الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وشهد شاهد من أهلها

أشرف عبد القادر

2011 / 8 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الصراع قائم الآن في مصر حول هويتها:هل هي دولة مدنية،أم ستتحول إلى دولة دينية طالبانية؟ ومصر كانت دائماً،وحتى قبل دخول الإسلام،دولة مدنية،فمصر كانت تعترف دائماً بحق المواطنة ولا تفرق بين أبناء وطنها،تساوي بين مواطنيها في الحقوق والواجبات،لا فرق بين مواطن ومواطن آخر إلا بخدمته لبلده وبإتقانه لعمله،لا تنظر إلى لون الإنسان أو دينه أو عرقه،مصر كانت دائماً وستظل أبداً لكل المصريين،والمرأة كانت تتمتع بكل حقوقها في مصر المحروسة،ويكفي مصر فخراً أنها كانت من أوائل دول التي أوصلت المرأة للحكم وجعلتها ملكة،وكليوبترا شاهد على ذلك.
لكن ماذا حدث؟
حدث ارتداد على مدنية مصر،ويحاول لفيف من الإخوان المسلمين ومن السلفيين محو تاريخ مدنية مصر الحضاري الإنساني الطويل بـ"أستيكه"،وتحويلها إلى دولة عنصرية ثيوقراطية دينية،لا مكان فيها للآخر،وسيكون في أحسن الأحوال مواطن من الدرجة الثانية،كما هو الحال مع الأقباط في مصر،لا وجود لحقوق الإنسان ولا لحقوق المواطنة،حيث إن "الإسلام يعلو ولا يعلى عليه"،لا اعتراف فيه بالأديان التوحيدية الأخرى ولا بغيرها،حيث "إن الدين عند الله الإسلام".
أما المرأة ،كما يفتي فقهاء الظلام والإرهاب، فمكانها المنزل،ومكان عملها هو المطبخ والسرير:المطبخ لملء بطون الرجال،والسرير لإنجاب الأطفال،فهي لا تصلح للنقاش بل فقط للفراش،وأفتوا بأن لها خرجتين:واحدة من منزل أبيها إلى منزل زوجها،والثانية من منزل زوجها إلى القبر.
أما الحجاب فينطبق عليه "لم يفرض الإسلام الحجاب على المرأة،بل فرض الفقهاء الحجاب على الإسلام"كما يقول صديقي المفكر الإسلامي الكبير جمال البنا،شقيق حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين،فهي ملزمة به ليس فقط خارج البيت،بل داخل البيت أيضاً،حيث يجب ألا تراها الملائكة سافرة،ووصل بهم التشدد إلى أن جعلوه أصلاً من أصول الإسلام فجعلوا قواعد الإسلام 6 بدلاً من 5 وزادوا وغالوا في دين الله.
أما الفنون من:رسم ونحت،وتمثيل،وموسيقى وكل ما هو غذاء للروح فهو عند المتأسلمين حرام،أما عن الألوان فلن يسمحوا إلا بلونين اثنين فقط،اللون الأبيض لجلابيب الرجال،واللون الأسود لجلابيب وأحجبة النساء،أي أن حياتنا ستتحول إلى سواد في سواد.
أما عن السلطة،فالمتأسلمون لا يوجد عندهم برنامج سياسي،ولا اجتماعي ولا ثقافي،كل ما يملكونه هو شعارات زئبقية مطاطة تتشكل بشكل كل إناء توضع فيه،مثل"الإسلام هو الحل"،"الرسول زعيمنا"، "القرآن دستورنا".وهي شعارات ديغماجوية تتلاعب بمشاعر ملايين الشعب البسيط الغائب عن الحقيقة لجهله بها،بالإضافة أعمالهم المسماة بـ"الخيرية"نتيجة تدفق الأموال الطائلة عليهم من الدول النفطية، فتستجيب لهم الطبقة الفقيرة من الشعب والجاهلة،ويسمونهم بالناس"بتوع ربنا"،فإذا كانوا هم "بتوع ربنا"فمن نكون نحن"بتوع الشيطان"؟زيادة عن الشعارات الإرهابية التي رددوها في ميدان التحرير:"صور صور يا أوباما ،كلنا هنا أسامة!.
أذكر مثلاُ واحداً وحيداً وباعتراف أحد أكبر منظريهم ومفكريهم الدينيين والسياسيين،ولعل تجربته في الحكم تكون هادياً ونبراساً للمصريين للخوف والحذر من الدولة الدينية،وهو كبيرهم الذي علمهم السحر،حسن الترابي،حيث اعترف في نوبة من الصدق مع الذات لجريدة "الشرق الأوسط" اللندنية في معرض حديثه عن تجربته في الحكم في السودان قائلاً:" إن قيادات الإنقاذ لم تكن واعية لفتنة السلطة (...)فقد قفزت الحركة الإسلامية إلى السلطة دون تجربة واعية أو برنامج،ونزلت عليهم أموال الشعب بلا رقيب ففسدوا كلهم إلا قليلاً،السلطة أفسدتهم، وصلواتنا وحجنا كانت معلولة(=باطلة)وأصبح الأمين عندنا لصاً بعد السلطة".(حسن الترابي في خطابه في مؤتمر الشعب،الشرق الأوسط 16/03/2007).
صدقت يا شيخ المتأسلمين،وكنت صادقاً،ولو لمرة واحدة،مع نفسك،فأرجو من أبناء بلدي مصر كتابة هذا الاعتراف الهام والخطير بأحرف من ذهب ،لأن هذا بالضبط هو ما سيحدث في مصر وفي كل دولة سينقض فيها المتأسلمون على الحكم،كما ينقض الذئب على الحمل الوديع في الليل البهيم.
فالحذر يا مصر من المتأسلمين ومن دولتهم الدينية،والحذر يا مصريين فالمتأسلمون والسلفيون يريدون محو تاريخ مصر المدني الليبرالي المتسامح،فلا تمكنوهم من ذلك لأن مصر بعدها ستتجه إلى الحرب الأهلية والفوضى العمياء،التي يعد ويستعد لها المتأسلمون.وعلى الباغي تدور الدوائر.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الصراع قائم الآن في مصر حول هويتها
عمار ابو السعد ( 2011 / 8 / 16 - 00:26 )


هو صراع بين الحضارة المصريه والبداوه المترسخه بالعقل العربي الاسلامي الزاحف من جزيرة البدو. ،،الدكتور علي الوردي
وتحياتي للكاتب


2 - الأستفزاز ومماطلة و ميوعة و ضبابية
Amir_Baky ( 2011 / 8 / 16 - 10:02 )
أتفق معظم أصحاب الإسلام السياسي على عدم الأجابة على الأسئلة فى البرامج الحوارية. سياسة اللف و الدوران و الهروب من السؤال والمطاطية والميوعه فى الردود. أساليب مفضوحة و تنم على ظلام دامس سيحل بمصر لو مسكوا الحكم

اخر الافلام

.. نحو 1400 مستوطن يقتحمون المسجد الأقصى ويقومون بجولات في أروق


.. تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون




.. الجزائر | الأقلية الشيعية.. تحديات كثيرة يفرضها المجتمع


.. الأوقاف الإسلامية: 900 مستوطن ومتطرف اقتحموا المسجد الأقصى ف




.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية