الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معضلة السكن

حميد الموسوي

2011 / 8 / 16
المجتمع المدني



ازمة السكن، هذه المعضلة المستعصية والازلية: ليست ازمة وليست معضلة وحالها حال الازمات والاختناقات العادية وربما اليومية.. مثل ازمة شحة البنزين والنفط والغاز والتي يمكن معالجتها باجراءات سريعة بحيث تتوفر وتصبح فائضة عن الحاجة خلال الاسبوع او ربما شهر او مثل مشكلة فقدان او قلة اية مادة ضرورية هذا في حالة توفر النوايا الجادة الصادقة والارادات الحرة المخلصة وعلى سبيل المثال لا الحصر ان حكومة الجمهورية الاولى بقيادة الشهيد عبد الكريم قاسم انجزت مشاريع بناء دور عصرية متكاملة في جميع محافظات العراق كمشروع دور الضباط في مدينة زيونة ودور اسكان غربي بغداد في المنصور ودور اسكان شرقي بغداد في الالف دار "بغداد الجديدة" ودور نواب الضباط في مدينة الثورة ودور اسكان معامل "ابو غريب" ودور اسكان معامل غاز التاجي ومجمع سكني لعمّال معامل السمنت و القرية العصرية في اللطيفية والزعفرانية هذا في بغداد فقط.
ومثل هذه المشاريع الاسكانية او قريب منها في المحافظات الاخرى، كما قامت تلك الحكومة بتأسيس مدن جديدة شاسعة ومترامية الاطراف وذلك بتوزيع الاراضي المجانية على صغار الموظفين والكسبة والفقراء الذين لا يملكون ارضا او دار سكن ومدينة الثورة ومدينة الشعلة في بغداد اقرب مثال لما سبق ومثل هاتين المدينتين واكثر في كل محافظة من محافظات العراق والتي وفرت السكن اللائق للملايين من العوائل العراقية التي كانت تسكن الاكواخ والخرائب او التي انهكها الايجار. هذه المشاريع انجزت خلال عمر تلك الجمهورية والذي لم يتجاوز الاربع سنوات ونصف فقط وبتلك الموارد البسيطة التي كان العراق يتلقاها من شركات النفط الاجنبية التي هيمنت على انتاج وتصدير النفط قبل تأميمه من قبل نفس تلك الحكومة في قانون رقم 80 . هذه المشاريع الاسكانية رافقتها حملة مشاريع انتاجية لمعامل ومصانع توزعت على خارطة العراق دون استثناء من بينها معامل النسيج في بغداد والموصل ومعامل الالبسة الجاهزة ومعامل التعليب ومعامل الالبان ومعامل الجلود ومعامل السمنت والطابوق والجص، ومعامل الحديد والصلب في اكثر المحافظات اربع سنوات وستة اشهر فقط، وموارد لا تعادل واحد من الالف مما يحصل عليه العراق من موارد حاليا. الفرق ان النوايا كانت صادقة والقلوب عامرة بحب الوطن والشعب بعد الايمان بالله، وان رواتب القادة المسؤولين لم تكن قادرة على تغطية مصاريفهم الشهرية البسيطة واستشهدوا بلباسهم العسكري لم يتركوا عقارا ولم يخلفوا حسابات مصرفية تذكر.
ومع ان حكومة البعث انشغلت بالمجهود الحربي والصناعات العسكرية ووظفت موارد العراق لهذا الغرض وبددت ثرواته في حروب عبثية ونزوات تسلطية وكان همها الاهم وشغلها الشاغل تثبيت اركان سلطتها الدكتاتورية، الا انها سجلت قيام مشاريع للاسكان العمودي في بغداد وبعض المحافظات ولعل ابرز مشاريع السكن العمودي: مشروع مجمع الصالحية، ومشروع مجمع شارع حيفا، ومشروع مجمع السيدية، ومشروع مجمع زيونة.
حيث قامت شركات كورية ويابانية بانجاز هذه المشاريع العصرية الضخمة المتكاملة الخدمات بفترة لم تتجاوز الثلاث سنوات وبكلفة بين 30000-40000 الف دينار عراقي بين اعوام 1981-1984 كل تلك المشاريع الاسكانية، مشاريع الجمهورية الاولى ومشاريع الجمهورية الثانية تميزت بما يلي:
1. نفذت مشاريع الاسكان العمودي والافقي بصيغة اتفاقيات رسمية مع شركات عالمية بشروط غير استثمارية وقسم منها نفذته شركات اعمار واسكان عراقية ومقاولون عراقيون.
2. تم توزيع هذه الدور والشقق السكنية على صغار الموظفين وضباط الجيش والشرطة باسعار رمزية تدفع على شكل اقساط. كما خصص قسم منها لباقي المواطنين بشروط اخرى.
3. وزعت آلاف القطع من الاراضي السكنية بمساحة 150متر مربع و200متر مربع و 300 متر مربع مجانا لسكنة الاكواخ ولعوائل الشهداء وللعسكريين وباسعار رمزية للموظفين.
4. وضعت شروطا مشددة على المستفيدين من هذه المشاريع حتى تنحصر الفائدة في الشرائح المعدومة والضعيفة الدخل. ومن هذه الشروط:
أ. عدم امتلاك المستفيد او زوجته قطعة ارض سكنية او دار او شقة.
ب. عدم استخدام الارض او الدار او الشقة لاغراض غير السكن.
ج. يمنع بيعها خلال فترة لا تقل عن خمس سنوات.
د. توضع علامة حجز على سند امتلاك العقار المذكور للفترة المقررة.
هـ. يوقع المستفيد على تعهد وبكفالة شخصين "موظفين في الدولة" بصحة ادلائه بالمعلومات والتزامه بالشروط المذكورة اعلاه.
و. تصادر الاموال المنقولة وغير المنقولة للمستفيد ويحكم بالسجن لمدة لا تقل عن عشر سنوات ولا تزيد عن خمس عشرة سنة في حالة اخلاله بالشروط وعدم صحة المعلومات التي تعهد بها.
ومع اشراقة العهد الجديد وزوال السلطة التي بددت الثروات الوطنية في الحروب والملذات الشخصية استبشر الشعب العراقي خيرا والطبقات المسحوقة منه بشكل خاص، اذ توسمت في القيادات العراقية الجديدة الامانة والاخلاص كونها ذاقت ظلم وتجبر حكومات تلك السلطة واضطرت لمغادرة العراق لقيادة النضال من الخارج بعد ان قدمت قوافل من الشهداء الابرار حتى اسقطت السلطة السابقة ولذا فهي اقرب لمعاناة المواطن المحروم واقدر على تعويضه سني الكبت والعوز والحرمان، وفي مقدمة احتياجاته وضروراته مشكلة السكن وخاصة مع تنامي السكان وعودة المهاجرين والمنفيين والمغتربين الا انه -وبكل اسف ومع وجود ميزانية هائلة ومردودات نفطية عالية مستمرة- لم يشهد المواطن قيام مشروع اسكاني سواء على مستوى البناء العمودي او تخصيص قطع اراض للمستحقين رغم مرور اكثر من ست سنوات على قيام العهد الجديد. عدا بعض الامتيازات العالية التي تقدم لعودة المغتربين والذين يستفيدون منها ثم يعودون الى الخارج!.
اننا اذ نضع هذه الكلمات امام القيادات العراقية المخلصة لم نأت بجديد -كونهم ادرى واعلم بحجم المشكلة واعرف واوعى بما سقناه من امثلة حصلت في العهود السابقة لحلول جزئية لمشكلة السكن- لكننا حاولنا التذكير بمشكلة حساسة ربما طغت عليها تراكمات مشاكل السلطة السابقة وتداعيات سقوطها وتكالب قوى الشر من خارج وداخل العراق.لاشك ان مشكلة السكن ستزداد تعقيدا في حال دخول شركات استثمارية ورساميل جشعة تكون سببا لارتفاع اسعار العقارات ثم تضع اسعارا خرافية على بيع وشراء العقارات لتحقيق المزيد من الارباح على حساب المواطن المعدم.
عندها سوف لن يجد فقراء الوطن ملاذا الا تحت الجسور او في خيام مهترئة على الصحاري او عند الحدود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة


.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل




.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟