التي لا تستوعبها العقول ولا تقوى على تجرعها القلوب .

والسؤال المطروح هنا ما هو مؤشر حالة البؤس والانكسار والتلوي الذي تريده تلك العصابات الدموية أن تبلغه أمهاتنا وفلذات أكبادنا وصبايا الورد في ارض شآم العز والفخار ، والجواب الحتمي أن الدموية الذي تريده تلك العصابات اللاانسانية ليس لها مؤشر وهي الى اللانهاية من التعذيب والقتل الوحشي ، لان مبعث تلك الدموية نابع من تجيش عقائدي عبثي ، يستهوي رؤية الدم ويتلذذ بعذابات الضحايا من خلال ما يعرف بالإجرام المنظم ضد المرأة والطفل والأسرة السورية ، مدعوماً بمنظومة عبثية من السلوكات الشاذة تتسم بتلذذ تلك العصابات بتعذيب الضحايا في سادية مقززة تتسم بالبشاعة والخزي والوقاحة ، تأباها الضمائر الإنسانية وتشمئز منها .

فبأي ذنب تقتل المرأة السورية بهذه البشاعة، وبأي حق لبشار الأسد وعصاباته أن يغتالوا حق هؤلاء الحرائر في الحياة والاستقرار والعيش الهانئ مع أبنائها وأسرتها بحكم الإنسانية؛ وبأي حق تحرم حرائر سوريا من التعبير السلمي عن مطالبهن العادلة في وطن الحرية والكرامة ؛ أو قل حتى حقها في مجرد الحلم بالمستقبل والكرامة؛ بل حتى حقها في الفرح البرئ والحياة الانسانية بكل ما تعنيه الكلمة .

لا خلاف أن أمثال هؤلاء لا بد من الحجر عليهم دوليا ، وسوقهم للمحاكم الجنائية كمجرمي حرب ، لأنهم طاعون دامي في سوريا مستشر ، أو أنفلونزا قتل وحشية دموية تأكل الأخضر واليابس ، لا يمكن السكوت عن هؤلاء لأنهم خطر على الانسانية ، فقضية إسقاط شرعية بشار الأسد وعصاباته مبتوت بها ، ومحسومة ، ولكن لا بد من التعجيل بجر هؤلاء للمحاكم الجنائية الدولية ؛ لما يمارسوه من جرائم حرب ضد الانسانية تشمئز لها النفوس وترفضها أيما رفض ، فهستيريا القتل عند هؤلاء تزيد كل يوم ، ولن تقف ابداً، لأنها مبعثها تجيش عقائدي متطرف ، يحمل عقلية قادمة من وراء التاريخ ، تبث سمومها في القناصة تحثهم على القتل تلو القتل ، وهذا هو التفسير السيكولوجي لهذا الاجرام المنظم الذي اقدمه للعالم اجمع ؛ لكي يعي اسباب هذه الصورة الدامية في سوريا ، واخصها هنا في حالة العنف المستشري الهستيري ضد المرأة والطفل والأسرة السورية ، والأدهى والأمر أن ذلك التطرف الوحشي يعززه دولة إيران وتهيأ له قواعد عسكرية برية وبحرية وجوية ، وتنظمه بشكل إجرام وحشي منظم من خلال عناصر من حزب الله جيش المهدي ومظلات سياسية لمن هم أدوات طيعة في يدها أمثال المالكي وبطانته الفاسدة وأزلامها في الأمم المتحدة الذين هم في حكم النكرات ومظلاتها الإعلامية المضللة كالإخطبوط في أثير الفضائيات .

وتباعاً عبر كلماتي الجريحة التي تسطر حالة العنف الهستيري الذي تتعرض له المرأة والطفل والأسرة السورية ، أرسل نداءاتي الصادحة لكل المنظمات النسوية الحقوقية العالمية والعربية والإسلامية من خلال مؤسسة الحوار المتمدن الالكترونية ، للوقوف وقفة جادة لتأجيج الرأي العام العالمي والعربي والإسلامي ، تجاه تلك المجازر الوحشية في العنف الدامي بصورته المقززة التي تقشعر لها الأبدان ، فلا بد لنا أن نقف وقفة واحدة في مناهضة هذا العنف المتوحش اللااخلاقي ضد المرأة والطفل والاسرة السورية ، بكافة اشكال الحراك الذي يمكن من خلاله التشهير بتلك الجرائم اللاانسانية ، سواء بالتظاهر السلمي أو الإبداعات الكتابية والفنية أو المؤتمرات الدولية وورش العمل أو المبادرات الإعلامية التي من يمكن من خلالها مناهضة هذا العنف الهمجي الهستيري ضد المرأة والطفل والاسرة السورية .

وختاماً ؛ تجتاح أحرفي صدى حالة وجدانية؛ ترددها صبايا الورد في شأم العز والفخار، تجسد ما في اعماقهن من صرخات مدوية ، تجاه بشار الأسد وعصاباتاته الدموية المتوحشة ؛ لا أجد خير معبر عنها من كلمات خالدة للشاعر المبدع محمود درويش :

" فاخرجوا من أرضنا
من برنا .. من بحرنا
من قمحنا .. من ملحنا .. من جرحنا
من كل شيء ، واخرجوا من ذكريات الذاكرة ْ
أيها المارون بين الكلمات العابرة ْ!".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يعاني علم المصريات من الاستعمار الثقافي؟ • فرانس 24 / FRA


.. تغير المناخ.. تحد يواجه المرأة العاملة بالقطاع الزراعي




.. الدكتورة سعاد مصطفى تتحدث عن وضع النساء والأطفال في ظل الحرب


.. بدء الانتخابات التمهيدية الخاصة بالمرأة في الحسكة




.. ضجة في مصر بعد اغتصاب رضيعة سودانية وقتلها